تراجع اهتمام المجتمع الدولي بالأزمة الليبية في الآونة الأخيرة….. فقد الوضع في ليبيا دوره التكويني في التأثير على العلاقات بين دول المنطقة. …. ومع ذلك، لا يزال الصراع في ليبيا يمثل قضية رئيسية بالنسبة لشمال إفريقيا.

 

لا تزال آفاق التسوية السياسية للصراع الليبي غير واضحة ولم يتم القضاء على الأسباب الجذرية للأزمة المستمرة منذ اثني عشر عامًا… على وجه الخصوص، تحافظ البلاد على مستوى عالٍ من التشرذم السياسي والاقتصادي داخل المجتمع الليبي.

 

 وتؤدي التأثيرات المتأخرة لجائحة كوفيد-19، وأزمة الغذاء العالمية، والركود العالمي إلى تفاقم هذه المشاكل… هناك عامل إضافي يؤثر سلبًا على الوضع في ليبيا وهو الصراع في السودان، الذي اندلع في أبريل 2023.

 

وفي المستقبل القريب، ستظل ليبيا معقلًا لعدم الاستقرار في شمال إفريقيا... لقد ثبت أن الإرهاب هو أحد أهم المشاكل المترتبة على عدم الاستقرار... ولا يوجد في ليبيا حاليًا جيش موحد أو قوات أمنية موحدة، الأمر الذي يهيئ المناخ الأكثر جاذبية للأنشطة الإرهابية الجديدة… وتؤدي المواجهات العرضية بين طرابلس وطبرق إلى تعقيد الحرب ضد الإرهاب بشكل كبير.

 

ولا تزال الجماعات الإرهابية والمتطرفة تجتاح ليبيا... ويشكل الإرهابيون من داعش والقاعدة وأنصار الشريعة وغيرها، من المنظمات المتمركزة في ليبيا تهديدا للمنطقة بأكملها. 

واستغل الإرهابيون الذين كانوا في ليبيا حالة عدم الاستقرار الداخلي في مالي وبوركينا فاسو، ونفذوا العديد من الهجمات المزعزعة للاستقرار في هذه البلدان… كما واجهت تونس مشكلة تسلل المسلحين الأجانب إلى البلاد، وجلب الأسلحة معهم إلى أراضيها.

 

 على سبيل المثال، في مارس 2016، قام مقاتلو داعش الذين تدربوا في ليبيا بغزو تونس، وقاتلوا مع قوات الأمن التونسية لعدة أيام….بالإضافة إلى ذلك، على مدى السنوات القليلة الماضية، نفذ الإرهابيون المتمركزون في ليبيا هجمات إرهابية متكررة في مصر. 

 

وهناك مشكلة أخرى تتعلق بالمقاتلين الليبيين في البلدان المجاورة…على وجه الخصوص، اندلع الصراع في مالي عام 2012، والذي سيؤثر لاحقًا على اشتباكات عام 2019 التي وقعت في تشاد، والتي شاركت فيها أيضًا الميليشيات الليبية… وبالإضافة إلى ذلك، قاتل مرتزقة سودانيون إلى جانب الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر… وفي عام 2021 كان هناك 11 ألف مرتزق من السودان في ليبيا… وهذا يعني أن هناك احتمالية لعودة هؤلاء المرتزقة السودانيين إلى بلادهم للمشاركة في الأعمال العدائية.

 

كما أثر تهريب الأسلحة والاتجار بالمخدرات عبر الحدود والاتجار بالبشر سلبًا على البلدان المجاورة لليبيا… وبعد اندلاع الحرب الأهلية في ليبيا عام 2011، انتشرت الأسلحة من ليبيا إلى مصر وتونس والسودان ودول أفريقية أخرى... وفي عام 2023، كانت هناك تقارير عن قوات مرتبطة بخليفة حفتر كانت تبيع الوقود، وكذلك الأسلحة والذخيرة والأدوية للوحدات شبه العسكرية التابعة لقوات الدعم السريع في السودان، التي كانت تقاتل آنذاك ضد الجيش الوطني السوداني.

 

ومع ذلك، فإن تأثير الوضع في ليبيا على المنطقة دون الإقليمية لا يقتصر على القضايا الأمنية فقط…. ويقوض الصراع الليبي ديناميكيات اقتصادات شمال إفريقيا... 

 

في عام 2021، أصدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا تقريرا أشارت فيه إلى أن الأزمة الليبية تثير صراعات في بلدان أخرى في القارة، مما يؤثر على التنمية الشاملة لاقتصاداتها….كما أشارت إلى أن الصراع يعيق أهداف التنمية المستدامة، بالإضافة إلى تأثيره السلبي على التكامل الاقتصادي الإقليمي. 

 

من الناحية الاقتصادية، كان للصراع الليبي التأثير الأكبر على تونس ومصر والسودان، وهذا صحيح بشكل خاص، بالنظر إلى أن ليبيا كانت تتمتع بعلاقات تجارية واقتصادية واستثمارية قوية مع تلك الدول قبل الحرب… كما تأثر الاقتصاد الجزائري سلبًا بالأزمة.

 

وبالتالي فإن الأزمة الليبية باعتبارها عاملا هاما يسهم في عدم الاستقرار الإقليمي… وتأثيرها على المنطقة الفرعية متجذر في المقام الأول في التعامل مع الإرهاب، فضلا عن تورط المقاتلين الليبيين في صراعات أخرى في شمال إفريقيا… بالإضافة إلى ذلك، لا تزال تجارة الأسلحة غير المشروعة مستمرة؛ وانتشاره إلى الدول المجاورة لليبيا يشكل عاملًا يؤثر على أمن القارة بأكملها.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: احمد ياسر ليبيا تونس شمال افريقيا الارهاب الجيش الليبي السودان مصر جائحة كورونا فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

مواطنون: اهتمام القيادة بالقطاعات الحيوية عزز رخاء الأسرة الإماراتية

أعرب مواطنون إماراتيون عن امتنانهم وتقديرهم للاهتمام المتزايد الذي توليه الدولة للقطاعات الحيوية التي تمس الحياة اليومية للأسر الإماراتية وتخدم استقرارها ورخاءها، ومن ضمنها قطاع الإسكان.

‎وشهد قطاع الإسكان الحكومي تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، بالتزامن مع إعلان الحكومة عن أحدث إنجازات هذا القطاع في ظل التوجيهات الحكيمة للقيادة الرشيدة لدولة الإمارات، وتحقيقاً لمستهدفات ضمان الاستقرار الأسري وتعزيز جودة الحياة للمواطنين.
وأوضح حمدان الأميري، أن حرص القيادة الرشيدة على توفير السكن الملائم للأسر الإماراتية يجسد رؤية الإمارات نحو مجتمع مستقر ومزدهر، مثنياً على الجهود المبذولة في هذا القطاع الحيوي، والقادرة على تحقيق تطلعات المواطنين وبناء مجتمع يتمتع بأعلى مستويات الاستقرار والرفاهية. استراتيجية مستقبلية من جانبه، أشاد أحمد المنصوري بجهود الدولة في تحقيق الاستقرار الأسري عبر سرعة استجابتها لاحتياجاتهم السكنية، من خلال تسريع وتيرة العمل على تنفيذ المشاريع الإسكانية، مع تبني سياسات تخدم احتياجات المواطنين.
ولفت إلى أن "دولة الإمارات تؤكد مرة أخرى أن سعادة المواطن ورفاهيته هما جوهر رؤيتها وأحد أهم أهدافها الاستراتيجية للمستقبل".
بدوره، أعرب المواطن أحمد عبدالله السعدي، عن شكره وتقديره لهذه الجهود التي تمثل استجابة لتطلعات أبناء الإمارات في الحصول على مسكن ملائم ومستقر، يمكنهم من تكوين أسرة في بيئة آمنة ومستقرة.
وأكد أن "الإنجازات التي تم تحقيقها في قطاع الإسكان الحكومي تعكس التزام القيادة الحكيمة بأولويات واستقرار الأسرة الإماراتية".

مقالات مشابهة

  • مبعوث أمريكا السابق لإيران يكشف لـCNN توقعاته بشأن سياسات ترامب تجاه طهران
  • أسامة السعيد: مصر صانعة للسلام ودورها محوري لتعزيز الاستقرار الإقليمي
  • حل أزمة نينوى هل هو مؤقت؟.. تحذيرات من عودة الصراع مع اقتراب الانتخابات - عاجل
  • الانتخابات الأمريكية 2024| العالم يهنئ ترامب.. السيسي: نتطلع إلى العمل سويًا من أجل إرساء السلام وحفظ الاستقرار الإقليمي.. وماكرون: تهانينا للرئيس الأمريكي الجديد
  • القماطي: شح الأسلحة في ليبيا بسبب شراء الاستخبارات الأوروبية 
  • هل يمكن العيش بلا أيديولوجيا؟.. الصادق الفقيه: مفتاح الاستقرار الإقليمي يرتكز على فهم الانقسامات
  • أ.د محمد حسن الزعبي يكتب .. دعاء المسنين للكاتب السجين
  • مواطنون: اهتمام القيادة بالقطاعات الحيوية عزز رخاء الأسرة الإماراتية
  • المرعاش: إذا لم يتحرك الشارع الليبي لرفض الهيمنة الأجنبية ودعم الجيش الوطني ستبقى ليبيا دولة فاشلة
  • مؤمن الجندي يكتب: "الإرهاب والكباب" من أبوتريكة إلى أحمد.. الرسالة واحدة