نور في غزة.. الذكاء الاصطناعي سلاح لقمع غزة وأداة مهمة لصمودها
تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT
"نور في غزة: كتابات وُلدت من النار" هو كتاب أعدته "لجنة الأصدقاء الأمريكيين للخدمة في قطاع غزة"، التي أُسست عام 1948 لخدمة اللاجئين الفلسطينيين. ويضم الكتاب ين دفتيه مقالات لأحد عشر كاتبا فلسطينيا من غزة، للمساعدة على فهم أحلامهم ومخاوفهم وتطلعاتهم لمستقبل يتجاوز حدود الاحتلال والحصار العسكري الإسرائيلي.
من بين الفصول المهمة التي حواها الكتاب: "الذكاء الاصطناعي كأداة لإعادة الحقوق وتحسين جودة الحياة الفلسطينية"، للباحثة والأكاديمية الفلسطينية "نور نعيم" الحاصلة على درجة الدكتوارة في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي. وتناقش فيه موضوعان مهمان:
ـ الذكاء الاصطناعي كسلاح بيد الاحتلال لقمع الشعب الفلسطيني وإطباق الحصار حوله.
ـ الذكاء الصناعي وتوظيفه في استعادة الحقوق الفلسطينية، ودعم صمود الشعب الفلسطيني.
أولا ـ الذكاء الاصطناعي سلاح لقمع غزة
غزة الصغيرة مكانا، المحاصرة برًا وبحرًا وجوًا، أكثر المناطق ازدحامًا على وجه الأرض، حوّلتها إسرائيل إلى مختبر لاستخدام وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وترويج روايتها الزائفة، دون أي مراقبة دولية أو مساءلة قانونية. فهي تنتهك وتقتحم خصوصيةَ مليوني فلسطيني، وتراقبهم عن كثب، وتجعلهم يعيشون حصارًا رقميًا معقدًا يعزز من سيطرتها على القطاع. وتقوم بسرقة وتخزين معلومات الناس الخاصة، مما يجعل غزة مصدرًا مهمًا للبيانات الضخمة التي يمكن تطبيقها في خوارزميات الذكاء الاصطناعي، واستخدامها في أوقات الحرب لتوجيه الهجمات، ولتعزيز الصناعات التكنولوجية والأمنية الإسرائيلية. وهكذا، تهدف إسرائيل إلى: تحقيق الربح، وفرض الهيمنة كقوة عسكرية على الأرض.
لم تعد قوة البلدان تقاس فقط بالقوة العسكرية والاقتصادية، إذ أصبحت تكنولوجيا المعلومات من القوى الاستراتيجية التي تحدد النصر أو الهزيمة في زمن الحرب. ولا يكفي أن نجعل العالم يعرف الحقيقة، فهو يعرفها بالفعل؛ لكننا بحاجة إلى جعله يتخذ إجراءات لدعم الحق الفلسطيني وردع ومعاقبة الاحتلال.ونظرًا للأهمية البالغة التي توليها إسرائيل لتكنولوجيتها المتطورة، فهي تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدرات المسيرات في حروب القطاع وعمليات اغتيال الفلسطينيين. وتتباهى بأنها شنت أول حرب رقمية في العالم على الإطلاق باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة. ولديها في هذا المجال وحدتان مهمتان:
ـ وحدة 8200: وتستخدم خوارزميات وتقنيات التعلم العميق، وهو أسلوب للذكاء الاصطناعي في معالجة البيانات مستوحاة من المخ البشري، وتوظفها لأغراض عسكرية. كما وظفت أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لجمع بيانات ومعلومات أولية ضخمة لاستخدامها في العمليات العسكرية.
ـ وحدة 9900: وهي ضمن مشروع "غزة: الفضاء الذكي"، وتقوم عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي بتحليل كمية هائلة من البيانات لتحديد الأهداف بسرعة لإزالتها.
وفي الوقت ذاته، تنفذ إسرائيل مجموعة من الاستراتيجيات، وتطبق مجموعة من الآليات والوسائل لمحاولة تحقيق السيطرة المطلقة على قطاع غزة، وقمعه، والقضاء على مقاومته الباسلة:
1 ـ منع التطور التقني الفلسطيني:
يعتمد الفلسطينيون في مجال الاتصالات السلكية والخلوية على البنية التحتية الإسرائيلية، مما منح إسرائيل قدرات هائلة، تمكنها من نشر الدعاية المسمومة، والتجسس على الفلسطينيين، واختراق موجات البث الإذاعي وتعطيلها، والتواصل مع سكان غزة وإرسال رسائل نصية قصيرة إليهم أثناء عملياتها العسكرية.
2 ـ مراقبة الفضاء الالكتروني الفلسطيني:
تُخضِع إسرائيل الفضاء الإلكتروني الفلسطيني للمراقبة المستمرة، حيث تستشهد بمنشورات وتغريدات الفلسطينيين على فيسبوك كأسباب لاعتقال الأفراد وتعذيبهم واغتيالهم. وبينما تستخدم إسرائيل تقنية الجيل الخامس؛ فإنها لا تسمح للغزيين إلا بتقنية الجيل الثاني، مما يعيق إنتاجيتهم، ويحول دون تطورهم في مجال الاتصالات أو في أي مجال حديث متصل بالإنترنت كالإدارة الإلكترونية والتعليم والخدمات الأخرى.
3 ـ مراقبة وملاحقة الناشطين:
تستخدم إسرائيل تقنيات التعرف على الوجه ومسح قزحية العين وبصمات الصوت لمراقبة الفلسطينيين في الضفة الغربية والقطاع، ولتسهيل ملاحقة الناشطين وتتبع تحركاتهم داخل فلسطين وحول العالم، مما يشكل انتهاكًا لخصوصيتهم الشخصية.
4 ـ القمع من خلال الطائرات المسيرة:
للمُسيّرة، ويطلق عليها الغزيون: الزنانة أو غراب السماء، استخدامات متعددة لدى الاحتلال، منها: المراقبة المستمرة للقطاع، عمليات الاغتيال، إلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الفلسطينيين خلال مسيرة العودة الكبرى لعام 2018 لقمع احتجاجاتهم السلمية.
5 ـ الحدود الذكية القاتلة:
بعد الانتهاء من بناء الجدار الخرساني تحت الأرض حول القطاع، أعلن الجيش الإسرائيلي عن بناء جدار تكنولوجي كـحدود ذكية قاتلة جديدة. وتضم هذه الحدود: لواء روبوتات عسكرية، وكتيبة اعتراض، وكتيبة احتياطية. وتعمل جميعها بدون عنصر بشري، ويمكن تفعيلها عن بُعد، وهي متصلة بمركز قيادة الجيش.
6 ـ القبة الإلكترونية:
يتعرض المحتوى الفلسطيني لضغط شديد تمارسه المؤسسات الصهيونية وشركات التواصل الاجتماعي التي تستخدم الذكاء الاصطناعي والخوارزميات لإيقاف المستخدمين ومنعهم من التواصل مع العالم الخارجي عندما يستخدمون كلمات أو عبارات معينة تدعم القضية الفلسطينية في محاولة لمنع إيصال الحقيقة للعالم، ومحاربة الرواية الفلسطينية، وشيطنتها، وربطها بالإرهاب من خلال القيود والتعقيدات المفروضة على المحتوى الرقمي الفلسطيني. وأطلق على ذلك اسم "القبة الإلكترونية"، والتي تعمل على غرار القبة الحديدية من خلال الإبلاغ عن المحتوى المؤيد لفلسطين وإخضاعه لرقابة شركات وسائل التواصل الاجتماعي.
يتطلب القمع الرقمي الإسرائيلي لغزة تضافر جهود الداعمين المحليين والدوليين وأصدقاء فلسطين لإيجاد أدوات تقنية لـتصحيح مدخلات الخوارزميات، وتعديل البيانات الخاطئة المستخرجة من مجتمع غير عادل، وإضافة البيانات الصحيحة لتحدي الصورة النمطية للفلسطيني، ولمقاومة التنكيل والتحيز والظلم ضد كل ما يدعم الشعب الفلسطيني.وتعزز إسرائيل هيمنتها الرقمية على الفلسطينيين عبر التعاون مع شركات التكنولوجيا العملاقة: أمازون وجوجل وميكروسوفت، التي قامت بتبييض صورة إسرائيل، وتوظف استثمارات ضخمة لإنشاء مركز بيانات إقليمي في إسرائيل لخدمات مشروع الحوسبة السحابية المسمى "مشروع نيمبوس".
ثانيا ـ الذكاء الاصطناعي كأداة لدعم صمود ومقاومة غزة
في هذا الجزء من الفصل، تقدم "نور نعيم" عرضا متنوعا ومهما لأهمية وكيفية توظيف الذكاء الاصطناعي لدعم الصمود الأسطوري للقطاع المحاصر. وكذلك، لجعل القضية الفلسطينية، بما فيها قضايا الاستيطان واللجوء الداخلي والشتات، حية في ذكراة ووجدان وأعين الفلسطينيين والعالم:
1 ـ رصد وتوثيق الجرائم الأسرائيلية بالأراضي الفلسطينية
عملت إسرائيل على منع نشر معلومات دقيقة أو صور عالية الجودة للأراضي الفلسطينية. ففي عام 1997، أقرت الحكومة الأمريكية تعديل "كيل ـ بنجامين"، المقدم من عضوي مجلس الشيوخ: جون كيل وجيف بنجامين، والذي يحظر جمع أو نشر صور الأقمار الصناعية عالية الدقة المتعلقة بإسرائيل، بحيث لا تصل دقة الصور المتعلقة بها إلا مترين فقط لكل بِكسل، مقابل نصف متر لكل بِكسل لصور الدول الأخرى، مما سمح بإخفاء الآثار الكارثية للاحتلال وإحباط الجهود المبذولة لتحديد هوية الجنود، والتحقق منها، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان خاصة في قطاع غزة. كما أدت إلى صعوبة مراقبة التغييرات على الأرض، مثل عمليات الاستيطان والبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية أو حول قطاع غزة.
ومع ذلك، ونتيجة لظهور شركات أجنبية منافسة توفر صوراً دقيقة للمنطقة، فضلاً عن الضغوط الخارجية الأخرى، تم رفع الحظر المفروض على التصوير الجوي الدقيق عالي الجودة للأراضي الفلسطينية المحتلة في كانون الأول ديسمبر 2020. وبفضل سياسة السماء المفتوحة العالمية الجديدة، أصبحت الصور متاحة بدقة عالية، وبات من الممكن الآن تحديد ورصد التغيرات والانتهاكات الحقوقية على الأرض. وقد ساعدت سياسة السماء المفتوحة وتقنيات الذكاء الاصطناعي المتخصصين في مجالات حقوق الإنسان لرصد وتوثيق الجرائم الإسرائيلية.
2 ـ الهندسة المعمارية الجنائية
تعتمد "الهندسة المعمارية الجنائية" على التكتولوجيا والتقنيات المعمارية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والعنف الحكومي في جميع أرجاء العالم، وتُستخدم لبناء نماذج رقمية ومادية ثلاثية الأبعاد، والرسوم المتحركة، والواقع الافتراضي. كما يمكن استخدامها لتوثيق الدمار البيئي الناتج عن العدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة.
3 ـ ملاحقة مجرمي الحرب
يمكن أن تساعد بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي في معالجة وتنظيم وتحليل البيانات، وتوفير الوقت الكبير الذي كان سيقضيه المحققون في الفرز واستعراض كميات هائلة من مقاطع الفيديو والصور. وتنتج خوارزميات الذكاء الاصطناعي مجموعة ضخمة من الأدلة لإدانة المجرمين، التي يمكن تحليلها لإنشاء نموذج تقني للتحقيق في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة، لتقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى العدالة، عبر:
ـ توثيق الجرائم الإسرائيلية والممارسات والأسلحة المستخدمة المحظورة دوليا.
ـ جمع العديد من مقاطع الفيديو لنفس الحادث، ومطابقتها مع حسابات وأقوال شهود العيان.
ـ تحديد جميع البيانات ذات الصلة والعثور عليها لرصد وتوثيق انتهاك معين.
ـ تسليط الضوء على المعاناة الناتجة عن الاحتلال باستخدام تقنيات المحاكاة الافتراضية.
ـ تحديد وقت ومكان الهجوم، عبر تحليل الأدلة كزوايا الظل وأعمدة الدخان في مقاطع الفيديو.
إذن، يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تقدم - عبر تحقيقات حاسمة مستقلة ونزيهة - أدلة دامغة تجرم الاحتلال الإسرائيلي، وتعزز مطالبات الفلسطينيين بأرضهم، مما سيساهم في قضية التحرر، وستوفر للضحايا الحق في اللجوء إلى المحاكم الدولية، وتقديم الاحتلال وجميع المشتبه بهم إلى العدالة لارتكابهم جرائم حرب، بما في ذلك القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية.
4 ـ التأكيد على حقوق اللاجئين
يمكن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتقوية اتصال اللاجئين الفلسطينيين بالمدن والقرى التي نزح منها آباؤهم وأجدادهم، وتعريفهم بأملاكهم فيها، وذلك عبر: استخدام تقنيات رسم الخرائط في تطوير برامج افتراضية لتوزيع الممتلكات والحقوق على اللاجئين استعدادا للحظة العودة التي طال انتظارها. وحاليا، هناك مشروع فلسطيني يستخدم المصدر المفتوح للتقنيات والخرائط القديمة التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر لعرض القرى والمدن الفلسطينية بأسمائها العربية الأصلية. ومن خلال المقارنة مع الخرائط اللاحقة، يمكن متابعة التغييرات التي أحدثها الاحتلال. ويسمح المشروع للمستخدمين إثراء قاعدة البيانات بمعلومات جديدة ومحدثة باستمرار عبر الهواتف المحمولة.
5 ـ الزيارات الافتراضية لفلسطين
باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن عمل جولات افتراضية للفلسطينين الذين لا يستطيعون زيارة بلادهم بسبب الاحتلال. وهناك تطبيقات جديدة بالفعل تخدم هذا الغرض، منها برنامج الزيارات الافتراضية لفلسطين "Palestine VR"، الذي يعرض الحياة اليومية للفلسطينيين داخل فلسطين والانتهاكات التي يتعرضون لها. ويمكن للمستخدِم التفاعل مع المكان، ومراقبة تفاصيله بالطريقة التي يريدها من جميع الزوايا الممكنة.
الذكاء الاصطناعي هو أداة قوية للمقاومة والصمود. وإذا كانت هناك صعوبات فإنه يمكن التغلب عليها عبر استراتيجية وطنية لتطوير استخدام الذكاء الاصطناعي فلسطينيا، مع التعاون مع المجتمع المدني الدولي للحصول على تقنياتهويهدف التطبيق أيضا إلى إتاحة المواد للندوات والمؤتمرات والأنشطة المختلفة لدعم الرواية الفلسطينية ضد انحياز وسائل الإعلام الرئيسية للرواية الإسرائيلية، وفضح جرائم الفصل العنصري. ومن خلال هذه التطبيقات، يمكن تسليط الضوء على قضايا المستوطنات والمياه والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية. واستخدام هذه التقنيات يعزز الاعتقاد بأن حق العودة ليس مستحيلا، ويربط أحفاد جيل النكبة بوطنهم الجميل، حتى وهُم يعيشون حياة البؤس والألم داخل السجن المفتوح في قطاع غزة. ويمكنها لهذه التقنيات أيضا الحفاظ على الهوية الفلسطينية والتمسك بحق العودة للأجيال الجديدة، وخاصة الجيل الرابع الذين وُلدوا وكبروا خارج فلسطين، وتحقيق اندماجهم مع الشتات، دون أن يذوبوا فيه، فهناك وطن جميل ينتظرهم، ولديهم حق العودة الذي لا يسقط بالتقادم.
6 ـ الحفاظ على الجغرافيا والذاكرة الفلسطينية
يقوم المطورون بإدراج مجموعة كبيرة من الصور الملونة في شبكة الذكاء الاصطناعي العصبية التي تعمل مثل الدماغ البشري. وبمرور الوقت، يتعلم البرنامج التعرف على الكائنات المختلفة، وتحديد ألوانها الأصلية المحتملة، وإنتاج صور ملونة بجودة عالية لإظهار فلسطين القديمة وسكانها الأصليين. وستكشف الصور أن فلسطين هي أرض الشعب الفلسطيني، ولا حق للصهاينة فيها.
وتهدف "استراتيجية استعادة الصور التاريخية" إلى بناء أرشيف رقمي ضخم للتاريخ الاجتماعي الفلسطيني، واستخدام هذه الصور لسرد جغرافي وتاريخي طويل، وإنشاء شبكة لربط الفلسطينيين في جميع أنحاء العالم بالوطن.
7 ـ تخفيف وطأة الحصار
باستخدام مجموعة من المواد المتوافرة بقطاع غزة مثل البوليمرات والمعادن والسيراميك، يمكن صنع نماذج ثلاثية الأبعاد بمساعدة برامج تصميم، وتحويلها إلى أداة مهمة لتخفيف الحصار، واستخدامها في:
ـ أدوات البناء، وصناعة المعدات، وقطع الغيار.
ـ صناعة الأجهزة الطبية،والأطراف الصناعية، والأنسجة والجلد والأعضاء.
ـ دعم الصناعة المحلية، وتقليل وقت الإنتاج وتحسين جودته.
ـ تعزيز الاستدامة باستخدام مواد أقل بكفاءة وفائدة أكثر في القطاعات الصناعية والإغاثية.
8 ـ تحسين الخدمة الطبية
إن استخدام الذكاء الاصطناعي في التشخيصات الطبية يساهم في تقليل فترة الإقامة في المستشفيات بنسبة 50%. كما حقق الذكاء الاصطناعي أيضا إنجازات رائعة في الكشف عن الأمراض في مراحلها المبكرة. وهذا سيوفر الوقت، ويؤدي إلى تحسين حياة مرضى غزة بشكل كبير، والتخفيف من معاناتهم، لا سيما بالنظر إلى واقع المستشفيات المكتظة والحصار المضروب على القطاع بما فيه معبر رفح.
9 ـ كسر الحصار
من حق الفلسطينيين استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في كسر حالة الحصار التي تفرضها إسرائيل. وهناك مثال مثير هو تقنية النانو التي استخدمها المهندسون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتحويل السبانخ إلى أجهزة استشعار قادرة للكشف عن المواد المتفجرة والملوثات الناتجة عنها في المياه الجوفية. وقد استخدم المهندسون الإشارات المنبعثة من الأنابيب النانوية الكربونية في أوراق السبانخ بواسطة تركيب كاميرا الأشعة تحت الحمراء المتقدمة، تقرأ وتحلل الإشارات، ثم ترسل تنبيها بالبريد الإلكتروني إلى السلطات المختصة. وفي غزة، هناك الكثير الذين فقدوا أحباءهم بسبب الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة المدفونة في التربة. لذا، فاستخدام مثل هذه التكنولوجيا سيكون مفيدا جدا للقطاع.
10 ـ تقليص الاحتلال السيبراني للقطاع
يمكن للتكنولوجيات الحديثة أن تحسن حياة سكان غزة حيث الدمار هو الواقع. كيف يمكن لمنطقة صغيرة محاصرة برا وبحرا وجوا، وحتى في الفضاء الإلكتروني، البقاء على قيد الحياة؟! لذا، يجب:
ـ تسخير جميع وسائل التكنولوجيا لحماية الحقوق الفلسطينية ومواجهة الرواية الإسرائيلية الملفقة التي تصل عبر التكنولوجيا إلى العالم.
ـ المطالبة بتطبيق قوانين دولية جديدة يمكن أن تحد من الاحتلال السيبراني الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
ـ وضع قيود على المراقبة الجماعية للشعب الفلسطيني، وقيود على استخدام الذكاء الاصطناعي للتلاعب بحياة الفلسطينيين، ومقاضاة الشركات التي تستخدم أو تبيع خوارزميات متحيزة ضدهم.
الخلاصة
لم تعد قوة البلدان تقاس فقط بالقوة العسكرية والاقتصادية، إذ أصبحت تكنولوجيا المعلومات من القوى الاستراتيجية التي تحدد النصر أو الهزيمة في زمن الحرب. ولا يكفي أن نجعل العالم يعرف الحقيقة، فهو يعرفها بالفعل؛ لكننا بحاجة إلى جعله يتخذ إجراءات لدعم الحق الفلسطيني وردع ومعاقبة الاحتلال.
ويتطلب القمع الرقمي الإسرائيلي لغزة تضافر جهود الداعمين المحليين والدوليين وأصدقاء فلسطين لإيجاد أدوات تقنية لـتصحيح مدخلات الخوارزميات، وتعديل البيانات الخاطئة المستخرجة من مجتمع غير عادل، وإضافة البيانات الصحيحة لتحدي الصورة النمطية للفلسطيني، ولمقاومة التنكيل والتحيز والظلم ضد كل ما يدعم الشعب الفلسطيني.
إن الفضاء الرقمي الافتراضي لم يعد فضاءً ثانويًا؛ بل هو فضاءٌ حقيقي للنضال لا يقل فاعليةً عن النضالي الفلسطيني على أرض الواقع. ولذلك، فإن الدعوة إلى الانسحاب إلى منصات أكثر تسامحًا تجاه قضيتنا هي دعوةٌ للانسحاب من المعركة إلى ساحةٍ هامشية أقل فعالية، لمجرد توفير الوقت والجهد. ونحن بحاجة إلى الترويج للصورة الحقيقية للفلسطيني كشخص يحب الحياة، ومفعمٌ بالأمل في أن يعود إلى أرضه ودياره ذات يوم. وقد حققت الجهود المبذولة لمقاومة الحصار الرقمي اختراقًا من خلال تعزيز الصورة الفلسطينية وتحطيم جدران العزلة التي تريد منع الصوت الفلسطيني من الوصول إلى العالم والتحدث والكتابة عن الألم والقمع الذي تمارسه إسرائيل يوميًا.
الذكاء الاصطناعي هو أداة قوية للمقاومة والصمود. وإذا كانت هناك صعوبات فإنه يمكن التغلب عليها عبر استراتيجية وطنية لتطوير استخدام الذكاء الاصطناعي فلسطينيا، مع التعاون مع المجتمع المدني الدولي للحصول على تقنياته، والتي يجب أن يتم تطويرها وتنظيمها بعناية وبطريقة تحد من الانتهاكات الإسرائيلية، واستخدامها أيضا لتمكين المجتمع الفلسطيني ومساعدته على تحقيق الحرية في أسرع وقت ممكن.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب كتابات الفلسطينيين الاحتلال الذكاء الاصطناعي احتلال فلسطين كتاب عرض ذكاء اصطناعي كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة استخدام الذکاء الاصطناعی تقنیات الذکاء الاصطناعی الشعب الفلسطینی استخدام تقنیات فی قطاع غزة ـ الذکاء من خلال
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي العام (AGI) الخطوة التالية لقطاع التكنولوجيا..ما المخاطر؟!
في ظل التسارع المذهل في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، يتطلع قادة التكنولوجيا والأعمال إلى الخطوة التالية في هذا المجال، وهي "الذكاء العام الاصطناعي" (AGI)، وهو نوع من الذكاء الاصطناعي يتمتع بقدرات إدراكية شبيهة بالبشر.
إن إيجاد طرق جديدة لضمان عدم عمل هذه الآلة -التي تتمتع بمستوى ذكاء البشر نفسه- ضد مصالح البشر،هدف مهم يسعى إليه الباحثون، ويصبح من الضروري أن تتكاتف الجهود، في الوصول إليه.
وأصدر باحثون في شركة "جوجل ديب مايند" التابعة لجوجل ورقة بحثية جديدة، مكونة من أكثر من 100 صفحة، تشرح طريقة تطوير الذكاء العام الاصطناعي بأمان. بحسب تقرير لموقع "ArsTechnica" المتخصص في أخبار التكنولوجيا.
اقرأ أيضاً..الذكاء الاصطناعي.. من منظور إيجابي
تشير تقديرات "ديب مايند" إلى إمكانية ظهور AGI خلال السنوات الخمس القادمة، وتحديدًا بحلول عام 2030، مما يستدعي تعاونًا دوليًا عاجلًا لوضع الأطر القانونية والأخلاقية.
لا يملك البشر حتى الآن وسيلة لمنع خروج الذكاء العام الاصطناعي -في حالة الوصول إليه- عن السيطرة، لكن الباحثين في شركة "جوجل ديب مايند" التابعة لجوجل يعملون على هذه المشكلة.
كشف الباحثون عن أربعة مخاطر رئيسية قد تنجم عن تطوير الذكاء الاصطناعي العام (AGI) الشبيه بذكاء الإنسان وقد يؤدي إلى "أضرار جسيمة"، لأجل هذا سعوا إلى فهم مخاطره.
أبرز المخاطر
حدد الباحثون أربعة أنواع محتملة من مخاطر الذكاء العام الاصطناعي، وقدموا اقتراحات حول طرق التخفيف من هذه المخاطر.
وصنّف فريق "ديب مايند" النتائج السلبية للذكاء العام الاصطناعي على أنها سوء الاستخدام، والانحراف، والأخطاء، والمخاطر الهيكلية. وقد ناقش البحث سوء الاستخدام والانحراف بإسهاب، وتناول الأخيران بإيجاز.
المشكلة المحتملة الأولى، هي سوء الاستخدام، بحيث تتشابه بشكل أساسي مع مخاطر الذكاء الاصطناعي الحالية. ومع ذلك، ولأن الذكاء العام الاصطناعي سيكون أقوى بحكم تعريفه، فإن الضرر الذي قد يُلحقه سيكون أكبر بكثير.
وقد يُسيء أي شخص لديه إمكانية الوصول إلى الذكاء العام الاصطناعي استخدام النظام لإلحاق الضرر، على سبيل المثال، من خلال مطالبة النظام بتحديد ثغرات واستغلالها، أو إنشاء فيروس مُصمَّم يمكن استخدامه كسلاح بيولوجي.
قال فريق "ديب مايند" إنه سيتعين على الشركات التي تُطور الذكاء العام الاصطناعي إجراء اختبارات مكثفة ووضع بروتوكولات سلامة قوية لما بعد التدريب. بعبارة أخرى، حواجز أمان معززة للذكاء الاصطناعي.
ويقترح الفريق أيضًا ابتكار طريقة لكبح القدرات الخطيرة تمامًا، تُسمى أحيانًا "إلغاء التعلم" (unlearning)، ولكن من غير الواضح ما إذا كان ذلك ممكنًا من دون تقييد قدرات النماذج بشكل كبير.
أما مشكلة "الانحراف" فهي ليست محل قلق حاليًا مع الذكاء الاصطناعي التوليدي في صورته الحالية. لكن مع الذكاء العام الاصطناعي قد يختلف الأمر.
أخبار ذات صلةتُصور مشكلة "الانحراف" هذه كآلة متمردة تجاوزت القيود التي فرضها عليها مصمموها، كما هو الحال في فيلم "ترميناترو". وبشكل أكثر تحديدًا، يتخذ الذكاء الاصطناعي إجراءات يعلم أنها لا تتماشى مع ما يقصده المطور.
وقالت "ديب مايند" إن معيارها للانحراف في ما يتعلق بالذكاء العام الاصطناعي أكثر تقدمًا من مجرد الخداع أو التخطيط.
حلول مقترحة
لتجنب ذلك، تقترح "ديب مايند" على المطورين استخدام تقنيات مثل الإشراف المُعزز، حيث تتحقق نسختان من الذكاء الاصطناعي من مخرجات بعضهما البعض، لإنشاء أنظمة قوية من لا يُحتمل أن تنحرف عن مسارها.
وإذا فشل ذلك، تقترح "ديب مايند" إجراء اختبارات ضغط ومراقبة مكثفة لاكتشاف أي مؤشر على أن الذكاء الاصطناعي قد يبدأ في التمرد ضدنا.
وقالت إن إبقاء الذكاء الاصطناعي العام في بيئة افتراضية آمنة للغاية وإشراف بشري مباشر يمكن أن يُساعد في التخفيف من حدة المشكلات الناجمة عن الانحراف.
الأخطاء
من ناحية أخرى، إذا لم يكن الذكاء الاصطناعي يعلم أن مخرجاته ستكون ضارة، ولم يكن المشغل البشري يقصد ذلك، فهذا "خطأ". ويحدث الكثير من هذه الأخطاء مع أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية.مع ذلك، قد تكون هذه المشكلة أصعب مع الذكاء العام الاصطناعي.
تشير "ديب مايند" إلى أن الجيوش قد تنشر الذكاء العام الاصطناعي بسبب "الضغط التنافسي"، لكن هذه الأنظمة قد ترتكب أخطاء جسيمة لأنها ستُكلف بوظائف أكثر تعقيدًا بكثير من الذكاء الاصطناعي الحالي.
توصي الورقة بعدد من الإجراءات الوقائية، للحد من الأخطاء. باختصار، يتلخص الأمر في عدم السماح للذكاء العام الاصطناعي بأن يصبح قويًا جدًا في المقام الأول.
وتدعو "ديب مايند" إلى نشر الذكاء العام الاصطناعي تدريجيًا والحد من صلاحياته، وتمرير أوامر الذكاء العام الاصطناعي عبر نظام حماية يضمن أن تكون آمنة قبل تنفيذها.
مخاطر هيكلية
تُعرف "ديب مايند" المخاطر الهيكلية على أنها عواقب غير مقصودة، وإن كانت حقيقية، للأنظمة متعددة الوكلاء التي تُسهم في تعقيد حياتنا البشرية.
على سبيل المثال، قد يُنتج الذكاء العام الاصطناعي معلومات مُضلّلة تبدو مُقنعة لدرجة أننا لم نعد نعرف بمن أو بما نثق. كما تُثير الورقة البحثية احتمالية أن يُراكِم الذكاء العام الاصطناعي سيطرة متزايدة على الأنظمة الاقتصادية والسياسية، ربما من خلال وضع مخططات تعريفات جمركية مُفرطة.
وقد تؤدي هذه المخاطر الهيكلية إلى أن نجد في يومٍ ما أن الآلات هي المُسيطرة بدلًا منّا.
وتُعتبر هذه الفئة من المخاطر أيضًا الأصعب في الحماية منها، لأنها ستعتمد على طريقة عمل الأفراد والبنية التحتية والمؤسسات في المستقبل.
لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي العام أداة لخدمة البشرية، لا مصدرًا لتهديدها..كما تشير "ديب مايند"، فإن التقدم نحو AGI قد يكون أسرع مما نتخيل، ما يجعل من وضع الحواجز الأخلاقية والتقنية ضرورة عاجلة لا تحتمل التأجيل.
لمياء الصديق(أبوظبي)