البوابة نيوز:
2025-03-10@19:06:58 GMT

دلائل اقتصاديَّة في شهر الصيام

تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يتَّسم شهر رمضان بمضاعفة الخيرات، وحلول البركات؛ فهو بحقٍّ شهر البركة الاقتصادية للأمة الإسلامية، وقد أشار النبي ﷺ إلى ذلك في قوله: "يا أيها الناس قد أظلكم شهرٌ عظيمٌ مبارك، شهر يزاد فيه رزق المؤمن" ( )، والمتدبر لآيات القرآن الكريم يجد أنَّ هناك ارتباطًا بين التقوى والبركة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}( )، ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}( ).

إلا أن هذه الزيادة في البركة والرزق تتحوَّل إلى الاستهلاك لا إلى الادِّخار والاستثمار، والمعلوم اقتصاديًّا أنَّ الاستثمار هو الابن الشرعي للادِّخار، فنحن أمَّةٌ للأسف الشديد أصبح الاستهلاك منهجها حتى صدق فينا قول الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون: "إن العرب لا يعرفون كيف يصنعون الثروة ولكنهم يعرفون جيدًا كيف ينفقونها"،  وهذا قائمٌ بالفعل، فقبل قدوم رمضان بأيام وربما بأسابيع أُعلنت حالةُ الطوارئ في البيوت والأسواق، وبدأ تزاحمُ الجميع على شراء الأغذية والسلع الرمضانيَّة، الضروريَّة وغير الضروريَّة في "تظاهرة استهلاكيَّة" مُبالَغ فيها، فتحوَّلَ شهرُ رمضان من شهرٍ للعبادة والصوم والإقلال من الملذات، إلى شهر للتسوق والتُّخمة والإسراف.

ممَّا يعني مزيدًا من الاعتماد على الاستيراد الخارجي؛ ذلك لأننا أمَّة مستهلكة أكثر منها منتجة، ولم نصل بعدُ إلى مرحلة الاكتفاء لتوفير احتياجاتنا الاستهلاكية اعتمادًا على مواردنا وجهودنا الذاتية، وهذا له بُعدٌ خطيرٌ جدًّا يتمثَّل في وجود حالة تبعيَّةٍ غذائيَّةٍ للآخر الذي يمتلك هذه الموارد ويستطيع أن يتحكَّم في نوعيَّتها وجودتها ووقت إرسالها إلينا، في شكل تدفُّقاتٍ استيراديَّةٍ كبيرة، ومن ثمَّ كان للاستهلاك أبعادٌ خطيرةٌ وكثيرة تهدد حياتنا الاقتصادية، وتهدد أمننا الوطني أيضًا.

لذلك يجب علينا في شهر رمضان أن نبتعدَ عن فكرة الكائن الاستهلاكي، والذي اقتصرت أهدافه في الحياة على الاستكثار من كلِّ شيء: الطعام والشراب واللهو والجنس، حتى صار يستهلك الوقت بنفس الكيفية والنهم التي يستهلك به سائر الأشياء، هذا الكائن الاستهلاكي يريد أن يقضيَ الوقت لا أن يستثمره، تسمعه يُحدِّث صاحبه بهذا دون خجل، دعنا نُضيِّع الوقت في شيءٍ ما، مع العلم أنَّ هذا الكائن وإن كان صاحبَ مستوىً مالي رفيع، فهو ليس غنيًّا بالضرورة، بل هو فقيرُ النفس والروح أيًّا كان مستوى معيشته،  فهو مَعنيٌّ فقط بإثراء جسمه بالملذات دون الولوج في مقتضيات وروحانيات الشهر المبارك.

فالنظام الاقتصادي العالمي لا يمكن أن يستمرَّ دون خلق مزيدٍ من الحاجات الوهميَّة لهذا الكائن  حتى يستمرَّ في البحث عن منتجاتٍ لإشباعها، فتتراكم الثروات لدى الشركات الكبرى في غيبة هذا الكائن وطلبه الاستهلاكي، فالطلب لهذه العادات الاستهلاكية هو الذي يحدد مدى الاهتمام بمنتجات وخدمات تلك الشركات، فزيادة الطلب تحفز على زيادة الإنتاج، ما يؤدي إلى حدوث نموٍّ اقتصادي لهذه الشركات، بينما تراجع الطلب على منتجاتها يؤثر سلبًا على الإنتاج؛ لهذا أصبحت تلك الشركات تسعى لتوظيف خبراء السلوك وعلماء النفس من أجل تحفيز السلوك الاستهلاكي عند هذا الكائن حتى يستمرَّ في إنفاق معظم دخله على منتجاتهم فيصير لحمه ودمه وقودًا لماكينات تلك الشركات.

لذا؛ فشهر رمضان يعدُّ فرصةً حقيقيَّةً لامتلاك إرادةٍ للتصدِّي لتلك الحالة الاستهلاك الشرهة التي تنتابنا في هذا الشهر الكريم، وصناعة نمطٍ استهلاكي رشيد يترك أثره على المستوى الاقتصادي الفردي والعام وعملية تدريب مكثّف تستغرق شهرا واحدًا، تُفهم الإنسان أنَّ بإمكانه أن يعيش بإلغاء استهلاك بعض المفردات في حياته اليوميَّة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: رمضان هذا الکائن

إقرأ أيضاً:

46.8 ألف وجبة «كسر الصيام» وزعتها «الهلال» في أبوظبي

هالة الخياط (أبوظبي)
وزعت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، منذ بداية شهر رمضان الفضيل، 46.8 ألف وجبة «كسر الصيام» في عدد من المواقع بمدينة أبوظبي وضواحيها. وأوضح مركز هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في أبوظبي، أن الهيئة تنفّذ مبادرة «كسر الصيام»، ضمن مبادراتها الإنسانية، خلال شهر رمضان، لتحقيق مجموعة من الآثار الإيجابية، خصوصاً على الطرقات، حيث تؤدي المبادرة لمنح الأريحية لسائقي المركبات، وإبعادهم عن السرعة والعجلة في الطريق للحاق بوجبة الإفطار.
ويتولى المركز توزيع وجبات كسر الصيام يومياً، خلال الشهر الفضيل، بجهود عدد من المتطوعين والمتطوعات، ممن يسهمون يومياً في توزيع 5200 وجبة «كسر الصيام»، على محطات البترول وتقاطعات الإشارات الضوئية.
وتتكون وجبة «كسر الصيام» من ماء وتمر ومعمول، وتهدف إلى كسر صيام المسافرين والأفراد حتى يصلوا إلى وجهتهم، بما يحد من ظاهرة القيادة المتهورة، مع اقتراب ساعة الإفطار، وما يترتب عليها من مخاطر تهدد مرتادي الطريق، بالإضافة إلى تهنئة الصائمين بالشهر الفضيل.
وتسهم مبادرة «كسر الصيام»، في تعزيز التلاحم المجتمعي بين فئات المجتمع، وتعكس مشاعر الألفة والمحبة والترابط بين الجميع، كما تُعد تجسيداً لمفهوم الإخاء المجتمعي، وتعكس أصالة وعادات وقيم أهل الإمارات من المواطنين والمقيمين.

أخبار ذات صلة رمضان والجنة «تراحم » توزع 20 ألف سلة غذائية

«عطاء مستمر»
يأتي مشروع «كسر الصيام» في إطار حملة «الهيئة» الرمضانية الموسمية «رمضان.. عطاء مستمر»، التي تستهدف تمتين جسور التواصل مع مجتمع الدولة المعطاء، وتعزيز مجالات الشراكة مع قطاعاته كافة، لدعم جهود هيئة الهلال الأحمر الوطنية في الداخل والخارج، وتحقيقاً لتطلعاتها في توسيع مظلة المستفيدين من خدماتها، وارتياد مجالات أرحب من البذل، وتوفير رعاية أكبر للشرائح الضعيفة وأصحاب الحاجات والأسر المتعففة، وإحداث نقلة نوعية في برامجها، والانتقال بها إلى نحو أكثر أثراً في حياة الناس، والحد من وطأة المعاناة.
وخصّصت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي مواقع لجمع التبرعات لحملة رمضان في جميع إمارات الدولة، خاصة في مراكز التسوق والأسواق الشعبية ومناطق الكثافة السكانية، وغيرها من المواقع، إلى جانب عدد من المواقع الأخرى لجمع التبرعات العينية، إضافة إلى التبرع عبر مراكز الهيئة والموقع الإلكتروني وتطبيق الهاتف الذكي، والإيداعات البنكية والرسائل النصية، ورقم الهاتف المجاني، وصناديق التبرع النقدية والأجهزة الإلكترونية.

مقالات مشابهة

  • ما فوائد الصيام في رمضان؟
  • الإيحاء الاستهلاكي وتقويض التقشف!
  • مفتي الجمهورية: العقل لا يُنشئ الغيب لكنه يتفاعل مع النص ويستدل به على دلائل التوحيد
  • دعاء اليوم العاشر من رمضان.. اللهم أعني على الصيام والقيام وقراءة القرآن
  • تحذير من الاستهلاك المفرط للحلويات في رمضان
  • أفضل سحور 10 رمضان.. اقتصادي وغير مكلف
  • مصدر بـالكهرباء: معايير جديدة في اختيار قيادات القطاع ورؤساء الشركات
  • 46.8 ألف وجبة «كسر الصيام» وزعتها «الهلال» في أبوظبي
  • رمضان عند الأدباء.. كيف يرى أحمد شوقي الصيام؟