وفي خضم ظروف الحرب التي يمر بها السودان، استعرضت الحلقة بتاريخ 2025/3/9 من برنامج "عمران" لمحة عن الحياة اليومية التي تستمر رغم الصعاب.

وسلط الضوء على مظهر من مظاهر الحياة في ريف كسلا شرق السودان، حيث تجمع سكان المنطقة والنازحون حول مباراة كرة قدم أطلق عليها "كلاسيكو وادي شريفي" بين فريقي الشباب والمتوكل.

واستهل مقدم البرنامج الإعلامي سوار الذهب الحلقة بمقولة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش "نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا" مؤكدا أن السودانيين يواصلون الحياة رغم ظروف الحرب، ويحاولون إيجاد لحظات من السعادة والإبداع.

وأشار البرنامج إلى عادة سودانية أصيلة تتمثل في "تمرين الصباح" وهي التمارين الرياضية التي تقام بعد صلاة الفجر.

وتمثل هذه العادة جزءاً من النسيج الاجتماعي السوداني، حيث يلتقي السكان للعب كرة القدم في الصباح الباكر، مما يعزز الترابط الاجتماعي ويحافظ على اللياقة البدنية.

وتتميز الكرة في السودان بالاحتفال بالمهارات الفردية أكثر من الأهداف نفسها، ويصف البرنامج مصطلحين رئيسيين في ثقافة كرة القدم السودانية: الجلابية" عندما يمرر اللاعب الكرة فوق خصمه، يهتف الجمهور "لبس الجلابية" ومصطلح "البيضة": عندما تمر الكرة بين قدمي اللاعب المنافس، وهي مهارة يحتفل بها الجمهور أكثر من الأهداف.

إعلان

وتعكس هذه التقاليد الكروية قيم المجتمع السوداني الذي يثمن الجمال والمهارة والإبداع، وليس فقط النتيجة النهائية.

مبادرة نفسية

وأفرد البرنامج فقرة لمباراة بين فريقي الشباب والمتوكل جرت في إطار مبادرة نفسية لدعم النازحين في المنطقة، وتكاتف السكان المحليون لتنظيمها بهدف إدخال الفرحة على قلوب النازحين ومنحهم لحظات من النسيان وسط معاناتهم.

وتميزت المباراة بروح رياضية عالية وحضور جماهيري متحمس، كما ظهرت مواهب محلية في مجال التعليق الرياضي، حيث قام شاب محلي يدعى كرار بالمشاركة في تعليق المباراة، مما أضفى طابعاً محلياً على الحدث.

وانتهت المباراة بفوز المتوكل بركلات الترجيح بعد تعادل الفريقين في الوقت الأصلي، غير أن النتيجة تعتبر ثانوية مقارنة بالأثر الاجتماعي للمباراة التي جمعت أهالي المنطقة والنازحين في جو من الفرح والتضامن.

كما عبر المعلق عن ذلك في ختام المباراة "لا فريق فائزا في مباراة اليوم، الجميع فائز" مؤكداً أن الهدف الحقيقي كان إيجاد لحظات من الفرح والوحدة وسط الظروف الصعبة.

وأشاد البرنامج بمنطقة واد شريفي التي مثلت "السودان خير تمثيل" باستقبالها للنازحين، حيث كانت كما قال الشاعر "كل أجزائه لنا وطن".

وختم البرنامج برسالة مفادها أن الحياة تستمر رغم كل الصعاب، وأن السودانيين يجدون طرقاً للتعايش مع الواقع الصعب والاستمرار في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي قدر الإمكان، وتعتبر أنشطة مثل الكرة القدم مجرد ترفيه بل وسيلة للحفاظ على التماسك الاجتماعي وبث الأمل في نفوس الناس خلال الأزمات.

9/3/2025

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان

إقرأ أيضاً:

مكاوي محمد عوض: شغل مختلف!

استمعت على مدى ساعتين ونصف للباشمهندس مكاوي محمد عوض وزير النفط السابق وهو يتحدث في تسجيل بالفيديو (بودكاست بصمة خضراء). معظم وقت الحلقة تناول أعمال مكاوي في الهيئة القومية للكهرباء حيث قضى أطول فترة من سنوات خدمته (12) عامًا.
ويبدأ مكاوي الحكاية بنشأته الأولى في قرية أقجة بدنقلا وخلوة سيدنا عبد الكريم والد الفنان زكي عبد الكريم الذي كان شيخ الحِيران.

يسأل مقدم الحلقة عن سبب اختيار تخصص الكهرباء للدراسة فيقول مكاوي: “نحن طبعا اتولدنا في قرية ما فيها كهرباء، ولما جينا الخرطوم لقينا الكهربة… اخترت الكهربة لأننا دايرين كهربة… وأشواقي أن أكون في مكان فيه كهربة).

هذا الطموح المتواضع حمل الفتى مكاوي ليسهم في مجال تنموي مهم يتعلق بتطوير مجال الكهرباء بالسودان. بدأ مشواره مع الكهرباء منذ تعيينه في الإدارة المركزية للكهرباء والمياه فور التخرج عندما كان التعيين للدفعة كلها (28 خريج) بحجزها في المصالح الحكومية، و”المرتب يدوِّر. ما كنا بنهبش المرتب لأن مكافأة التدريب اللي كنا بناخذها في المحطات الخارجية وهي جنيه ونصف في اليوم كانت تكفي لمعيشتنا” يقول مكاوي.

ويختار النقل إلى مصنع النسيج السوداني لوجود فرص دراسات عليا ليبتعث إلى جامعة برادفورد في بريطانيا ويعود بالماجستير. لكن ظروف البلاد الاقتصادية تدفع بالكثير من جيله للهجرة إلى السعودية ليعود منها سنة 1989 مع حكومة الإنقاذ. وتكون عودته إلى جامعة السودان حتى يصبح رئيسًا لقسم الكهرباء، لينتدب منها إلى الهيئة القومية للكهرباء (مدير أول) الكهرباء بمنطقة الخرطوم، ولا يلبث أن يعين مديرًا عاما للهيئة.

بتلقائية يحكي الباشمهندس مكاوي قصته مع الكهرباء وعزمه على التغيير، وما جرَّ عليه ذلك من مقاومة ومعارضة، أشدها من النقابات والصحافة.

من نوع المشكلات التي واجهته مشكلة المبيعات حيث كانت فاتورة الكهرباء تستغرق 32 خطوة حتى تخرج إلى المستهلك، ويضطر إلى التعامل مع المتأخرات بحملات القطع، حيث يستغرق الموظفون ساعات طوالا يحملون سلالمهم. وواجه الفاقد التجاري وهو الاسم المخفف للسرقات أو (الجبَّادات). كانت البداية بعمل إحصائي وجمع وتصحيح المعلومات، وانتدب لها فريقًا من الشباب. واشتغل بالتدريب على نطاق واسع وإرسال المتدربين للخارج وفي بعثات داخلية.

ويتناول الباشمهندس تفاصيل دقيقة في هذا التغيير الذي أتى بنتائج سريعة. مثلا كان دخل الهيئة كله لا يوفي المرتبات، في حين أن 7% من الدخل فقط استوفى المرتبات بعد اكتمال الخطة الخمسية.

أدخال نظام الدفع المقدم الذي سموه (الجمرة الخبيثة)، ووجد مقاومة شديدة أول الأمر. وبدأ إدخال النظام الجديد ابتداءً من بيت رئيس الجمهورية ثم في أحياء المنشية والرياض. وألزم المساجد بالدفع وقالوا له إن الرئيس نميري أعفى المساجد من دفع فواتير الكهرباء، وبالتقصي عرف أن قرار الرئيس نميري لم يكن إعفاءً إنما إلزام وزارة الإرشاد والأوقاف بكهرباء المساجد. وألزم المحليات بدفع كهرباء أعمدة الإنارة في الشوارع، واستطاع مع المحليات ووزارة الإرشاد التوصل لطرق التمويل لأسعار الكهرباء.

ونظام عداد الدفع المقدم أخذه مكاوي من جنوب إفريقيا التي لجأت إليها مضطرة بسبب التمييز العنصري، حيث إن قارئ العداد ظل مستهدفًا بالضرب حين يأتي أبيض إلى بيوت السود، أو اسود إلى بيوت البيض.

وتعامل مع الترهل في العاملين إذ كانت الهيئة تعاني تضخمًا كبيرا، ومن صور التضخم المضحكة أن السائقين كانت لديهم عدة مراتب وظيفة؛ سائق ثم رئيس سواقين، ثم مراقب سواقين، ثم ملاحظ سواقين، واستحدثوا أخيرًا وظيف بمسمى شيخ السواقين.

لم تكن الأقسام الخدمية على ما يرام… عدة فرق عمل اشتغلت أيامًا لتركيب مكيف في بيته، والنتيجة أن المكيف لم يشتغل، فاستأجر شخصًا من السوق أعاد تركيب المكيف.

عند انقضاء الخطة الخمسية الأولى تجاوزت البلاد أزمة الكهرباء، ودخلت معظم أنحاء البلاد في الشبكة القومية، وتهيأت للمزيد من الإنجاز في الخطة الخمسية الثانية التي كانت ترمي إلى زيادة إنتاج الكهرباء لتصبح 5000 خمسة آلاف ميجاواط، وكان الإنتاج نحو 90 ميجا واط فقط عندما تسلمها مكاوي.

ويروي مكاوي قصة في أنه أعلن عن ميعاد لدخول عطبرة في الشبكة القومية، فاستدعاه الرئيس ليسأله عن ذلك، وكيف يقوم بخطوة كبيرة مثل هذه دون أن يبلغ الرئيس!
بعد ذلك يستمر مكاوي في سرد قصته بالسكة حديد، عندما نُقل إليها مديرًا، وكان مدير السكة حديد هو الشخص الرابع من حيث ترتيب البروتوكول في حكومة السودان عندما خرج المستعمر. وكان يستقبل بالبروجي عندما يصل إلى مقر الإدارة في عطبرة. وقته في تغيير فلنكات السكة حديد لم يقل في معاناته الأولى في الكهرباء.

مكاوي استطاع أن يوثق أعماله في الكهرباء بكتاب عنوانه: ملامح الإصلاح والارتقاء في الهيئة القومية للكهرباء، وهناك كتاب آخر يحمل عنوان: سكك حديد السودان من كتشنر إلى مكاوي، واسم المؤلف لم يذكر.

يصف مكاوي ما اضطلع به شباب السودان في الكهرباء بأنها معركة أشبه بمعركة الكرامة التي يخوضونها الآن.

ولا شك أن شباب السودان ينتظرهم الجهاد الأكبر؛ جهاد التنمية والبناء فور عودتهم من الجهاد الأصغر في معركة الكرامة، فهل تتهيأ لهم الأجواء السياسية لينطلق السودان نحو مستقبله؟
نرجو ذلك.

عثمان أبوزيد ـ مكة المكرمة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • «النيران الصديقة» تعيد الإنتر إلى الحياة في «الكالشيو»
  • مكاوي محمد عوض: شغل مختلف!
  • في أسبوعين..100 قتيل بالكوليرا تقتل نحو 100 شخص في السودان
  • سلة الاتحاد تهزم الأهلي 87 / 84 فى دوري السوبر
  • رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية : يسوع ليس مجرد اسم ننطقه بل قوة تمنح الحياة
  • “شِعب الجرار” إحدى المكونات الطبيعية التي تعزّز الحياة الفطرية والبيئية في جبل أحد بالمدينة المنورة
  • عودة 9 مصريين احتجزتهم قوات الدعم السريع بالسودان 19 شهرا
  • قانون الضمان الاجتماعي.. تعرف على الحالات التي تحرمك من الدعم النقدي
  • «المصريين»: عودة أبناء الوطن المختطفين بالسودان يعكس قدرة الدولة على حماية مواطنيها