حكم تقديم الطعام والشراب لفاقد العقل في نهار رمضان
تاريخ النشر: 9th, March 2025 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة: "ما حكم تقديم الطعام والشراب لفاقد العقل في نهار رمضان؟".
لترد دار الإفتاء المصرية، موضحة: أنه يجوز لولي فاقد العقل أن يقدم له الطعام والشراب في نهار رمضان، ولا حرج عليه في ذلك؛ لأن فاقد العقل غير مكلف بالصيام، وهو من أصحاب الأعذار الدائمة، ولا يلزمه الإمساك أثناء النهار، ولأن تقديم الطعام والشراب له من جملة مقتضيات العناية والرعاية التي يجب على وليه أن يؤديها له في الجملة.
من المقرر شرعًا أن الصوم ركن من أركان الإسلام، وشعيرة من شعائره، وقد فرضه الله تعالى على الأمة الإسلامية في العام الثاني للهجرة النبوية المشرفة، قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].
وقد روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ»، قال العلماء: إن هذا الحديث أصل عظيم في معرفة الدين، وعليه اعتماده؛ فإنه قد جمع أركانه.
وقد أجمع العلماء على أن صيام شهر رمضان واجب، قال العلامة ابن القطان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 226، ط. الفاروق الحديثة): [ولا خلاف بين العلماء في أن صيام شهر رمضان واجب] اهـ.
والمقرر شرعًا أن العقل شرط من شروط التكليف بوجه عام؛ لأنه به يحصل فهم الخطاب.
قال الإمام أبو حامد الغزالي في "المستصفى" (ص: 67، ط. دار الكتب العلمية): [وأما أهلية ثبوت الأحكام في الذمَّة فمستفاد من الإنسانية التي بها يستعد لقبول قوة العقل الذي به فهم التكليف في ثاني الحال، حتى إن البهيمة لما لم تكن لها أهلية فهم الخطاب بالفعل ولا بالقوة لم تتهيأ لإضافة الحكم إلى ذمتها] اهـ.
وقال ابن النجار الفتوحي في "شرح الكوكب المنير" (ص: 498-499، ط. العبيكان): [وشرط في المكلف بالفعل -وهو الآدمي- عقل وفهم خطاب؛ لأن التكليف خطاب، وخطاب من لا عقل له ولا فهم محال، ولأن المكلف به مطلوب حصوله من المكلف طاعة وامتثالًا؛ لأنه مأمور، والمأمور يجب أن يقصد إيقاع المأمور به على سبيل الطاعة والامتثال، والقصد إلى ذلك إنما يتصور بعد الفهم؛ لأن مَن لا يفهم لا يقال له: افهم، ولا يقال لمن لم يسمع: اسمع، ولا لمن لا يبصر: أبصِر] اهـ بتصرف.
حكم تقديم الطعام والشراب لفاقد العقل في رمضانأما بخصوص الصوم: فالصوم واجب على المسلم البالغ العاقل، الصحيح، المقيم، القادر على الصوم، العالم بدخول شهر رمضان، ويزيد على ذلك في المرأة: أن تكون خالية من الحيض، والنفاس، والرضاع، والولادة.
قال ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 39، ط. دار الكتب العلمية): [اتفقوا على أن صيام نهار رمضان على الصحيح المقيم العاقل البالغ الذي يعلم أنه رمضان، وقد بلغه وجوب صيامه، وهو مسلم، وليس امرأة لا حائضًا، ولا حاملًا، ولا مرضعًا -فرضٌ] اهـ بتصرف.
وفاقد العقل غيرُ مكلَّفٍ بالصوم؛ لما مر، وقد ورد عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْغُلَامِ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ» رواه ابن ماجه في "سننه".
قال العلامة الصَّنْعاني في "سبل السلام" (2/ 265، ط. دار الحديث): [وفيه دليل على أن الثلاثة -أي: الصغير، وفاقد العقل، والنائم- لا يتعلق بهم تكليف] اهـ.
والعلماء مُجمِعون على أن الله تعالى إنما خاطب بالأوامر والنواهي البالغين من ذوي العقول دون غيرهم.
قال العلامة ابن القَطَّان في "الإقناع" (1/ 126): [واتفق علماء المسلمين على أن الله جلَّ ثناؤه لم يخاطب بالأحكام إلا العَقَلة البالغين، وأنه تعالى لم يقصد الأطفال ولا المجانين، واتفقوا أن الثواب والعقاب وسائر التكاليف إنما تتعلق بما هو من أفعال العباد العقلاء، لا المجانين] اهـ.
وتقديم الطعام والشراب لفاقد العقل في نهار رمضان هو تعامل مع غير مكلف بما لم يخاطب بفعله أو بتركه، فهو جائز شرعًا، ففاقد العقل من أصحاب الأعذار الدائمة، ولا يلزمهم الإمساك أثناء النهار.
قال العلامة السَّرَخْسِي الحنفي في "المبسوط" (3/ 58، ط. دار المعرفة): [الأصل عندنا أن مَن صار في بعض النهار على صفةٍ لو كان عليها في أول النهار يلزمه الصوم فعليه الإمساك في بقية النهار؛ لأن الإمساك مشروع خلفًا عن الصوم عند فواته لقضاء حقِّ الوقت؛ ولأنه لو أكل، ولا عذر به اتهمه الناس. والتحرز عن مواضع التهمة واجب] اهـ.
وقال العلامة الدسوقي المالكي في حاشيته على "الشرح الكبير" للإمام الدردير (1/ 514، ط. دار الفكر): [وحاصله أن الجنون عذر يباح لأجله الفطر] اهـ.
وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "المهذب" (1/ 328، ط. دار الكتب العلمية): [لأنه أبيح لهما الفطر من أول النهار ظاهرًا وباطنًا فجاز لهما الإفطار في بقية النهار كما لو دام السفر والمرض] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 146، ط. مكتبة القاهرة): [لأنه أبيح له فطر أول النهار ظاهرًا وباطنًا، فإذا أفطر كان له أن يستديمه إلى آخر النهار، كما لو دام العذر] اهـ.
كما أن فاقد العقل عاجز عن القيام بحاجاته الأساسية، فيجب على وَلِيِّه، أو مَن يقوم على خدمته أن يلي رعايته ويزيد من العناية به بما يسد حاجته، ومن جملة ذلك: القيام عليه فيما يتعلق بغذائه وإطعامه لتستقيم حياته، ويحفظه من الهلاك، وهو ما يعرف باسم "الكفالة"، وهي: حفظ من لا يستقل بحاجاته وتعهده بما يصلحه.
والكفالة تشمل فاقد العقل، والصغير، والكبير الذي لا يمكنه القيام بحاجاته.
قال العلامة الدَّمِيري الشافعي في "النجم الوهاج" (8/ 292، ط. دار المنهاج): [الحضانة: حفظ من لا يستقل عما يؤذيه، وتنتهي بالتمييز، ثم بعده إلى البلوغ تسمى كفالة، والمراد: من لا يستقل بأمر نفسه؛ لعدم تمييزه؛ ليشمل الطفل، والكبير، والمجنون، ومَن به خبل، وقلة تمييز] اهـ بتصرف.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شهر رمضان حكم تقديم الطعام والشراب لفاقد العقل في رمضان الصوم في حق فاقد العقل المزيد فی نهار رمضان قال العلامة اهـ وقال على أن
إقرأ أيضاً:
مقتل 11 شخص بحادثة دهس في كندا
أبريل 27, 2025آخر تحديث: أبريل 27, 2025
المستقلة/- قُتل أحد عشر شخصًا عندما صدم “مشتبه به منفرد” بسيارته حشدًا في مهرجان شعبي في فانكوفر.
وتناثرت الجثث في الشارع بعد أن قادت السيارة السوداء على طريق بين أكشاك وعربات الطعام.
وأفادت شرطة فانكوفر بأنه تم إلقاء القبض على رجل محلي يبلغ من العمر 30 عامًا في مكان الحادث. ووصفت الشرطة السائق بأنه “مشتبه به منفرد”، واستبعدت أن يكون الدافع إرهابيًا.
وقع الحادث، الذي وقع في شارع فريزر والشارع 41، بعد الساعة الثامنة مساءً بقليل بالتوقيت المحلي مساء السبت (الرابعة صباحًا بتوقيت المملكة المتحدة يوم الأحد) بينما كانت الحشود تحتفل بيوم لابو لابو، وهو مناسبة فلبينية تقليدية.
أظهر مقطع فيديو من مكان الحادث سيارة رياضية سوداء متضررة وجثثًا متناثرة على الطريق، وعربات طعام وأكشاك على جانبي الطريق.
وأظهر أحد المقاطع ما يبدو أنه رجل من أصل آسيوي يُحتجز في أعقاب الحادث مباشرة، وهو يقول لمن حوله إنه “يعتذر”. ذكرت مصادر لصحيفة فانكوفر صن أنه يبدو أنه يعاني من مشاكل نفسية.
أكد كين سيم، عمدة فانكوفر، وقوع “وفيات متعددة” وإصابة عدد أكبر. وقال: “قلوبنا مع جميع المتضررين ومع الجالية الفلبينية في فانكوفر خلال هذه الأوقات العصيبة للغاية”.
ووصف أحد سياسيي المجلس المحلي الحادث بأنه “عمل عنف مروع”.
وصرح يوسيب فارديه، المالك المشارك لشاحنة الطعام “باو بونز”، لوسائل الإعلام المحلية بأن العرض الأخير في المهرجان كان قد انتهى للتو عندما جاءت السيارة من اتجاه مدرسة ثانوية قريبة.
وقال إنها مرت بعدد من بائعي السوق، ثم زادت سرعتها قبل أن تتجه نحو شارع 43، حيث كانت شاحنات الطعام متمركزة.
قال السيد فارده: “خرجتُ من شاحنة الطعام خاصتي، ونظرتُ إلى الشارع، فرأيتُ جثثًا في كل مكان. لقد اجتاز الشارع بأكمله، ثم انحدر مباشرةً إلى منتصفه”.
وأضاف أنه غير متأكد من كيفية إيقاف الشاحنة. وقال إنه رأى رجلاً يُعتقل ويطلب من المارة التوقف عن تصويره.
تُجري كندا انتخابات عامة يوم الاثنين، ومن المتوقع أن يفوز مارك كارني، المحافظ السابق لبنك إنجلترا، بفارق ضئيل وسط الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
وكان جاغميت سينغ، زعيم الحزب الديمقراطي الجديد في كندا، والذي يخوض حملةً لرئاسة الوزراء في انتخابات يوم الاثنين، قد ألقى كلمةً أمام حشدٍ في المهرجان الفلبيني في وقتٍ سابق من اليوم.
وقال السيد سينغ إنه “شعر بالفزع لمعرفة أن أبرياء” قد قُتلوا.
وقال بيير بواليفير، زعيم حزب المحافظين ومرشح المعارضة الرئيسي، إنه “صُدم بالأنباء المروعة التي وردت من مهرجان يوم لابو لابو في فانكوفر الليلة”. وأضاف: “أُعرب عن تعازيّ للجالية الفلبينية وجميع الضحايا الذين استهدفهم هذا الهجوم الأحمق”.
وقال ديفيد إيبي، رئيس وزراء مقاطعة كولومبيا البريطانية، إنه “مصدوم ومُفجوع لسماع نبأ فقدان الأرواح”.
يُحيي يوم لابو لابو ذكرى داتو لابو لابو، زعيم السكان الأصليين في الفلبين في القرن السادس عشر، والذي قاد انتفاضة ضد المستعمرين الإسبان.
وتضمنت فعالية يوم السبت استعراضًا وعرضًا لفيلم ورقصًا وحفلًا موسيقيًا، شارك فيه عضوان من فرقة بلاك آيد بيز الأمريكية، ضمن قائمة المشاركين التي أعلن عنها المنظمون.
قال السيد كارني: “أُصيب بصدمة بالغة لسماع نبأ الأحداث المروعة التي شهدها مهرجان لابو لابو في فانكوفر في وقت سابق من هذا المساء. جميعنا نشارككم الحزن”.
وتعليقًا على هذا النبأ، كتب الملك تشارلز رسالة إلى شعب كندا: “لقد شعرنا أنا وزوجتي بحزن عميق لسماع نبأ الهجوم المروع والخسارة المأساوية في الأرواح في فانكوفر، والذي وقع أثناء تجمع الجالية الفلبينية للاحتفال بأحد أعيادهم المميزة.
“قلوبنا وصلواتنا مع جميع من تضررت حياتهم جراء هذه المأساة المؤلمة، ونتقدم بأحر تعازينا في هذا الوقت العصيب للكثيرين في كندا”.