المناطق_واس

تُجسّد الأسواق الشعبية القديمة روح التراث والثقافة، ونبض الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وتعكس أنماط الحياة اليومية، والعادات والتقاليد، والقيم والمبادئ، التي كانت تحكم تلك المجتمعات.

وإلى جانب دورها التجاري المهم في عرض المنتجات المحلية وتلبية مختلف احتياجات الناس في تلك الحقبة، احتفظت أسواق نجران الشعبية القديمة بذاكرة حية للتاريخ، راويةً قصص الأجيال السابقة، وتطور المجتمع النجراني، ففيها كان الناس يتجمعون لتبادل الأخبار، ومشاركة القصص والحكايات، وتكوين العلاقات الاجتماعية.

أخبار قد تهمك نائب أمير نجران يستقبل نائب مدير شرطة المنطقة 9 مارس 2025 - 2:18 مساءً وجبة “الرقش” تتصدر سفرة الإفطار بنجران خلال شهر رمضان المبارك 7 مارس 2025 - 8:21 مساءً

وقامت وكالة الأنباء السعودية بجولة لتسليط الضوء على الأهمية الثقافية والتاريخية لبعض الأسواق التي كانت قائمة في نجران، وبالتحديد في نواحي وأزقة حي أبا السعود التاريخي قبل ما يقارب 70 عامًا، والتقت بعض أبناء الجيل الذي عايش تلك الفترة وأنماط الحياة والعادات والتقاليد، حيث قال علي مبارك الصقور: “لقد كانت الحياة في ذلك الوقت بسيطة، وكنا نتنقل سيرًا على الأقدام أو نمتطي الدواب، وكان من النادر جدًا أن نرى السيارة، التي لم تكن تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وكانت ملكيتها معروفة، وكانت بعض عروض البيع تتم عن طريق المقايضة والتبادل النفعي”.

من جانبه أكد علي بالحارث، الذي يبلغ من العمر 80 عامًا، أن للأسواق الشعبية التي كانت قائمة في تلك الفترة هويتها الخاصة وبضاعتها متقنة الصنع، وأن مبيعاتها كانت تزدهر وتنمو من بخور وأوان شعبية ومصنوعات وملابس تراثية وشعبية، وحلي فضية ومستلزمات نسائية.

من جانبه أبان يحيى آل همام، أن التجارة في تلك الحقبة الزمنية كانت مرتبطة بالإنتاج الزراعي ، وحاضرة في المشهد القديم للسوق الشعبي، لما له من الأهمية في تأمين الأمن الغذائي، فكان الباعة يفترشون المكان آنذاك بأنواع البر النجراني والذرة والشعير والدخن.

ومع التطور الحضاري الذي شهدته نجران، أسوة بغيرها من مدن المملكة، أصبح لتلك الأسواق الشعبية مكان ثابت ومتميز، يحمل طابعًا تراثيًا جاذبًا، يحاكي الطراز العمراني لبيوت الطين في المنطقة، ويحظى باهتمام بالغ من الزوار والسياح الذين يفدون على المنطقة، حيث يوجد فيه سوق الجنابي، والجلود والمنتجات التراثية، والمشغولات الفضية، ومحال خياطة الأزياء التراثية، وأدوات المطبخ القديم، وبعض الحرف اليدوية.

المصدر: صحيفة المناطق السعودية

كلمات دلالية: نجران

إقرأ أيضاً:

بيتي.. ذاكرةٌ نهبتها الحرب

O.sidahmed09@gmail.com

أبريل 2025

لم يكن منزلي مجرد جدرانٍ وسقف، بل كان عالماً كاملاً. عالمٌ جمعَ تفاصيل عمرٍ كاملٍ من الكتب النادرة التي اقتنيتها ورحلتها لأجلها، واللوحات التي حكت حكاياتٍ لا تُروى، والبومات الصور التي تحتضن ذكريات حياة والحديقة التي كانت تُغنّي بالخضرة الزهور . لكن الحرب جاءت، وبقسوةٍ لا تعرف الرحمة، سلبت مني كل شيء ما عدا الجدران الصماء .

على مدى عامين، تحوّل بيتي إلى غنيمةٍ للأوباش. دخلوا كالجراد، فكسّروا الأثاث، وشتّتوا الكتب، ونهبوا كل ما وقعت عليه أيديهم: أجهزة التكييف التي انتزعوها من الجدران ورمَوها أرضاً، خزانات المياه التي خُرّبت، الكوابل الكهربائية التي نُزعت بلا سببٍ إلا العبث. حتى أغراض المطبخ البسيطة لم تسلم من النهب، وكأنهم قرّروا ألّا يتركوا لي شيئاً يُذكرني بأن هذه المساحة كانت يوماً ما بيتاً.
أما مكتبتي.. فحدّث ولا حرج. سنواتٌ من البحث والتجميع، كتبٌ نادرةٌ أصبحت أوراقاً مبعثرة، بعضها مُزّق او حرق للطهي بعد ان خلص غاز الطبخ في مطابخ البيت ، وبعضها سُلب، ورمي بالبعض خارج المنزل وكأنهم لم يعرفوا أنهم لا يبددون ويحرقون ويبعثرون ويسرقون ورقاً وحبراً، بل يسرقون ذاكرةً وروحاً. الألبومات التي حفظت لحظاتٍ لن تعود، الصور التي التقطت فرحاً لم يعد له وجود، كلها ذهبت مع الريح.

الحديقة التي كانت جنةً صغيرةً أصبحت أثراً بعد عين. الأرض التي كانت تتنفّس خضرةً وألواناً صارت قفراً يباباً. البيت الذي كان ملاذاً للدفء والأمان لم يعد صالحاً للحياة، وكأن الحرب لم تكتفِ بتحطيم الحاضر، بل أرادت أن تمحو الماضي أيضاً.
**لكن قصتي ليست سوى حبة رمل في صحراء المعاناة:**
ليست معاناتي سوى جزءٌ من مأساة شعبٍ بكامله. كم من الأرواح ذهبت هباءً تحت رصاص الغدر؟ كم من العائلات تشتتت بين مدن النزوح وأطراف المدن والقري والحدود، تُرك الأطفال فيها بلا مأوى، بلا مدارس، بلا مستقبل؟ كم من البيوت دُمّرت حتى لم يعد يُعرف اسمها إلا في ذاكرة أصحابها المشتتين؟ كم من الأيدي التي كانت تزرع وتحصد صارت عاجزةً عن إيجاد رغيف خبز؟ الحرب لم تترك شيئاً إلا وأحرقته، ولم تُبقِ أحداً إلا ومسحت جزءاً من روحه.
أكتب هذا وأنا أعلم أن الكلمات لا تستطيع أن تعيد ما فُقد، لكنّي أحاول أن أُسمع الصوت الذي أرادت الحرب إسكاته. صوت الإنسان الذي يُهزم جسداً لكنّ ذاكرته تبقى تقاوم. قد أكون عاجزاً عن استعادة بيتي، لكنّي لست عاجزاً عن أن أقول للعالم: انظروا ما فعلته الحرب بنا.. ببيوتنا، بذكرياتنا، بإنسانيتنا.
**لن نصمت.. لأن التوثيق مقاومة:**
لكننا لن نصمت. لن نسمح لهذا الألم أن يُدفن في صمت التاريخ. كل قصة فقد، كل دمعٍ سقط، كل بيتٍ انهار، كل كتابٍ احترق، كل صورةٍ ضاعت، كل حلمٍ انكسر.. يجب أن يُروى. التوثيق ليس رفاهية، بل مقاومة. مقاومة ضد النسيان، ضد التزييف، ضد الظلم. لن نترك جراحنا تُختزل في أرقام مجهولة أو تُسوّق كإحصاءات باردة.

اليوم، وأنا أحمل غبنًا لا يُوصف، أتساءل: هل يُعقل أن يُترك الناس وحدهم يواجهون هذا العبث؟ هل يُعقل أن يُترك البيت الذي كان يحمل اسم "الوطن الصغير" ليصير خرابةً بلا كرامة؟
هذه دعوةٌ لكل من مسّه الألم: اكتب، صوّر، احكِ، وثّق. مهما كان ألمك كبيراً، ومهما بدا الفقد غير محتمل، فذكرياتنا هي آخر ما نملكه. لن نجعلهم يسرقونها أيضاً.

   

مقالات مشابهة

  • نائب أمير الشرقية: الاستثمار في البنية التحتية الذكية والابتكار يؤتي ثماره في تحسين جودة الحياة
  • مكتبة النهضة.. ذاكرة عراق في قلب بغداد (صور)
  • نائب أمير الشرقية: الاستثمار في البنية التحتية الذكية يحسن جودة الحياة
  • بيتي.. ذاكرةٌ نهبتها الحرب
  • ضبط مواطنين لترويجهما مادة الإمفيتامين المخدر بنجران
  • توضيح حول فيديو نشر على عربي21 يتعرض لتاريخ تأسيس الأردن
  • الأعلى للجامعات: التعاون المصري الفرنسي في مجال التعليم العالي هو ثمرة لتاريخ طويل من التفاهم الثقافي والعلمي
  • يجب استهداف الأماكن التي تنطلق منها المسيّرات المعادية في أي دولة كانت
  • ما جدوى التحشيد الكبير الذي تقوم به واشنطن لقواعدها العسكرية في المنطقة ..!
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت