ماذا وراء التأخير والتكاليف الخيالية لمشروع نيوم السعودي؟
تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT
سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء على التحديات والعقبات التي تواجه مشروع "نيوم" السعودي، والذي من المفترض أن يكون مدينة مستقبلية متطورة، تهدف إلى تنويع اقتصاد المملكة، مشيرة إلى أن "الآمال الكبيرة تواجه تأخيرات في الإنجاز وارتفاعا في التكاليف".
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن "المملكة شهدت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي افتتاحا فخما لأول مشاريع مدينة نيوم، والمعروف بمشروع جزيرة سندالة، لكن الواقع يبدو بعيدا جدا عن بريق حفل الافتتاح، حيث مازالت المنتجعات والفنادق والمطاعم خالية من الزوار".
تأخير وتكلفة باهظة
وأوضحت الصحيفة أن "هذا المشروع الذي يمثل جزءا صغيرا من مدينة نيوم المستقبلية، تأخر أكثر من ثلاث سنوات وقاربت تكلفته 4 مليارات دولار، أي ثلاثة أضعاف ميزانيته الأولية. وخلال الافتتاح الذي بلغت تكلفته حوالي 45 مليون دولار حسب وثائق مجلس إدارة نيوم، كانت الفنادق غير مكتملة، وجزء كبير من الموقع لا يزال قيد الإنشاء".
وحسب الصحيفة، فإنه كان من اللافت غياب صاحب فكرة مدينة نيوم، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عن حفل افتتاح مشروع جزيرة سندالة، وقد اعتبر العديد من موظفي نيوم غيابه علامة على عدم الرضا.
وبعد أسابيع من افتتاح سندالة، غادر الرئيس التنفيذي لمشروع "نيوم"، نظمي النصر، الذي عمل لمدة ست سنوات وكان أحد المقربين من ولي العهد، منصبه وتم تعيين طاقم جديد من المديرين التنفيذيين.
التنفيذ يصطدم بالواقع
اعتبرت الصحيفة أن أحلام ولي العهد المستوحاة من الخيال العلمي اصطدمت بالواقع بعد إنفاق أكثر من 50 مليار دولار، فقد ارتفعت التكاليف، وزادت عمليات التأخير في تنفيذ المشاريع. كما أن القرار الذي صدر السنة الماضية بتقليص المرحلة الأولى من "نيوم" يهدد بحرمان المدينة الصحراوية من الكتلة السكانية الضرورية لتصبح مركزًا تجاريًا حديثًا.
وأرجعت الصحيفة سبب مشاكل نيوم إلى "الوهم المتبادل" بين صاحب المشروع والمشرفين على تنفيذه، قائلة إن "ولي العهد السعودي وضع خططا خيالية، بينما قام المديرون التنفيذيون بخداعه حول النطاق الكامل للتحديات والتكاليف، وهو ما أكده موظفون سابقون وتدقيق داخلي للمشروع يتكون من أكثر من 100 صفحة تم تقديمه لأعضاء مجلس إدارة نيوم في الربيع الماضي".
وحمل التدقيق اسم "المسودة النهائية"، وقد وجد أن المديرين التنفيذيين، بمساعدة شركة "ماكنزي" الاستشارية، وضعوا في بعض الأحيان أهدافا غير واقعية في خطة عمل نيوم لتبرير ارتفاع تقديرات التكلفة. ووجدت المراجعة "أدلة على تلاعب متعمد" بالشؤون المالية من "بعض أعضاء الإدارة".
وقدّر مجلس الإدارة في عرض تقديمي يعود للصيف الماضي النفقات الرأسمالية المطلوبة لبناء مدينة نيوم وصولا إلى "المرحلة النهائية" سنة 2080 بمبلغ 8.8 تريليون دولار -أي أكثر بـ25 مرة من الميزانية السنوية للمملكة-، و370 مليار دولار للمرحلة الأولى بحلول 2035.
وتقوم الدولة السعودية بتمويل حصة الأسد من التكاليف الأولية لمشروع نيوم، ويأمل المسؤولون السعوديون أن يتحمل القطاع الخاص جزءا من النفقات المستقبلية لتخفيف العبء عن الحكومة.
وقالت متحدثة باسم نيوم إن وول ستريت جورنال "تفسّر وتحرّف الأرقام بشكل غير صحيح"، ورفضت تقديم تفاصيل إضافية. وأضافت أن نيوم "تدعم التميز والمهنية والتنوع والسلوك الأخلاقي"، ولديها سياسات تتطلب من الموظفين التمسك بهذه القيم، مؤكدة أن "أولويات المشروع سليمة، والمشروع لا يزال على المسار الصحيح، مما يدل على تقدم ملموس". كما أشارت إلى أن التعديلات في الجدول الزمني وزيادة التكاليف من الأمور الشائعة عند تنفيذ المشاريع الكبيرة.
تلاعب بتقديرات الأرباح
ذكرت الصحيفة أن مسؤولي نيوم وضعوا خططًا لبناء 10 أميال من مشروع "ذا لاين" بحلول سنة 2030، وهو ما يعادل تشييد ثلاثة أضعاف مباني المكاتب في ميدتاون مانهاتن خلال عقد من الزمان، ويتطلب ذلك كميات هائلة من الفولاذ والزجاج.
وحسب الصحيفة، فإن التكاليف ستشكل تحديًا كبيرًا، حيث إن موقع البناء النائي يكاد يفتقر تمامًا إلى العمالة، ولا يحتوي على ميناء كبير، كما أن الطرق قليلة وإمدادات الكهرباء غير كافية. ويتضمن التصميم مدينة ترفيهية على ارتفاع 1,000 قدم، إضافةً إلى مسارح معلقة في الهواء بين البرجين المتوازيين.
ونقلت الصحيفة عن بعض الموظفين السابقين أنهم جعلوا الأرقام تبدو منطقية على الورق من خلال الإدعاء بأن تكلفة "ذا لاين" لكل قدم مربع ستكون أقل من ناطحات السحاب الشاهقة في الرياض، كما افترض المخططون أن زيادة حجم الإنتاج ستسهم في خفض الأسعار.
وأكد أحد الموظفين السابقين أن المهندس المعماري الذي أشرف على مشروع "ذا لاين" في بدايته، توم ماين من شركة "مورفوسيس" الأمريكية، أراد أن يُطلع ولي العهد على مخاوفه بشأن التكلفة الباهظة للمشروع، لكن مسؤولي نيوم رفضوا طلبه.
ووفقًا للتدقيق الداخلي وبعض الموظفين السابقين، فإن مقاولي الأعمال الأولية قدموا عروض أسعار مرتفعة، وكانت إحدى الطرق التي أخفى بها المسؤولون التنفيذيون ارتفاع التكاليف هي رفع فرضيات تحقيق الأرباح.
وأكدت الصحيفة أن ولي العهد طلب من المشرفين على نيوم استخدام مقياس استثماري شائع يُعرف بمعدل العائد الداخلي، وهو النسبة المئوية المقدرة للربح بعد عام من الاستثمار. فإذا بلغت تكلفة بناء فندق مليون دولار، وأصبحت قيمته 1.1 مليون دولار بعد سنة، فإن معدل العائد الداخلي سيكون 10 بالمئة.
وكشف تقييم داخلي في خريف 2023 عن تجاوز تكاليف منتجع تروجينا 10 مليارات دولار، مما خفّض معدل العائد الداخلي إلى 7 بالمائة، أي أقل من الهدف المعلن وهو 9 بالمئة.
ومن أجل تغطية الفجوة، تم رفع تقديرات أسعار الإقامة في أحد المنتجعات إلى 704 دولارات لليلة بدلًا من 216 دولارًا، وسعر غرفة في أحد الفنادق إلى 1,866 دولارًا بدلًا من 489 دولارًا، وفقًا للعرض الداخلي، وساهمت هذه التعديلات في رفع معدل العائد إلى 9.3 بالمئة.
وحسب التدقيق، فقد برر أن أنتوني فيفس، الذي أشرف على الرؤية العامة في نيوم، ارتفاع التكاليف بزيادة توقعات الإيرادات، مؤكدًا في بريد لزملائه ومستشاري شركة ماكنزي قبل اجتماع مهم: "يجب ألا نذكر التكاليف استباقيًا على الإطلاق".
وقال محامي أنتوني فيفز إن العمل في نيوم "تم بصدق تام وطموح يتناسب مع متطلبات المشروع، إضافةً إلى ولاء مطلق لقيادة البلاد".
وكشف التدقيق الداخلي أنه تمت إقالة مدير مشروع سندالة بعد تشكيكه في تقديرات التكاليف، كما ورد فيه أن شركة ماكنزي ساعدت في تطوير "نماذج لزيادة التوقعات في حساب معدل العائد الداخلي" وصادقت على التوقعات المالية لمشروع سندالة بعد أن رفض مستشار آخر القيام بذلك.
وأوصى المدققون بإجراء تحقيق إضافي في احتمال تضارب المصالح، نظرًا لدور ماكنزي في التخطيط والمصادقة على المشاريع معًا. وقد تجاوزت مداخيل ماكنزي من نيوم 130 مليون دولار خلال سنة واحدة، وفقًا لمصادر مطلعة.
مشاكل ارتفاع "ذا لاين"
بينت الصحيفة أن ارتفاع "ذا لاين" الذي يبلغ 1,640 قدمًا كان أحد العوامل الرئيسية لارتفاع التكاليف، في ظل تحديات تصميم وبناء الأبراج الشاهقة في هذه المنطقة الصحراوية النائية. لذلك حث موظفو نيوم المسؤولين مرارًا على خفض الارتفاع إلى نحو 1,000 قدم لتقليل التكاليف.
وأظهرت محاضر اجتماع مجلس إدارة نيوم في ربيع السنة الماضية أن ولي العهد شدد على عدم خفض الارتفاع، وأكد ضرورة توفير التكاليف في جوانب أخرى من المشروع.
واقترح رئيس صندوق الثروة السيادية في البلاد، ياسر الرميان، استخدام "تقنيات جديدة لتقليل القوى العاملة" بهدف الضغط على التكاليف.
وأكدت الصحيفة أن المسؤولين جمّدوا جزءًا من خط السكك الحديدية الذي يتطلب نفقًا بطول 18 ميلًا، والهدف حاليًا افتتاح نصف ميل يعلوه ملعب لاستضافة مباريات كأس العالم بحلول 2034.
وقد دينيس هيكي، المشرف على تطوير "ذا لاين"، خلال منتدى دافوس الاقتصادي في كانون الثاني/ يناير، قائلا: "نأمل أن نبدأ البناء عموديًا بحلول نهاية هذه السنة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي نيوم تأخيرات السعودية السعودية ابن سلمان نيوم تأخير المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ملیون دولار الصحیفة أن مدینة نیوم ولی العهد ذا لاین
إقرأ أيضاً:
ماذا يحدث للبيئة والبشر إذا اختفى النحل؟
ينظر الكثيرون إلى النحل على أنه صانع عسل نستمتع به في جميع أنواع الطعام والشراب الذي نستهلكه، لكنه أكثر من ذلك بكثير. فوجوده حيوي جدا للبشر، بل إن فقدانه سيؤدي إلى سلسلة من التفاعلات الخطيرة التي ستطول الأنظمة البيئية والسلاسل الغذائية كلها، بما في ذلك نظامنا الغذائي وحياتنا.
يعد النحل جزءا أساسيا من سلسلة التنوع البيولوجي، ففي تنقله من زهرة إلى أخرى، ينقل حبوب اللقاح لتخصيب النباتات حتى تتمكن من إنتاج البذور والفواكه، ويوفر هذا للبشرية مئات الأنواع من الفواكه والخضراوات، ويدعم أيضا شبكة الغذاء بأكملها، كذلك يحافظ على عدد لا يحصى من الأنواع التي تعتمد على هذه النباتات من أجل البقاء، بما فيها البشر.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4أكبر 5 غابات مطيرة.. ما هي وماذا بقي منها؟list 2 of 4زيادة وتيرة التصحر و77% من اليابسة صارت أكثر جفافاlist 3 of 4الصين أم الغرب.. من المسؤول الأكبر عن تغير المناخ؟list 4 of 4ما علاقة الزلازل بالأنشطة البشرية والتغير المناخي؟end of listومع أن النحل يلعب دورا محوريا في دورة غذائنا وحياتنا، يتعرض لمخاطر جمة في محيطه الطبيعي، تشمل كثافة استعمال المواد الكيميائية السامة في المبيدات التي ترش بها المزارع والحقول، والآلات الصناعية والمعدات الثقيلة التي تستعمل في الزراعة وتدمر موائله الطبيعية، وإزالة الغابات وسرعة التوسع العمراني، إضافة إلى التلوث الكهرومغناطيسي.
تأثر المجال الكهرومغناطيسيوتشير دراسات علمية إلى أن التلوث الكهرومغناطيسي الناتج عن الذبذبات الصادرة من أبراج الاتصالات والهواتف المحمولة، وشبكات "الواي فاي"، وخطوط الكهرباء تؤثر على النحل بطرق مختلفة، مما يهدد استقراره وتوازنه البيئي ووجوده.
إعلانويعتمد النحل على المجال المغناطيسي الطبيعي للأرض لتحديد الاتجاهات والعودة إلى الخلية، بينما تؤثر الموجات الكهرومغناطيسية على مستقبلاته المغناطيسية (قرون الاستشعار في رؤوسه) مما يفقده قدرته على تحديد الاتجاهات أثناء الطيران، فينتج عن ذلك ضياعه وعدم عودته للخلية.
كذلك، تؤثر تلك الموجات الكهرومغناطيسية وانتشارها على التنظيم الداخلي والتنسيق داخل الخلية نفسها، التي تعتمد وفق الأبحاث العلمية على اهتزازات وأصوات منخفضة التردد للتواصل داخلها مما قد يؤدي إلى موت أعداد هائلة وتدمير الكثير من الخلايا.
ويؤثر ارتفاع درجات الحرارة والتغيرات المناخية المرتبطة بها على حالة النحل، الذي يعيش في ظل درجات حرارة معينة ومعايير بيئية دقيقة، ويؤدي تغيير موائله بشكل قسري إلى أخطار كثيرة بينها تغيرات وقت الإزهار، مما يترك الكثير منه بدون طعام ويهدد بقاءه على قيد الحياة.
وأشارت دراسات أخرى إلى أن التعرض لإشعاعات الهاتف المحمول أو الذبذبات الكهرومغناطيسية تؤدي أيضا إلى حصول تغييرات كيميائية حيوية في جودة نحل العسل العامل، جراء تغير سلوكه ووظائفه الفسيولوجية والمورفولوجية.
حسب منظمة الأمم المتحدة، يواجه النحل تهديدا وجوديا، فهناك تزايد في معدلات انقراض الأنواع الموجودة من 100 إلى ألف مرة عن المعدل الطبيعي بسبب النشاط البشري. وبشكل عام تواجه زهاء 35% من الملقحات اللافقارية، وبخاصة النحل والفراشات، ونحو 17% من الملقحات الفقارية، مثل الخفافيش تهديد الانقراض على مستوى العالم.
ويشكل فقدان النحل تهديدا خطيرا للإنتاج الزراعي على المستوى العالمي، فبينما تعتمد معظم محاصيل الحبوب على الرياح للتلقيح، فإن نحو 90% من المحاصيل المستهلكة في جميع أنحاء العالم يتم تلقيحها بواسطة النحل، بما في ذلك معظم الفواكه والخضراوات.
إعلانوحتى إن تم اعتماد وسائل بشرية مثل التلقيح اليدوي -الذي يستغرق وقتا طويلا للغاية- أو بواسطة الطائرات، فلا يمكن لأي بديل بشري أن يضاهي فعالية النحل وتخصصه وعمله بمثل ذلك النطاق أو الدقة أو السرعة.
ويعني غياب التلقيح الحيوي من النحل انخفاضا في أنواع الفاكهة والخضراوات، ونباتات ومحاصيل زراعية متعددة، وبالتالي منتجات أساسية متنوعة تمتد من صناعة المواد الاستهلاكية والغذائية مثل اللحوم والألبان إلى صناعة الأدوية.
ويهدد فقدان النحل النظم البيئية والتنوع البيولوجي، بشكل كبير، فالعديد من أنواع النباتات ستواجه صعوبة في التكاثر خاصة تلك التي تعتمد حصريا على تلقيح النحل الذي يُسهم في دعم الموائل الطبيعية، وتعزيز التنوع الجيني، والحفاظ على بنية النظم البيئية، وخصوصا النباتات، بما تعنيه لتوازن النظام البيئي وصحة الإنسان.
رغم صعوبة تقدير قيمة العمل الذي يقوم به النحل بدقة، تشير بعض الدراسات إلى أن ما يصل إلى 577 مليار دولار أميركي من إنتاجنا الغذائي العالمي يعتمد عليه. وقد قُدّرت قيمة سوق العسل وحده بنحو 8.5 مليارات دولار في عام 2022. وما تغفله الدراسات والأبحاث هو كم ستكون تكلفة عملية التلقيح الطبيعية التي يقوم بها النحل، في غيابه؟
فعلى سبيل المثال، يسهم النحل بنحو 700 مليون جنيه إسترليني (905 ملايين دولار) سنويا في الاقتصاد البريطاني لوحده، وسيكلّف توظيف أشخاص للقيام بعمل التلقيح في المملكة المتحدة ما لا يقل عن 1.8 مليار جنيه إسترليني سنويا، ولا يشمل هذا الرقم الآلات أو الأبحاث أو التدريب اللازم لإتمام العمل، على افتراض أن العمل سيتم بمثل وتيرة وكفاءة النحل.
وفي الولايات المتحدة، تتراوح تكلفة تلقيح هكتار واحد من بساتين التفاح ما بين 5 آلاف و7 آلاف دولار ومع وجود ما يقارب 153.375 هكتارا من بساتين التفاح في جميع أنحاء البلاد، ستصل التكلفة إلى نحو 880 مليون دولار سنويا، بالنسبة لحقول التفاح فقط.
إعلانوبشكل عام أظهرت الدراسات أن تكلفة التلقيح الاصطناعي أعلى بـ10% على الأقل من تكلفة خدمات تلقيح النحل، وفي النهاية لا يمكننا تكرار عملهم بنفس الجودة أو الكفاءة لتحقيق نفس الإيرادات.
وعموما، تمثل الملقحات الحشرية ما يقارب 35% من إجمالي الإنتاج الغذائي العالمي، ويتولى نحل العسل 90% من عبء هذا العمل، وتمثل خدمات التلقيح العالمية نحو 577 مليار دولار سنويا، أي نحو 10% من جميع الأسواق الزراعية.
ملقحات أخرىوحسب بيانات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، يتم الحصول على 90% من إنتاج الغذاء العالمي من 100 نوع نباتي، ويحتاج 70 نوعا منها إلى تلقيح النحل. لكن هل يمكن لملقحات أخرى أن تملأ هذه الفجوة؟
لا يعد النحل الملقح الوحيد في الطبيعة، فالفراشات والخنافس وبقية الحشرات والطيور مسؤولة أيضا عن مساعدة النباتات على التكاثر، لكن مساهمتها لا تُضاهي النحل لأن صحة خلاياه وصغاره تعتمد كليا على حبوب اللقاح التي يجمعها كغذاء، وهذا يعني أنه ينقل حبوب لقاح أكثر بكثير يوميا من الملقحات الأخرى.
وأظهرت الدراسات أن الحشرات غير النحل لا تُمثل سوى 38% من تلقيح المحاصيل، مقابل أقل من 5% من تلقيح المحاصيل بالنسبة للفراشات، ويسهم تلقيح الطيور بأقل من 5% من الأنواع المزهرة حول العالم و1% للخفافيش.
ويشير ذلك ببساطة إلى أن اختفاء النحل سيكون مدمرا من النواحي البيولوجية والاجتماعية والاقتصادية. إذا فقدنا النحل، فإننا نخسر أكثر بكثير من مجرد العسل، فمحاصيلنا وأنظمتنا البيئية ونظمنا الغذائية واستمرار حياتنا تعتمد جميعها على تلقيحه.
وتبرز في هذا السياق المقولة المنسوبة للعالم ألبرت أينشتاين والتي تشير إلى أن "البشر سيختفون مع اختفاء آخر نحلة على وجه الأرض". وتبدو هذه المقولة -إذا كانت مبررة علميا وصحت نسبتها لأينشتاين- تأكيدا على الأهمية الفائقة للنحل وضرورة حمايته، من أجل صحة كوكبنا والأجيال القادمة، إذ لا يوجد أي نوع على وجه الأرض، بما في ذلك البشر، بإمكانه القيام بوظيفته الخلاقة.
إعلان