كشف السفير الفلسطيني لدى دمشق سمير الرفاعي، عن توثيق عدد كبير من المعتقلين الفلسطينين في سجون نظام بشار الأسد المخلوع، خلال الفترة من (2000-2024).

وكشف الرفاعي في مقابلة مع الأناضول عن توثيق اختفاء 1784 معتقلا فلسطينيا في سجون الأسد، متحدثا عن تغييرات سلبية في التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا خلال آخر سنتين من حكم الأسد

وبعد الإطاحة بنظام الأسد، طفت على السطح قضية السجون التي احتُجز المعتقلون فيها خلال الحرب السورية (2011-2024)، وتعرضوا لتعذيب ممنهج، ومن أبشعها سجن صيدنايا بدمشق التابع لوزارة الدفاع.



وفي 8 كانون الأول/  ديسمبر الماضي بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من حكم حزب البعث الدموي و53 سنة من سيطرة أسرة الأسد.

توثيق لضحايا الإخفاء
وقال الرفاعي إنه جرى توثيق اختفاء 1784 معتقلا فلسطينيا بسجون الأسد، وهم مفقودون حتى اليوم، ما يعني احتمال وجود آخرين لم يتم الإبلاغ عنهم، ما يرشح العدد للارتفاع.

وعرض الرفاعي خلال المقابلة، ملفا ورقيا عبارة عن قائمة تتضمن اسم كل معتقل مختفي وتاريخ اعتقاله وملاحظات منها مكان الاعتقال.

ومن بين الأسماء التي رصدتها الأناضول في القائمة ماجد محمد شومر، واعتقل عام 2013 من منطقة مشروع دمر بدمشق، ووسيم محمود بدران، واعتقل في 2014 من درعا جنوب البلاد.

الرفاعي أشار أيضا إلى اسمي طبيبين يعرفهما شخصيا، وفق قوله، وهما علاء الدين يوسف وهايل حميد، وجرى اعتقالهما من دمشق بين 2013 و2014.


وأفاد بأنه في 2013 تم توثيق نحو 500 حالة اختفاء بسجون الأسد، وارتفع العدد في السنوات اللاحقة.

وردا على سؤال بشأن الإجراءات الرسمية إزاء حالات الإخفاء القسري، قال الرفاعي إن السفارة تواصلت مع نظام الأسد، لكنها لم تحصل على إجابات واضحة، وكان كل مسؤول يحيلها إلى آخر، تهربا من الإجابة.

وتفيد تقارير دولية بأن آلاف المعتقلين قُتلوا بشكل منظم وسري داخل سجن صيدنايا، حيث نفذ النظام المخلوع إعدامات دون محاكمات، بمعدل 50 حالة إعدام أسبوعيا بين عامي 2011 و2015 وحدهما.

وبشتى الأساليب حاول نظام بشار الأسد قمع احتجاجات شعبية مناهضة له اندلعت في 2011 وطالبت بتداول سلمي للسلطة، وتسبب في حرب أهلية مدمرة.

خطوات فلسطينية

كما قال الرفاعي، الذي قضى بسجون الأسد 6 سنوات (1985- 1991)، إن "الرئيس الفلسطيني محمود عباس أرسل أكثر من وفد إلى دمشق لبحث ملفات تهم اللاجئين والمخيمات والمعتقلين والإغاثة والواقع الصحي".

واستدرك: "إلا أن تلك الوفود عادت صفر اليدين دون أي معلومات عن المختفين".

وتابع أنه بعد سقوط نظام الأسد تواصلت السفارة مع معتقلين فلسطينيين خرجوا من السجون، لا سيما صيدنايا، بشأن مصير زملائهم، لكنها لم تصل لمعلومات.

وأوضح أن المغيبين ليسوا فقط من فلسطينيي سوريا (اللاجئين)، بل قسم منهم من الضفة الغربية المحتلة، باعتبار أن سوريا كانت "مكانا آمنا للفدائيين الفلسطينيين"، لكن عددا منهم اختفى في ظروف غامضة، وفق قوله.

وزاد بأنه بعد سقوط نظام الأسد أُطلق سراح أسير فلسطيني من صيدنايا تعود أصوله إلى جنين شمال الضفة، اعتقله نظام الأسد منذ عام 1985.


ودون تحديد ملابسات اعتقاله، بيّن الرفاعي أن هذا المعتقل هو الأسير السابق بشار صالح، وموجود حاليا بدمشق، وله راتب شهري مخصص من الرئيس عباس، لحين ترتيب عودته إلى جنين.

وأردف أن عائلات فلسطينية بالضفة أبلغته خلال زيارات إلى هناك باختفاء عدد من أبنائها في سوريا منذ سنوات، لكنه لم يحصل من نظام الأسد على إجابات بشأن مصيرهم.

 تضييقات آخر سنتين
الرفاعي قال إن آخر سنتين في حكم نظام الأسد شهدتا "تغيرا ملحوظا" في تعامل الدولة مع اللاجئ الفلسطيني، وبينها قضية تملك العقارات.

ولفت إلى أن الفلسطيني كان يندرج تحت مسمى حكومي هو "السوريون ومَن في حكمهم"، أي اللاجئ الفلسطيني، لكنه في آخر سنتين استُثني من هذه الميزة في قضية ميراث العقارات.

وأوضح أن القانون أصبح يحرم الفلسطينيين من حق الميراث في العقارات، أي يستطيع التملك لكنه لا يملك حق نقل الملكية إلى الورثة بعد الوفاة، بل يباع العقار بمزاد علني لصالح الحكومة السورية السابقة.

وزاد بأن من بين الإجراءات الجديدة التي فرضها نظام بشار الأسد في آخر سنتين، حرمان الفلسطينيين من التوظيف في مؤسسات الدولة، وفق قانون "مُرر بصمت دون إعلان رسمي".


واستطرد: "لم نثر ضجيجا رسميا حيال المسألة، لأننا بنهاية المطاف ضيوف في البلاد ولا نريد أن نحدث بلبلة يدفع ثمنها فلسطينيو المخيمات".

واستدرك: "لكننا تواصلنا مع نظام الأسد، ولم نحصل على إجابة واضحة، وكل ما كان يقال لنا: سنرى".

لقاء مع الشرع

وعن زيارة الوفد الفلسطيني برئاسة رئيس الوزراء محمد مصطفى إلى دمشق أواخر  كانون الثاني / يناير الماضي، ولقائه الرئيس أحمد الشرع، قال الرفاعي: "كنت موجودا خلال اللقاء".

وأضاف: "تم إطلاع الجانب السوري على مستجدات العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية، والتصعيد بالمخيمات، وتطورات سعي المجتمع الدولي لتنفيذ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)".

وتابع الرفاعي أن الوفد الفلسطيني "أعرب للسوريين عن استعداده للمساهمة في إعادة إعمار سوريا، لا سيما المخيمات، وانخراطه في العملية السياسية، والعمل تحت سقف القانون في البلاد".

وقال إن الشرع أبلغ الوفد "انفتاحه على التعامل مع القيادة الفلسطينية بخصوص اللاجئين في بلاده، وقال إن اللاجئين مرحب بهم وسيتم التعامل معهم بطريقة ودية".


كما أبلغ الشرع الوفد الفلسطيني، وفق الرفاعي، بأن "التعامل بما يخص مخيمات سوريا وقضايا اللاجئين سيكون عبر سفارة بلادهم في دمشق فقط دون أي جهة أخرى".

مخيمات اللاجئين
وبشأن واقع المخيمات بسوريا، قال الرفاعي: "يوجد 14 مخيما، بعضها مدمر بفعل الحرب التي شنها النظام السوري، لا سيما مخيم اليرموك عاصمة الشتات".

وأضاف أن مخيم اليرموك يعتبر "خزان العودة، ومن أهم المخيمات الفلسطينية، وتدميره مصلحة إسرائيلية لإنهاء قضية اللجوء، لكن الفلسطينيين متمسكون بحق العودة".

وأكد أن "كثيرا من فلسطينيي سوريا، لا سيما أبناء مخيم اليرموك، عادوا من بلاد المهجر، منهم من جاء بقصد الإقامة الدائمة والعودة والمساهمة في إعادة الإعمار".

وشدد على أن المخيم "سوف يستعيد عافيته ودوره المحوري في مسيرة العودة، لكن ذلك يحتاج وقتا جراء حجم الدمار الهائل والظروف المحيطة".

دعم تركي متجذر
وأكد الرفاعي أن الإبادة الإسرائيلية في غزة والعدوان على الضفة ومخيماتها "لم يكن ليحدث لولا الضوء الأخضر الأمريكي من أجل تهجير الفلسطينيين وتحضير المنطقة لإقامة دولة إسرائيلية من الفرات (بالعراق) للنيل (بمصر)".

وشدد على أن هذا المشروع "لن يمر بسبب إصرار الفلسطيني على التشبث بأرضه، رغم تاريخ الولايات المتحدة القائم على الحروب والتدمير وتهجير أصحاب الأرض".

في المقابل أشاد الرفاعي بـ"الدور التركي الداعم للقضية" الفلسطينية، ووصفه بأنه "موقف تاريخي معهود، وتركيا تعتبر من أقدم الدول الصديقة والداعمة للشعب الفلسطيني".

وأوضح أن "القارئ للتاريخ يدرك أن الدعم التركي المقدم للشعب الفلسطيني متجذر ومحل تقدير واحترام لنا، وليس بالأمر الجديد على حلفائنا الأتراك".

ولفت إلى أنه زار مدينة إسطنبول في أيلول / سبتمبر 2024، وعاين "حجم التضامن الشعبي التركي مع قطاع غزة ضد الإبادة الإسرائيلية، من خلال المظاهرات العارمة والمساعدات الإنسانية".


وتابع: "لمست تفاعلا شعبيا كبيرا مع القضية الفلسطينية في إسطنبول، وإدانة واسعة للإبادة الإسرائيلية بغزة، وعاينت حضورا لافتا لمعاناة أبناء شعبنا".

الرفاعي أشاد أيضا باستضافة البرلمان التركي للرئيس عباس لإلقاء كلمة في  آب / أغسطس 2024، أعلن فيها الأخير عزمه زيارة غزة، وطالب المجتمع الدولي بتأمين الزيارة.

وأكد أن "دعوة عباس جاءت بعد احتفاء الكونغرس الأمريكي بخطاب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فجاءت الدعوة التركية ردا على سياسة واشنطن الداعمة لتل أبيب رغم هول الإبادة بغزة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الأسد الفلسطينيين سوريا سوريا الأسد الفلسطينيين السفير الفلسطيني في دمشق المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نظام الأسد آخر سنتین لا سیما

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تعتزم السماح لعمال دروز من سوريا بالعمل بمستوطنات الجولان المحتل

 أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأحد، أن الحكومة ستسمح قريبا لعمال دروز من سوريا بالعمل في مستوطنات مرتفعات الجولان المحتلة، بزعم تعزيز العلاقات مع الطائفة الدرزية.

وقال كاتس إن الحكومة أقرت خطة للسماح قريبا لعمال دروز من سوريا بالعمل في الجولان، إضافة إلى دعم غير مسبوق للطائفتين الدرزية والشركسية داخل "إسرائيل"، حسب صحيفة "يسرائيل هيوم".

وأضاف كاتس أن هذه المبادرة يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسليل سموتريتش.


وادعى أن حكومته ملتزمة بحماية الدروز في سوريا من أي تهديد محتمل.

وبينما تؤكد الإدارة السورية الجديدة حمايتها لجميع الطوائف في البلاد دون تمييز ضمن وطن واحد، تردد "إسرائيل" ادعاءات عن تعرض الدروز في سوريا لاعتداءات.

وإثر توترات أمنية أثارتها مليشيا مرتبطة بالنظام السوري السابق تدعى "درع جرمانا" بمدينة جرمانا جنوبي سوريا، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا أنه أصدر توجيهات للجيش بالتحضير لحماية المدينة التي وصفها بـ"الدرزية".

إلا أن موقف نتنياهو قوبل برفض واسع من قيادات المدينة السورية المتنوعة ديمغرافيا، والتي اعتبرته "تدخلا سافرا في شؤون بلادهم الداخلية".

وتعكس ادعاءات تل أبيب، وفق مراقبين، غضبا إسرائيليا من تولي الإدارة السورية الجديدة السلطة إثر إسقاط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024.

وتفيد تقارير إعلامية وتصريحات مسؤولين إسرائيليين بأن تل أبيب لم ترغب يوما في سقوط الأسد و"كانت ترى فيه لاعبا مفيدا".

وما عزز الاعتقاد بحالة "التعايش والتناغم" بين نظام الأسد و"إسرائيل"، قيام الأخيرة وفور سقوط النظام، بقصف مئات الأهداف ومخزونات الأسلحة الاستراتيجية التابعة للجيش السوري السابق خشية وصولها لقوات الإدارة الجديدة.



كما استغلت "إسرائيل" الوضع الجديد بعد سقوط نظام الأسد، واحتلت المنطقة السورية العازلة ومنطقة جبل الشيخ، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا لعام 1974.

ومنذ عقود تحتل "إسرائيل" أراض في سوريا وفلسطين وسوريا، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس، على حدود ما قبل حرب 1967.

مقالات مشابهة

  • سوريا: انتهاء العملية العسكرية ضد فلول نظام بشار الأسد في الساحل
  • إسرائيل تعتزم السماح لعمال دروز من سوريا بالعمل في مستوطنات الجولان المحتل
  • إسرائيل تعتزم السماح لعمال دروز من سوريا بالعمل بمستوطنات الجولان المحتل
  • سوريا .. ضبط قادة من فلول نظام الأسد بدير الزور
  • مستقبل سوريا.. 80% من اللاجئين السوريين يرغبون في العودة
  • سوريا ترحب باستعادة عضويتها في منظمة التعاون الإسلامي بعد 13 عاما من تعليقها
  • سوريا ترحب باستعادة عضويتها في منظمة التعاون الإسلامي بعد 13 من تعليقها
  • الخارجية ترحب بقرار منظمة التعاون الإسلامي استئناف عضوية سوريا بعد سقوط نظام الأسد
  • قطر تدين الجرائم التي ترتكبها مجموعات "خارجة عن القانون" في سوريا