الساحل السوري وانكشاف الزيف الإنساني
تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT
يمانيون../
تتوارد الأخبار السوريّة المفجعة: صور ومشاهد يندى لها جبين الإنسانية، مجازر تتنقّل بحسب خطوات القتلة، إعدامات ميدانية مشهودة والتّهمة “علويّ” أو “مسيحيّ”. الساحل السوري أصبح بركة دم مسفوك بسيف التكفير والإرهاب المتعدّد الجنسيات. أطفال ونساء وعُجّز ورجال يتعرّضون لأبشع أنواع التعذيب قُبيل القتل.
بثّت “العربية” يوم أمس تقريرًا يتحدّث عن توزيع “هدايا رمضانية” على سكان الساحل السوري، ولم يصلها تعداد الضحايا الذين ملؤوا الشوارع والبيوت مغرقين بدمهم. للوهلة الأولى، يشعر المتلقي أنّ تقريرًا كهذا هو اشتراك فعلي بالقتل، فمحاولة التستّر على الجريمة جريمة أيضًا، فما حال محاولة التعتيم التّام على مجزرة لا يوجد في معجم توصيف الوحشية مفردة تفيها وحشيّتها.
وكما العربية، دول وشخصيّات رسمية، عادت سورية وحاربتها طوال سنين بذريعة أنّ النظام فيها يقمع شعبه، تغضّ طرفها اليوم عن جريمة متواصلة، يستهدف فيها القاتل السوريين العُزّل في بيوتهم وأحيائهم، ويستقدم مرتزقة متوحشين من كلّ أصقاع الأرض كي يرتكبوا كلّ ما يمكن من فِعال مجرمة: سبي واغتصاب وتنكيل وإذلال وقتل بمختلف الطرق وبعد القتل تنكيل بالجثث وانتهاك لكل الحرمات!
يتحدّث القتلة عن فعالهم بفخر في فيديوهات لا يخجلون من بثّها على منصات التواصل، ويتبجّح مؤيدوهم بما يسمّونه انتقامًا من “فلول النظام السابق”. لنسلّم جدلًا أنّ هؤلاء الضحايا وبالأخصّ الأطفال هم من مؤيّدي النظام السابق، هل يبيح هذا الأمر التنكيل بهم وقتلهم؟! دعنا من كلّ الشعارات الزائفة التي تمجّد الديمقراطية وحريّة الفكر والاعتقاد، ما الذي قد يبرّر هذا المستوى من العنف، هذا الإرهاب، هذا التطهير الديني والمذهبي؟ وما الذي قد يدفع بالأنظمة والدّول للسكوت عنه بهذا الشكل الذي لا يمكن إلّا أن يكون اشتراكًا في الجريمة؟
وللمفارقة، حين يقوم “مسلم” أو “عربي” أو “ذو أصول عربية” بارتكاب جريمة قتل في الغرب، ولو بخلفية جنائية، يتمّ تحويلها إلى جريمة إرهابية بخلفية دينية أو مذهبية، وتسارع دول وسفارات لتصدير بيانات إدانة وشجب، ويتسابق عربٌ ومسلمون وذوو أصول عربية للتبرّؤ من فعلة الفاعل، وكذلك تسارع منظمات حقوقية لتبرير الإسلاموفوبيا ومداواة المجروحة قلوبهم من المشهد. أما أمام المشهد السوريّ الدامي والواضح، يصمت بعض هؤلاء متجاهلًا المشهد، وبعضهم الآخر يصفّق له أو يجتهد في صناعة المبرّرات والذرائع.
تحدّثت “فوكس نيوز” عن أربعة آلاف قتيل من العلويين والشيعة والمسيحيين في الساحل السوري خلال اليومين الماضيين، وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن تخطّي عدد الضحايا للألف بين نساء ورجال وأطفال وعجّز. تمتلأ منصّات التواصل بالتسجيلات والفيديوهات المرعبة. وتتردّد أصداء نداءات الاستغاثة وأنّات الاحتضار من شوارع وبيوت الساحل السوري؛ ويصمت الذين ملؤوا الدنيا ضجيجًا في كلّ مرّة تحدّثوا فيها عن النظام السوري السابق! يصمت المنادون بحقوق الإنسان، والمحاضرون بحريّة المعتقد، والمبتهجون بتحرير السجناء مهما كان نوع الارتكاب الذي أدى إلى سجنهم.. يصمت الخطباء الذين كانوا يبلّلون المنابر بدموعهم إشفاقًا على “الأبرياء” في إدلب مثلًا.. يصمت الذين استخدموا كلّ وسائل الإعلام كي يدينوا ارتكابات النظام بحقّ الجماعات التكفيرية على مدى سنوات.. يصمت كلّ هؤلاء، في ما يتدفّق الدم المظلوم المستباح بخلفية دينية ومذهبية.. ما نشاهده اليوم هو ليس مجرّد انكشاف إنسانية مزيّفة وشعارات كاذبة.. ما نشاهده من صمت حيال الأحداث الدامية هذه هو اشتراك ميدانيّ بجريمة تطهير وإبادة، وفي مكان ما قد يكون تحريضًا عليها.
في الساحل السوريّ الآن، رائحة الدم المسفوك أقوى من كلّ الكلمات.. وأقوى من الصمت التعتيميّ والسكوت الذي يدفع القاتل إلى مواصلة جريمته.
موقع العهد الإخباري – ليلى عماشا
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الساحل السوری
إقرأ أيضاً:
الكشف عن ضبط كميات من الأسلحة والذخيرة بأوكار فلول النظام السابق في اللاذقية
من جهتها، أفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن إدارة الأمن العام ضبطت كميات من الأسلحة والذخائر المتنوعة بأحد أوكار فلول النظام البائد في مدينة اللاذقية.
وأوضح مصدر بإدارة الأمن العام لـ«سانا» أنه تمت «مصادرة أكثر من 200 آلية كانت قد سرقت من قبل ضعاف النفوس واللصوص من مدينة جبلة وما حولها مستغلين حالة عدم الاستقرار بسبب أفعال فلول النظام البائد، حيث تم اعتقال عدد كبير من اللصوص وسيتم إعادة الآليات إلى أصحابها أصولاً».
وكتبت وكالة «سانا» في منشور عبر منصة «إكس»، «ضمن جهود إعاد الأمن والاستقرار في محافظة اللاذقية، قوى الشرطة والأمن تضبط عدد من المسروقات من ممتلكات الأهالي بعد حالة الفوضى والتجاوزات التي تسبب بها هجمات فلول النظام البائد». كما وأعلن الأمن العام السوري اليوم أنه يقوم بتسيير أرتال إضافية لحماية أهالي الساحل من أي تجاوزات.
وتحدث الجهاز أيضا عن اعتقال مجموعة عسكرية غير منضبطة ارتكبت انتهاكات بحق مدنيين، وفق ما نقله «تلفزيون سوريا». وقال الأمن العام ان الجيش يقوم بإغلاق الطرق المؤدية إلى الساحل وإعادة الأشخاص غير المكلفين بمهام عسكرية.
ودفعت وزارة الدفاع السورية أمس (الجمعة) بتعزيزات عسكرية تضم دبابات وعربات مصفحة إلى مناطق الاشتباكات في الساحل السوري، بعد سقوط قتلى وجرحى في الاشتباكات مع فلول النظام السابق.
وقال الرئيس السوري أحمد الشرع، الجمعة، إن قوات الأمن ستستمر في ملاحقة فلول النظام السابق لتقديمهم للمحاكمة، مؤكداً أن فلول النظام يسعون لتقويض الأمن في البلاد.
وأضاف الشرع، في كلمة مسجلة، حول الاشتباكات الحالية بين قوات الأمن وفلول النظام السابق في مناطق منها اللاذقية وطرطوس، أن فلول النظام سعوا لـ«اختبار سوريا الجديدة التي يجهلونها».
وشهدت مناطق سورية، منها الساحل السوري، اشتباكات بين قوات الأمن وفلول النظام السابق؛ ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وأعلن الناطق باسم وزارة الدفاع السورية حسن عبد الغني، أمس، فرض السيطرة الكاملة على مدينتَي طرطوس واللاذقية