عربي21:
2025-03-10@18:31:11 GMT

مصر: السُلطوية ونفي المواطنة عن الجسد السياسي (1)

تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT

في المقالات القادمة (4 مقالات)، سنرى كيف استخدمت الدولة المصرية، تاريخيا وإلى الآن، التقنيات الحداثية في إيجاد ونفي أجساد وأسماء المصريين من أجل بقائها وهيمنتها.

قررت محكمة جنايات القاهرة، يوم 24 تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2024، رفع أسماء مئات الأشخاص من قوائم "الكيانات الإرهابية"، في إطار توجيهات رئاسية بمراجعة موقف المدرجين على هذه القوائم تنفيذا لطلبات الحوار الوطني.

وفق بيان للنيابة العامة المصرية، شمل القرار نحو 716 شخصا من المدرجين على قوائم الإرهاب من أصل 4408 اسما آخر موضوعا على القائمة حتى آب/ أغسطس من عام 2024.

وضعُ أي اسم مواطن مصري على قوائم الإرهاب، يعني تجميد أمواله، ما يعني حظر التصرف فيها، كما يُمنع من السفر ويُترقب عند الوصول، بالإضافة إلى سحبِ جواز سفره أو إلغائه أو يُمْنَع من تجديده، سواء كان مقيما في الداخل أو في الخارج، كما يفقد صفة "حسن السيرة والسلوك" اللازمة لتولي المناصب العامة والنيابية، فضلا عن فقدانه كلّ معاملاته الخاصة به مع الدولة كونه مواطنا مصريا، أي تُسحب منه صفة المواطنة. وهذا ما يعني أنه في يد السُلطوية السياسية في مصر، بعد تطويعها للمنظومة القضائية وتشريعها للمادة رقم 1 من قانون رقم 8 لسنة 2015، في ظل حكم الطوارئ والاستثناء في عهد السيسي، نفي سمةِ المواطنة عن أي مصري تعتبره معارضا لها.

ضعُ أي اسم مواطن مصري على قوائم الإرهاب، يعني تجميد أمواله، ما يعني حظر التصرف فيها، كما يُمنع من السفر ويُترقب عند الوصول، بالإضافة إلى سحبِ جواز سفره أو إلغائه أو يُمْنَع من تجديده، سواء كان مقيما في الداخل أو في الخارج، كما يفقد صفة "حسن السيرة والسلوك" اللازمة لتولي المناصب العامة والنيابية، فضلا عن فقدانه كلّ معاملاته الخاصة به مع الدولة كونه مواطنا مصريا، أي تُسحب منه صفة المواطنة
المواطنة، هذا المفهوم القديم وحتى وقتنا الحالي؛ تطوَّر ضمنَ دلالات وتعريفات عدّة، دلَّت بعضها، ولا سيما الحديثة أي بعد الثورة الفرنسية عام 1789 وأحداث أُخرى، على التعايش المشترك بين الأفراد والجماعات، بما يضمن للجميع الحقوق والحريات، تحت سقف الدولة الواحدة. لكن علاقة هذه الدولة بالجماعات هي علاقة قديمة جدا، حددتها أعراف وقوانين ونظريات متباينة ومتداخلة في ما يعرف بعصر التنوير، تحديدا القرنين السابع والثامن عشر، إذ ساهم مفكرون في صياغة وتطوير نظرية العقد الاجتماعي، أبرزهم توماس هوبز وجون لوك وجان جاك روسو، وخلص الثلاثة إلى أن العقد الاجتماعي بين الدول والجماعات هو ضروري لحفظ الأمن والحريات والحقوق للثانية، بما أن الأولى هي الضامنة لعدم تعدّي أي من فئات الثانية على الآخر، وهذا فيما يخص الدين والاقتصاد والسياسة والحقوق وغير ذلك. من هنا، ومع التطورات الذي لحقتْ بالدول الغربية مثل الثورات الصناعية والانفصالات وترسيمات الحدود، نشأت الدساتير، كعقد اجتماعي، يوثِّق ويحفظ العلاقة بين الدولة والجماعات.

أما في مصر، منذ تاريخها القديم، كانت الإمبراطوريات هي التي تحكم الشعب دون أي عقد اجتماعي مَنصوص ومُتفق عليه بين الطرفين، وتتداول الإمبراطوريات المنتصرة في المعارك حكمها لمصر، وصولا إلى الحكم العثماني الذي جاء بمحمد علي حاكما لمصر أوائل القرن التاسع عشر، فيما اعتبره المؤرخون بداية تاريخ الدولة المصرية الحديثة، لما أحدثه من تقدم "حداثي" في مجالات مختلفة، من حيث العمران والطب والتعليم والصحة، والأهم الجيش، إذ كان بناء الجيش المصري، هو نواة قيام الدولة الحديثة، تحديدا فيما يخص قطاعات الصحة والتعليم.

خلال سنوات حكم محمد علي (1805-1849)، تأسست تقنيات المواطنة بشكلها الرسمي، لا الفعلي، إذ بدأت الدولة المصرية في إحصاء السكان، وتسجيلهم، لا من أجل معرفة بنيويَّة الجماعات المصرية، من حيث اختلافها واحتياجاتها وخصوصيّاتها ومشاركتها في صياغة عقد اجتماعي جديد للدولة، يحفظ بدوره الحقوق والحريات لهذه الجماعات، كما كان يحدث بنسبٍ مختلفة في دول أُخرى.. بل كان التسجيل والإحصاء يهدف إلى توسّع محمد علي في مشروعه، وبنائه على أسس معرفية تحوي تعداد السكان وأعمارهم، وغير ذلك. إذ بدأت السُلطوية الباشويَّة في تجنيد الفلاحين المصريين، لبناء جيشه الحديث (1821)، نواة دولته التي يحلم بتوسّعها وهيمنتها في الجوار. لذا، كانت أهمية إحصاء السكان تكمُن في السيطرة والرقابة على الفلاحين الذين سلكوا كل الطرق والوسائل هربا من التجنيد الإجباري.

في عام 1845، أقرَّت الجمعية العمومية بوزارة المالية المصرية، البدء في تعداد سكان القُطر المصري، فيما عرف بـ"تعداد النفوس". وقد تولى وقام بهذه المهمة مشايخ وعُمَد البلدات والقرى والأحياء، وغيرهم ممَّن وكّلتهم الدولة، وزارة الداخلية تحديدا، بحصر الأعداد. في عام 1848، جُمعتْ تلك القوائم بإجمالي عدد سكان القُطر المصري، وكان قرابة 4 ملايين ونصف نسمة. ومع مجيء الاحتلال البريطاني لمصر عام 1982، بدأ إنشاء السجلات المدنية للدولة الحديثة في مصر، بهدف إحصاء سكاني لمصر أكثر دقة وحوكمة، يساعد الدولة أكثر في المعرفة والضبط والسيطرة على من تحكمهم.

حتى وقتنا الحالي، وفي ظل تحديث تقنيات إحصاء السكان، وبالتوازي، تطورت أهداف هذا الإحصاء، وأصبح تسجيل أي اسم، كإنسان مصري، ليس بهدف وجوده كمواطن ضمن عقد اجتماعي يحفظ حقوقه، بل كجسد ملك لهذه الدولة، تتعامل معه وفقا لأهدافها، تستخدمه وتسخّره وتراقبه وتسجنه وتستبعدَه، وحتى تُحييه أو تقتله، وغير ذلك من تمثلات متباينة لممارسات الدولة المصرية، عبر أنظمتها المختلفة، الملكية والجمهورية، مع مفهوم المواطنة للمصريين، فكيف حدث هذا، لا سيما في عهد السيسي؟ هذا ما سنراه في المقال القادم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصرية السكان السيطرة مصر احصاء سكان سيطرة مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدولة المصریة

إقرأ أيضاً:

شريف الصياد: الصادرات المصرية طوق النجاة للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية

لأول مرة وصول الصادرات المصرية إلى 40 مليار دولار.. وتستهدف الدولة في 2030 الوصول بالصادرات إلى 145 مليار دولار

رئيس المجلس التصديري: الصادرات المصرية هي طوق النجاة للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية

خبراء الاقتصاد: على الدولة توجيه الاستثمارات الأجنبية لأن الصادرات أحد أهم موارد الدخل القومي

أعلنت وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية أن الصادرات المصرية، بلغت عام 2024 ولأول مرة 40 مليار دولار، وتستهدف الدولة الوصول بالصادرات إلى 145 مليار دولار حتى عام 2030.

وأوضح المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية أن البرنامج الجديد لرد أعباء الصادرات، يستهدف دعم الصناعة الوطنية، وزيادة الصادرات المصرية لمختلف الأسواق العالمية.

ووجه وزير الاستثمار مختلف المجالس التصديرية بحصر الطاقات الإنتاجية غير المستغلة بكل قطاع صناعي على حد وذلك للاستفادة منها، وتحديد الاستثمارات المطلوبة بمختلف القطاعات بما يسهم في تحقيق مستهدفات الدولة الخاصة بزيادة معدلات التصدير، وجاري العمل مع الوزارات والجهات المعنية لتنفيذ المزيد من الإصلاحات الهادفة لتقليل الأعباء على المستثمرين، لزيادة تواجد الصادرات المصرية بالسوق الأفريقي.

وأكد المهندس حسن الخطيب أنه سيتم دراسة وضع الصناعة على المستوى العالمي للعمل على زيادة تنافسية الصناعة المصرية، مضيفاً أن المرحلة الحالية تتيح فرص متميزة، لجذب المزيد من الاستثمارات العالمية للسوق المصري، في ظل التوجهات العالمية الحالية المتعلقة بنقل الصناعات إلى المقاصد الاستثمارية التي تتمتع بمميزات تنافسية، خاصة وأن السوق المصري يتمتع بمقومات استثمارية كبيرة تشمل توافر العمالة المؤهلة وتنافسية الأجور، والموقع الجغرافي المتميز، إلى جانب الانخفاض النسبي لأسعار الطاقة.

وفي ذلك الإطار تواصلت «الأسبوع» مع المجالس التصديرية وخبراء الاقتصاد لتوضيح خطة الدولة ورؤيتها بوصول الصادرات المصرية إلى 145 مليار دولار في عام 2030.

وكشف المهندس شريف الصياد، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية أنه تم الوصول بالصادرات في القطاع الهندسي إلى 5.5 مليار دولار، وهذه طفرة وهناك زيادة بنسبة 22% عن حجم الصادرات في 2023، ومن أسباب زيادة الصادرات في الصناعات الهندسية، هي زيادة الوعي لدى المصنعين المصريين بأهمية الصادرات وإنه طوق النجاة للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية، وتوفير العملة الأجنبية، التي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد عند عدم توافرها في عام 2022 و2023، والسبب الثاني هو جذب الكثير من الاستثمارات الأجنبية في عام 2024، التي بدأت عملها في نهاية العام، ودخول هذه الاستثمارات، كان له تأثير إيجابي في رفع الصادرات المصرية، وظهرت نتائجه في النصف الثاني من 2024، وهذا تسبب في زيادة الصادرات ووصولها ل 40 مليار دولار.

وقال رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية: نتوقع أن في 2025 يكون هناك زيادة في الصادرات الهندسية، ونصل ل 6 مليار دولار، ويكون هناك استمرارية في حجم الصادرات المصرية ككل بسبب وجود الكثير من الشركات الأجنبية المستثمرة.

وأضاف، أن بالنسبة ل رؤية الدولة 2030 بوصول الصادرات المصرية ل 145 مليار دولار، هذه أرقام بعيدة إلى حد ما، لأن الزيادات السنوية لحجم الصادرات حوالي 15%، ولذلك حتى نصل إلى 145 مليار دولار، نرغب في ضرب 15% في 3.5 أضعاف في خلال 5 سنوات، وهذا رقم كبير، ولكن لو نظرنا أن الصادرات المصرية أولوية للدولة وزيادة الاستثمارات الأجنبية بغرض التصدير، من الممكن أن يساهم في الوصول إلى هذا الرقم.

وتابع: نسبة المساندة في برنامج رد أعباء الصادرات، انخفضت من 10% لـ 3%، وذلك تسبب في تأثير سلبي على الشركات المصنعة للتصدير، ولكن نأمل أن يتم الإعداد مع وزارة الاستثمار لبرنامج جديد في عام 2025، لكي يرضي المصدرين ويؤدي إلى زيادة الصادرات.

ومن جانبه أشار دكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد، وخبير الاستثمار إلى أنه لنصل بالصادرات المصرية لـ 145 مليار دولار في 2030، لابد من أن تعطي الدولة دعم أكبر للصادرات، من خلال التركيز على الصناعات التي يوجد بها ميزة نسبية في وفرة المواد الخام أو أيدي عاملة ماهرة في الصناعة، وذلك في ظل تشجيع الدولة في زيادة حجم الصادرات، وإحلال المنتج المصري بدلا من المنتج المستورد، والخروج بالمنتج المصري إلى الأسواق الخارجية، وينافس من حيث الجودة والسعر.

وأكد أستاذ الاقتصاد أن مصر لديها صناعات كثيرة بها ميزة تنافسية مثل صناعة الدواء، الغزل والنسيج، الأسمنت، الاثاث، الملابس الجاهزة، والكثير من الصناعات، ولدينا محاصيل زراعية لها قبول في الأسواق العالمية، وبالتالي لكي ننهض بالصناعة وقطاع التصدير، ونجعل أرقام الصادرات المصرية في زيادة مستمرة، لابد من فتح المصانع المغلقة بسبب مشاكل ضريبية أو مع البنوك، لكي نستفيد من هذه المصانع، نحل المنتج المصري بدلا من الأجنبي.

وأضاف، أنه يجب توفير فاتورة الواردات، وتوفير العملة الصعبة، ويجب توافر التدريب المهني، لكي يكون المنتج بجودة عالية حتى يتم تصديره، وتوجيه الدولة ل الاستثمارات الأجنبية، ونضع خريطة الاستثمار بشكل واضح في الكثير من القطاعات، لأن الصادرات، تعتبر أحد أهم موارد الدخل القومي.

وأوضح خبير الاستثمار أن الدولة، وصلت بالصادرات المصرية لـ 40 مليار دولار من خلال التركيز على توجيه تخصيص في الموازنة العامة للدولة، والاهتمام بالبنية التحتية للصناعة، تشجيع المستثمرين عن طريق منحهم الأراضي بأسعار بسيطة في المدن الصناعية، ووجود تيسيرات في السداد، وتسبب ذلك في زيادة الصادرات المصرية.

اقرأ أيضاًمجلس الشيوخ يستعرض دراسة بشأن دعم الصادرات المصرية

بهدف تعزيز الصادرات المصرية.. مشاركة 150 شركة متخصصة في الصناعات الغذائية في «SIAL»

«الإحصاء»: ارتفاع قيمة الصادرات المصرية إلى السعودية بنسبة 29.4% خلال الأشهر الأولى من 2024

مقالات مشابهة

  • قيادي بمستقبل وطن: الدولة المصرية تمضي نحو البناء والتنمية والتعمير
  • رسّام الحياة الحديثة .. الحداثة والعبقرية كما يعرّفهما بودلير
  • شريف الصياد: الصادرات المصرية طوق النجاة للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية
  • ما هو حكم لصقة النيكوتين أثناء الصيام؟
  • تكريم نماذج مشرفة في احتفالية يوم المرأة المصرية بحضور السيدة انتصار السيسي
  • رئيس جامعة كفر الشيخ: المرأة المصرية نموذج للكفاح والنجاح
  • العلمانية في السودان- بين الواقع والطموح السياسي
  • تزامنًا مع يومها العالمي.. أبرز مكتسبات المرأة المصرية في عهد السيسي
  • لا تتخلى عن أبنائها.. إشادة حزبية بجهود الدولة المصرية في تأمين عودة مختطفي السودان