يُعاني العالم منذ سنوات من آثار “التغيرات المناخية” التي تغذي ظواهر الطقس المتطرف بجميع أنحاء الكوكب، وفي ظل التطور المتسارع لـ”الذكاء الاصطناعي”، يحذر خبراء تحدّث معهم موقع “الحرة”، من تداعيات “بيئية” كارثية قد تتسبب بها تلك الأنظمة الذكية مستقبلا، ربما تهدد البشرية بأكملها.

أسوأ من “بيتكوين”

البصمة الكربونية هي الكمية الإجمالية لغازات الدفيئة، بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون والميثان، الناتجة عن أنشطة الكائنات الحية في كوكب الأرض.

وعلى الصعيد العالمي، يقترب متوسط البصمة الكربونية من 4 أطنان سنويا، ولتجنب ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمقدار درجتين، يجب أن تنخفض تلك النسبة إلى أقل من طنين بحلول عام 2050، وفقا لـ”منظمة الحفاظ على الطبيعة”.

ويمكن لـ”البصمة الكربونية للذكاء الاصطناعي” أن تكون أسوأ من تعدين عملة “بيتكوين”، الذي يولد حاليا غازات دفيئة أكثر من بلدان بأكملها، وفقا لتقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية.

وتؤثر عمليات تعدين “بيتكوين” على البيئة وتتسبب في “تداعيات سلبية على المناخ”، وزيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري نظرا لاستهلاكها “كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية”، وفق دراسة لجامعة “كامبريدج”.

ويتطلب التعدين أو إنشاء بيتكوين، وهي العملة المشفرة الأكثر شيوعا في العالم، حوالي 1150 كيلوواط ساعة من الكهرباء، مما دفع عدة دول لحظر تعدينها، وفقا لوكالة “فرانس برس”.

ومثل تعدين العملات المشفرة، يعتمد الذكاء الاصطناعي على وحدات معالجة الرسومات عالية القدرة، لاختراق البيانات.

ويتم تشغيل برنامج الذكاء الاصطناعي التوليدي “تشات جي بي تي”، بواسطة مراكز بيانات عملاقة تستخدم عشرات الآلاف من رقائق الكمبيوتر “المتعطشة للطاقة”، وفق تقرير لوكالة “بلومبرغ”.

وأصبحت مجموعات البيانات المستخدمة لتدريب الذكاء الاصطناعي كبيرة بشكل متزايد، وتستهلك قدرا هائلا من الطاقة لتشغيلها.

ويمكن أن يتسبب تدريب “نموذج ذكاء اصطناعي واحد فقط”، في انبعاث كميات كبيرة من “ثاني أكسيد الكربون”، بما يعادل خمسة أضعاف الانبعاثات الصادرة عن سيارة أميركية، طوال عمرها الافتراضي، وفق “معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا”.

وتشير دراسات إلى أن حساب التأثير البيئي الإجمالي لـ”تشات جي بي تي ” وأنظمة الذكاء الاصطناعي الأخرى معقد، والكثير من المعلومات المطلوبة للقيام بذلك غير متاحة للباحثين. ومن الصعب التكهن بمدى تطور الذكاء الاصطناعي خلال السنوات القليلة المقبلة، أو إلى أي مدى سيصبح فعالا في استخدام الطاقة.

ومع التطور المستمر لأنظمة الذكاء الاصطناعي، تظهر مخاوف بشأن “التكاليف البيئية”، وتأثير ذلك على زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وفق تقرير لمجلة “فوربس”.

هل يجب أن نقلق؟

يوضح خبير تكنولوجيا المعلومات سلوم الدحداح، في حديثه لموقع “الحرة”، أن أنظمة الذكاء الاصطناعي وعلى رأسها “تشات جي بي تي”، تستهلك حجم طاقة يعادل تلك التي تحتاجها عشرات المنازل خلال عام كامل.

ويحتاج تشغيل تلك الأنظمة الذكية لنفس مقدار الطاقة التي يستهلكها 126 منزلا في الدنمارك خلال عام كامل، وتنبعث منها كمية من غاز “ثاني أكسيد الكربون” توازي الانبعاثات الناجمة عن القيادة لمسافة 700 ألف كيلومتر، حسبما يشير خبير تكنولوجيا المعلومات.

ولذلك فتلك الأنظمة لها “تداعيات سلبية” على استهلاك الطاقة، وتتسبب في “زيادة انبعاث الغازات الدفيئة”، مما يعني ارتفاع نسب “التلوث العالمي”، وفق الدحداح.

تداعيات “مناخية”؟

كلما زاد استخدام “الأجهزة التكنولوجية الحديثة”، ترتفع نسب الغازات الدفيئة المسببة لـ”الاحتباس الحراري”، مما يؤدي لـ”تغيرات مناخية خطيرة”، وفقا لحديث، الخبير المناخي، ضومط كامل.

ويشير في تصريحات لموقع “الحرة”، إلى اقتحام “الذكاء الاصطناعي” لمجالات عدة وبالتالي فهو يستهلك أكثر من 5 بالمئة من إنتاج الطاقة الكهربائية على مستوى العالم، مما يؤثر على “زيادة الاحتباس الحراري والانبعاثات الكربونية”.

وفي الوقت الذي يبحث فيه العالم عن “تخفيف التلوث البيئي”، يمكن للذكاء الاصطناعي التسبب في “زيادة الوضع سوءًا”، في ظل الاتجاه المتصاعد للاعتماد على تلك الأنظمة الذكية في مجالات عدة، وفقا لتوضيح خبير التغيرات المناخية. ويرى ضومط أن “التسابق” على تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي سوف يزيد من “التلوث البيئي العالمي”.

وقد يتسبب الذكاء الاصطناعي في “مضاعفة” نسب التلوث بنسب تزيد عن الوضع الحالي بمقدار من 5 إلى 7 مرات، وهو ما يهدد سلامة الكائنات الحية، وفق ما يوضح خبير التغيرات المناخية.

وإذا تطورت “أنظمة الذكاء الاصطناعي” بشكل “غير منضبط” في المستقبل، فسيكون لذلك “تداعيات كارثة” على الكوكب، وفق تحذيرات ضومط.

هل توجد حلول؟

يجب استخدام “الذكاء الاصطناعي” نفسه للبحث عن مسارات جديدة لتقليل الانبعاثات الحرارية، باستخدام تقنيات حديثة تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة وغير التقليدية، وفقا لضومط. ويمكن تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي حتى تستخدم “مصادر طاقة متجددة” مثل الطاقة الشمسية والمائية وطاقة الرياح، لتقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وفق خبير التغيرات المناخية.

ويتفق معه الدحداح الذي يرى أن “مصادر الطاقة البديلة” هي السبيل الوحيد لتخفيف الانبعاثات الكربونية، وبالتالي تجنب “كارثة بيئية” قد يتسبب بها التطور المتسارع لأنظمة الذكاء الاصطناعي.

 

المصدر: “مواقع إلكترونية”

المصدر: الوحدة نيوز

كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا ايران تونس روسيا سوريا صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نبيل الصوفي أنظمة الذکاء الاصطناعی ثانی أکسید الکربون التغیرات المناخیة الاحتباس الحراری

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي من ثورة البحث إلى ديناميكية التشغيل

يكاد، في الحيّز المحلي والإقليمي، لا يمر أسبوع إلا ونرى أخبارا تتحدث عن إنجازات بحثية علمية جديدة في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وينمُّ هذا على وجود الوعي المجتمعي بشكل عام ووعي المؤسسات البحثية بشكل خاص، ووجود التمويل الحكومي المتمثل في دعم الأبحاث العلمية الذي يتركّز معظمها -مؤخرا- على أبحاث الذكاء الاصطناعي. كذلك لمحنا تناميًا جيّدًا لبزوغ شركات ومؤسسات محلية ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي والأنظمة الرقمية، وهذا دليل آخر لوجود الوعي العام بأهمية الاستثمار في مجال التقنيات المتقدمة والتحول الرقمي. تتجاوز هذه الأخبار عتبات إحساسنا بنشوة الإنجاز، وتعبر إلى محيطنا الأعلى من هذه المرحلة؛ فكانت آمالنا معلقة على صناعة الوعي الرقمي في المجتمع، وارتقت بعدها إلى الصناعة البحثية الناجحة للذكاء الاصطناعي الذي ألمس فيه الجهود المبذولة من قبل الجهات الداعمة والفِرق البحثية العاملة الساعية إلى مزيد من الإنجازات البحثية الرائدة في مجالات الأنظمة الرقمية بما فيها الذكاء الاصطناعي، ولكن رؤيتنا هذه ما تلبث إلا وترتفع إلى غاية مهمة أخرى ألا وهي تحقيق الاستدامة الاقتصادية عبر مشروعات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة. سبق لنا الحديث عن موضوع الاستدامة الاقتصادية والتحول الرقمي، ولكن نحاول في مقالنا هذا أن نكتشف المزيد من ثغراتنا الحالية، ونحدد بُوصلتنا الاقتصادية بمستجداتها الرقمية.

من الملحوظ أن التفوق البحثي له بعده الاقتصادي الذي يأخذ مساره الزمني ليكون بعدا يعطي ثماره ولو بعد حين من الزمن، وهذا ما يزرع في نفوسنا الأمل في أنّ توالي نجاحات مشروعات الذكاء الاصطناعي البحثية بمثابة خطوات رئيسة وضرورية على طريق التمهيد لتحقيق الاقتصاد الرقمي الذي يعبّر عن الاستثمار في الأنظمة الرقمية، ولكن - مع موقعنا الحالي- لا يمكن أن ندّعي أننا دخلنا حيّز الاقتصاد الرقمي وفقَ المستويات العالية، وهذا أيضا ما يمكن أن نلحظه في دول المنطقة التي ما تزال تبحث لها عن موطئ قدم راسخ على أرضية الاقتصاد الرقمي رغم النجاحات الكبيرة التي تحققت على أرضية البحث العلمي في النطاق الرقمي الذكي، ودليلنا على ذلك في الصناعات التي ما تزال تعتمد على أنظمتها التقليدية؛ إذ من التطلعات التي ينبغي أن نسعى لتحقيقها البدء في التحول الرقمي في الصناعة الذي يعتبر لبَّ الاقتصاد ومحركه الرئيس، وهنا نشير إلى أهمية تحقيق الاستدامة الصناعية عبر الاعتماد شبه الكامل على الأنظمة الرقمية في عمليات التشغيل والإنتاج الصناعي، وسبق أن عرضنا أمثلة ناجحة تعكس مخرجات البحث العلمي، وتؤكد وجود التطبيق الناجح للذكاء الاصطناعي في الصناعة، ومع ذلك يعتبر هذا النوع من التطبيق الرقمي نوعًا مساعدًا يعمل على تحسين جودة الصناعة وتقليل تكاليف تشغيلها استنادا إلى دراسات كثيرة عرضناها في مقالات سابقة، ولهذا فنحن بحاجة مع هذا النوع من التشغيل إلى الرقمي إلى مستويات تشغيلية أكثر اتساعا؛ ففي نطاق أوسع وأكثر أهمية، لا يفوتنا أهمية الاستثمار المباشر في الأنظمة الرقمية عبر الصناعة الرقمية المباشرة التي تأتي في صور كثيرة منها تطوير الخوارزميات والتطبيقات الرقمية الذكية، وهذا ما يتأتى تحقيقه عبر إيجاد قوي لشركات ومؤسسات معنية بالأنظمة الرقمية، ورغم وجود الدعم الكبير الذي توليه الحكومة في سلطنة عُمان في دعم تأسيس هذه المؤسسات الرقمية الناشئة خصوصا تلك التي تكون ذا بذور وطنية وبجهود الكوادر العمانية إلا أن المعوقات العالمية أكثر تأثيرا على بقاء مثل هذه المؤسسات الرقمية؛ إذ تؤكد الاستطلاعات -منها ما نشرته جريدة عُمان في الصفحة الاقتصادية بتاريخ 31 يوليو 2024م بعنوان "الشركات الناشئة في الذكاء الاصطناعي تواجه تحديا من المجموعات الرقمية العملاقة- أن إحدى هذه المعوقات يتمثّل في هيمنة المجموعات الرقمية الكبرى على الاقتصاد الرقمي مما يجعل من حركة الاستثمار الرقمي تسير في طريق ضيّق يعتريه مبدأ الاحتكار الذي يجعل من خيارات التحول الرقمي مسوغات صعبة المنال وضيّقة الأفق، ولهذا فإن المنافسة غير العادلة التي تخوضها هذه المجموعات الرقمية الكبيرة تقود المجتمعات الرقمية الطامحة إلى الاقتصاد الرقمي المباشر أمام تحديات عالمية رغم وجود الدعم المحلي الداخلي؛ حيث يفرض مبدأ العولمة الاقتصادية العالمية تأثيراتها على كل العالم الذي نحن جزء لا يتجزأ من منظومته.

علينا أن نعّي جيدا أن تفوقنا البحثي أمر مهم، ولكن لابد لهذا التفوق أن يترجم إلى واقع اقتصادي عبر توطين الاستثمار الرقمي وتحويل التشغيل الصناعي والاقتصادي إلى المنظومة الرقمية، ولا سبيل إلى تحقيق ذلك إلا باكتساب مقومات هذه الإرادة عبر تحويل الوعي من نطاق البحث العلمي إلى الاستثمار العلمي عموما والرقمي خصوصا عبر التشغيل الواقعي لأنظمة الذكاء الاصطناعي في كل قطاعات أعمالنا وصناعتنا؛ فإننا بلغنا من الوعي الرقمي المستوى الذي أهّلنا إلى بناء القدرات التفاعلية العالية مع الأنظمة الرقمية التي يمكن أن نرى انعكاساتها في مؤسسات التعليم -المدراس والجامعات- ومؤسسات البحث التي تفيض بمخرجات بحثية رقمية مرموقة، ولكنْ تظل معظم هذه المخرجات أسيرة الرفوف المكتبية والأرشفة الورقية والأوراق العلمية التي سيكون من اليسير أن نجدها في أروقة الصناعة والاقتصاد لو ترجمت هذه الأبحاث إلى تطبيقات حيّة، وهنا يأتي دور هذه المؤسسات التعليمية بالتعاون مع المؤسسات الاقتصادية المعنية بمضاعفة الوعي بالشأن الاقتصادي عن طريق ربط هذه المشروعات الرقمية بالجانب الاقتصادي وتفعيل التخطيط والمتابعة والتنفيذ، ويمكن أن يشترط ربط هذه المشروعات الرقمية بالمؤسسات الرقمية الوطنية الناشئة بوجود الدعم الحكومي للجهتين الذي سيعكس -بدوره- التأسيس القوي للاقتصاد الرقمي والتحول من الوعي الرقمي العام إلى الوعي الرقمي الاستثماري والتشغيلي، وكذلك تمكين دور المؤسسات الرقمية الناشئة وتفعيل مساهمتها الاقتصادية وترسيخ وجودها ودفعها إلى النمو ومواجهة التحديات العالمية الآنف ذكرها.

• د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني

مقالات مشابهة

  • تحذير من الارتباط العاطفي بميزة صوت الذكاء الاصطناعي!
  • جامعة الملك خالد تطلق مدرسة الذكاء الاصطناعي الصيفية
  • الذكاء الاصطناعي من ثورة البحث إلى ديناميكية التشغيل
  • روسيا تطور بدلات عسكرية جديدة مجهزة بتقنيات الذكاء الاصطناعي
  • بالتفاصيل.. جامعة الملك خالد تطلق "مدرسة الذكاء الاصطناعي الصيفية"
  • جامعة الملك خالد تطلق «مدرسة الذكاء الاصطناعي الصيفية»
  • نقطة تحول حاسمة في تطور المناخ على الأرض
  • ماسك يحذر من مخاطر الذكاء الاصطناعي على البشرية
  • شكوك حول النصائح الطبية المقدمة من الذكاء الاصطناعي
  • رحلة 8 أيام قد تتحول لأشهر.. رائدا فضاء قد يبقيان خارج كوكب الأرض بسبب تعطل مركبتهما