في الوقت الذي نشرت فيه الصحفية كلير مارشال كتابا صادما عن "غاليليو"، المجموعة الفرنسية في التعليم العالي الخاص الربحي، أجرت مجلة لوبس تحقيقا في هذه الصناعة التعليمية المزدهرة التي أثرت صناديق الاستثمار وحققت ثروات ضخمة على حساب الطلاب وأسرهم وحسابات الدولة.

وأوضحت المجلة -في تقرير بقلم كليمان لاكومب وغرفان لوغيليك- أن "الخيانة" هي ما سيتعرض له آلاف من الشباب الذين يتمكن التعليم الخاص الربحي، الذي دخل بعض قادته إلى قائمة أكبر الأثرياء الفرنسيين، من بيعهم تعليما منخفض القيمة، ولكنه مربح للغاية، بمعدل 10 آلاف يورو سنويا، مما يثقل كاهل ميزانيات الأسر.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2اكتشاف حلقة تجسس روسية ثانية تستهدف منشقين في بريطانياlist 2 of 2نساء حول الرئيس ترامبend of list

وبمساعدة عدد كبير من أدوات التسويق، ومن خلال الاستفادة من الضغوط التي تولدها منصة "باركورسوب" للولوج إلى التعليم العالي، استحوذت هذه الصناعة الجديدة المكونة من مجموعات متكتمة وربحية في الوقت نفسه على الجزء الأكبر من أعداد الطلاب الزائدة الناتجة عن الطفرة الديمغرافية في عام 2000، بنحو نصف مليون مسجل في 10 سنوات.

سوق شاغرة

وأشارت المجلة إلى أن المجموعات الخاصة أدركت أن هناك سوقا شاغرة وطلبا تجب تلبيته، رغم أن هذه القطاعات ليست دائما واعدة كما تتخيل الأسر، ليبدأ القطاع الخاص الربحي من الصفر تقريبا قبل 20 عاما، وهو الآن يضم 400 ألف طالب، أي ما يعادل 17 جامعة، ونحو واحد من كل 8 طلاب.

إعلان

غير أن الخيانة الأخيرة -حسب تحقيق المجلة- هي في فكرة معينة، بأن التعليم الربحي الخاص الذي يسعى إلى الربح لا يريد الربح فقط، بل يضع نفسه كحل لمشاكل البلاد، إذ يقول فيليب غراسو، رئيس مجموعة "إيدوسرفيس" (45 ألف طالب) "من خلال الجمع بين الابتكار التعليمي والتكيف مع احتياجات سوق العمل، نهدف إلى ضمان التكامل المهني والاجتماعي لجميع الطلاب".

ويتخذ هذا الخطاب بعدا تنبؤيا تقريبا في شركة غاليليو التي اعتمدت تحت قيادة رئيسها التنفيذي مارك فرانسوا منيو ماهون موقفا استباقيا للغاية في وسائل الإعلام، فكما يقول مصدر حكومي "شيئا فشيئا نجح خطابهم في ترسيخ فكرة مفادها أن التعليم العام يخرّج النخبة، وأن الخاص هو الذي يخرج المهنيين"، مضيفا "كل عملنا الآن هو تفكيك هذه الفكرة".

الصناعة الجديدة استحوذت على الجزء الأكبر من أعداد الطلاب (شترستوك) تسويق

غير أن المشكلة هي أن كتاب كلير مارشال -بحسب تحقيق المجلة- يؤدي إلى النتيجة المعاكسة، وهي أن غاليليو كانت تحقق الربح أولا ثم تسعى إلى التثقيف، مع حشد موارد الدولة بشكل مكثف، إذ أصبح بوسعها الاعتماد على الأموال العامة منذ أن فتح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أبواب التناوب في عام 2018 من أجل تطوير "التعليم العالي الخاص".

وفي ذلك العام، تم توقيع قرابة 123 ألف عقد دراسة في التعليم العالي، مما سمح لأكبر عدد من الشباب بالاستفادة من الدراسات المجانية، وفي عام 2023 ارتفع هذا العدد إلى أكثر من 500 ألف عقد، بزيادة قدرها 325%، وهو ما يستهلك سنويا ما لا يقل عن 16.5 مليار يورو من الأموال العامة.

وقد أثارت أساليب التسويق التي تنتهجها المجموعة دائما بعض الشكوك حولها، وتعززت هذه الشكوك في غاليليو بسبب التحقيق الذي أجرته كلير مارشال، وإن كان لم يقدم سوى نصف مفاجأة بالنسبة للمراقبين الأكثر المتمرسين في مجال التعليم العالي، خاصة مع رفضها نشر حساباتها وهي التي تتبنّى الشفافية كواحدة من قيمها الأساسية.

إعلان

وأشارت الصحيفة إلى أن المديرين الذين سمتهم "صناع الطلاب السعداء" -منذ أن أصبحت المجموعة تعامل طلابها رسميا مثل العملاء- جميعهم يروون القصة ذاتها تقريبا، مع أن غاليليو تمنحهم رسميا الحرية في الإدارة التعليمية لمدارسهم، ولكن هذه الحرية ثبت أنها مقيدة للغاية عند غياب النجاح.

أساليب التسويق التي تنتهجها مجموعة غاليليو أثارت دائما بعض الشكوك حول أساليب عملها (شترستوك)

إن إدارة غاليليو -تتابع المجلة- هي في الواقع نظام إعداد تقارير شديد الدقة في المقر الرئيسي، مع الأوامر المتناقضة دائما، كزيادة عدد الموظفين بكل الوسائل، ولكن بميزانية تعليمية ثابتة، وزيادة الأسعار بنسبة تراوح بين 2% إلى 4% سنويا مع ضمان عدم تعبير عملاء المجموعة الشباب عن قدر كبير من عدم الرضا، وهو ما لا يمكن إلا من خلال تدهور جودة التدريس والتوجه الزبائني نحو الطلاب.

وقد عبرت مدرسة "سترات" وهي مدرسة التصميم الرائدة في المجموعة -حسب تحقيق المجلة- عن قلقها بشأن نقاط الضعف التي لوحظت بين الخريجين الشباب، خاصة أن القطاع يشهد ثورة كبيرة مع وصول الذكاء الاصطناعي.

يقول الرسام الشهير أرميل جولم "كان إتقان تقنيات الرسم الكلاسيكية هو الحمض النووي للبيت، واليوم أصبح الأمر مجرد عرض يتأثر بمستوى الطلاب. لقد كنت تائها، خصوصا أنني واجهت شركة تحاول سرقة وقتي بشكل سري".

وتتساءل المجلة: لماذا لا تكون غاليليو مجرد مجموعة ذات هدف ربحي واضح؟ لترد بأن غاليليو ليست مجرد مجموعة ذات هدف ربحي واضح، لأن مساهميها ينتمون إلى نوع خاص، فهم مستثمرون ماليون، مثل شركة تيثيس الشركة القابضة لعائلة بيتنكورت وصندوق التقاعد شبه العام الكندي.

إثراء الأصول

وقد وجدت صناديق الاستثمار صيغة رابحة في مجال التعليم العالي الخاص الهادف إلى الربح، وهي "القدرة على التنبؤ" بالإيرادات، لأن الطالب يلتزم بها لمدة 3 سنوات على الأقل، وهو ما يحمي من الانحدار الاقتصادي المفاجئ، فضلا عن معدلات عائد مرتفعة للغاية. وبحسب مصادر متطابقة، فإن أفضل الشركات تحقق هوامش تشغيلية تزيد على 30% من حجم مبيعاتها. فغاليليو، التي حققت هذا الأداء في عام 2020، سيكون حاليا أقل بقليل من 20%، كما توضح لوبس.

إعلان

ومع ذلك، فإن الأموال ليست السبب الوحيد وراء نهم بائعي الشهادات -كما تقول المجلة- وهذا هو الحال بالنسبة لمجموعة إيونيس (35 ألف طالب)، إذ تهدف المجموعة التي لا تزال تديرها العائلة إلى إثراء أصول أصحابها بصيغة لا تجعلها نموذجا للفضيلة، حيث يتم فرض إيجارات باهظة على المدارس لمصلحة شركات العقارات المملوكة للمساهمين.

الغالبية العظمى من مؤسسات التعليم العالي الخاصة تهدف إلى الربح (غيتي)

وعندما يواجه القائمون على برنامج غاليليو الخلل الذي لاحظوه في مدارسهم، فإنهم يقللون من شأنه، ويقارنون بين معدلات الفشل المرتفعة وظروف التدريس المتدهورة في كثير من الأحيان في الجامعات العامة، ويقولون "افرضوا علينا القيود، وسوف يتم تطهير القطاع، وبذلك تكتسب مجموعة مثل غاليليو مزيدا من الشرعية وكذلك مزيدا من حجم الأعمال".

وهذا الخطاب يحتوي على عنصر من الحقيقة -حسب المجلة- لأنه من المعترف به، حتى بين المنتقدين للتعليم العالي الربحي، أن التدريس الذي تقدمه مجموعات كبيرة ليس الأسوأ في السوق.

ومن المعروف أن الغالبية العظمى من مؤسسات التعليم العالي الخاصة التي تهدف إلى الربح لا تقدم شهادات التعليم العالي كدرجات البكالوريوس والماجستير، ولكن مؤهلات مسجلة في السجل الوطني للشهادات المهنية التابع لوزارة العمل وتحمل أسماء تجارية مثل بكالوريوس وماجستير لا تعني شيئا على الإطلاق.

وقد بدأت فكرة زيادة تنظيم التعليم العالي تكتسب أرضية بهدوء في الأشهر القليلة الماضية، وأعطت الحكومة الضوء الأخضر لمشروع قانون يهدف إلى تعديل قانون المنافسة لحماية الطلاب الذين تعرضوا للاحتيال بشكل أفضل، وسوف يشدد شروط الوصول إلى سوق التعليم العالي، ويضيف معايير جديدة كالتواصل الأخلاقي وجودة المدرسين ومحتوى التدريس.

وعند سؤالها، قالت إدارة غاليليو غلوبال إديوكيشن "اليوم صافي ربحنا في فرنسا سلبي، بل سجلنا خسارة قدرها 11.3 مليون يورو للسنة المالية 2023-2024، وكان هذا هو الحال بالفعل في العام الماضي. نحن ننسى في كثير من الأحيان أن نشاطنا يتطلب استثمارات كبيرة جدا كالعقارات وتكنولوجيا المعلومات والتمويل والجودة، وما إلى ذلك"، حسب لوبس.

إعلان

وأوضحت غاليليو أنها تبادر كل عام بإجراء عشرات عمليات التدقيق الداخلي، وتخضع للتدقيق من قبل أصحاب المصلحة المؤسسيين وتحصل وفقا للقانون، على شهادة "كواليبواي"، وهي شهادة جودة فرنسية ضرورية لمقدمي خدمات التعليم من أجل الحصول على المال العام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان ترجمات التعلیم العالی الخاص إلى الربح فی عام

إقرأ أيضاً:

مصر وفرنسا تطلقان مرحلة جديدة من التعاون الإستراتيجي في التعليم العالي والبحث العلمي

انطلقت صباح اليوم الإثنين فعاليات الملتقى المصري الفرنسي للتعليم العالي والبحث العلمي، والذي يُعقد على مدار يومي 7 و8 أبريل الجاري، ويتزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للقاهرة، بحضور رفيع المستوى من الجانبين المصري والفرنسي، برعاية الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والسيد فيليب باتيسيت وزير التعليم العالي الفرنسي، ومشاركة نخبة واسعة من رؤساء الجامعات المصرية والفرنسية، وقيادات التعليم العالي والبحث العلمي من كلا البلدين، تصل لحوالى 400 مشارك من أكثر من 100 مؤسسة مصرية وفرنسية.

وخلال فعاليات الجلسة الافتتاحية التي استهلها الدكتور حسام عثمان نائب الوزير لشؤون الابتكار والبحث العلمي نيابة عن الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، بالترحيب بالحضور الكبير والذي يضم نخبة من الأكاديميين والباحثين من مصر وفرنسا، مشيدًا بالعلاقات التعليمية والثقافية التي تربط البلدين، وتعكس الاهتمام المشترك بالتدويل، مؤكدًا أن التدويل يمثل محورًا أساسيًا في الإستراتيجية المصرية ورؤية مصر 2030.

وأكد الدكتور حسام عثمان، أن الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، تهدف إلى تطوير منظومة التعليم العالي في مصر بما يواكب التحديات المحلية والعالمية، ويعزز من جودة العملية التعليمية والبحث العلمي، ويربط بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل.

واستعرض نائب الوزير لشؤون الابتكار والبحث العلمي، المبادئ السبعة الأساسية للإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي وهي: (التكامل، والتخصصات المتداخلة، والتواصل، والمشاركة الفعالة، والاستدامة، والمرجعية الدولية، والابتكار وريادة الأعمال)، مؤكدًا أهمية هذا الملتقى في تعزيز مبدأ المرجعية الدولية وتشجيع التبادل الطلابي والأكاديمي مع مؤسسات التعليم العالي العالمية، والانضمام إلى شبكات بحثية دولية وبرامج تعاون مشتركة.

وفي إطار مبدأ الاستدامة، أشار إلى ضرورة تنويع مصادر تمويل التعليم العالي من خلال الدعم الحكومي والقطاع الخاص والتبرعات والشراكات، بالإضافة إلى تحسين كفاءة الإنفاق داخل المؤسسات التعليمية، كما سلط الضوء على أهمية المشاركة الفعالة، ودورهما في تعزيز استقلالية الجامعات مع ضمان الشفافية، وتحديث الأنظمة الإدارية والمالية في مؤسسات التعليم العالي.

كما تطرق إلى دعم الابتكار وريادة الأعمال عبر تعزيز دور حاضنات الأعمال ومراكز الابتكار داخل الجامعات، وتشجيع الطلاب على تحويل أفكارهم إلى مشروعات تنموية، مشددًا على أهمية دمج أهداف التنمية المستدامة في الخطط التعليمية والبحثية.

وأشار إلى أهمية دمج التقنيات الحديثة، مثل (الذكاء الاصطناعي والتعلم الإلكتروني)، ضمن المنظومة التعليمية، إلى جانب تطوير البنية التحتية الرقمية للجامعات، مؤكدًا عمق الشراكة بين مصر وفرنسا، وما يجمع البلدين من تاريخ حافل بالنجاحات المشتركة.

وفي كلمته رحب الدكتور مصطفى رفعت، الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات، بالحضور، مؤكدًا أن هذا الملتقى العلمي يمثل محطة بارزة في مسار العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا، ويعكس عمق الروابط الأكاديمية والبحثية بين البلدين، والتزامهما المشترك بتوسيع آفاق التعاون الإستراتيجي في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي.

وأضاف الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات أن الملتقى يأتي تأكيدًا على أهمية تدويل التعليم العالي كخيار إستراتيجي، ضمن مبادئ الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، ومواءمة لرؤية الوزارة الوطنية التي تهدف لجعل المعرفة والابتكار محركين رئيسيين للتنمية في البلاد، من خلال الانفتاح على التعاون الدولي وتبادل الخبرات مع كبرى المؤسسات العالمية.

وأشار الدكتور مصطفى رفعت إلى أن الشراكة المصرية الفرنسية تمثل نموذجًا ملهمًا يجمع بين تاريخ طويل من التعاون، وحاضر نابض بالإنجازات، ومستقبل واعد بالمبادرات النوعية، معلنًا عن توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم ضمن فعاليات الملتقى، لافتًا كذلك إلى الشراكة في مشروع الجامعة الفرنسية في مصر كنموذج ناجح للتعاون الأكاديمي العابر للحدود، ومشروعها الطموح لبناء حرم جامعي جديد صديق للبيئة يمنح شهادات مزدوجة معتمدة دوليًا.

كما نوّه إلى استمرار المجلس الأعلى للجامعات الذي يحتفل بيوبيله الماسي هذا العام في أداء دوره الريادي لتطوير التعليم العالي في مصر، من خلال تبني سياسات تدعم الإبداع وتلبي احتياجات سوق العمل، مؤكدًا تبني رؤية موحدة لدمج جهود الجامعات المصرية وتطويرها لتكون من جامعات الجيل الرابع، وتقدم تعليمًا متطورًا يسهم في تنمية المجتمع.

وفي ختام كلمته، شدد الدكتور مصطفى رفعت على أن ملتقى الجامعات ليس فقط منصة لتوقيع الاتفاقيات، بل لتجسيد إرادة مشتركة لبناء جسور متينة من الثقة والتميز، معربًا عن شكره لكل من ساهم في تنظيم الحدث، ومتمنيًا أن يكون هذا الحدث منطلقًا لشراكات جديدة تسهم في مستقبل مشرق للشباب والمجتمع الأكاديمي والعلمي في البلدين.

ومن جانبه، أكد الدكتور أيمن فريد، مساعد الوزير للتخطيط الإستراتيجي والتدريب والتأهيل لسوق العمل، والقائم بأعمال رئيس قطاع الشؤون الثقافية والبعثات، أن التعاون المصري الفرنسي في مجال التعليم العالي لم يكن وليد اللحظة، بل هو ثمرة لتاريخ طويل من التفاهم الثقافي والعلمي، والذي أسهم في إثراء المشهد العلمي والبحثي في مصر والمنطقة.

وأوضح الدكتور أيمن فريد أن الوزارة تولي أهمية كبرى لهذا الملتقى، باعتباره ركيزة لتعزيز العلاقات الإستراتيجية مع فرنسا، في ظل ما تشهده العلاقات بين البلدين من زخم في مختلف المجالات، مشيرًا إلى أن قطاع الشؤون الثقافية والبعثات، والمكتب الثقافي المصري في فرنسا، وسفارة فرنسا بالقاهرة يعملون لأجل تغيير وتوسيع نطاق التعاون الثنائي بما يتناسب مع طموح البلدين، وإنتاج جيل جديد من الشراكات العلمية والأكاديمية، لافتًا لسفر العديد من الباحثين المصريين للدراسة في فرنسا خلال الفترة الماضية.

وأشار الدكتور أيمن فريد إلى أهمية دور مبدأ الاتصال ضمن الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، حيث يعتمد على الاتصال الداخلي وتم تتويجه بمبادرة تحالف وتنمية، ويمثل الاهتمام بالتعاون الدولي جزء من مبدأ الاتصال الخارجي، لافتًا إلى قوة النموذج المصري للتعليم العالي والتوسع في الاستثمار بالتعليم العالي، حيث يمثل اقتصاد المعرفة أهمية كبيرة لمصر.

وأشاد مساعد الوزير بالجامعة الفرنسية كجزء من منظومة التعليم العالي المصرية ودورها في جذب الطلاب الوافدين وتقديم البرامج البينية، وأوضح أن هذا التعاون يعكس ثقة البلدين في كفاءة النظام التعليمي للبلدين، حتى نؤسس مفهوم تعليمي جديد تقوده مصر وفرنسا يدعم اقتصاد المعرفة والبحث والابتكار.

وتحدث الدكتور ممدوح معوض رئيس المركز القومي للبحوث عن التعاون البحثي المشترك مع الجانب الفرنسي في مجالات الزراعة والطاقة، والمياه، والعلوم الصحية، والذكاء الاصطناعي، وغيرها من المجالات التي تخدم التنمية المستدامة، مشيرًا لتطلعاته أن يقدم هذا الحدث فرصة لمزيد من الباحثين للاطلاع على أحدث ما توصلت إليه العلوم ومزيد من التعاون في الأبحاث العلمية المشتركة في المجالات ذات الأولوية.

ومن جانبه، أعرب الدكتور لوران جاتينو رئيس سي واي سيرجي بجامعة باريس وممثل "فرانس يونيفرستيه"، عن اعتزاز فرنسا العميق بالشراكة الممتدة مع مصر باعتبارها مركزًا تاريخيًا للتميز الثقافي والعلمي، مؤكدًا أن هذا التعاون هو خير نموذج لدمج الثقافات والاحترام المشترك، مشيرًا لتاريخ التعاون الطويل بين البلدين بدءًا من ابتعاث العلماء المصريين في فرنسا، وتطور هذه العلاقات التاريخية عبر العصور والاستفادة من التراث الثقافي العريق للبلدين.

وأكد اعتزاز فرنسا بتجديد هذا التعاون من خلال مشروعات ناجحة من بينها مشروع الجامعة الفرنسية في مصر، واليوم نستعد خلال هذا اللقاء لتوقيع المزيد من البروتوكولات وإطلاق مشروعات جديدة تعكس الثقة بين البلدين، بما يسهم في تحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي للأجيال القادمة، لافتًا إلى دور التعاون الأكاديمي والبحثي كجزء من الدبلوماسية الثقافية في تعزيز العلاقات السلمية التي تضمن تحقيق مستقبل مزدهر.

ومن جانبها، أوضحت الأستاذة كوراليه رئيس المجلس الأعلى لتقييم الأبحاث والتعليم العالي، أهمية العمل على وضع معايير للاعتماد، والعمل على الاعتراف المتبادل في المجال الأكاديمي، والحرص على مستوى التميز الذي يعكس تطلعات الطرفين لتقديم تعليم ذو جودة عالية يلبي احتياجات التنمية.

وأشارت إلى العديد من المشروعات الناجحة عبر التاريخ بين البلدين ومنها كلية الحقوق وغيرها، وأكدت اعتزاز فرنسا بمواصلة دعمها للتعليم والبحث العلمي في مصر، من خلال تعزيز برامج التبادل الطلابي والأكاديمي، والتعاون في تطوير المناهج والبرامج التعليمية المبتكرة، خصوصًا في المجالات ذات الأولوية لخطة مصر للتنمية المستدامة، وتقدير فرنسا لأهميتها كمركز إقليمي قوي للتعليم العالي والبحث العلمي، لصالح المنطقة، وخصوصًا للدول الإفريقية الناطقة باللغة الفرنسية.

وتحدث الدكتور أنطون بوتى مدير المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، أن العلاقة مع مصر علاقة محورية تمتد لستين عامًا، مشيرًا لتوطيد العلاقات مع عدد كبير من الجهات والهيئات المصرية والمشاركة في مشروعات تخص التراث في الإسكندرية ومعبد الكرنك والعمل مع جامعة القاهرة والجهاز المركزي للإحصاء، ولفت إلى أن هذا اللقاء يعزز العلاقات مع مصر التي تعتبر أكبر شركاؤنا خارج أوروبا، وثمن كل الجهود التي يقوم بها الملتقى المُقام اليوم والذي سيشهد توقيع عدد من البروتوكولات والاتفاقيات التي تخدم التعاون المشترك.

وتتضمن أجندة الملتقى مناقشة سبل تعزيز التعاون الثنائي، وتوقيع بروتوكولات تعاون بين الجانبين المصري والفرنسي بدعم من المجلس الأعلى للجامعات، تشمل توقيع اتفاقيات مع مدارس الهندسة الفرنسية، واتفاقية بين السفارة الفرنسية وصندوق دعم العلوم والتكنولوجيا والابتكار لتمويل برامج ما بعد الدكتوراه.

كما تشمل فعاليات الملتقى عددًا من الجلسات النقاشية المتخصصة حول "تدويل أنظمة التعليم العالي والبحث العلمي"، و"التعاون الأكاديمي الفرنسي المصري - الوضع الحالي والآفاق"، و"الدروس المستفادة والآفاق المستقبلية" لتقييم التجارب الثنائية واستكشاف مجالات التعاون المستقبلية، و"تعزيز الروابط بين الأوساط الأكاديمية وقطاع الأعمال"، فضلًا عن جلسات لمناقشة التعاون في تعزيز قدرات البحث العلمي والابتكار من خلال الشراكات، ويشارك في الجلسات نخبة من رؤساء الجامعات المصرية والفرنسية، وممثلين عن وزارتي التعليم العالي والمراكز البحثية من البلدين، فضلًا عن عدد كبير من الأكاديميين وممثلي القطاع الخاص، ومشاركة واسعة من ممثلي قطاع الأعمال والصناعة في البلدين، ما يُعزز فرص الربط بين المنظومة الأكاديمية وسوق العمل، ويُسهم في تطوير برامج دراسية تواكب الاحتياجات الفعلية للاقتصاد الوطني.

تجدر الإشارة إلى أن التعاون بين البلدين شهد تطورًا كبيرًا خلال الفترة الماضية، من خلال أكثر من 70 مشروعًا مشتركًا قيد التنفيذ في مجالات الصحة والهندسة والتحول الرقمي والعلوم الاجتماعية، إلى جانب العمل على نقل أكثر من 30 شهادة فرنسية إلى الجامعات المصرية، واهتمام 3 مؤسسات فرنسية بفتح فروع لها في مصر.

مقالات مشابهة

  • جامعة عبدالله السالم تنظم قمة «التعليم العالي في عصر الابتكار» 16 الجاري
  • مجلة أمريكية: علينا ان نستذكر “المرة الوحيدة” التي أوقف فيها “الحوثيون” هجماتهم في البحر 
  • تحقيق أمريكي: اتفاق ستوكهولم الفاشل.. الصفقة الأممية التي أنقذت الحوثيين من الانهيار
  • «التعليم العالي» تناقش إطلاق منصات رقمية لتسهيل التواصل بين الجامعات والباحثين
  • وزير التعليم العالي ينعى الدكتورة ريم بهجت الرئيس المؤسس لجامعة مصر للمعلوماتية
  • وزير التعليم العالي يتفقد سير العملية التعليمية في جامعة عدن
  • أحمد موسى: مصر دفعت ثمنا غاليا من أجل الاستقرار الذي نشهده اليوم
  • "التعليم العالي" تستعرض خدمات الابتعاث بـ"جدكس"
  • التعليم العالي: بنك المعرفة حصل على اعتراف رسمي من اليونسكو
  • مصر وفرنسا تطلقان مرحلة جديدة من التعاون الإستراتيجي في التعليم العالي والبحث العلمي