لا يُمكِن إنكار ما يُمثِّله التعليم من أهمِّية كبرى في عالَمنا المعاصر، فهناك علاقة وثيقة بَيْنَ طُرق وبرامج التعليم التي تعتمدها الدوَل بمدى التقدُّم الحضاريِّ الذي وصلت إليه، فهو أداة مهمَّة من أدوات التجديد. لذا تحرص الدوَل المتقدِّمة على مراجعة خطط التعليم ونُظُمه وبرامجه واستراتيجيَّاته بشكلٍ دَوْريٍّ؛ للتعرُّف على مدى القدرة على تحقيق الأهداف المنوط به تحقيقها، خصوصًا ونحن نعيش في عالَم متغيِّر، تتغيَّر متطلَّباته بشكلٍ متسارع، وتفرض تحدِّيات كثيرة أبرزها ارتباط مخرجات التعليم باحتياجات سُوق العمل.

فالأوضاع الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة في عالَمنا الحديث تفرض ضرورة ملحَّة لربط مخرجات التعليم باحتياجات سُوق العمل؛ وذلك عَبْرَ وضع مجموعة من السِّياسات الموَجَّهة لبرامج وخطط التعليم وأساليبه بما يتوافق مع حاجة سُوق العمل ومتطلَّباته التقنيَّة والمهنيَّة الحديثة.
ولعلَّ التوجُّه المُهمَّ والحيويَّ، الذي يعمل على توثيق العلاقة بَيْنَ التعليم ومتطلَّبات سُوق العمل، يُعدُّ عنصرًا جوهريًّا في تنمية المُجتمع وتحقيق التوازن المنشود بَيْنَ مخرجات التعليم واحتياجات سُوق العمل، ما يُسهم في استيعاب الأعداد المتزايدة من الخرِّيجين عَبْرَ إكساب أبنائنا ـ في مراحل التعليم ـ مهارات رياديَّة تُسهم في ردم الفجوة بَيْنَ مخرجات التعليم ومتطلَّبات سُوق العمل، وتفتح آفاقًا جديدة لَهُمْ في الحاضر والمستقبل، وتؤهِّلهم بإمكانات تُلبِّي التطوُّر التقنيَّ المتسارع، وذلك عَبْرَ بناء وتطوير نُظُم تعليميَّة مَرِنة واستباقيَّة تستوعب التقدُّم التكنولوجيَّ ومجالات التوظيف المستقبليِّ التي تمَّ مراعاتها مسبقًا؛ وذلك انطلاقًا من أنَّ رأس المال البَشَريَّ هو المُحرِّك الأساس للنُّموِّ الاقتصاديِّ والاجتماعيِّ المستدام في المُجتمعات التي تسعى للتقدُّم والرُّقيِّ.
وتمتلك سلطنة عُمان طموحًا كبيرًا عبَّرت عَنْه من رؤية «عُمان 2040» الطموحة التي تسعى إلى التحوُّل من النِّظام التعليميِّ القائم على رغَبات الطُّلاب ورؤية القائمين على التعليم فقط، إلى نظام تعليميٍّ أكثر استيعابًا لاحتياجات سُوق العمل وتطوُّراته المتغيِّرة. ولعلَّ توقيع وزارة التربية والتعليم اتفاقيَّة تعاون مع الجمعيَّة العُمانيَّة للطَّاقة (أوبال) لتطبيق التعليم المهنيِّ والتقنيِّ في مرحلة التعليم ما بعد الأساسي، من خلال طرح التخصُّصات الهندسيَّة والصناعيَّة بدءًا من العام الدراسيِّ (2024/2025م) في مدارس مُحدَّدة بمحافظتَيْ مسقط وشمال الباطنة، تُعدُّ من أهمِّ الخطوات السَّاعية لتخريج أجيالٍ جديدة تُواكِب احتياجات سُوق العمل. فالاتفاقيَّة الجديدة تهدف إلى رفع مستوى جودة التعليم بما يتواءم مع متطلَّبات سُوق العمل، وتنمية المهارات والقدرات العمليَّة والمهنيَّة للطلبة.
كما أنَّ تلك الاتفاقيَّة تُعبِّر عن بناء الشراكات بَيْنَ الجهات المسؤولة عن التعليم في البلاد، والقِطاعات الاقتصاديَّة تعزيزًا لأدوارها في التعليم المهنيِّ والتقنيِّ من خلال رسم السِّياسات، والتوجُّهات، واقتراح البرامج والتخصُّصات، والمشاركة في إعداد المناهج الدراسيَّة ومواءمتها مع المعايير المهنيَّة الوطنيَّة، كما أنَّها تُمثِّل انطلاقًا لمشاركة أوسع لمؤسَّسات القِطاع الخاصِّ التي قَدْ يكُونُ لها دَوْر تعليميٌّ تقنيٌّ في المستقبل، تحتضن فيه المؤسَّسات الصناعيَّة والزراعيَّة والسِّياحيَّة أقسامًا تعليميَّة تكُونُ بوَّابةً لِمَا تحتاجه تلك المؤسَّسات من كوادر وطنيَّة عاملة، وتكُونُ بوَّابة تهيئ المُتعلِّمين بها لمجالات العمل التي تتواءم مع ميولهم ورغَباتهم؛ لِيكُونَ هذا النَّوْع من التعليم بديلًا مثاليًّا لهؤلاء الطلبة الذين يرغبون في تطوير مهاراتهم لِتؤهِّلَهم لِسُوقِ العمل.

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: مخرجات التعلیم

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم العالي من لندن: الأولوية لربط البرامج التعليمية ومتطلبات سوق العمل

عقد الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، سلسلة من اللقاءات الهامة، خلال زيارته للعاصمة البريطانية لندن، على هامش المشاركة المصرية الفاعلة في مؤتمر  "Going Global" السنوي المعني بتدويل التعليم العالي، والذي ينظمه المجلس الثقافي البريطاني خلال الفترة من ٢٧ إلى ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٥.

والتقى الوزير بعدد من الطلاب المصريين الدارسين في المملكة المتحدة، في اجتماعٍ عُقد بمقر المكتب الثقافي المصري بلندن، بحضور السفير أشرف سويلم، سفير مصر بالمملكة المتحدة، والدكتور مصطفى رفعت، الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات، والدكتورة رشا حسين، المستشار الثقافي المصري بلندن، والسيد مارك هوارد، رئيس المجلس الثقافي البريطاني في مصر، والسيدة هبة الزين، مدير التعليم بالمجلس الثقافي البريطاني في مصر.

وأكد الوزير خلال اللقاء عمق العلاقات التاريخية بين مصر والمملكة المتحدة، مشيرًا إلى حرص الوزارة على تعزيز أطر التعاون الثنائي في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي، كما استعرض رؤية الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي التي أُطلقت في مارس ٢٠٢٣، والمبنية على محاور رئيسية تشمل: (التكامل، والتخصصات البينية، والمشاركة، والاستدامة، والمرجعية الدولية، والاتصال، والابتكار وريادة الأعمال).

وأوضح أيمن عاشور أن من بين أولويات الوزارة الربط بين البرامج التعليمية ومتطلبات الصناعة وسوق العمل، التي تتماشى مع تحقيق أهداف المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية"، وكذلك السعي لتعظيم العائد من برامج الابتعاث والمنح البحثية من خلال نقل المعرفة والخبرات العلمية التي يكتسبها الدارسون إلى مصر، بما يخدم خطط التنمية الوطنية.

ومن جانبه، استعرض الدكتور مصطفى رفعت خطط تطوير منظومة التعليم الجامعي في مصر، كما سلط الضوء على القواعد الجديدة للترقي في الدورة الخامسة عشرة للأساتذة وأعضاء هيئةالتدريس.

واقترح الطلاب المصريون تعزيز شبكة الخريجين المصريين بالخارج، لتصبح قناة فعالة لنقل الخبرات وتعزيز التعاون البحثي، بما يساهم في دفع عجلة التنمية في شتى المجالات بمصر.

وفي سياق متصل، التقى الوزير بوفد من شركة "Pearson" العالمية، في إطار جهود الوزارة لتعزيز الشراكات مع القطاع التعليمي الدولي، بهدف تطوير المهارات وربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل.

وقدّم وفد شركة "Pearson" عرضًا مفصّلًا حول برامج التعليم والتدريب المهني المعتمدة دوليًا التي تقدمها، وعلى رأسها نظام "BTEC" الذي يُعد نموذجًا رائدًا ومعترفًا به عالميًا، لتدريب الطلاب وتأهيلهم للمنافسة في سوق العمل الإقليمي والدولي. 

واستعرض الوزير خلال اللقاء الأهداف الوطنية الإستراتيجية لتطوير التعليم العالي والتدريب المهني والتقني، بما يتوافق مع متطلبات تحقيق التنمية المستدامة ورؤية مصر ٢٠٣٠.

وأكد وفد شركة "Pearson" خلال اللقاء التزام الشركة الكامل بتقديم خبراتها التقنية والتربوية للوزارة، معربا عن رغبته في تصميم برامج مشتركة تلبي الاحتياجات الوطنية، وتعزز من قدرات الخريجين المصريين، وتمكنهم من المنافسة في بيئة العمل العالمية.

وتعكس هذه الزيارة والمشاركة المصرية في مؤتمر "Going Global"  التوجه الإستراتيجي للدولة نحو تحديث منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، وزيادة درجة تدويله، وربطه بشكلٍ عضوي باحتياجات سوق العمل المحلي والعالمي، من خلال مبادرات وشراكات واضحة ومعتمدة، مما يعزز مكانة مصر الإقليمية والدولية في مجال التعليم.

طباعة شارك وزارة التعليم العالي التعليم العالي البحث العلمي

مقالات مشابهة

  • الكفاية الإنتاجية: ربط التعليم بسوق العمل ضرورة ملحة
  • جامعة كارنيجي ميلون في قطر تنظم النسخة الأكبر من معرض "المستقبل" المهني بمشاركة أكثر من 70 مؤسسة
  • وزير التعليم العالي يشارك في مؤتمر "Going Global" بلندن
  • وزير التعليم العالي من لندن: الأولوية لربط البرامج التعليمية ومتطلبات سوق العمل
  • عاشور: مشاركة مصر في «Going Global» تعكس توجه الدولة نحو تدويل التعليم
  • مناقشة التحديات التي تواجه النساء العاملات وسبل تعزيز بيئة العمل في ندوة حوارية
  • برلماني: ضرورة التزام المجتمع الدولي بتحقيق مخرجات قمة شرم الشيخ لضمان مستقبل مستقر للشعب الفلسطيني
  • قنا تواكب الحدث العالمي.. شاشات بالميادين لبث افتتاح المتحف المصري الكبير
  • قنا تودع أيقونة العمل الإنساني.. رحيل "شيماء القوصي" فارسة الخير التي لا تُنسى
  • نائب الشيوخ: اللجان النوعية قلب العمل البرلماني النابض