جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-10@17:35:22 GMT

زيارة جديدة للتاريخ

تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT

زيارة جديدة للتاريخ

 

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

نحتاج جميعًا بين زمن وآخر القيام بزيارة ولو خاطفة للتاريخ؛ فالتاريخ كما يُقال يعيد نفسه، على اعتبار أن الإنسان هو الإنسان والظروف هي الظروف، لهذا تصدق مقولة من يقرأ التاريخ يقرأ المُستقبل.

وبما أن أكثر الناس في زماننا لا يقرأون؛ حيث سادت ثقافة السمع كثيرًا بين أهل زماننا، بما تحمله من غثٍّ وسمين، ولكن تبقى المادة التاريخية من أركان التحليل وعلوم الاستراتيجيات واستشراف المستقبل؛ فالربط التاريخي يجعل من التحليل والتنبؤ بالمستقبل من واقع تراكم الماضي والحاضر بمثابة معادلات رياضية لا تقبل الخطأ أو القسمة أو التجزئة.

الواقع العربي اليوم- على مرارته- لا يمكن فصله عن أحداث ووقائع تاريخية بعيدة وقريبة عاشتها الأمة، وكانت أغلب تلك الأحداث والوقائع لمن عايشها وكأنها القاضية التي لا خلاص منها ولا نهوض بعدها، ولكن مشيئة الله دائمًا وقوة السماء تحضر حينما تُستهلك طاقة قوة الأرض.

ولا حاجة لنا هنا في زيارات للتاريخ الموغل في القدم، كغزوات المغول ونابليون والحملات الصليبية الغربية؛ بل سننطلق من الاحتلال العثماني للوطن العربي تحت شعار الخلافة، وتسليمه ومباركته لأقطار عربية تحت حمايته وحكمه للاحتلالات الغربية (إنجلترا وفرنسا) تباعًا؛ حيث رحَّب بعض العرب حينها بـ"المُستعمِر الغربي" كـ"مُنقِذ" لهم من الاحتلال العثماني، متوهمين استفادتهم من رُقي الغرب، وكون الغرب مُستعمِرًا غير مُجرَّب حينها؛ حيث أبدى للعرب وجهه الحضاري المُراعي لحقوق الانسان، والمُحترِم للحضارات وتواريخ الأمم ومطامح شعوبها.

سرعان ما كشف الغرب الاستعماري عن وجهه الحقيقي عبر "وعد بلفور" واتفاقية "سايكس وبيكو" لتقاسم الوطن العربي والعبث بمكوناته الجغرافية وتقطيعها الى أوصال صغيرة تسمى أقطارًا؛ حيث انبرى الأحرار والشرفاء للدفاع عن أوطانهم حتى تحقق لهم نيل الاستقلال تباعًا. وبدأ الفصل الثاني من الاستعمار عبر تكريس التبعية، تلك التبعية التي دسَّها المُستعمِر في بنود اتفاقيات الاستقلال؛ ليعود من النافذة بعد أن طُرد من الباب، ويتسلل عبر العقول بعد أن طُرد من الحقول.

فكان حلف بغداد عام 1955، والذي رعته انجلترا وتشكَّل حينها من جغرافيات نفوذها والمتمثلة في تركيا والعراق الملكي وإيران الشاه وباكستان، وكانت مهمته الرئيسة تكمن في مقاومة المد القومي العربي والنفوذ الناصري بزعامة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر.

تشتت الحلف بعد ثلاثة أعوام على نشأته بقيام ثورة 14 تموز (يوليو) في العراق، ثم توالت نكساته بقيام الوحدة المصرية السورية عام 1958، ثم انسحاب باكستان بعد خذلان الحلف لها في قضية كشمير مع الهند؛ وصولًا الى نجاح الثورة في إيران عام 1979، وإعلان بريطانية إلغاء الحلف بصمتٍ دون طقوس أو مراسم.

عاشت الأمة فصولًا من الهزائم التكتيكية والتي لم تبلغ مراتب الهزائم الاستراتيجية؛ الأمر الذي سهل عليها استعادة السبق مُجددًا بعد كل انتكاسة، واستعادة مناعتها والتسلح بقيمها وخزينها الحضاري لمواجهة مخططات العدو.

المُتابع لتلك الاحداث الجِسام التي عاشتها الأمة، يتيقَّن بأن الأمة عصيّة في ضعفها وعصيّة في قوتها، وأنها قادرة على المواجهة وإفشال مُخطَّطات العدو رغم الوهن والشتات الظاهريْن؛ الأمر الذي لا يمكن تفسيره سوى بتأييد قوة السماء حين نفاذ قوة الأرض لتبقى هذه الأمة وكما وعدها الله وميزها "خير أمَّة أخرجت للناس".

ما تعيشه الأمة اليوم رغم مراراته، لا يمكن سلخه أو الحديث عنه بمعزل عن التاريخ القريب لتلك الأحداث؛ فمناعة الأمة ما زالت قادرة على فرز الغث والسمين وعلى إنهاك العدو واستنزافه، ومنعه من تحقيق أهدافه الاستراتيجية؛ فالأمة العربية حضارة، والعدو مدنية، والمدنيات لم تتغلب على حضارة في تاريخها.

الفخر التراكمي للنضال العربي ما زال ساريًا، وثقافة المقاومة اليوم في أوجها. والله غالب على أمره.

قبل اللقاء.. يقول المفكر والعالم الاجتماعي العربي العراقي الدكتور علي الوردي: "ما يشدنا للماضي ليس جماله؛ بل بشاعة الحاضر".

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الجيش السوري يستعيد السيطرة على المناطق ويعزز الأمن والاستقرار في الغرب

أفادت قناة "القاهرة الإخبارية" خلال نبأ عاجل نقلاً عن وكالة "سانا" السورية، أن وزارة الدفاع السورية كشفت عن انتهاء العملية العسكرية التي تم تنفيذها في غرب البلاد. 

وأوضحت الوزارة أن العملية استطاعت من تحقيق أهدافها المقررة وتمكن الجيش السوري من استعادة السيطرة على المناطق المستهدفة، مما أسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

إسرائيل: الآلاف من نشطاء حماس والجهاد في سوريا يريدون إشعال جبهة جديدة ضدناأخبار العالم| تصاعد التوتر في سوريا.. واجتماعات مرتقبة بالسعودية بين روسيا وأوكرانياأستاذ دراسات إستراتيجية: قمة عمان تعكس قلق دول الجوار من تداعيات الوضع في سوريا  انتهاء العملية العسكرية في الساحل وعودة الحياة إلى طبيعتها

وكانت أعلنت وزارة الدفاع السورية، الإثنين، عن انتهاء العملية العسكرية في الساحل السوري، موضحة أن المؤسسات العامة في المنطقة أصحبت قادرة على استئناف عملها وتقديم الخدمات الأساسية وذلك استعداد لعودة الحياة إلى طبيعتها.

وذكر العقيد حسن عبد الغني، المتحدث باسم الوزارة خلال  تصريحات صحفية أن الأجهزة الأمنية تستعد في المرحلة القادمة لتعزيز جهودها لضمان استقرار المنطقة.

وفي بيان نشرته الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، أشارت الوزارة إلى أنها وضعت خططاً جديدة للتصدي،مشيرة إلى أنها ستواصل جهودها لإنهاء أي تهديدات قد تنشأ مستقبلاً.

وكانت وزارة الدفاع السورية قد أعلنت في وقت سابق عن تصدي وحدات الجيش لهجوم شنته قوات سوريا الديمقراطية "قسد" على جبهة الأشرفية في مدينة حلب، حيث أسفرت الاشتباكات عن خسائر في صفوف المهاجمين، وذلك وفقاً لما ورد في سانا.

مقالات مشابهة

  • ما أسباب عداوة الغرب للمسلمين؟ ولماذا يعيش رعبا حاليا من الإسلام؟
  • للتاريخ.. إسرائيل تعترف بهزيمتها المذلة في حرب العاشر من رمضان
  • الجيش السوري يستعيد السيطرة على المناطق ويعزز الأمن والاستقرار في الغرب
  • ‏اندفاع العراق نحو العالم يجعله يستعيد نفوذه
  • لعنة ميونخ تعود من جديد
  • العربي الناصري: ذكرى الشهداء وانتصارات العاشر من رمضان تُجسدان إرادة الأمة
  • روسيا : الغرب يسعى لإطالة أمد الحرب في أوكرانيا حتى آخر جندي أوكراني
  • خامنئي يرد على ترامب: المفاوضات يجب أن تكون على أساس الاحترام المتبادل
  • سؤال في الدولة والمجتمع