العلاقات بعد الخمسين.. جوهر لا عدد
تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT
سلطان بن ناصر القاسمي
منذ نعومة أظفاره، يبدأ الإنسان في تكوين علاقاته الأولى؛ حيث تكون أسرته هي الدائرة الأقرب التي تمنحه أولى دروس التواصل والمودة، ثم تتوسع هذه الدائرة شيئًا فشيئًا، فيتعرف على الجيران، ثم رفاق الطفولة، ثم زملاء الدراسة، حتى تتشعب علاقاته في مختلف مراحل حياته، وصولًا إلى زملاء العمل وأصدقاء العمر الذين يصنع معهم ذكرياته.
ومع مرور الوقت، تتغير طبيعة هذه العلاقات، فبعضها يترسخ ويستمر، بينما يختفي البعض الآخر كما لو لم يكن موجودًا. ومع ذلك، لا يدرك الإنسان حقيقة العلاقات الأكثر أهمية إلا بعد أن يتجاوز سن الخمسين؛ حيث يكتشف أن ما تبقى منها ليس بالعدد الكبير، ولكنه الأكثر صدقًا وتأثيرًا في حياته.
تمر السنوات، وينضج الإنسان من خلال التجارب التي يعيشها، فيتعلم أن العلاقات ليست مجرد أعداد تُحصى؛ بل هي أرواح تتلاقى وتؤثر في بعضها البعض، فبعضها يمنحه القوة، بينما بعضها الآخر يسرق منه طاقته، في حين يبقى البعض كمرآة تعكس أجمل ما فيه. وعند تجاوز الخمسين، يُدرك أنَّ ما تبقى له من علاقاته الماضية لا يتجاوز 10% مما كان يُحيط به في شبابه، ولكنه رغم ذلك لا يشعر بالخسارة؛ بل على العكس، يرى في هذه النسبة الصغيرة كنزًا ثمينًا يستحق أن يُحافظ عليه، فهو لم يعُد بحاجة لعلاقات كثيرة تُثقل كاهله بمتطلباتها، وإنما يكفيه بضع قلوب صادقة تُشعره بأن وجوده مهم، بحيث إنه إن غاب، سُئل عنه، وإن حضر، وجد من يرحب به بمحبة خالصة.
وفي هذه المرحلة العمرية، تتشكل العلاقات وفق معايير أكثر دقة ونضجًا، فالرجل في الخمسين لا يعود بحاجة إلى المجاملات الزائفة أو التواجد في دوائر اجتماعية لا تضيف إليه؛ بل على العكس، يبحث عن روابط تحمل معنى حقيقيًا. قد يجد نفسه أكثر تعلقًا بجيرانه الذين يلقاهم في المسجد، أو بأصدقاء يجلس معهم ليروي لهم ذكرياته، أو بأشخاص يتشاركون معه اهتمامات هادئة تتناسب مع هذه المرحلة العمرية. فهنا، لا يكون الغرض من العلاقة مجرد قضاء الوقت؛ بل إنه يتعلق بإيجاد من يشاركه لحظات الحياة ببساطة وصدق.
وبمرور الأيام، يصبح السؤال عن الغائب عادة محببة في هذه المرحلة، فلا تمر أيام دون أن يتساءل رجل الخمسين عن أحد معارفه: "أين فلان؟ لم نره اليوم؟ عسى أن يكون بخير". هذا السؤال البسيط يحمل في طياته عمقًا إنسانيًا، ويعكس مدى أهمية العلاقات التي تبقى بعد هذه السن؛ إذ إنها ليست علاقات قائمة على المصالح؛ بل إنها مبنية على الألفة الحقيقية. وبذلك، تمنح هذه الروابط الإنسان شعورًا بالاطمئنان، وتذكّره بأنه ليس وحيدًا؛ بل هناك دائمًا من يفكر فيه، حتى لو لم يكن قريبًا منه.
وهنا تتجلى أهمية العلاقات في سن الخمسين؛ حيث تصبح أكثر واقعية في أسلوب التعامل مع الآخرين، وأكثر نقاءً وصدقًا. ومع ذلك، وكما لكل قاعدة استثناء، هناك قلة ممن تمتد معهم مرحلة ما قبل الخمسين إلى ما بعدها دون أن يواكبوا هذا النضج، فتجد الفراغ يملأ وقتهم وعقولهم، مما يدفعهم إلى التدخل في أحاديث الآخرين بشكل سلبي، أو الانشغال بانتقاد هذا وذاك، وكأنهم لم يدركوا بعد قيمة الهدوء وراحة البال. هؤلاء، رغم قلتهم، يعيشون في دائرة من التذمر المستمر، مما يجعل تعاملهم مع من حولهم مشوبًا بالسلبية. ونصيحتي لمثل هؤلاء أن يعيدوا اكتشاف متعة الحياة ببساطة وهدوء، وأن يبدأوا من أقرب دوائرهم، عبر تعزيز علاقتهم بأفراد أسرهم وعائلاتهم، والتواصل الدائم مع جيرانهم وجماعة المسجد الذين يتشاركون معهم لحظات يومية ذات معنى. فهؤلاء هم وحدهم من سيشعر بغياب الرجل الخمسيني إذا اختفى لفترة، وهم من سيتساءلون عنه بصدق: "أين فلان؟ لم نره اليوم؟" وهذا السؤال البسيط هو الركن الأساسي الذي تقوم عليه العلاقات الحقيقية في هذه المرحلة من العمر.
وعلى النقيض من ذلك، نجد أن بعض الأشخاص قد لا يحسنون الاستفادة من هذه المرحلة، إذ إنهم ينغمسون في العزلة أو يمارسون النقد المستمر لكل من حولهم، وكأنهم فقدوا القدرة على الاستمتاع بالحياة. هؤلاء، رغم ندرتهم، يشعرون بفراغ قاتل، فيبحثون عن أي شيء لملئه، حتى لو كان ذلك عن طريق انتقاد الآخرين أو التدخل في شؤونهم بلا داعٍ. وهنا يكون الفرق واضحًا بين من يختار أن يعيش سنواته المقبلة بروح هادئة ومستقرة، وبين من يسمح للماضي بأن يسرق منه لحظات حاضره.
والأجمل في هذه المرحلة العمرية أنها تمنح الإنسان فرصة ذهبية لمراجعة علاقاته، فيتخلص مما كان عبئًا عليه، ويُبقي فقط على ما يمنحه السكينة. ولهذا السبب، لا يعود هناك مجال للعلاقات المتكلفة أو التي تستهلك طاقته دون مقابل. وبما أن التجارب تتراكم مع مرور السنوات، يصبح أكثر حكمة في التعامل مع الناس، وأكثر إدراكًا لقيمة الصداقات الحقيقية. وبالتالي، تظهر أهمية أن يكون الإنسان صانعًا لعلاقاته، لا مجرد مستقبل لها، فمن يتحلى بالاحترام وحسن الخلق، يجد حوله من يبادله المشاعر ذاتها، ومن يحترم خصوصيات الآخرين، يحظى بعلاقات قائمة على الثقة والاحترام.
وقد أشار الكاتب البريطاني جرانت فيلر إلى أن الرجل في سن الخمسين يكتسب قدرة كبيرة على إدارة مشاعره بطريقة أكثر وعيًا، فهو من ناحية لم يعد ذلك الشاب الذي يندفع في ردود أفعاله، ومن ناحية أخرى أصبح أكثر ميلًا للهدوء والتروي قبل إصدار الأحكام. كما أن اهتماماته تتغير؛ إذ يميل إلى البحث عن الراحة والاستمتاع بأمور لم يكن يجد لها وقتًا في شبابه، فيصبح أكثر قربًا من ذاته، وأكثر انتقائية فيما يخص الأشخاص الذين يسمح لهم بالبقاء في حياته. وبناءً على ذلك، تجعل هذه التغيرات علاقاته أكثر واقعية وأقل توترًا، لأنه لم يعد بحاجة للإثبات أو التنافس، وإنما أصبح الجوهر هو ما يحكم اختياراته.
ولكن رغم كل هذا، تبقى هناك تحديات تواجهه، فأحيانًا يجد نفسه أمام أشخاص لم يتغيروا، ما زالوا غارقين في المشاحنات الصغيرة، أو يسعون لإقحامه في أحاديث لا جدوى منها. وعند هذه النقطة، يظهر الفرق بين من يستطيع أن يضع حدودًا واضحة لعلاقاته، وبين من ينجرف مع التيار بلا وعي. الرجل الناضج في هذه المرحلة يعرف متى يصمت، ومتى يتحدث، ومتى ينسحب، وذلك لأنه يدرك أن راحته النفسية ليست قابلة للمساومة.
لهذا السبب، فإن أفضل ما يمكن لرجل الخمسين أن يفعله هو أن يعيد تعريف علاقاته وفق ما يناسبه، لا وفق ما يتوقعه الآخرون منه. يبدأ أولًا بتحسين علاقته بأسرته، لأن العائلة هي الدائرة الأولى التي تظل ثابتة مهما تغيرت الظروف. وبعد ذلك، يحرص على التواصل مع جيرانه، لأنهم أقرب الناس إليه في يومياته. وكذلك يُولي اهتمامًا بجماعة المسجد التي تجمعه بهم لحظات روحانية صادقة. فهذه الدوائر الصغيرة هي التي تشكل دعائم حياته في هذه المرحلة، وهي التي تضمن له أنه لن يكون يومًا مجرد اسم يُنسى إذا غاب.
وفي الختام.. إنَّ العلاقات الذهبية بعد الخمسين ليست مجرد صداقات تُعد على الأصابع؛ بل هي قبل كل شيء تلك الروابط التي تترك أثرًا في القلب، وتمنح الحياة معنًى أعمق. لذلك، من ينجح في اختيار من يبقى معه في هذه المرحلة، يعيش بهدوء وسلام، أما من يظل يبحث عن علاقات سطحية لا تضيف إليه، فقد يفوّت عليه فرصة الاستمتاع بأجمل سنوات عمره. والدرس الأهم هنا أن العِبرة ليست بعدد من حولك؛ بل بمن يستطيع أن يظل معك حتى النهاية، يتذكرك بحب، ويسأل عنك بصدق، ويشعر بغيابك وكأن جزءًا منه قد اختفى.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لكم سخافتكم ولنا ثقافتنا
سؤال أساسي يغلب فـي حالِ التقلُّب التي نحياها اليوم، وفـي لهيب التحوّلات المعرفـيّة والاقتصادية والإقليميّة، وفـي وَهج إعادة توزيع عناصر الكون، سؤال دومًا يُطرَحُ كلّما عصفت بالواقع متغيّراتٌ تهزّ ثوابته، وهو البحث عن المثقّف، أين هو المثقَّف الذي يُفتَرَضُ أنّه ضمير الأمم وبصيرتها، وأنّه المُبشِّرُ والنذير؟ هل يعيش داخل الصّراع التاريخيّ؟ أو هو يُقيم أنانيَّةً يحيا بها، ويقتاتُ من فتات النرجسيّة والتعالي على سخافة الشّعوب؟ لقد أظْهرَ التاريخُ أنّ كلَّ مُثَقَّف ينسحبُ من متغيَّرات تلحق العالم، ويدسُّ رأسه فـي التراب، ينتهي إلى الإهمال وعدم الذكر، المثقَّف هو مواقف ورؤيةٌ، ولا يُمكن أن يُعزَل عمَّا يدور حوله. ولقد انبنت فلسفاتٌ ونقود هامَّة على بيان دور المثقّف وعلى بيان ماهيته ووظيفته وأدواره، غير أنّنا نرى فـي هذا الزَّمن الذي لا نُدرِكُ له جوْهَرًا ولا وجْهًا انحسَارًا لإيمان العامَّة والخاصّة برأي المثقَّف، نظرًا إلى تراكمٍ همَّش من أدائه، وسفَّه من آرائه، وحطَّ من منزلته. المثقَّف اليوم ليس قُدوةً، وليس ممثِّلاً لسبيل يرومه النَّاس ويقتدي به الشّبابُ والشِّيبُ. أصبح المُثَقَّف صُورةً من الفقْرِ وعدم المزامنة والخروج عن حركيَّة التّاريخ.
أصبح المعلِّم صورة عن الأمل الذي يجب تفاديه، أصبح كابوسًا، يبتعد عنه الحالمون حتّى فـي كوابيسهم. لا أعرف هل هذا جيِّدٌ أو هو داخلٌ فـي منطق التاريخ المتحوِّل، النّماذج القدوة اليوم، هي النماذج التي إن زارت عرضًا أو مَعرضًا أو مطعمًا تكدَّس عليها الخلْق، وإن قالت كلامًا شُوهِدت بالملايين، هي التجلِّي المنطقيِّ لما سمَّاه آلان دونو بنظام التفاهة، نظام التفاهة الذي لحق كلّ سبيلٍ فـي الكوْن، والعجيب الغريب أنّ أغلب النَّاس يُقرُّون بفساد هذا النّظام، ولكنّهم منخرطون فـيه سرًّا وعلانيّة.
مؤخَّرًا تساءلت صُحف عديدة عن دور الجامعيين فـي الغرب فـي ظلّ الاعتداءات الصَّارخة على الطلبة المُناصرين للقضيّة الفلسطينيّة، وأساتذَتُهم فـي صمتٍ مبينٍ، أو هم فـي ردودِ فعلٍ محتشمة، يُنادُون بعدم التعدّي على مكتسبات الحريّة والتعبير عن الرأي. لم يعد هنالك ثباتٌ فـي جحيم اختمار المتحوِّل العالمي، ولم تعد هنالكٌ قيمٌ متَّفَق عليها، وإنّما كلٌّ يدعو إلى مراعاة مصلحته، ومصلحة بلده التي يضعها فوق جثث الضعفاء.
ما يحدثُ اليوم فـي غزَّة مقرونًا بما فرضه ساخرا هازئا رأسُ الولايات المتَّحدة الأمريكيّة من ضرائب على بقيَّة الأقوام، هو التجلّي الفعلي لنظام الفَتْونة وهيمنة القويّ على الضّعيف، فما رأي المثقّف فـي أشلاء جثث الأطفال المبعثرة، وفـي احتراق العباد وهم أحياءُ، وفـي منع النّاس من مائهم فـي القرن الحادي والعشرين، يُمنَع النّاس من الماء والدواء، يُمنَع النّاسُ من الصُّراخ، ومن دفن موتاهم، يُمنَع النّاس من الموت دون دماء وسماء تُدَكُّ فوق رؤوسهم، أيّ تاريخ سيغفر لنا صمتنا وجبننا ودهشتنا؟ المثقَّف اليوم لا صوتَ له ولا حول له ولا بأس، هو العجز المُطلَق حتّى على الكتابة، لم نسمع أغنيةً مبكيةً، مزلزلة، ولا بيتًا من الشِّعر مُعبِّرًا عن هذا القتْل البائس اليائس لبغْلٍ هائجٍ يُباركه عتاةُ الكون، صمت الكلام، صمت الفنّ، خرس المثقّف، وإن نطق نطق كُفْرًا، أو نطق دون أذن صاخية، هو الفشل فـي نظامٍ كونيّ، متغيِّر كلَّ حينٍ، لا وجه فـيه للإنسانيَّة التي دافعنَا عنها مدى بقائنا، هو عالمٌ من سُلالة مصّاصي الدّماء ومجرمي رعاة البقر وقبائل أكَلة لحوم البشر، ودبيب عناكب سامّة، تلبيس براغيث همجيّة هائجة، يغيب المثقَّف عن هذا العالم، عن هذا النظام العالمي الذي تقدُّ الأدمغة فـيه والأهواء والأخلاق تقلُّبات عالمٍ افتراضيّ تكمن خلفه أدمغةٌ متوجّهة لقتْلِ البشر والبشريّة وإحياء «نظام التفاهة».
لا صوتَ يُسْمَع للفـيلسوف ولا للشّاعر ولا للمسرحيّ ولا للرسّام ولا للروائيّ ولا للجامعيّ ولا للعالم، وإنَّما هو ثُغاء البشر، وبقاءُ الزَّبد، ودوام رغوة الفقاع. ما يُؤلمنا فـي هذا العالم الجديد، ليس قتْل النّاس، يُذَبَّحون على هيكل سليمان، ولا أصوات العربيّات المسلمات النائحات عن معتصَم لم يُوجَد، ولا كوابيس الأطفال، وهم يمدّون الأيادي المكلومة، من بين أشلاء البشر المخلوطة بالإسمنت والحجارة وأجزاء الأسقف السّاقطة فوقهم، المضرَّجة بدماء العجز والمقت والهزيمة، ولا موت الشيخ على قارعة طريقٍ مهزوزٍ بقنابل أنْفقت عليها آلاف الأوراق النقديّة، لتمزِّق هدْأة الكوْن، وهو يستغيثُ شربةَ ماءٍ ولا يُغَاثُ، ولا بذاءة الإسرائيليّ الشّارب لدماء ثور يلحق به شبيهه فـي قريبٍ عاجل، ما يؤلمني حقًّا، أنّني أشهد نهاية الإنسانيَّة، وأنّي وجيلي، بذلْنا من العمر جميله فـي حلمٍ عشناه، أن تسود العدالة، أن يَغلِبَ الإنسانُ الحيوانَ، فإذا فـي الإنسانُ ما لا حيوان اجتباه ولا وحش أتاه، فـيه الرَّغبة فـي شُرب الدّماء دون علَّة أو سببٍ، وإذا ذلك فـي الإنسان مغروس مركوز، منذ أوَّل البشر، منذ قتَّل قابيل هابيل، وقد يصبح القاتل مقتولاً فـي الصياغة الإسرائيليّة للعلاقات العدائيَّة والحربيّة، وقد يتحوّل صاحب الدّار إلى نكرةٍ يجب أن يُطرَد. المُخيف فـي هذا العالم أنّ الفلسفة تخلّت عن نظريّة الإنسان الأسمى، أو الإنسان الأقوى، غير أنَّ أصحاب المال والنفوذ تلقّفوا الفكرة، وهاهم يُجسّدونها، ولا يعنيهم فـي الكون إلاّ الأقوياء، أمَّا الضِّعاف، فالعجْنُ أولى بهم، هل ما زلتم تتحدّثون عن نظرةٍ إباديَّة، نازيّة، عنصريّة، آريَّة لهتلر؟! خلاصَةُ هذا التكسُّر الذي يعيشه المثقَّف الكونيّ لا العربيّ (العربيّ أشدُّ وطْأةَ التّابع) فحسب، أنّ ثقافةً هزيلةً بديلة قد تطمس الثقافة التقليديّة، مسْرَحًا وقصصًا وموسيقى ووعْيًا بمشاغل الإنسان، إلى ثقافةٍ قائمة على عارضين افتراضيين فـي مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، هي القُدوة لأجيالٍ قادمة، الأجيال القادمة متذبذبة بين سطوتنا المُفقرة وترسانة القِيَم التي نُريد أن ننقلها إلى جيلٍ له ثقافته ووسائل حلمه، ورغوة الزَّبد التي تَعِد بالثروة والإجلال والتقدير. سيفٌ يخز صدري عندما أرى الفاعلات والفاعلين عبر مواقع التواصل يُحتَفى بهم فـي معارض الكتاب، ويقولون قولاً فـي العلم والفنّ، فأرجوكم، دعونا، ودعوا لنا مقابرنَا، وكتبنا، وهرِّجوا مع جيلكم عبر مواقعكم، فلكم سخافتكم ولنا ثقافتنا.
محمد زرّوق ناقد وأكاديمي تونسي