ماذا أفضل من الصلاة والصيام والصدقة؟.. علي جمعة: هذا العمل لا تهمله كالكثيرين
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
لاشك أن استفهام ماذا أفضل من الصلاة والصيام والصدقة ؟ يعد من أهم الأسرار التي قد تخفى عن الكثيرين ، والتي لا ينبغي أن تظل غير معلومة للجميع ، خاصة وأن الصيام والصلاة من أعظم العبادات والعمل الصالح ، بل إنها من أركان الإسلام الخمسة، وهو ما يجعل استفهام ماذا أفضل من الصلاة والصيام والصدقة من أهم ما ينبغي معرفته، لأنه يثير الفضول والحيرة والأهمية في الوقت ذاته .
أركان الوضوء.. علي جمعة يصحح خطأ شائعا في مسح الرأس والمضمضة هل قراءة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الأخيرتين بالصلاة الرباعية يبطلها؟.. انتبه ماذا أفضل من الصلاة والصيام والصدقة
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن قد اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن تختلف آراء الناس في صغير الأمور وكبيرها ، وذلك لأنه عز وجل خلقهم مختلفين في العلم والفهم ، وفي الأمزجة والميول والرغبات والتوجهات.
وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في تحديده ماذا أفضل من الصلاة والصيام والصدقة ؟، أنه غالبا ما يؤدي اختلاف الناس إلى حدوث الخصام والنزاع بين أفراد المجتمع أو بين جماعاته بجميع فئاتهم ، وهذا أمر طبيعي وسنة إلهية مشاهدة ، قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ(119) من سورة هود.
وأضاف أن أسباب هذا الخلاف والنزاع كثيرة لا حصر لها ، ولكن غالبا ما تكون هذه الخلافات في بداياتها اختلافات سهلة يسيرة يمكن تلافيها لو أحسن الناس التصرف وراعوا حق إخوانهم واتبعوا أوامر الله سبحانه ، ولكن الشيطان والنفس الأمارة بالسوء والهوى المتبع وأهل الإفساد والشر والنميمة.
وأشار إلى أن كل هذا يكون له كبير الأثر في إيقاع البغضاء بين الناس وإذكاء نار العداوة حتى تتحول الشرارة إلى فتنة عظيمة وشر مستطير له عواقبه الوخيمة ، فيقع الإثم وتحل القطيعة ويتفرق الشمل ، بل تهتك الأعراض وتسفك الدماء وتنتهك الحرمات ، وتفسد ذات البين وتقع الحالقة التي تحلق الدين.
واستشهد بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟» قالوا بلي. قال: «إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة ، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين» (سنن الترمذي 4/663)، ولم يترك الله تعالى الناس هملا يتمادون في هذه النزاعات .
وتابع: بل شرع لهم طريقا إلى منعها ، وهو اتباع سبيل إصلاح ذات البين ، يقول الله عز وجل: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء:114] وقال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات:10].
وأفاد أن إصلاح ذات البين هو السعي والتوسط بين المتخاصمين لأجل رفع الخصومة والاختلاف عن طريق التراضي والمسالمة تجنبا لحدوث البغضاء والتشاحن وإيراث الضغائن ، ويكون السعي بين الناس بغرض الإصلاح بأن ينمي الساعي خيرا ويقول خيرا.
صلاح ذات البين أفضلفقد أخرج أبو داود (4919)، والترمذي (2509)، وأحمد (4/ 444)، عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، أنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ( أَلَا أَدُلُّكُم على أَفْضَلَ من درجةِ الصلاةِ والصيامِ والصدقةِ ؟ قالوا : بلى يا رسولَ اللهِ . قال : إصلاحُ ذاتِ البَيْنِ فإنَّ فسادَ ذاتِ البَيْنِ هي الحالِقَةُ . لا أقولُ : إنها تَحْلِقُ الشَّعْرَ ولكن تَحْلِقُ الدِّينَ).
وقد أقامَ الإسلامُ عَلاقةَ المسلمينَ على التواصُلِ والمحبَّة والتناصُحِ في اللهِ، وقِوامُ المجتَمعِ يَقومُ على التَّعارفِ والتعاوُنِ بينَ الناسِ؛ فإذا حَكمتِ العَلاقاتِ البَغضاءُ والتَّشاحُن؛ فإنَّ هذا يُنذِرُ بخَرابِ المجتَمعاتِ وضِياع الدِّينِ، وفي هذا الحَديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لأصحابِه رضيَ اللهُ عَنهم: "ألَا" استفتاحُ السُّؤالِ بـ(ألا)؛ للتَّنبيهِ والتَّحفيزِ إلى الأمْرِ الذي سَيذكُره، "أُخبِرُكم"، أي: عَن عَملٍ "بأفضلَ مِن دَرجةِ الصِّيامِ والصَّلاةِ والصَّدَقة؟" قالَ الصَّحابةُ: "بَلى"! قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "إصْلاحُ ذاتِ البَينِ"، أي: السَّعيُ في إصلاحِ العَلاقاتِ بينَ الناسِ ورَفعِ ما بَينَهم مِن خُصوماتِ ودَفعِهم إلى الأُلفةِ والمحبَّةِ، وهوَ الأمرُ الأفضلُ في المنفَعةِ بينَ الناسِ وإقامةِ المجتمَعاتِ، وهو المعامَلاتُ والتواصُل؛ وذلكَ لأنَّ إصلاحَ ذاتِ البَينِ فيهِ مَنفعةٌ ظاهِرةٌ ومُباشرةٌ للجَميعِ.
وجاء أنه قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "وفَسادُ ذاتِ البَينِ"، أي: إنَّ فسادَ ذاتِ البَينِ وتركَ السَّعيِ في الإصلاحِ يؤدِّي إلى "الحالِقة"، أي: القاطِعة والمُنْهية التي تأتِي على كلِّ شيءٍ وتحلِقُه وتقطَعُه من جُذورِه، سواءٌ مِن أمورِ الدِّين أو الدُّنيا؛ لأنَّها تُؤدِّي إلى التشاحُنِ بينَ الناسِ والتهاجُرِ وربَّما التقاتُل، هذا غَيرُ ما فيها مِن الأثرِ القَلبيِّ السيِّئِ على الإنسانِ، فيُفسِد قلبَه على إخوانِه؛ فلا يكونُ للدِّين والعِبادات أثرٌ ظاهرٌ في نَفْسِه أو مجتمَعِه، وفي الحديثِ: الحثُّ والترغيبُ على إصلاحِ العَلاقاتِ بينَ الناسِ، وفيهِ: بيانُ أنَّ إفسادَ العلاقاتِ بينَ الناسِ يَهدمُ الدِّينَ والدُّنيا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة ذات البین الله ع
إقرأ أيضاً:
أقوم بأداء جميع العبادات لكن أشعر أننى مُقصِّر
ورد سؤال إلى الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية السابق، يقول: أقوم بأداء جميع العبادات والسُنن وقيام الليل وقراءة القرآن ولكنى مع كل هذا أشعر أننى لا شيء وأنني لا أفعل شيئًا وأننى مُقصِّر.
الرجاء والخوف
فأجاب جمعة أنه ينبغي للمؤمن أن يكون وسطاً بين الرجاء والخوف؛ فلا يرجو حتى يتجرع المعصية ثم يقول أن الله غفور وتواب وستار ورحمن ورحيم ومهما فعلت من ذنوب فإن الله سوف يغفرها لى، وفي نفس الوقت لا يجعله الخوف ألا يثق فيما عند الله ولا يثق في عفو الله وكرمه، إذًا لابد من الجمع بين الرجاء والخوف ، وبين الخوف والرجاء سَيْرُ العبد.
وأضاف جمعة أنه على الإنسان أن ينظر إلى نفسه هل وفقه الله للصلاة وللزكاة وللحج ولفعل الخير ... إلخ من الطاعات؟ من الذي وفقه وأقامه في هذا؟ وكيف يقيمه الله في هذا وهو قادر على أن يسلبه منه ثم بعد ذلك يعذبه .
أنا تراب ابن ترابوأشار جمعة إلى أن الإنسان عندما يشعر أنه لا شيء في قِبَل الله فهو شعور مطلوب، وبدلاً من أن تشكو منه ينبغي عليه أن يحمد الله عليه لأنه ليس فيه تعالٍ أو تفاخر أو أنانية وليس فيه الأنا والذات عالية، بل إنه يقول دائماً: ماذا أفعل؟ أنا لا شيء.
وكان مشايخنا - رحمهم الله - عندما أقول له: يا سيدي، فيقول لى: أنا تراب ابن تراب، أنا لا شيء، وكان بعض أهل الله يكتبون في رسائلهم: مِنْ (لا شيء) أي أنه ليس شيئاً في قِبَل الله سبحانه وتعالى.
واختتم جمعة أن هذا الشعور في الحقيقة شعور طيب، ولكن لابد ألا يتمكن من الإنسان حتى يصل به إلى عدم الثقة في غفران الله وبما أعده للمؤمنين من عفو ومن خير ومن مسامحة، فلابد من الموازنة في هذا، وهذا شعورٌ طيب بشرط أن يكون تحت مظلة الثقة بالله.