٨ مارس : والسودانيات شامخات إقتدارا أمام فوهات بنادق حرب السلطة والموارد
تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT
بقلم : محمد بدوي
تمر علينا ذكرى 8 مارس، اليوم العالمي للمرأة، وبلادنا السودان ترزح تحت وطأة حرب أبريل 2023 بين الجيش والدعم السريع، كامتداد تاريخي للحروب السياسية التي لازمت الاستقلال وانتهى بعضها باتفاقات سياسية أغفلت مسألة العدالة كقضية محورية وجوهرية، كحال اتفاق السلام الشامل بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان عام 2005.
في هذا المشهد، ثمة حقائق تشير إلى أن الفئات الأكثر تأثرًا بالصراعات المسلحة هم النساء والأطفال من الجنسين، سواء بالاستهداف المباشر بالانتهاكات، أو وقوع العقاب الجماعي عليهم. وقوع النساء تحت هذه الحالة قاد إلى محاولة قمع أي تطور يقود إلى تطوير أدوات مقاومتهن، فتطور الأمر إلى أن يصبحن المستهدفات بالجرائم التي تمس الكرامة والتي في خطورتها تقع تحت توصيف ونطاق جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
إضافة إلى استخدام أدوات ووسائل أخرى مثل القوانين المقيدة للحريات والتي تهدف للقهر، مثل قوانين النظام العام، وتغييب المشاركة السياسية بما يتسق وثقلهن السكاني من النسبة الكلية للسكان. هذا الواقع يعززه الجدل الذي يدفع بحصص نسبية في السلطة على صيغة المنحة وأحيانًا تنعدم في سياق المشاركة الفعلية. هذا الواقع ينطبق على غالبية الأحزاب والحركات المسلحة، رغم تفوق النساء في حركة النضال بالشارع العام والقتال جنبًا إلى جنب مع رفقائهن الذكور داخل صفوف الحركات المسلحة.
صراعات السلطة، سواء الانقلابات العسكرية أو المسلحة، رفعت من وتيرة عسكرة المجتمعات، والنزوح الذي وقع على عاتق النساء، الأطفال الجنود في الفترات 1955 - 1972، 1983 إلى الراهن، بشكل بارز يصلح للتأسيس عليه توثيقًا. إضافة إلى النسق الأيديولوجي الذي برز مزدوجًا مع بعض الانقلابات، وسوء الإدارة للاقتصاد الوطني ودخول السودان دائرة القروض الدولية في 1979، كل هذا جعل الأثر على النساء مركبًا من كافة النواحي الأمنية والسياسية والاقتصادية.
ليس هناك اختلاف في الحال في حرب أبريل 2023 لبقاء الأسباب، بما فيها غياب أو تراجع السياسات والحماية، ليضاف إليه ارتفاع في أثر التراجع الاقتصادي على وضع النساء والأطفال كنتاج لأسباب متجددة ومختلفة، منها الفساد وتمويل الحروب وتحمل النساء لأعباء اقتصادية ناتجة من تلك الأسباب، سواء في السياق الاجتماعي أو العمل.
في حرب أبريل 2023 التي بدأت من جغرافيا مختلفة، تحملت النساء أعباء الحماية المرتبطة بتكاليف الخروج الآمن لأفراد أسرهن من مناطق القتال، مستعينات على ذلك بمواردهن الخاصة، ولا سيما قيمة الحلي الذهبية والمدخرات المالية الأخرى التي نجحن في إخراجها من فك السرقة “الشفشفة”، ليمتد الحال إلى تحمل تكاليف العيش للأسر بما فيها الذكور في المناطق التي نجحن في الخروج إليها، سواء داخل السودان أو خارجه، مع ممارسة العمل اليدوي في الشارع العام من أجل الكسب لتحمل تكاليف العيش اليومي، مع تحملهن لمخاطر بيئة العمل غير الآمنة، ولا سيما مع تعدد الجيوش والحصانات المطلقة التي تجعل مجرد الوجود في المكان الخطأ سببًا لتحمل تكاليف بدنية ونفسية “انتهاكات”.
الخلاصة: مع التهنئة لجميع نساء العالم ونساء بلادي بذكرى 8 مارس، إلا أن طبيعة حرب أبريل 2023 قد ألقت بثقل اقتصادي على النساء، بما فيها الاقتصادي الذي يمثل مدخرات للنساء كافحن في جمعها وحفظها على مدى عقود، فالتحية لهن ولكل النساء في ظل هذه التضحيات الحاسمة وتحمل الإفقار الممنهج التي جاءت لتسند فكرة ومفهوم الحماية في حرب دوافعها السلطة والموارد.
badawi0050@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: حرب أبریل 2023
إقرأ أيضاً:
اليوم العالمي للمرأة.. قصص كفاح لا تنتهي
في الثامن من مارس من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة، ليس فقط كحدث رمزي، ولكن كتذكير مستمر بحقائق نضال النساء عبر التاريخ من أجل حقوقهن، من شوارع نيويورك في القرن التاسع عشر إلى ميادين العالم اليوم، ظلت المرأة تناضل لتحقيق المساواة مع الرجال، والمشاركة الفعالة في المجتمع.
البداية من نيويوركفي عام 1856، خرجت آلاف النساء العاملات في نيويورك في مظاهرات غاضبة احتجاجًا على ظروف العمل القاسية التي فرضت عليهن، الشرطة حاولت تفريق المسيرة بالقوة، لكن الحدث فتح الباب لأول مرة أمام قضايا النساء العاملات لتصبح جزءًا من النقاش العام.
لكن هذه لم تكن النهاية، ففي 8 مارس 1908، تكررت الاحتجاجات، ولكن هذه المرة كان المشهد أكثر تعبيرًا، حيث حملت النساء قطعًا من الخبز الجاف وباقات من الورود، في إشارة إلى مطالبهن بالحصول على حقوقهن الأساسية، من أجور عادلة، وتخفيض ساعات العمل، ومنحهن حق الاقتراع، ومن هنا جاء شعار “الخبز والورود” ليصبح رمزًا لحركة النساء في العالم.
كيف تحول الاحتجاج إلى مناسبة عالمية؟لم يمر وقت طويل حتى بدأ اليوم العالمي للمرأة يأخذ شكله كاحتفال سنوي. ففي عام 1910، اجتمعت الناشطات النسويات في مؤتمر كوبنهاجن، حيث طرحت الناشطة الألمانية كلارا زيتكن فكرة تخصيص يوم عالمي للاحتفال بالمرأة وقضاياها، وبعد سنوات من النضال، اعترفت الأمم المتحدة رسميًا في عام 1977 بالثامن من مارس يومًا عالميًا للمرأة يتم الاحتفال بها فيه وتذكيراً لدورها الهام في المجتمع ودعمه، دعت فيه الدول إلى الاحتفال به والتذكير بدور النساء في بناء المجتمعات والمساواة مع الرجال والحصول على كافة حقوقهن كاملة.
في 8 مارس من كل عام، تخرج النساء حول العالم ليس فقط للاحتفال، ولكن لتذكير الجميع بأن العدالة والمساواة ليست مجرد شعارات، بل حقوق يجب أن تتحقق على أرض الواقع.