هناك تطور مهم للغاية يمثله دخول التصنيف الأمريكي لجماعة الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية؛ حيز التنفيذ منذ بداية شهر آذار/ مارس الجاري، والذي يؤشر إلى بدء مرحلة الانحدار في العلاقة بين واشنطن وهذه الجماعة، وثمة تطور لا يقل خطورة كشف عنه بيان مجلس التعاون الخليجي والذي عبّر لأول مرة عن دعمه للكيانات الموازية في السلطة الشرعية.



التصنيف والعقوبات المفروضة على عدد كبير من القيادات الحوثية، ستنعكس على الفور على قدرة الكتلة الأكبر من الشعب اليمني الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، في الوصول إلى الشبكة المالية العالمية وإلى الأسواق الدولية، وسيؤثر على عملية استيراد السلع، وهو أمر إما أن يعزز السلطة الشرعية ويقربنا من الخلاص أو يلقي بالشعب اليمني في هوة سحيقة من المعاناة والشلل.

يمكن لجماعة الحوثي أن تتحايل على هذه العقوبات من أجل إبقاء سلطة الأمر الواقع التي تفرضها الجماعة في صنعاء، لكنها ستقع حتما تحت التأثير المدمر للعقوبات، وستفتقد إلى الديناميكية والحيوية والتصرف المنفلت الذي ميّز الجماعة الانقلابية في صنعاء عن السلطة الشرعية المرتهنة والمكبلة بقيود الالتزامات الدولية باعتبارها السلطة الوطنية المعترف بها.

لا توجد فرصة أهم من تلك التي تتيحها العقوبات الأمريكية على جماعة الحوثي، فهي تحرر الموقف السعودي والإقليمي من التبعات الثقيلة التي ستتكبدها جماعة الحوثي. ومع ذلك يمكن لهذه الفرصة أن تتلاشى، إذا لم تكن هناك تحركات تستثمرها لإعادة توجيه مسار الأحدث في اليمن نحو الانفراج، وهو أمر تُحتمه الضرورة القصوى
في هذه الأثناء يبرز الدور السعودي مجددا على خط التطورات الدراماتيكية في اليمن مرسلا مؤشرات سلبية للغاية، عبرت عنها المحادثات الغامضة التي أجراها في واشنطن مسؤول الملف اليمني في الحكومة السعودية وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، برفقة السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر.

وكان اللافت في الدور السعودي الزيارة التي قام بها السفير آل جابر إلى مسقط في أعقاب عودته من واشنطن، وهو سلوك يثير الدهشة، إذ أن التحركات اللاحقة للسفير آل جابر لم تشمل لقاءات مفترضة مع أي من المسؤولين في الحكومة الشرعية الحليفة.

إن زيارة آل جابر للعاصمة العُمانية، لا تعني التباحث مع المسؤولين العمانيين فقط، بل أيضا اللقاء مع ممثلين عن جماعة الحوثي، وإيصال رسائل، لم يرشح شيء عن مضمونها، لكنها بالتأكيد تحمل في طياتها مزيجا من الوعد والوعيد، في سياق رغبة سعودية لإبقاء ملف الصراع في اليمن تحت سيطرة الرياض، معززة هذه الرغبة بانفتاح على حلول تبقي الفرضة أمام الحوثيين لإحراز مكاسب طويلة الأمد على الساحة اليمنية رغم المواقف الأمريكية المتشددة.

تدرك السعودية أنها وحدها من يقف في مرمى التهديدات والابتزازات الحوثية، التي يعبر عنها قادة الجماعة وعلى رأسهم عبد الملك الحوثي، دون أن يعني ذلك أنها عاجزة عن التعامل مع هذه التهديدات، ولكن يبدو الأمر متصلا بالتعقيدات التي تمثلها التوجهات المضطربة للإدارة الأمريكية حيال السعودية نفسها، مع احتمالية أن يبقى ملف اليمن أداة ضغط مهمة بيد واشنطن لتطويع الموقف السعودي من الاستحقاقات الكبرى المرتبطة بالمصالح الصهيونية في المقال الأول.

لا توجد فرصة أهم من تلك التي تتيحها العقوبات الأمريكية على جماعة الحوثي، فهي تحرر الموقف السعودي والإقليمي من التبعات الثقيلة التي ستتكبدها جماعة الحوثي. ومع ذلك يمكن لهذه الفرصة أن تتلاشى، إذا لم تكن هناك تحركات تستثمرها لإعادة توجيه مسار الأحدث في اليمن نحو الانفراج، وهو أمر تُحتمه الضرورة القصوى، فلم يعد أكثر من ثلاثين مليون يمني قادرين على تحمل التبعات الثقيلة والكارثية للحرب وعدم الاستقرار وفشل الدولة، رغم المساعدات المتقطعة التي تقدمها المملكة العربية السعودية للإبقاء على الحد الأدنى من قدرة السلطة الشرعية على البقاء والإيفاء بمسؤولياتها تجاه الشعب، وهي مسؤوليات تعاني من قصور حاد يصل إلى حد الفشل والفوضى.

ثمة توجه إقليمي خطير ومؤسف تمليه القوى المتنفذة في الملف اليمني، للتعاطي مع احتمال انحلال السلطة الشرعية وإعادة تقسيم مشروعيتها على قوى الأمر الواقع، على نحو ما كشف عنه البيان الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المنعقد في مكة المكرمة
ثمة توجه إقليمي خطير ومؤسف تمليه القوى المتنفذة في الملف اليمني، للتعاطي مع احتمال انحلال السلطة الشرعية وإعادة تقسيم مشروعيتها على قوى الأمر الواقع، على نحو ما كشف عنه البيان الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المنعقد في مكة المكرمة.

فقد "أكد المجلس الوزاري الدعم الكامل لمجلس القيادة الرئاسي برئاسة فخامة الدكتور رشاد محمد العليمي، والكيانات المساندة له لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن". والخطر يكمن في ورود عبارة "والكيانات المساندة له"، إذ أنه يمنح المشروعية الموازية للكيانات التي يتبنى بعضها نهجا انفصاليا ليس على مستوى السياسة بل على مستوى الجغرافيا، مما يشكل عمليا تهديدا وجوديا للدولة التي يرأسها الدكتور رشاد العليمي الذي عبر بيان مجلس التعاون عن دعمه ودعم سلطته.

الخطورة إذا لم تعد تقتصر على انقلاب الحوثيين وتقاطعاته الإقليمية والدولية، بل تشمل أيضا، هذه الهندسة الأنانية لحاضر ومستقبل اليمن من قبل الدول الإقليمية النافذة، والتي تستثمر للأسف الشلل الراهن في قدرات الدولة اليمنية.

والنتيجة الحتمية هي أن اليمن منذ آذار/ مارس سيدخل مرحلة جديدة من الشلل السياسي والاقتصادي الذي سيصيب قدرة السلطات المتحكمة فيه، ولن يُبقي لها سوى القدرة على القتال بالإمكانيات المتاحة، خصوصا إذا ما نجحت واشنطن ومعها لندن في تنفيذ وعودهما بإنشاء آلية رقابة على تدفق الأسلحة والمساعدات العسكرية لجماعة الحوثي.

x.com/yaseentamimi68

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحوثي اليمني العقوبات السعودية امريكا السعودية اليمن عقوبات الحوثي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطة الشرعیة مجلس التعاون جماعة الحوثی فی الیمن آل جابر

إقرأ أيضاً:

غارات أمريكية تغتال مسؤولا في جماعة الحوثي

ووفق مصادر حوثية، فإن هذه العملية تزامنت مع سلسلة من الغارات الجوية التي طالت مناطق متفرقة في اليمن، شملت العاصمة صنعاء ومحافظتي الحديدة ومأرب.

واستهدفت الغارات منطقة جربان في مديرية سنحان جنوب صنعاء، بينما طالت غارة أخرى منطقة بني حشيش شمال شرق المدينة.

وفي الحديدة، تعرضت جزيرة كمران لقصف جوي مزدوج، في حين شهدت مديرية مجزر بمحافظة مأرب ثلاث غارات متتالية.

من هو عبد الناصر مهيوب؟

ويُعد العقيد عبد الناصر سرحان مهيوب من أبرز القادة الأمنيين داخل الجماعة، حيث إنه شغل منصب نائب رئيس جهاز الأمن والمخابرات التابع لها.

وقد التحق بصفوف الحوثيين بعد خدمة عسكرية ضمن القوات المسلحة اليمنية، ليصبح لاحقاً من الشخصيات المقربة من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وكان له دور محوري في تنسيق وتنفيذ العمليات العسكرية والاستخباراتية خلال مراحل الصراع المختلفة.

وأسهم الكمالي بشكل كبير في إدارة الشبكات الأمنية التابعة للجماعة، وارتبط اسمه بعدد من الهجمات المعقدة التي نَفذتها الجماعة، ما جعله من الشخصيات الأكثر تأثيراً في الهيكل الأمني للحوثيين.

مقالات مشابهة

  • الحوثي: 14 غارة أميركية على صنعاء منذ صباح الأربعاء
  • وزير الإعلام اليمني: الضربات الأمريكية أفقدت ميليشيا الحوثي نحو 30% من قدراتها العسكرية
  • مدير ملف اليمن بقناة الجزيرة يناقش عبر عشر ملاحظات جوهرية واقعية سيناريو إطلاق عملية عسكرية برية ضد مليشيا الحوثي.. بعد تقرير CNN الأمريكية
  • جماعة الحوثي تعلن إسقاط مسيرة أميركية ثالثة في 10 أيام
  • غارات أمريكية تغتال مسؤولا في جماعة الحوثي
  • الجيش اليمني يتصدى لهجمات حوثية مكثفة في جبهات تعز
  • اليمن.. غارتان أمريكيتان على مخازن أسلحة تابعة لجماعة الحوثي في جزيرة كمران
  • شركات السياحة: حملات توعية ورصد للكيانات غير الشرعية
  • عبد الملك الحوثي يهدد: أي استخدام للقواعد الأمريكية في المنطقة ضد اليمن سيقابل برد
  • الحوثي يهدد.. أي استخدام للقواعد الأمريكية في المنطقة ضد اليمن سيقابل برد