تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يحلم ترامب بإمبراطورية ماجا، لكنه على الأرجح سيترك لنا جحيمًا نوويًا، ويمكن للإمبريالية الجديدة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن تجعل العالم المروع الذى صوره صانعو أفلام الحرب الباردة حقيقة.. هكذا بدأ ألكسندر هيرست تحليله الشامل حول رؤية ترامب.

فى سعيه إلى الهيمنة العالمية، أصبحت رؤية ترامب لأمريكا الإمبريالية أكثر وضوحًا.

ومع استعانة الإدارة الحالية بشكل كبير بدليل استبدادى وإظهار عداء متزايد تجاه الحلفاء السابقين، أصبحت خطط ترامب للتوسع الجيوسياسى واضحة. تصور الخرائط المتداولة بين أنصار ترامب، والمعروفة باسم "مجال الماجا"، استراتيجية جريئة لإعادة تشكيل العالم. كشف خطاب ترامب أن أمريكا الإمبريالية عازمة على ضم الأراضى المجاورة، بما فى ذلك كندا وجرينلاند وقناة بنما، مما يعكس طموحه المستمر لتعزيز السلطة على نصف الكرة الغربى.

تعكس هذه الرؤية لعبة الطاولة "المخاطرة" فى طموحاتها، مع فكرة السيطرة على أمريكا الشمالية فى قلب الأهداف الجيوسياسية لترامب. ومع ذلك، فإن هذه النظرة العالمية تضع الاتحاد الأوروبى أيضًا كهدف أساسى للعداء. إن ازدراء ترامب للتعددية وسيادة القانون والضوابط الحكومية على السلطة يشير إلى عصر من الهيمنة الأمريكية غير المقيدة، وهو العصر الذى قد تكون له عواقب عميقة وكارثية على الأمن العالمى.

مخاطر منتظرة

مع دفع ترامب إلى الأمام بهذه الطموحات الإمبريالية، يلوح شبح الصراع النووى فى الأفق. لقد شهدت فترة الحرب الباردة العديد من الحوادث التى كادت تؤدى إلى كارثة، مع حوادث مثل أزمة الصواريخ الكوبية فى عام ١٩٦٢ والإنذار النووى السوفيتى فى عام ١٩٨٣ الذى كاد يدفع العالم إلى الكارثة. واليوم، قد تؤدى تحولات السياسة الخارجية لترامب، وخاصة سحب الدعم الأمريكى من الاتفاقيات العالمية وموقفه من أوكرانيا، إلى إبطال عقود من جهود منع الانتشار النووى.

مع تحالف الولايات المتحدة بشكل متزايد مع روسيا، يصبح خطر سباق التسلح النووى الجديد أكثر واقعية. الواقع أن دولًا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وكندا، التى اعتمدت تاريخيًا على الضمانات الأمنية الأمريكية، قد تشعر قريبًا بالحاجة إلى السعى إلى امتلاك ترساناتها النووية الخاصة. وفى الوقت نفسه، قد تؤدى دول مثل إيران إلى إشعال سباق تسلح أوسع نطاقًا فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط، إذا تجاوزت العتبة النووية.

رد أوروبا

بدأ الزعماء الأوروبيون، وخاصة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى الاعتراف بمخاطر عالم قد لا تكون فيه الولايات المتحدة حليفًا موثوقًا به. وأكدت تعليقات ماكرون الأخيرة على الحاجة إلى استعداد أوروبا لمستقبل قد لا تتمسك فيه الولايات المتحدة بضماناتها الأمنية، وخاصة فى ضوء سياسات ترامب الأخيرة. فتحت فرنسا، الدولة الوحيدة فى الاتحاد الأوروبى التى تمتلك أسلحة نووية، الباب أمام توسيع رادعها النووى فى مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبى. ومع ذلك، يظل السؤال مطروحًا: حتى لو مدت فرنسا قدراتها النووية إلى أعضاء آخرين فى الاتحاد الأوروبى، فهل سيكون ذلك كافيًا لحماية أوروبا من التهديدات الوشيكة التى تشكلها كل من روسيا والدول المسلحة نوويًا الأخرى؟

إن التوترات المتصاعدة بين حلف شمال الأطلسى وروسيا بشأن غزو أوكرانيا والتهديدات النووية الروسية المتكررة تؤكد على الحاجة الملحة إلى أوروبا فى سعيها إلى رادع أكثر استقلالية وقوة. وإذا لم تتمكن أوروبا من الاعتماد على الولايات المتحدة، فقد تحتاج فى نهاية المطاف إلى إنشاء آلية دفاع نووى خاصة بها.

عالم منقسم

قد تكون تداعيات رؤية ترامب كارثية. فمع إعادة تسليح العالم بسرعة، ترتفع مخزونات الدفاع، ويرتفع الإنفاق العسكرى إلى مستويات غير مسبوقة. ويتم توجيه الموارد التى ينبغى استثمارها فى الرعاية الصحية والتعليم وحماية البيئة واستكشاف الفضاء بدلًا من ذلك إلى ميزانيات الدفاع. وإذا سُمح لسياسات ترامب بالاستمرار، فقد تؤدى إلى عالم حيث تصبح الحرب حتمية، أو على الأقل، حيث يتحول توازن القوى العالمى بشكل كبير. مع ارتفاع الإنفاق الدفاعى العالمى، هناك إدراك قاتم بأن البشرية تتراجع إلى نظام عالمى خطير ومتقلب، حيث يتم التركيز بدلًا من ذلك على العسكرة والصراع.

ضرورة التأمل

ويمضى ألكسندر هيرست قائلًا: فى مواجهة هذه التحولات الجيوسياسية، أجد نفسى أفكر فى التباين بين العالم الذى حلمت به ذات يوم والعالم الذى يتكشف أمامنا. عندما كنت طفلًا، كنت أحلم بالذهاب إلى الفضاء، ورؤية الأرض من مدارها. اليوم، أود أن أستبدل هذا الحلم بالأمل فى أن يضطر أصحاب السلطة إلى النظر إلى الكوكب الذى يهددونه من الأعلى. ولعل رؤية الأرض من الفضاء، كما ذكر العديد من رواد الفضاء، تقدم لهم منظورًا متواضعًا، قد يغير وجهات نظرهم الضيقة المهووسة بالسلطة.

إن رواية سامانثا هارفى "أوربيتال" التى تدور أحداثها حول رواد الفضاء، تلخص هذه الفكرة بشكل مؤثر: "بعض المعادن تفصلنا عن الفراغ؛ الموت قريب للغاية. الحياة فى كل مكان، فى كل مكان". يبدو أن هذا الدرس المتعلق بالترابط والاعتراف بالجمال الهش للحياة على الأرض قد ضاع على أولئك الذين يمسكون الآن بزمام السلطة. وقد يعتمد مستقبل كوكبنا على ما إذا كان هؤلاء القادة سيتعلمون يومًا ما النظر إلى ما هو أبعد من طموحاتهم الإمبراطورية والاعتراف بقيمة العالم الذى نتقاسمه جميعًا.

*الجارديان

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ترامب ماجا دونالد ترامب أمريكا الإمبريالية الاتحاد الأوروبى

إقرأ أيضاً:

أوروبا في مهب رياح دونالد ترامب

الادعاء بأن السياسة الخارجية الأمريكية تسترشد بالمُثل العليا للديمقراطية والحرية وسيادة القانون وحقوق الإنسان، وما إلى ذلك، باتت اليوم محل طعن بما لا يدع مجالا للشك أمام تصرفات الإدارة الأمريكية، سواء بوجهها الديمقراطي زمن جو بايدن وما طال المنطقة من انتهاكات صارخة يندى لها جبين الإنسانية في حرب غزة، أو مع الرئيس الحالي دونالد ترامب الذي يواصل احتضان مجرمي الحرب، ويعاقب حتى المحاكم الدولية، التي تحاول البحث في جرائم حرب الكيان الصهيوني. وهو إلى جانب ذلك يرمي بكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية عرض الحائط، دون اكتراث أو مسؤولية.

تغير خطاب السياسة الخارجية الأمريكية تجاه روسيا، وتصريح ترامب الواضح بضرورة فرض صفقة وقبول أوكرانيا بها كأمر واقع، وفق ما سيتفق عليه الرئيس الأمريكي مع نظيره الروسي، جميعها تحولات مهمة تزيد من إرباك الساسة الأوروبيين الذين وجدوا أنفسهم في مهب الريح، وهم يشاهدون كيف يهان زيلينسكي في البيت الأبيض. ماذا عن فكرة تشكيل جبهة غربية، موحدة، وقوية، لمواجهة بوتين دون هوادة؟ يبدو أنها باءت بالفشل.

والصورة الأوضح، هي لتكتل مكون من27 دولة، مقسم، مرتبك في إصدار القرارات المتعلقة بالسياسات الخارجية، ومنها العقوبات. وتتفاوت تأثيرات الأزمة بين دوله، ولا يجتمع على شيء. وتلك نقطة ضعف يستفيد منها بوتين إلى أقصى حد. ومع عودة ترامب للبيت الأبيض تتجه الأمور لمصلحة روسيا أكثر من أي وقت مضى، على امتداد صراعها مع الغرب. تعرضت الحكومات الأوروبية لضغوط شعبية كبيرة بسبب موقفها من الحرب في أوكرانيا، وهذه الدول تواجه اليوم مخاطر غير مسبوقة.
الصين لديها معدل نمو اقتصادي يزيد على ضعف معدل نمو الولايات المتحدة
ويبدو أن هذه الضغوط ستزداد مع انفراد روسيا عمليا بالمصير الأوكراني، بعد تخلي الولايات المتحدة عن دعمها لهذه الحرب بسبب رفض أوكرانيا إعطاء ترامب المعادن الثمينة لقاء ما قدّمته الإدارة الأمريكية لكييف من أسلحة وعتاد ودعم سياسي ودبلوماسي. وأمام أزمة الطاقة والتضخم وارتفاع الأسعار من جهة، ومطالبة الجماهير بسياسة اجتماعية عادلة، وسياسة بيئية حقيقية، من جهة ثانية، لن تخرج أوروبا من هذه الأزمة إلّا وهي معرّضة لخسائر فادحة، وإن بنسب متفاوتة بين دولها. هذه الحكومات التي ارتهنت لواشنطن، وركنت للتبعية في السياسة الخارجية والقرارات الجيوسياسية، تجد نفسها اليوم وحيدة بعد تعويلها المفرط على الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. رغم أن أسلوب ترامب وشخصيته وتفضيلاته، لا تشبه أي زعيم معاصر بقدر ما تشبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن صداقة ترامب وبوتين لن تكون ضمانا لعلاقات تعاونية بين الولايات المتحدة وروسيا، رغم كل ما يبدو من توافق في التوجهات. يعد ترامب قوة مفاقمة في هذه الحرب الباردة الجديدة خاصة مع الصين، التي لم يصعّد لهجته تجاهها بعد، مع أن ذلك متوقع في الأيام. المقبلة، وبسبب نزعته الشعبوية ونرجسيته المفرطة، وعدم استقرار آرائه، ناهيك من عدم القدرة على التنبؤ بقراراته، يبقى الغموض سيد السياسة الخارجية الأمريكية في خطوطها العريضة، رغم ما يطرح من تقديرات استشرافية يطرحها كثيرون أمثال جان دوتكيويتز، ودومينيك ستيكوتا وغيرهما.

الصين لديها معدل نمو اقتصادي يزيد على ضعف معدل نمو الولايات المتحدة، كما أنها تمتلك ناتجا محليا إجماليا قريبا من مثيله في الولايات المتحدة، ويبلغ عدد سكانها ثلاثة أضعاف مثيلتها في الولايات المتحدة. وهناك مصلحة عالمية مشتركة كبيرة غير مسبوقة في الازدهار المتبادل وحماية الكوكب من التدهور البيئي. المؤكد في المدى المنظور في نظر عديد المراقبين، أنه من غير المرجح أن تقوم الولايات المتحدة وروسيا والصين بإقامة “سلام دافئ”، مثل السلام الذي تتمتع به أوروبا الغربية، أو بين أوروبا والولايات المتحدة وحلفائها الآخرين. ستكون استعادة احتمالات التسوية الدبلوماسية صعبة، بعد الصدمة، ومآسي الحرب والعقوبات الانتقامية الشديدة، التي نجمت عن غزو أوكرانيا. لكن حتى أسوأ الحروب تنتهي. مايكل براون وإريك تشوينغ وبافنيت سينغ، يُجمِعون على أنه يجب على الولايات المتّحدة أن تستعدّ لماراثون القوّة العظمى، وهو سباق اقتصادي وتكنولوجي مع الصين ليس من المرجّح أن يصل إلى نتيجة حاسمة. ولا بدّ للمجتمع الأمريكي، كما يصرّ الأمميون الليبراليون، أن يبقى في تأهّب للحرب في المستقبل المنظور، أما السّلام فغير وارد.

يعتقد ترامب ونائبه فانس أن روسيا لديها أسباب مشروعة معينة لرؤية الطموحات الغربية في أوكرانيا، باعتبارها تهديدا لأمنها ومصالحها الحيوية. وينظران إلى هذه الحرب باعتبارها جزءا من صراع جيوسياسي أوسع بين الغرب وروسيا بشأن توسع حلف شمال الأطلسي والنظام الأمني في أوروبا.


وفي غياب الدبلوماسية، يعتقدان أن دوامة الفعل وردود الفعل في هذا الصراع الجيوسياسي تتفاقم مع إصرار أوكرانيا على مواصلة المواجهة بدعم غربي، ما يعرض الجميع للخطر، ويمضي بالجميع، على حد تعبير ترامب، نحو “الحرب العالمية الثالثة”. ترامب عازم فيما يبدو على عدم تقديم أي التزامات أمنية أمريكية أخرى في أوروبا خارج حدود حلف شمال الأطلسي الحالية. بالنسبة إليه، بوتين سيعقد صفقة ويلتزم بها إذا استوفت الشروط الأساسية لروسيا. وليس لدى بوتين أي نية لمهاجمة حلف شمال الأطلسي مادام الحلف لا يشكل تهديدا على أمن روسيا القومي، بالشكل الذي يحاصر مجالها الجغرافيا وحزامها الأمني الاستراتيجي. وهذه رؤية معقولة، لكنها تطرح تساؤلات بالمقابل، لماذا أوصلت الولايات المتحدة الأمور لهذه النقطة من المواجهة، وهي التي عملت على توسع الناتو نحو الحدود الشرقية وتشجيع انضمام جمهوريات سوفييتية سابقة إلى الحلف الأطلسي؟ هل هي سياسات أشخاص أم استراتيجية دولة؟ من يقود أمريكا؟

وصف ترامب، حلف “الناتو” في أكثر من خطاب بأنه “عفا عليه الزمن”، بل إنه اقترح في أكثر من مناسبة، انسحاب الولايات المتحدة من الحلف، وأخبر مجلس الأمن القومي في يوليو 2018 أنه يعتقد أن الحلف يستنزف موارد الولايات المتحدة. أكبر مخاوف الأوروبيين فيما يتعلق بالأزمة مع روسيا التي لا بوادر عملية على حلّها تختلف من بلد إلى آخر.

ووسط الانقسامات الأوروبية المتواصلة، تفتقد مثل هذه الحكومات بحكم تبعيتها للولايات المتحدة على مدى عقود إلى التخطيط لحالات الطوارئ، مع أنّ بعض السياسيين حافظوا على توازن المصالح وفق درجة من الحنكة السياسية، وأبرزهم المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، التي حرصت طيلة سنواتها الـ 16 في السلطة، على المحافظة على العلاقة مع روسيا، في محاولة لفصل الخلافات الجيوسياسية عن المصالح الاقتصادية بين البلدين. في المحصلة، يبدو أن الحلف والدول الأعضاء أنفسهم مطالبين بصياغة أهداف جديدة تتماشى مع المصالح الحالية، ترامب يدعوهم صراحة إلى تخفيف التركيز المبالغ فيه على روسيا، وتنويع آليات العمل حتى لا تقتصر فقط على القوة العسكرية، وكأنه يقول وهو رجل المال والأعمال: ما من سبيل سوى إعطاء مساحة أكبر للسياسة والدبلوماسية، والشراكة الاقتصادية، وقبل هذا وذاك “الصفقات المربحة”.

المصدر: القدس العربي

مقالات مشابهة

  • لماذا اعلن الرئيس الأمريكي ترامب انه سيمدد مهلة بيع تيك توك في الولايات المتحدة؟
  • مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب : اللقاء مع حماس كان إيجابياً.. وناقشنا هدنة مطولة
  • أوروبا تواجه صدمة عاطفية.. عصر جديد يلوح في الأفق
  • زيلينسكي: سأجتمع مع بن سلمان ولن ألتقي الوفد الأمريكي في الرياض
  • هكذا تجعل الحرب التجارية مع كندا والمكسيك مونديال 2026 أكثر إثارة
  • برلمانية: كلمة الرئيس السيسي تعكس رؤية مصر لإعداد جيل واعٍ وقادر على مواجهة التحديات
  • الرئيس الأمريكي: واشنطن قد تفرض رسوما جمركية متبادلة اعتبارا من اليوم
  • رمضان يعني.. ابتهالات النقشبندي والأذان بصوت محمد رفعت وخواطر الشعراوي
  • أوروبا في مهب رياح دونالد ترامب