هل انقلب السحر على الساحر؟!

 

د. أحمد بن علي العمري

 

ظل الهنود الحمر وهم السكان الأصليون لأمريكا يقاومون الغزو الأوروبي لبلادهم طوال أربعة قرون ثم انهاروا بعد مذبحة الركبة الجريحة (Wounded Knee) عام 1890م، والتي وضعت حدًا للحروب، وأنهت عصر المواطنين الأصليين الذين كانوا يعيشون في البراري؛ حيث كان الجنود الغزاة الأوربيون وغيرهم يتابعونهم ويصطادونهم، مثل ما يصطادون القطيع من الحيوانات.

هكذا كان الزحف الأوروبي على أمريكا، ولا ينسى التاريخ أن بريطانيا العظمى استعمرت أمريكا لأكثر من 130 عامًا. أما الآن وقد تبدل الحال، وأضحت أمريكا هي الدولة العظمى والأوحد في العالم واختفى أي أثر للسكان الأصليين، ولا ننسى أن الرئيس الأمريكي نفسه دونالد ترامب جده ألماني وهو من أصول ألمانية متجذرة، فكيف به أن يرفض المهاجرين وهو في الأصل مهاجر على أمريكا كما أن الرئيس بايدن من أصول إيرلندية إذا فالشعب الأمريكي يكاد كله يكون مهاجرًا وغازيًا للبلاد.

الظاهر أن الأمريكيين الجدد نسوا ماضيهم وحكايات أجدادهم، وأولهم الرئيس المبجل ترامب، الذي بدأ قبل شهر ونصف الشهر، ولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية رقم 74 لها بعدما كان الرئيس رقم 45.

نعم لقد حقق الرئيس ترامب بكل استحقاق واقتدار الفوز المدوي وبكل جدارة بهذه الولاية، إضافة إلى سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب ومجلس الشيوخ.

لكن.. ماذا بعدها يجب أن يكون عليه ألا يُعادي أوروبا والبلدان الأخرى ويفرض عليها رسومًا جمركية، لأن قادة هذه الدول سوف يردون بالمثل، وبالتالي ستكون الخسارة مشتركة، وربما تؤثر حتى على الاقتصاد العالمي؛ حيث إن المصالح متشابكة ومتداخلة حول العالم.

وكذلك عندما يفرض على الصين والمكسيك وكندا؛ فكل هذه الدول سوف ترد بالمثل ولا يخفى على أحد أن المكسيك وكندا تعتبران أسواقاً مزدهرة للبضائع والمنتجات الأمريكية وهكذا ربما يصدق المثل الذي يقول "انقلب السحر على الساحر" وكذلك "جنت على نفسها براقش".

حتى على صديقه الذي دعمه إيلون ماسك بدأ ترامب يقلب عليه الطاولة ويقول إنه لن يقدر أن يتخذ قراراً بدون موافقتي، فهل هذا جبروت أم طغيان أم تَعنتُر؟!

الكل يعلم أن ترامب سلم بايدن اقتصادًا ضعيفًا وهو رجل أعمال، ولكن بايدن وعلى الرغم من جائحة كورونا سلَّم ترامب اقتصادًا أفضل بكثير من الذي استلمه منه!

ولله في خلقه شؤون.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية