عمران يكشف المعاناة.. قصة ولادة الحياة والموت في ريف كسلا
تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT
وقدمت حلقة 2025/3/10 من برنامج "عمران" التي تبث على منصة "الجزيرة 360″، تغطية مؤثرة للواقع الصحي في ريف كسلا السوداني، وتحديدا في منطقة واد شريفي.
وسلّطت الحلقة الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجه سكان المنطقة للحصول على الرعاية الصحية الأساسية في ظل ظروف الحرب والنزوح.
وحسب ما كشفت الحلقة فإن مستشفى واد شريفي هو المرفق الصحي الوحيد الذي يخدم أكثر من 10 قرى محيطة، ويستقبل أسبوعيا نحو 4 آلاف حالة مرضية.
وبحسب الطبيبة العاملة في المستشفى، فإن الكادر الطبي محدود للغاية، إذ يعمل في المستشفى 3 أطباء فقط في الفترة الصباحية، يعاينون ما يقارب 350 مريضا يوميا.
وأوضحت الطبيبة أن المستشفى يستقبل السكان المحليين والنازحين بسبب الحرب واللاجئين الإريتريين، مشيرة إلى أن "المشكلة الحقيقية تكمن في وصول المرضى إلى المستشفى" نتيجة صعوبات النقل والمواصلات، خاصة في موسم الخريف.
معاناة الحوامل
وسلطت الحلقة الضوء بشكل خاص على معاناة النساء الحوامل، حيث يتم تسجيل حوالي 22 ولادة أسبوعيا في المستشفى، مع نقل 7 حالات إلى المستشفى السعودي في وسط المدينة لتعقيدات تتطلب رعاية خاصة.
وفي مشهد مؤثر، وثقت الكاميرا حالة سيدة ولدت قبل ساعتين فقط، واضطرت لمغادرة المستشفى مباشرة على متن عربة تجرها الحمير (الكارو) بسبب عدم توفر أسرّة للمرضى، مما يعرض صحتها وصحة طفلها للخطر.
إعلانوقدمت الحلقة إحصائيات مقلقة حول واقع صحة الأمهات في السودان، موضحة أن "هناك مليون امرأة حامل معرضة لخطر سوء التغذية هي وأطفالها"، وأن "خطر الوفاة أثناء الولادة تضاعف بشكل كبير منذ بداية الحرب في السودان".
ومن أبرز التحديات التي كشفتها الحلقة أزمة النقل والمواصلات بسبب الحرب، فقد أظهرت مشاهد صادمة لمرضى ينتقلون لمسافات طويلة على متن عربات تجرها الحمير "الكارو"، بما في ذلك حالات حرجة كالنساء بعد الولادة مباشرة، والمرضى ذوي الإعاقة.
ووثقت الكاميرا حالة لاجئ إريتري أصيب أثناء عمله في التنقيب عن الذهب، وأصبح يعاني من إعاقة حركية، يقطع مسافة ساعة كاملة على كرسي متحرك يدفعه بنفسه للوصول إلى المستشفى كل يومين لتغيير ضمادات جروحه.
وفي مقابلة مع أحد سائقي عربات "الكارو"، أوضح أنه ينقل المرضى من القرى المجاورة بمبالغ زهيدة، مؤكدا أنه لا يهتم بالمقابل المادي بقدر اهتمامه بدعوات المرضى له بالصحة والعافية.
مبادرة إيجابية
وكشفت الحلقة عن غرفة عمليات مغلقة في المستشفى تحولت مع مرور الوقت إلى مخزن، رغم أهميتها الحيوية في إنقاذ حياة النساء الحوامل اللواتي يعانين من مضاعفات أثناء الولادة.
وفي مبادرة إيجابية، أعلن فريق البرنامج عن خطة لإعادة تأهيل هذه الغرفة وتجهيزها، حيث قال مقدم البرنامج سوار الذهب "اجتهدنا بأن نحول هذه الغرفة ونعيد لها الحياة مجددا بأن تعود غرفة تساهم في إحياء الحياة بين أمهاتنا الحوامل".
كما أطلق البرنامج مبادرة لتوفير سيارة إسعاف للمستشفى، مشددا على أن "السيارة هي إنقاذ لروح" وأن "القليل من الخير يخلق خيرا إلى ما لا نهاية".
واختتمت الحلقة بدعوة مفتوحة للمشاهدين للمساهمة في دعم مستشفيات السودان، خاصة في المناطق الريفية، بتوفير سيارات الإسعاف والمعدات الطبية الضرورية.
وأكد سوار الذهب أن "أي مساهمة تنقذ حياة إنسان"، داعيا إلى تضافر الجهود لتحسين الواقع الصحي في ريف كسلا وعموم أرياف السودان، وتوفير غرف عمليات متكاملة ومجهزة لخدمة سكان هذه المناطق النائية.
إعلان الصادق البديري10/3/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان فی المستشفى
إقرأ أيضاً:
24 ساعة في غزة.. الجزيرة توثق مشاهد المعاناة والألم اليومية
في قلب الحصار والدمار، وعلى مدار 18 شهرا من الحرب على قطاع غزة، توثق الجزيرة في فيلمها "24 ساعة في غزة" يوما من أيام حياة سكان القطاع المحاصر، لتكشف عن معاناة متواصلة تتقطر ألما ودما وتحديا للبقاء على قيد الحياة.
تبدأ الكاميرا بمشاهد قاسية لأطفال بين الركام وفي العراء، وآخرين يتزاحمون على طعام يوزع في التكايا، وهي المشاهد التي تعكس رحلة البحث اليومية عن لقمة العيش في ظل حصار خانق.
ففي غزة، تتحول 24 ساعة إلى رحلة من المعاناة المتواصلة، يلخصها أحد السكان بقوله: حياة المواطن في غزة منذ الصباح عندما يضع رأسه على الوسادة وينام، كلها معاناة وأزمات.
مع تبلج خيوط الصباح تبدأ المعاناة.. هكذا يصف أحد سكان غزة بداية يومه الذي يتحول إلى ملحمة من الطوابير والبحث الدائم عن الماء والطعام والأمان المفقود.
البحث عن قطرة ماء
أهم شيء هو البحث عن الماء.. كلمات تختصر أولى المعارك اليومية لسكان غزة، حيث يتحول هدف الحصول على المياه إلى رحلة شاقة تبدأ بطوابير طويلة تمتد لساعات.
"هذا طابور ونحن نقف منذ نصف ساعة وحتى الآن لم يحصل أحد على الماء".. هكذا يصف ساكن غزة معاناته في انتظار دوره للحصول على مياه الشرب.
وفي مشهد آخر يوجه ابنه الصغير: "خذ وعاءين وضعهما في الدور فلعل سيارة للماء تحضر"، ثم يوضح بأن هذه ليست مجرد تعليمات، بل هي إستراتيجية بقاء في عالم أصبحت فيه أوعية المياه العذبة كنزا ثمينا.
إعلان
رحلة البحث عن طعام
ولا تقلّ معاناة البحث عن الطعام قسوة عن معركة المياه. "تحتاج أن تأكل.. تحتاج أن تُطعم أولادك.. تلف الأسواق كلها وفي النهاية لا تجد شيئا".. يحكي رجل بمرارة مصورا عبثية البحث اليومية عن طعام في تلك الأسواق الفارغة.
وحين يجد الغزّي الطعام يصطدم بجدار آخر، فالأسعار المرتفعة تفوق قدرة معظم السكان، "الباذنجان بعشرين شيكلا، والبندورة بعشرة"، يجيب بائع أحد المتسوقين الذي يرد بدهشة: "وبعدين؟" مضيفا: "أقل القليل في اليوم حتى تسد جوعك بوجبة واحدة فإنك تحتاج إلى 100 شيكل وأكثر".
وحتى المساعدات المالية التي قد تأتي من الخارج تتعرض للاستنزاف، وهو ما يصوره المتحدث بقوله: "لو جاءت لك مساعدة من الخارج من أهل خير ونزلت في حساب.. النسبة 30 و35 و25%"، ليبقى الخيار الآخر هو الوقوف في طوابير التكايا للحصول على مساعدات غذائية.
وفي تعبير عن أحد مناحي اليوم المؤلمة، يقول أحد الآباء: "العالم تأخذ أولادها على الملاهي والمطاعم، ونحن نأخذ أطفالنا إلى المقابر".. وهي جملة حاول من خلالها تلخيص التناقض الصارخ بين حياة الأطفال الطبيعية والواقع المرير لأطفال غزة.
وفي هذا السياق، تنقل الكاميرا مشاهد مروعة لنقل أطفال مصابين ومحاولات إسعاف آخرين، بينما يحمل أب رضيعه الشهيد صارخا: "محمد هذا بكري.. هذا عمري.. لم يبلغ إلا شهرا واحدا".
الخوف رفيق الليل والنهار
"صار الخوف يلازم حياتنا مثل أسمائنا".. يصف ساكن غزة بهذه الكلمات المشاعر التي تسيطر عليهم على مدار الساعة، فالخوف أسبابه متعددة وحاضرة دائما من القصف والنزوح والجوع، وحتى من النوم.
وفي محاولة لوصف لحظات الرعب خلال القصف يقول أحدهم: "صوت الصاروخ وهو ينزل علينا.. صوت تصفيرة الصاروخ، وبعدها الانفجار، لم أعرف كيف سقطت الخيمة علينا وأولادي الثلاثة نائمين".
ويتحول المشهد الليلي في غزة إلى كابوس متواصل: "كل ساعة.. كل يوم في الليل.. كل يوم (..) طائرات الاستطلاع، طائرات الحربية الأباتشي"، والنتيجة دائما واحدة: "الأطفال لا نوم".
إعلانوفيما يحكي الغزي ملامح المعاناة اليومية، يتذكر الأحلام والطموحات التي تبددت بسبب الحرب ويقول: "أنا على صعيدي الشخصي، كنت أحلم بصنع مستقبل لأولادي، أدخلهم جامعات"، قبل أن يضيف بمرارة: "أنا اليوم كل تفكيري توفير خيمة حتى أضع أولادي فيها".
وبينما تستمر ساعات الخوف والخسارة بالتتابع لأكثر من 18 شهرا، يبقى سؤال واحد يتردد على لسان كل فلسطيني في غزة: "أين سأنزح؟ أنا نازح.. أين سأنزح بعد ذلك؟"، وهو سؤال يلخص مأساة شعب محاصر في بقعة جغرافية محدودة، لا مهرب له فيها ولا ملجأ.