يتحرك عبر دهاليز المخابرات الحوثية.. واجهة حوثية جديدة لإرث عائلي متخصصة في تجارة الموت والعمليات المشبوهة
تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT
كشف موقع متخصص بالشأن العسكري والأمني عن قيام جماعة الحوثي المدعومة من إيران، بتعيين رشيد فارس محمد حسن مناع، نجل تاجر السلاح المدرج على القوائم السوداء، مسؤولًا لإحدى الدوائر المهمة في جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة، في وقتٍ يترأس فيه منّاع شركة تجارية حديثة تعمل في مجال الاستيراد، يُرجَّح أنها جزء من شبكة تمويل ودعم لوجستي للجماعة المصنفة كمنظمة إرهابية.
بحسب معلومات حصلت عليها 'ديفانس لاين' فقد تم تعيين رشيد مناع مسؤولًا عن 'الدائرة التاسعة' في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، وهو الجهاز الذي أنشأته الجماعة في أغسطس 2019 بعد دمج جهازي الأمن السياسي والأمن القومي، مستحوذة بذلك على منظومة الدولة الاستخباراتية وإعادة هيكلتها لصالح مشروعها الأمني.
تشير المعلومات إلى أن 'الدائرة التاسعة' معنية بإدارة عمليات استخباراتية خارجية، وتنظيم صفقات الأسلحة والتمويلات غير المشروعة، حيث تشرف على شبكات التهريب التي تزوّد الحوثيين بالأسلحة والذخائر القادمة من إيران عبر قنوات متعددة، بينها محطة استخبارية في العاصمة العمانية مسقط، يديرها القيادي الحوثي هلال النفيش.
وبحسب المعلومات يدير مناع شركة (مؤسسة رشيد فارس محمد للتجارة والاستيراد) وهي كيان تجاري وليد، يرجَّح أنه واجهة لعمليات تجارية محظورة مرتبطة بتمويل الحوثيين، فيما لا تتوفر أي معلومات في المصادر المفتوحة عن مقر الشركة أو سجلها التجاري، كما أنها لا تمتلك أي وجود على الإنترنت أو وسائل التواصل، ما يعزز الشكوك حول طبيعة عملها.
ورشيد هو نجل فارس محمد مناع، تاجر السلاح المدرج على القوائم السوداء وقوائم العقوبات الدولية، ينحدر من منطقة الطلح بمديرية سحار في محافظة صعدة، التي تُعد معقل الحوثيين شمالي اليمن، حيث اشتهرت عائلته بتجارة السلاح منذ أجيال، وتوسعت أنشطتها من صعدة إلى نطاق دولي، مما جعلها لاعبًا رئيسيًا في تجارة السلاح العابرة للحدود.
برز اسمه لأول مرة كأحد العناصر الحوثية المتورطة في اغتيال الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح داخل منزله في صنعاء في ديسمبر 2017، وجاءت تصفية صالح عقب مواجهات محدودة بين أنصاره ومسلحي الجماعة، انتهت بمقتله والتمثيل بجثته بوحشية، وانتشرت صور ومقاطع فيديو توثق لحظات مقتله، حيث ظهرت عناصر حوثية، من بينها رشيد، بجانب جثة صالح التي وضعوها في 'بطانية' ونقلوها على ظهر مركبة شاص (طقم) وتم الحديث عن مناع حينها كأحد المتورطين بتصفية 'الزعيم'.
شكل هذا الحدث انتقامًا دمويًا من الحوثيين، خاصة بعد الحروب الست التي خاضها نظام صالح ضدهم، بدءًا من عام 2004 حين قُتل مؤسس الجماعة حسين الحوثي في جبال مران بصعدة، ورغم إطاحة صالح من السلطة في 2011 إثر ثورة شعبية، بعد ثلاثة عقود في الحكم، فإنه تحالف لاحقًا مع الحوثيين لمواجهة خصومه السياسيين، مسهلًا تمددهم العسكري واجتياحهم للعاصمة صنعاء، مما أدى إلى انهيار الدولة اليمنية.
إلى جانب الدوافع السياسية للحوثيين، كان لرشيد دافع شخصي للانتقام من صالح، الذي كان قد انقلب على والده فارس مناع رغم التعاون الذي جمع بينهما سابقًا في صفقات سلاح عديدة، ففي أكتوبر 2009، أدرج صالح مناع الأب في قائمة سوداء لتجار السلاح، بعد ضبط الحكومة شحنة أسلحة في الحديدة كانت موجهة للحوثيين، ما عزز العداء بين الطرفين وأضفى بعدًا شخصيًا على مشاركته في تصفية صالح.
رشيد، خليفة الأب وحفيد الجد
تم تأهيل مناع، الابن، تحت إشراف الحوثية وإعداده فكريا وعسكريا وإخضاعه لدورات وتدريبات ليكون أحد عناصر الجماعة المؤمنين كليا بمنهجها ومشروعها، وانخرط في عملياتها العسكرية وأوكلت إليه الجماعة مسئولية قيادة مجاميع من مقاتليها بعد إثباته الولاء لها.
ويستغل رشيد صفته الأمنية والتجارية لتنفيذ عمليات وإبرام صفقات خدمة للحوثيين، وجني العوائد غير المشروعة، وخلافة والده وجده في الإتجار بالموت، فيما تستفيد الحوثية من تأطيره تنظيما وتعيينه في جهاز الأمن والمخابرات ومنحه رقما عسكريا ورتبة رفيعة، احتواء نشاطه ونشاط والده وإبقائه تحت دائرة الطاعة والولاء.
خلال حروب صعدة اختار الرئيس صالح مناع، الأب، ممثلا له في لجان وساطة رئاسية بين الحكومة والحوثيين، كان عمل الوساطة يصب لمصلحة المتمردين الحوثيين، قبل أن يقرر صالح إبعاده، ثم زج به في السجن أواخر العام 2010 تحت ضغوط خارجية وكان ينوي تقديمه للمحاكمة، قبل الإفراج عنه بعد أربعة أشهر بوساطة وبعد وقوع محاولات لتهريبه بالقوة.
وفي 2011 عين زعيم الحوثيين فارس مناع محافظا لصعدة بعد استكمال الجماعة وضع يدها على المحافظة، وتحت الأمر الواقع تعاملت معه الحكومة، ثم تم تعيينه بعد سقوط صنعاء تحت سطوة الجماعة في منصب (وزير الدولة) في حكومة الجماعة.
فرضت عليه الأمم المتحدة عقوبات في 2010. كما أدرجه مجلس الأمن الدولي ضمن مهربي السلاح لحركة شباب المجاهدين في الصومال المصنفة جماعة إرهابية، في أمريكا.
وكانت تقارير دولية تحدثت عن نجاح التاجر مناع في إبرام صفقة أسلحة للحوثيين في 2013م، بقيمة اثنين مليون دولار عبر شركة 'فورخاس تورس' البرازيلية، وتم اختيار جيبوتي كوجهة وهمية للشحنة.
عمليات عابرة للقارات
مع استمرار إيران في دعم الحوثيين وانتهاك قرارات حظر السلاح وقرارات منع مد الحوثية بالأسلحة، يحظر اسم مناع، الأب والإبن، في صدارة شبكات التجارة المحظورة وعمليات التهريب المنظمة التي تتدفق للحوثية عبر البحر الأحمر وسلطنة عمان، مرورا بالقارة الأفريقية.
وفيما تتحدث معلومات وتقارير عن تطور علاقة الحوثيين بالجماعات الإرهابية في الصومال وسعي الحوثيين لتشكيل جماعات مذهبية موالية لإيران وإنشاء فصائل مسلحة في الصومال واستقدام عناصر صومالية وأفريقية لتدريبهم عسكريا في مناطق خاضعة للحوثيين، إضافة إلى معلومات تتحدث عن تزويد الحوثيين لحركة المجاهدين وتنظيم القاعدة وداعش في الصومال بأسلحة وطائرات مسيرة.
يظهر ارتباط مناع بأنشطة الحوثية في الصومال وإيصال الأسلحة للجماعات الإرهابية، وبشبكات التهريب عبر جيبوتي وسلطنة عمان.
وقد فرضت أمريكا عقوبات على قيادات في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، شملت رئيسه عبدالحكيم الخيواني، ونائبه عبدالقادر الشامي، وحسن الكحلاني وعبدالواحد أبو راس، لتورطهم في عمليات تهريب النفط والسلاح من إيران وإدارة شركات تجارية وشبكات تهريب مرتبطة بطهران تعمل لحساب الحوثية.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
جبايات حوثية جديدة على شاحنات مواد البناء في عمران ترفع كلفة النقل وتفاقم معاناة المواطنين
استحدثت مليشيا الحوثي مؤخرًا نقطة جديدة لجباية الأموال في محافظة عمران شمالي اليمن، وبدأت في فرض رسوم غير قانونية على شاحنات نقل مواد البناء، في خطوة تزيد من الأعباء على قطاع النقل والمواطنين على حد سواء.
ووفقًا لمصادر محلية، فإن النقطة الجديدة تقع في منطقة بيت بادي بالمحافظة، وتقوم باعتراض شاحنات الكلنكر والإسمنت، وإجبار السائقين على دفع مبالغ تتراوح بين خمسة آلاف ريال بالعملة القديمة، وعشرين ألف ريال للسماح لهم بالمرور.
وأكدت المصادر أن السائقين باتوا مجبرين على الاختيار بين دفع مبلغ 20 ألف ريال لقاء تسريع عبورهم، أو دفع خمسة آلاف ريال مقابل الانتظار لساعات طويلة، ما يشكل ضغطًا نفسيًا واقتصاديًا عليهم، ويؤثر على حركة النقل والإمداد في البلاد.
ويأتي ذلك في وقت تُفرض فيه رسوم رسمية على هذه الشاحنات لصالح هيئة النقل التابعة للجماعة نفسها، بواقع ألف ريال عن كل شاحنة، الأمر الذي يعكس ازدواجية الجبايات وتعدد الجهات الحوثية المتحكمة في الطرقات، دون وجود أي إطار قانوني منظم.
رفع غير مباشر للأسعار
وأكد سائقون أن هذه الإجراءات القسرية الجديدة تؤدي إلى رفع تكاليف النقل بشكل مباشر، ما ينعكس على أسعار مواد البناء التي تشهد ارتفاعًا متواصلًا في مناطق سيطرة الحوثيين.
وأشار أحد السائقين إلى أن "كل نقطة استحداث تعني زيادة في المبالغ المدفوعة، وهذه الزيادات لا يتحملها الناقل فقط، بل تنتقل لاحقًا إلى المستهلك الذي يشتري الإسمنت أو الطوب أو أي مادة بناء بسعر أعلى".
احتكار وابتزاز ممنهج
وتتهم تقارير حقوقية مليشيات الحوثي بتنفيذ سياسة ابتزاز ممنهجة ضد التجار والمواطنين عبر فرض الإتاوات على سلع أساسية، وفي مقدمتها مواد البناء، التي عملت المليشيات على احتكار توزيعها في عدد من المحافظات.
ويقول مراقبون إن تعدد نقاط الجباية الحوثية يعكس فوضى إدارية وفسادًا واسع النطاق، حيث يتم فرض رسوم دون إيصالات رسمية، ويتم تحويلها إلى ما يسمّى بـ"المجهود الحربي" أو لصالح قيادات ميدانية.
انعكاسات اقتصادية خطيرة
ويرى خبراء اقتصاديون أن استمرار هذه السياسات من قبل مليشيات الحوثي يفاقم من الأعباء المعيشية للمواطنين، ويُضعف مناخ الاستثمار في قطاعات حيوية كالبناء والتشييد، ويهدد الاستقرار الاجتماعي نتيجة تزايد الضغوط على الفئات الأشد فقرًا.
ويحذر هؤلاء من أن غياب الضوابط القانونية على طرق النقل، وتحويلها إلى مصادر دخل غير مشروعة للجماعة، سيساهم في تعميق حالة الانهيار الاقتصادي ويقوض أي جهود للإغاثة أو التنمية في مناطق سيطرتهم.