إليك 10 مهارات أساسية لتعلم الفيزياء والرياضيات باحترافية
تاريخ النشر: 9th, March 2025 GMT
عادة ما توصف الفيزياء والرياضيات بأنها مواد دراسية صعبة للغاية، سواء كنت متخصصا أو هاويا، لكن رغم ذلك فإن الالتزام بعدد من المهارات الأساسية يمكن أن يساعدك في تجاوز هذه الصعوبة.
والواقع أن إتقان الرياضيات والفيزياء لا يتعلق بأن تكون عبقريا، بل يتعلق ببناء عادات دراسية قوية والممارسة بالطريقة الصحيحة.
وفي هذا السياق، قال الفيزيائي والرياضياتي الأميركي من أصل بريطاني ذات مرة "أعتقد أن اللحظة التي قررت فيها اتخاذ الرياضيات مهنة هي تلك التي قرأت فيها كتاب "رجال الرياضيات" لإيريك تمبل بل، حيث أشار إلى أن الرياضياتييين ليسوا جميعًا قديسين، بل قد يكونون محتالين، وهم أناس ذوو أشكال متنوعة جدا من الصفات، كذلك فإن كثيرين منهم عديمو الضمير وليسوا أذكياء جدا، لكن رغم ذلك ما زالوا قادرين على خلق رياضيات عظيمة! هنا قلت لنفسي: إذا كان هؤلاء قادرين على ذلك فلم لا تقدر أنت؟ هكذا بدأ الأمر".
تأكد من تحقيق فهم متين للمفاهيم الأساسية في المادة التي تعمل على دراستها، فمثلا لدراسة النسبية يجب أن تكون محملا بمعرفة الميكانيكا الكلاسيكية إلى جانب الكهربية والمغناطيسية، من بين نطاقات أخرى.
ويتحقق ذلك بالتدرج في الدراسة، فمثلا لو كنت تريد دراسة الفيزياء للمرة الأولى ومن دون سابق معرفة سيكون من الصعب أن تمر في مراجع متقدمة أو حتى مراجع السنة الأولى الجامعية، تحتاج أن تنزل قليلا لدراسة فيزياء المرحلة الثانوية مثلا، والتي عادة ما تعطيك بعضا من أسس الميكانيكا الكلاسيكية والكهربية والمغناطيسية والموجات، إلخ.
الأمر نفسه يجري على الرياضيات، إذ يتطلب الدخول للتفاضل والتكامل على سبيل المثال دراسة سابقة للدوالّ، وفي كل الأحوال عند دراسة مساق ما يحدد القائمون على المساق الأسس المطلوبة لتخطي هذا المساق، عليك أن تدرسها أولا.
إعلان فهم "السبب" وليس فقط "الكيفية"في الفيزياء والرياضيات هناك دائما العديد من المعادلات والصيغ الرياضية، وبدلا من مجرد حفظ الصيغ، افهم المنطق وراءها. اسأل نفسك مثلا: لماذا تعمل هذه الصيغة؟ كيف تم اشتقاقها؟ وما المشكلة الواقعية التي تحلها؟
على سبيل المثال، بدلًا من مجرد استخدام نظرية فيثاغورس (a² + b² = c²)، حاول فهم سبب صحتها من خلال استكشاف البراهين الهندسية.
بدلًا من القراءة السلبية للكتب، شارك بشكل نشط في استذكار المادة العلمية من خلال طرح الأسئلة والإجابة عنها، وتلخيص المفاهيم بكلماتك الخاصة، يعزز هذا النهج الفهم والاحتفاظ بالمعلومات.
واحدة من الطرق المفيدة في هذا السياق هي ما يسمى بطريقة فاينمان، وتعني أن تحاول شرح ما تعلمت لأحدهم أو حتى لنفسك، في أثناء شرحك ستجد فجوات في الفهم، أعد العمل على دراستها ومن ثم اشرحها مجددا، وهكذا.
هذه الطريقة ممتازة لسببين، الأول أنها تفتح بابا لحاسة إضافية من حواسك لتضاف إلى عملية التعلم، ويساعد ذلك على تثبيت المعلومات بشكل أفضل وأسرع، والثاني أن تساعدك على كشف النقاط التي ضاعت منك في الفهم.
الممارسة بانتظاميعدّ حل المسائل والتمارين بشكل مستمر أمرًا أساسيا في استذكار المواد العلمية عموما وبالأخص الفيزياء والرياضيات، تساعد هذه العادة في تعميق فهم المادة وتحديد الأنماط الأساسية لها، كما تساعدك على التفاعل بشكل دائم وهو أمر غاية في الأهمية.
الرياضيات والفيزياء مهارتان تتحسنان بالممارسة، مجرد القراءة أو مشاهدة شخص يحل المسائل لا يكفي، بل يجب أن تقوم بحل المسائل بيديك وبانتظام، وفي هذا السياق يفضل أن تحل التمارين والمسائل خطوة بخطوة، وتجرب مستويات صعوبة مختلفة لتحدي نفسك، ولا تكتفِ بالتدرب على النوع ذاته من المشكلات، بل تحدَّ نفسك بمستويات صعوبة مختلفة وتطبيقات واقعية.
إعلانوفي الرياضيات بشكل خاص، تبدو العديد من مشكلات الرياضيات مربكة في البداية، ولكن بدلًا من الذعر ابدأ بتقسيم المشكلة إلى خطوات أصغر يمكن فهمها وحلها، وركّز على خطوة واحدة في كل مرة، وإذا واجهتك مشكلة ارجع إلى الخطوة السابقة وقم بتحليلها.
على سبيل المثال، عند حل نظام من المعادلات، ابدأ باستبعاد متغير واحد في كل مرة بدلًا من محاولة حل كل شيء دفعة واحدة.
ابتكر اختصارات ممتعة لتذكر الصيغ والمعادلات والمفاهيم الصعبة، ويمكن أن تكتبها على بطاقات وتتأملها من حين لآخر.
واحدة كذلك من الطرق السحرية في هذا السياق هي اللوحات الكبيرة البيضاء، يمكن أن تشتريها من أي مكتبة، وترسم عليها المنهج الذي تدرسه كاملا في صورة شجرة متفرعة من المفاهيم والمختصرات، وتستخدم الألوان والرسومات الغريبة لتمييز الأرقام والمعادلات والمفاهيم عن بعضها، وأخيرا علق اللوحة أمامك وتأملها من حين لآخر.
استخدم التكرار المتباعدالتكرار المتباعد هو تقنية تعليمية تعتمد على مراجعة المعلومات على فترات زمنية متزايدة بدلًا من تكرارها بشكل مكثف في وقت قصير.
هذه الطريقة تعتمد على مبدأ أن الدماغ ينسى المعلومات تدريجيا، وإذا راجعها في الوقت المناسب قبل نسيانها فإنها تترسخ في الذاكرة الطويلة المدى.
وعلى سبيل المثال، لتنفيذ هذه الطريقة يمكن أن تبدأ بدراسة جزء ما من الفيزياء مثلا لأول مرة، ثم تراجعه بعد يوم واحد، ثم بعد 3 أيام إذا كنت لا تزال تتذكره جيدا، ثم بعد أسبوع إذا كان لا يزال في ذاكرتك، ثم بعد شهر، وهكذا تزيد الفواصل الزمنية مع كل مراجعة ناجحة.
الانضمام إلى مجموعات الدراسةيتيح التعاون مع الأقران تبادل الأفكار وتوضيح الشكوك والتعرض لأساليب مختلفة لحل المشكلات، مما يثري تجربة التعلم الخاصة بك.
إن ذلك يحمسك أيضا لمزيد من الدراسة، ويمتلك هذا الأمر أهمية شديدة بشكل خاص في دراسة المواد الصعبة مثل الرياضيات والفيزياء.
إعلانإذا لم تجد مجموعات دراسية جامعية، يمكنك الانضمام إلى مجموعات محبي الفيزياء والرياضيات على وسائل التواصل، ويفضل أن تكون هناك لقاءات دورية في العالم الواقعي، للنقاش في المسائل التي تهتم بدراستها.
تطبيق المفاهيم على سيناريوهات العالم الحقيقيإن ربط النظريات المجردة بالمواقف العملية يعزز الفهم ويجعل التعلم أكثر جاذبية وسهولة، ويمثل تمرينا في العالم الواقعي، فإذا كنت تدرس قوانين نيوتن على سبيل المثال فيمكنك أن تحاول تطبيقها على السيارات على الطريق، ويمكنك في حالة النظرية النسبية الخاصة أن تبتكر سيناريوهات لحساب الفارق بين عمري شخصين سافرا بسرعتين مختلفتين، وهكذا.
تنويع المصادرلو لم تفهم الشيء في المرة الأولى فذلك لا يعني أنك "لن تفهمه أبدًا"، من الممكن أن تكون المشكلة في المصدر نفسه، قد يكون أكثر تعقيدًا من مستواك وتحتاج للتراجع قليلًا إلى مستوى أقل، ومن الممكن أن يكون المصدر من النوعية التي تقدم المعلومة بطريقة مختلفة، فكل مرجع له وجهة نظر في الشرح، قد تكون من مُفضلي التجريد والمصدر يعرض المعلومة بطريقة قصصية، ومن الممكن أن يكون المنهج وصفيا بينما تريد أنت أن تتعلم بالمعادلات الرياضية، بعض المراجع تكون تعليمية وبعضها ليس كذلك، في هذه الحالة يفضل أن تسأل من سبقوك بخطوة.
يفضل دائمًا أن تقوم بتنويع مصادرك، سواء عبر تنويع الكتب التي تقرؤها في الموضوع، أو طريقة تقديمه (كتاب جامعي، كتاب مبسط، كتاب مصوّر، مقال، تدوينة، محاضرة، مساقات.. إلخ).
راجع أخطاءكوأخيرا، لا تكتف بالمضي قدمًا بعد أن تقدم إجابة خاطئة لمسألة ما، بل قم بتحليل سبب ارتكابك للخطأ، فالفكرة ليست أن تصلح المسألة، بل أن تصلح سوء الفهم الذي وقع، لأن ذلك يعطيك مفهوما يمكن أن تطبقه في المشكلات القادمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان على سبیل المثال فی هذا السیاق بدل ا من یمکن أن أن تکون
إقرأ أيضاً:
«المهارات المُجاورة» في الابتكار التكنولوجي
أشار تقرير مستقبل الوظائف الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أنه ابتداء من عام (2025م)، ستحتاج المؤسسات الحالية إلى إعادة تأهيل مهارات القوى العاملة لديها، وذلك بسبب متطلبات تبني النهج الابتكاري، وتسارع توظيف التكنولوجيا، ودخول الذكاء الاصطناعي إلى عالم الأعمال، وتؤكد هذه التوقعات على ضرورة التركيز على تطوير المهارات كعنصر أساسي في استراتيجيات التشغيل المعاصرة، ويبدو ذلك بديهيا في المؤسسات الكبيرة والخدمية، لأن الأتمتة والتحول الرقمي في العمليات والخدمات هما الأبرز، والأوفر نصيبا، ولكن ماذا عن شركات التكنولوجيا العلمية؟ وكيف يبدو مشهد المواهب في هذه الشركات في ظل الطلب المتزايد على الحشد الاستراتيجي للمواهب والذي يتماشى مع التوجهات المتنامية للاقتصاد القائم على المهارات؟
يُمثل «اقتصاد المهارات» من التحولات الجذرية التي ظهرت مؤخرا، وهو يرتبط باتجاهات جديدة في طريقة فهم وتوظيف القيمة المهنية للمهارات الفردية، والجماعية لفرق العمل والمؤسسات، وهو لا يقتصر على المهارات التي تمتلكها أو تحتاجها المؤسسة، ولكنه يشتمل أيضا على قدرة هذه المؤسسات على اكتساب مهارات جديدة بجانب العائد من الشهادات العلمية، والخبرات العملية المرتبطة بالمسميات الوظيفية التقليدية. وهذا ما يطرح الكثير من الأسئلة على المديرين التنفيذيين، وأهمها: هل تمتلك المؤسسة المواهب والمهارات الكافية للحفاظ على الميزة التنافسية؟ وما هو الخطر التشغيلي الأكثر أهمية بين حالات انعدام أو تكدس هذه المواهب والمهارات؟، حيث تضع العديد من الشركات التكنولوجية استراتيجياتها بشكل صحيح؛ لكن الإخفاق في عملية التنفيذ يعود إلى عدم امتلاكها الكفاءات، والمهارات المطلوبة، لتنفيذ المبادرات في الوقت المناسب. ومن أجل ذلك يُعدّ تبني اقتصاد المهارات في الوقت الراهن متطلبا جوهريا لضمان الاستفادة من المهارات المتنوعة والقادرة على تسريع الوصول إلى حلول رائدة للتحديات، وابتكار مستدام، في عام سريع التغير.
فإذا توقفنا عند فجوة المهارات، سنجد بأن السبب الأساسي لظهور اقتصاد المهارات كان اتساع فجوة المهارات في بيئات العمل، والذي نشأ كنتيجة مباشرة لتسارع التقدم العلمي والتكنولوجي، وبذلك تتغير المهارات التي يحتاجها سوق العمل بوتيرة أسرع من عملية تدريب وتأهيل الموارد البشرية، وهي تظهر بشكل كبير في الشركات الابتكارية التي تتطلب وجود كفاءات علمية مواكبة للتطورات، وعلى اطلاع بالمستجدات على المستوى التقني والفكري، وبالتالي فإن فجوة المهارات لا تقل أهمية عن المخاطر التشغيلية الأخرى، ومن أجل معالجة هذا المحور، فإنه على الشركات الناشئة التكنولوجية اتباع أسلوبٍ صارمٍ في إدارة ملف استقطاب الكفاءات، وذلك عبر بناء استراتيجية عمل قائمة على المهارات، ومعززة بالتحليل العميق لثلاث ركائز وهي: المجموع الكلي لمهارات فرق العمل، والاحتياجات المستقبلية من المهارات، وسيناريوهات تغير هذه الاحتياجات على المدى القريب والمتوسط، ويأتي تحليل المهارات بمثابة الخطوة الأساسية الأولى في تمكين التحول نحو تبني فكر وممارسات الاقتصاد المبني على المهارات.
وتأتي بعدها عملية المواءمة بين المهارات المتاحة والمطلوبة من جهة وبين المهام والعمليات التي تستوعب هذه المهارات من جهةٍ أخرى، وذلك بإنشاء مستودع مركزي للمهارات والمواهب على مستوى المؤسسة، أو فريق العمل، وتكمن أهمية هذا المستودع في دوره الكبير في عملية تعريف «المهارات المُجاورة»، وهو مصطلح مستحدث، ويعود ضمنيا إلى المهارات الثانوية الداعمة، أو المكملة للمهارات الأساسية المتوفرة في المستودع المركزي، وكذلك تعبر عن مهارات وثيقة الصلة بالمواهب التقنية أو الإدارية التي يمتلكها أعضاء الفرق، أو منتسبي المؤسسة. وبالنسبة لشركات التكنولوجيا، فإن المهارات المجاورة تمثل حجر الأساس في مواكبة التطورات التكنولوجية، إذ إن التكيف مع متطلبات الابتكار قد لا تحتاج إلى البحث عن مهارات جديدة كليا، وإنما يكتفى بتعزيز وتنمية المهارات المجاورة لضمان سد الثغرات الكبيرة في المهارات المطلوبة، مع تأصيل ثقافة التعلم المستمر لرفع كفاءة الأداء التشغيلي، وتقليل تكلفة استقطاب الكفاءات العلمية والتقنية الاحترافية، والتي غالبا ما تكون مكلفة بالمقارنة مع القدرات المالية للشركات الناشئة العلمية.
وهذا يقودنا إلى أهم الآثار الإيجابية لتعزيز مسارات بناء المهارات المجاورة في شركات التكنولوجيا، وهي التقليل من مخاطر تضخم المواهب وهدرها، إذ يُعد تكديس المواهب من أبرز تحديات التنفيذ غير السليم لنهج اقتصاد المهارات، وبناء مهارات فرق العمل هو أحد الطرق الأكثر احتمالا لضمان الحفاظ على توزيع ديناميكي ومتوازن للمهام بين فرق العمل، وتمكين التفاعل الإيجابي بين مختلف مستويات التشغيل عبر فرق العمل الماهرة والمتعددة الوظائف، وذلك بخلاف الأسلوب التقليدي الذي يقوم على توظيف مالكي المهارات كلما ظهرت الحاجة إلى هذه المهارات والتي قد تتراكم مع الوقت، مما يؤدي بشكل أو بآخر إلى عزل الكفاءات والقدرات المالكة للمهارات التي تقادمت، أو التي تم إحلالها بمهارات أخرى، لا سيما في عالمٍ تتغيّر فيه المهارات بسرعة كبيرة، ويتطور مشهد المواهب في أزمنة قياسية لمواكبة اتجاهات الصناعة، والحفاظ على القدرة التنافسية.
إن التحوّل إلى نهج الاقتصاد القائم على المهارات هو ضرورة استراتيجية لشركات الابتكارات الناشئة العلمية والتكنولوجية، وعلى قادة هذه الشركات إدراك أهمية فهم الدور المحوري للمهارات المجاورة في سد فجوة المهارات الآنية، مع إتاحة الحشد الاستراتيجي لمجموعة متكاملة من مهارات حل التحديات المعقدة، ودفع عجلة الابتكار، والتكيف بسرعة مع التغييرات والمستجدات بناء على المهارات، بدلا من التسلسل الهرمي التقليدي. ويستوجب ذلك سرعة المواءمة بين المهارات المتاحة، والمواهب التي يمكن صقلها إلى مهارات، وكذلك تأطير بنائها في مختلف مراحل دورة حياة الموهبة، ورفع المرونة في اكتساب المهارات عبر برامج التنقل الاستراتيجي للمواهب داخل وخارج الشركات العلمية، وكذلك عن طريق ترسيخ ثقافة التعلم المستمر والتطوير الممنهج، والاستثمار في البرامج التدريبية التي تتماشى مع اتجاهات الصناعة الحالية، وبما يضمن استعداد فرق العمل للتكيف مع المستقبل، وذلك بإيلاء الأولوية للتوجه الاستباقي، والتركيز على تحقيق التوازن في تلبية الاحتياجات المستقبلية عبر الاستشراف الاستراتيجي، والتخطيط الدقيق الذي يضمن الالتزام في قيادة التغيير، مع رفع الكفاءة التشغيلية، وتقليل المخاطر.
د. جميلة الهنائية باحثة فـي سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار