مُقايضة الحليب بالعلف!
تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT
علي بن سالم كفيتان
لا أدرى لماذا تواجه معظم المبادرات المتعلقة بمربي الماشية في جبال ظفار تحديات جمَّة؛ فالحكومة ممثلة في وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ومكتب محافظ ظفار قدَّما العديد من الحلول للحفاظ على المراعي والغابات وتخفيض الحمولة الرعوية وتشجيع زراعة المحاصيل الاقتصادية، لرفع مستوى الرفاه الاجتماعي لهذه الشريحة المُهمة من المجتمع منذ ثمانينات القرن الماضي، لكن جميعها تتلاشى في وقت قياسي، رغم انعكاساتها البيئية والاجتماعية البارزة.
من هنا نُجدِّدُ التساؤل ونطرح الموضوع اليوم بوجود إرادة قوية من المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم- أيده الله- ورعاية كريمة من صاحب السمو السيد محافظ ظفار وإصرار من هيئة البيئة على إحداث تغيير جوهري في الحفاظ على النظم البيئية في جبال ظفار.. فأين يكمن الخلل؟
لا شك أن السلع والمنتجات الحيوانية تعتبر مجالًا خصبًا للاستثمار في ظل وجود آلاف المربيين يمتلكون ثروة حيوانية متنوعة بين الأبقار والإبل والاغنام؛ حيث تساهم طبيعة ظفار الخصبة ومراعيها الممتدة منذ الأزل في دعم بقاء واستمرار مهنة تربية الماشية وتمسك الناس بها، رغم الزيادة المضطردة للماشية وتراجع الموارد الغابَوِيَّة وزيادة الحمولة الرعوية. والمتابع يرى أن صناعة الأعلاف راجت في هذه الظروف المثالية وارتفعت أسعارها بشكل جنوني، ووفَّر بعض المستثمرين في هذا القطاع منتجات مصاحبة كالحليب والعصائر والمشتقات الأخرى، مرتكزين على استيراد الماشية من الخارج ولسنوات طويلة، مما أدخل المُربِّي في معادلات صعبة من أجل الإبقاء عليه كمستهلك دائم، إلى أن أتت توجيهات المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- بإنشاء مجموعة شركات حكومية تخدم هذا القطاع، ومنها شركتي المروج للألبان والبشائر للحوم، وكلتا الشركتين حظيتا بدعم سخي من الحكومة، لكنهما الى اليوم لم تحققا الهدف المنشود من إنشائهما. وهنا نتساءل: لماذا؟
يُمكننا القول إن شركة المروج للألبان ورغم الحذر والشك في النجاح الذي صاحب تجربتها منذ أن تم تحديد سنتين كفترة تجريبية صاحبها بناء مراكز استقبال محدودة، لا تفي بالطلب المتوقع، وتحديد سعر منخفض للِتر الحليب من المُربِّيين، إلّا أن ملاك الماشية أصروا على إنجاح المرحلة، فتوفرت الكميات التي تستوعبها المراكز الثلاثة، وفاض الإنتاج وتوقفت الشركة منذ العام الثاني عن استقبال المربيين، ومع هذا الزخم غير المتوقع، تراجعت الشركة عن التزاماتها بتوفير المقابل المادي بشكل شهري للمستفيدين، ووصلت المتأخرات الى قرابة السنة والبعض اكثر، وأمام هذه المعضلة الاستراتيجية تم فتح سوق المملكة العربية السعودية لحليب الإبل وشركة مزون لحليب الأبقار؛ فتنفس الناس الصعداء، وعادت الروح للمشروع مجددًا، بوجود قيادة جديدة استطاعت التفكير خارج الصندوق، لكن على ما يبدو أن هناك من يقف خلف هذا التقدم الذي انعكس إيجابًا على حياة هؤلاء الناس البسطاء، فقد تحسَّنت معيشتهم بوجود دخل بديل، واستقرت أسرهم، وزادت نسب التعليم في أوساطهم، وبدأت تظهر عليهم علامات الرفاة المنشود منذ 50 عامًا، فقد تغيَّرت سلوكياتهم في إدارة القطعان، وخاصة الإبل، من حيث رعايتها بشكل مُكثَّف داخل الحظائر والتخلص من الأعداد الزائدة للحصول على أكبر كمية من الإنتاج، إلّا أن الأمور عادت الى منعطف آخر هذا العام، فقد تعذر على الشركة منح المُربِّيين مبالغ مالية، فتعاقدت مع شركة أعلاف لمقايضة الحليب بالعلف، وهنا يتجدد التساؤل: لماذا هذا التعثر؟!
بصفتي مُهتمًا بالشأن البيئي ورصد التغيرات التي حصلت خلال آخر ثلاث أعوام، يُمكن الإشارة إلى أن حوالي 30- 40% من قطعان الإبل لم تعد ترعى في الجبال، وهذا التخفيض شكّل علامة فارقة في نجاح المشروع، كما إن الرعاة لم يعودوا يفضلون المكوث في المراعي لفترات طويلة، بسبب الدعم المالي الذي حصلوا عليه من دخل الحليب، وبدأ فكرهم يتحول تدريجيًا من الاستهلاك الى الاستثمار، وهذا هو جوهر الفكرة من إنشاء الشركة وهدفها ورسالتها. ولقد لوحظ في المقابل، تعافي النظم البيئية في الجبال خلال آخر 3 سنوات؛ مما يعني أن المشروع شكّل استدامة للموارد الطبيعية في ظفار وخلق دخلًا اضافيًا لشريحة مُهمة في المجتمع.
من هنا.. ندعو صاحب السمو السيد محافظ ظفار، ومعالي الدكتور وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، ومعالي رئيس جهاز الاستثمار العُماني، للعض بالنواجذ على هذا المشروع الرائد، وإعادة البوصلة إلى اتجاهها الصحيح، عبر التوسع في مراكز استقبال المُربِّين، ومنح الثقة والاستدامة والدعم الكافي للشركة، وتسليم المُربِّيين مستحقاتهم المالية شهريًا، ووقف مبدأ المقايضة الذي تجاوزته البشرية منذ زمن طويل.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ظفار يلاقي سمائل لتعزيز حظوظه في العودة لدوري عمانتل
يحل ظفار غداً ضيفا على سمائل في الساعة 10 مساء بالمجمع الرياضي بنزوى في المباراة المؤجلة من الأسبوع الثالث من المرحلة النهائية لدوري الدرجة الأولى لكرة القدم في مواجهة صعبة على الطرفين خاصة وأن ظفار أصبح يتقدم بثبات نحو العودة إلى دوري عمانتل في الموسم المقبل بعدما اعتلى قمة الترتيب العام برصيد 11 نقطة من خلال الفوز الأخير على بوشر بهدف مهاجمه محمد الحبسي الذي جاء في الدقيقة 66 من الشوط الثاني ليتراجع بوشر للمركز الخامس برصيد 6 نقاط، ومع ذلك لا يزال مسقط يلاحقه بنفس الرصيد فهو يتأخر بفارق الأهداف بعد فوزه أيضا على الاتحاد ٤ / ١ ليبقى الاتحاد بالمركز الأخير، وانتهى لقاء سمائل مع السلام بالتعادل الإيجابي 1/1 ليبقى سمائل الثالث برصيد 9 نقاط والسلام الرابع برصيد 8 نقاط.
ومن المؤكد أن المواجهة المرتقبة ما بين سمائل وظفار ستكون مثيرة، نظرا لجاهزية الفريقين لهذا اللقاء وكل فريق يطمح في تحقيق الفوز وكسب 3 نقاط مهمة في مسيرة مشوار المنافسة للعودة إلى دوري عمانتل.
وسيكون ظفار ضيفا ثقيلا على سمائل لأن مهمة الفريق أصبحت مواصلة سكة الانتصارات وعدم فقدان أي نقطة ليعزز مكانه في الصدارة ويحافظ عليها حتى نهاية الدوري، وهذا ما يؤكد عليه مدربه مصبح هاشل الذي استطاع أن يعيد الثقة في نفوس اللاعبين بعد فوزهم بكأس السوبر على السيب وبعدها تحسن أداء الفريق بشكل أفضل نظرا لما يملكه من أسماء جيدة لها خبرتها الميدانية من خلال وجود الظهيرين علي سالم ونايف فرج وفي وسط الملعب سلطان المرزوق وعبدالله المغني والمحترف المحترف أوليسما سيريل، وقوة هجومية في المقدمة بوجود محمد الحبسي وشقيقه حمد الحبسي والأردني عدي القرا الذين ظهروا بشكل ملفت في المباريات الماضية، ولذلك تبقى الطموحات كبيرة في العودة إلى محافظة ظفار بالثلاث نقاط والوصول إلى النقطة ١٤.
أما مدرب سمائل عيسى الغافري فمن المتوقع أن لا يكون فريقه صيدا سهلا في هذه المواجهة، حيث أعد العدة ووضع الخطط المحكمة التي تمكن الفريق من تأكيد أحقيته بالنقاط الثلاث على أرضه وبين جماهيره وهو أيضا يسعى إلى تعويض النقاط التي فقدها في المباريات الماضية لأن نقاط المباراة لا يمكن أن تقبل القسمة على اثنين مع احتدام المنافسة على الصعود وتقارب مستويات الفرق المتنافسة وأي عثرة يمكن أن تؤثر على الفريق بشكل سلبي وتصعب من مهمته في المباريات المتبقية.
وفي ضوء ذلك، فإنه من المتوقع أن يعتمد بشكل كبير على الصلابة الدفاعية ومراقبة مفاتيح اللعب وخطورة المهاجمين في الفريق الضيف مع إعطاء مهاجمي الفريق التعليمات في كيفية استغلال الأخطاء و الثغرات الدفاعية في صفوف فريق ظفار، ومن المؤكد أنه سيعتمد على تحركات إبراهيم الحراصي وأحمد الفارسي ومهند الهشامي ورضوان السيابي وسعيد الجابري ويقظة المدافع بلال الجابري ورفاقه.