البوابة نيوز:
2025-04-10@06:45:04 GMT

دلائل اقتصاديَّة في شهر الصيام

تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يتَّسم شهر رمضان بمضاعفة الخيرات، وحلول البركات؛ فهو بحقٍّ شهر البركة الاقتصادية للأمة الإسلامية، وقد أشار النبي ﷺ إلى ذلك في قوله: "يا أيها الناس قد أظلكم شهرٌ عظيمٌ مبارك، شهر يزاد فيه رزق المؤمن" ( )، والمتدبر لآيات القرآن الكريم يجد أنَّ هناك ارتباطًا بين التقوى والبركة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}( )، ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}( ).

إلا أن هذه الزيادة في البركة والرزق تتحوَّل إلى الاستهلاك لا إلى الادِّخار والاستثمار، والمعلوم اقتصاديًّا أنَّ الاستثمار هو الابن الشرعي للادِّخار، فنحن أمَّةٌ للأسف الشديد أصبح الاستهلاك منهجها حتى صدق فينا قول الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون: "إن العرب لا يعرفون كيف يصنعون الثروة ولكنهم يعرفون جيدًا كيف ينفقونها"،  وهذا قائمٌ بالفعل، فقبل قدوم رمضان بأيام وربما بأسابيع أُعلنت حالةُ الطوارئ في البيوت والأسواق، وبدأ تزاحمُ الجميع على شراء الأغذية والسلع الرمضانيَّة، الضروريَّة وغير الضروريَّة في "تظاهرة استهلاكيَّة" مُبالَغ فيها، فتحوَّلَ شهرُ رمضان من شهرٍ للعبادة والصوم والإقلال من الملذات، إلى شهر للتسوق والتُّخمة والإسراف.

ممَّا يعني مزيدًا من الاعتماد على الاستيراد الخارجي؛ ذلك لأننا أمَّة مستهلكة أكثر منها منتجة، ولم نصل بعدُ إلى مرحلة الاكتفاء لتوفير احتياجاتنا الاستهلاكية اعتمادًا على مواردنا وجهودنا الذاتية، وهذا له بُعدٌ خطيرٌ جدًّا يتمثَّل في وجود حالة تبعيَّةٍ غذائيَّةٍ للآخر الذي يمتلك هذه الموارد ويستطيع أن يتحكَّم في نوعيَّتها وجودتها ووقت إرسالها إلينا، في شكل تدفُّقاتٍ استيراديَّةٍ كبيرة، ومن ثمَّ كان للاستهلاك أبعادٌ خطيرةٌ وكثيرة تهدد حياتنا الاقتصادية، وتهدد أمننا الوطني أيضًا.

لذلك يجب علينا في شهر رمضان أن نبتعدَ عن فكرة الكائن الاستهلاكي، والذي اقتصرت أهدافه في الحياة على الاستكثار من كلِّ شيء: الطعام والشراب واللهو والجنس، حتى صار يستهلك الوقت بنفس الكيفية والنهم التي يستهلك به سائر الأشياء، هذا الكائن الاستهلاكي يريد أن يقضيَ الوقت لا أن يستثمره، تسمعه يُحدِّث صاحبه بهذا دون خجل، دعنا نُضيِّع الوقت في شيءٍ ما، مع العلم أنَّ هذا الكائن وإن كان صاحبَ مستوىً مالي رفيع، فهو ليس غنيًّا بالضرورة، بل هو فقيرُ النفس والروح أيًّا كان مستوى معيشته،  فهو مَعنيٌّ فقط بإثراء جسمه بالملذات دون الولوج في مقتضيات وروحانيات الشهر المبارك.

فالنظام الاقتصادي العالمي لا يمكن أن يستمرَّ دون خلق مزيدٍ من الحاجات الوهميَّة لهذا الكائن  حتى يستمرَّ في البحث عن منتجاتٍ لإشباعها، فتتراكم الثروات لدى الشركات الكبرى في غيبة هذا الكائن وطلبه الاستهلاكي، فالطلب لهذه العادات الاستهلاكية هو الذي يحدد مدى الاهتمام بمنتجات وخدمات تلك الشركات، فزيادة الطلب تحفز على زيادة الإنتاج، ما يؤدي إلى حدوث نموٍّ اقتصادي لهذه الشركات، بينما تراجع الطلب على منتجاتها يؤثر سلبًا على الإنتاج؛ لهذا أصبحت تلك الشركات تسعى لتوظيف خبراء السلوك وعلماء النفس من أجل تحفيز السلوك الاستهلاكي عند هذا الكائن حتى يستمرَّ في إنفاق معظم دخله على منتجاتهم فيصير لحمه ودمه وقودًا لماكينات تلك الشركات.

لذا؛ فشهر رمضان يعدُّ فرصةً حقيقيَّةً لامتلاك إرادةٍ للتصدِّي لتلك الحالة الاستهلاك الشرهة التي تنتابنا في هذا الشهر الكريم، وصناعة نمطٍ استهلاكي رشيد يترك أثره على المستوى الاقتصادي الفردي والعام وعملية تدريب مكثّف تستغرق شهرا واحدًا، تُفهم الإنسان أنَّ بإمكانه أن يعيش بإلغاء استهلاك بعض المفردات في حياته اليوميَّة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: رمضان هذا الکائن

إقرأ أيضاً:

اجتماع برئاسة وزير الاقتصاد يناقش خطة عمل تحول النمط الاستهلاكي من الدقيق الأبيض الى طحين الحبوب المحلية

وخلال الاجتماع تم استعراض نتائج تجارب استخدام طحين القمح الكامل في منتجات الخبز المتنوعة " الروتي والخبز والرشوش وخبز التميز وغيرها من مخبوزات المائدة اليمنية " والتي تم اجراؤها خلال الشهر الماضي عبر نقابة الافران وكذلك منتجات المخبوزات المتنوعة باستخدام الخلط لدقيق القمح مع الحبوب المحلية من الذرة والدخن وغيرها عبر المخابز الالية الكبرى للقطاع الخاص .

وأكد وزير الاقتصاد والصناعة والاستثمار على أهمية مشروع التحول في النمط الاستهلاكي من الدقيق الأبيض الى الحبوب المحلية من الناحية الصحية والاقتصادية والاجتماعية .

وأوضح ان التحول في ثقافة ونمط الاستهلاك ضرورية بما يسهم في الحفاظ عل صحة المستهلك خاصة بعد ثبوت الأضرار الصحية للدقيق الأبيض في زيادة امراض القلب وتصلب الشرايين وامراض السكري والسمنة وفي ذات الوقت يعمل على تشجيع المزارعين المحليين على زراعة وإنتاج الحبوب بمختلف أنواعها التي تشتهر بها المحافظات اليمنية ، وكذلك الفائدة الاقتصادية في تخفيض فاتورة الاستيراد .

منوها الى دور وسائل الاعلام في التوعية بأهمية استخدام الحبوب في المخبوزات والمعجنات واضرار الافراط في استخدام الدقيق الأبيض .

ووجه وزير الاقتصاد ، قطاع التجارة الداخلية وحماية المستهلك استكمال نتائج التجارب لضبط نسب الخلط الجديدة والضوابط الفنية الأخرى التي تناسب إنتاج المخبوزات في الافران والمخابز بجودة عالية .

واقر الاجتماع برنامج العمل القادم واشراك وزارات الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية ، والصحة والبيئة و الاعلام والهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة والغرف التجارية الصناعية وجمعية حماية المستهلك ونقابة الافران والمخابز و شركات مطاحن القمح ، لدعم البرنامج في توعية المستهلكين بأهمية استخدام الحبوب الكاملة في المخبوزات من الناحية الصحية . .

وشدد الاجتماع على أهمية سرعة إنجاز خطة وبرنامج العمل لإطلاق البرنامج خلال الأسابيع القادمة ، تمهيدا لإطلاق ورشه عمل تضم كافة الجهات ذات العلاقة ، وتجهيز الخطة الإعلامية المرافقة لورشة العمل .

مقالات مشابهة

  • غداً آخر موعد لتقديم بيانات آذار الضريبية لمكلفي رسم الإنفاق الاستهلاكي
  • مناقشة خطة تحوّل النمط الاستهلاكي من الدقيق الأبيض إلى قمح طحين ومخبوزات الحبوب المحلية
  • هل يجب على الزوجة استئذان الزوج قبل الصيام؟.. أمين الفتوى يجيب
  • اجتماع برئاسة وزير الاقتصاد يناقش خطة عمل تحول النمط الاستهلاكي من الدقيق الأبيض الى طحين الحبوب المحلية
  • مناقشة خطة برنامج التحول في النمط الاستهلاكي من الدقيق الأبيض إلى طحين الحبوب المحلية
  • وزير الاقتصاد يناقش خطة تحول النمط الاستهلاكي من الدقيق الأبيض إلى القمح
  • هل الصيام على جنابة في الست من شوال صحيح؟.. احذره بهذه الحالة
  • دراسة تكشف نوعا من الصيام المتقطع لإنقاص الوزن بأسرع وقت
  • هل يجوز صيام من أصبح ولم ينو الصيام؟ دار الإفتاء تجيب
  • أمين الفتوى: تأخير الغسل إلى بعد الفجر لا يؤثر على صحة الصيام