تزاوج بين الفن والهندسة.. أنفاق تحت الماء تبث الحياة بجزر الفارو
تاريخ النشر: 9th, March 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في جزر فارو، قد يؤدّي الطقس الذي لا يمكن التنبؤ به، والرياح العاتية، والأمطار، والضباب الكثيف إلى جعل السفر بالسيارة أو العَبّارة أمرًا صعبًا في بعض الأحيان. لا عجب أن سكان جزر فارو يحبون أنفاقهم.
لقد قاموا ببناء 17 منها فوق الأرض، وأربعة تحت سطح البحر، ومنها النفق الوحيد تحت سطح البحر في العالم الذي يحتوي على دوار تحت الماء.
تعمل الشبكة على تسهيل التنقل في الدولة الجزيرة المتمتعة بحكم ذاتي داخل مملكة الدنمارك.
تقول سوزانا سورنسن، مديرة التسويق في منظمة "Visit Faroe Island": "رُغم أننا 18 جزيرة، إلا أننا كثيرًا ما نمزح بالقول إنه بسبب الأنفاق نتحدى حقيقة أنّنا مجموعة جزر".
وهذه الجزر البركانية تقع في شمال المحيط الأطلسي في منتصف الطريق بين أيسلندا واسكتلندا، وتبهر الزوار بالمناظر الطبيعية البكر.
أحدث نفقين تحت سطح البحر هما من يصنعان شهرة الجزر أيضًا. فهما بمثابة "برج إيفل أو ساعة بيغ بن بالنسبة لنا، حيث يمر الناس، لا سيّما السيّاح، من خلالهما بالسيارة فقط لمشاهدة التزاوج المذهل بين الفن والهندسة"، بحسب تيتور سامويلسن، الرئيس التنفيذي لشركة "Eystur-og Sandoyartunlar" التي تدير الأنفاق.
نفق مليء بالنحتيوميًا، تعبر النفق تحت سطح البحر أكثر من 6 آلاف مركبة، ويبلغ طوله حوالي 11 كيلومترًا، ويربط بين جزيرتي "ستريموي"، أكبر جزر فارو، و"إيستوروي"، ثاني أكبر جزيرة في الأرخبيل.
استغرق بناء نفق إيستوروي حوالي أربع سنوات، وافتتح في ديسمبر/ كانون الأول 2020.
شُيّدت هذه الأنفاق تحت سطح البحر باستخدام طريقة الحفر والتفجير، أي حفر ثقوب في صخور البازلت، ومن ثم تعبئة الثقوب بالديناميت.
في أدنى نقطة له، يصل عمق النفق إلى 187 مترًا تحت مستوى سطح البحر تقريبًا.
وتُعتبر القيادة عبره تجربة ساحرة، ويبرز فيه دوار منحوت يتمتّع بألوانٍ متغيرة ملفتة للنظر للغاية، ويقارنها البعض بالشفق القطبي أو قناديل البحر المتوهجة في ضوء الشمس.
وقالت سورينسن إن "الدوار، الملقب بقنديل البحر، يعد بالتأكيد منطقة جذب سياحي. يأخذ الكثيرون دورات عدة حول الدوار للاستمتاع بالمشهد الساحر".
تم تكليف الفنان الشهير من جزر فارو، تروندور باتورسون، لإنشاء هذا التثبيت النابض بالحياة. لكن لماذا ننفق الوقت والمال في وضع الأعمال الفنية بأنفاق تحت الماء؟
وشرح سامويلسن: "لدينا الكثير من الفنون الجيدة في جزر فارو، ونود أن ندعم فنانينا. بالإضافة إلى ذلك، فهو يكسر الرتابة في نفق طويل ومظلم، لذلك فهو جيد للسلامة أثناء القيادة" .
وتُحيط بالدوار حلقة فولاذية تجسد أشخاصًا بحجمهم الطبيعي يمسكون أيدي بعضهم البعض.
وقال باترسون إنّ هدفه كان تمثيل مدى مرونة سكان جزر فارو، رغم العيش في بيئة وعرة، ووِحدتهم من خلال العمل معًا.
ولكن بالنسبة للكثيرين، فإن دائرة الشخصيات المترابطة تستحضر رقصة تقليدية في جزر فارو ستلاحظها إذا قمت بزيارة الأرخبيل بمناسبة يوم "Ólavsøka" الوطني في الـ29 من يوليو/ تموز.
وبعيدًا عن العناصر المرئية، فإن النفق مشبع أيضًا بالفن السمعي.
وقام الموسيقار، جيمس تومسن، بتأليف المشهد الصوتي الأثيري الذي يمكنك الاستماع إليه عبر اختيار قناة "FM97" عند الاستماع للراديو أثناء القيادة.
الطواطم المتوهجة في الظلامنفق "إيستوروي" ليس التجربة المبهرة الوحيدة الموجودة تحت سطح البحر.
منذ ديسمبر/ كانون الأول 2023، تم ربط "ستريموي" وجزيرة "ساندوي" الصغيرة بواسطة أحدث نفق تحت سطح البحر، وهو نفق "ساندوي".
وتتنقل حوالي ألف مركبة يوميًا على امتداد يبلغ طوله 10.4 كيلومتر تقريبًا، والذي يقع على عمق 155 مترًا تحت شمال المحيط الأطلسي عند أدنى مستوياته.
ستجد الفن البصري والسمعي آسرًا هنا أيضًا، فعلى طول الجدران البازلتية الخشنة، هناك قرابة 12 صورة متوهجة تشير إلى بعض الشخصيات في فولكلور الأرخبيل.
هذه الأعمال من ابتكار الفنان البارز، إدوارد فوجلو، الذي وضع لمسة معاصرة على لوحات الكهوف القديمة.
كما قام سونليف راسموسن، وهو مؤلف موسيقي مشهور من جزر فارو، بإنشاء المشهد الصوتي.
بنية تحتية تحويليةيقول سورينسن: "مع وجود البنية التحتية للأنفاق المتطورة، من السهل على ضيوفنا التنقل في جميع أنحاء البلاد".
وبفضل النفق، تم اختصار وقت القيادة من العاصمة، تورشافن، إلى جزيرة "إيستوروي" من 60 دقيقة إلى 15 دقيقة تقريبًا.
ومن السهل أيضًا زيارة الجزر الأخرى.
ويضيف سورينسن: "يمكنك الآن القيادة من تورشافن إلى كلاكسفيك، ثاني أكبر مدينة (وهي واقعة في بوروي)، في 45 دقيقة فقط بالمقارنة مع 75 دقيقة".
وكان نفق "ساندوي" مغيرًا لحياة الأشخاص بشكلٍ خاص.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: اسكتلندا المحيط الأطلسي تصاميم رحلات عمارة تحت سطح البحر جزر فارو
إقرأ أيضاً:
السعودية تشارك في بينالي لندن للتصميم 2025
البلاد ــ الرياض
تشارك المملكة ممثلة بهيئة فنون العمارة والتصميم، وبدعم من وزارة الثقافة، بجناح خاص في بينالي لندن للتصميم 2025، بعنوان “مياه صالحة”، ضمن فعاليات بينالي لندن للتصميم 2025 التي تقام في سومرست هاوس خلال الفترة من 5 إلى 29 يونيو 2025.
ويُشرف على جناح هذا العام فريق من المصممين، الذين سيوظّفون خبراتهم في مجالات العمارة والتصميم والفنون، لتقديم معرض؛ يستجوب ويقوّض ويعيد تصور أنظمة الوصول إلى الماء وتوزيعه، وكذلك طبيعة علاقتنا به.
ويتماشى مفهوم “مياه صالحة” الذي وضعه القائمون على المعرض مع موضوع بينالي لندن للتصميم لهذا العام “Surface Reflections”؛ حيث يستكشف كيف تتشكّل الأفكار من تفاعل التجارب الداخلية والتأثيرات الخارجية والتاريخ الشخصي.
ويتمحور الجناح الوطني السعودي حول مفهوم سبيل الماء، الذي يوفر ماء الشرب مجانًا، ويجسّد رمزية الضيافة المتجذّرة في التقاليد السعودية العريقة، وتنتشر سُبل الماء في جميع أنحاء المملكة، موفرةً الماء لسقي المارة، في تجسيد لأخلاقيات الجود والكرم.
غير أن سبيل الماء، في سياق هذا المعرض، لا يمثل مجرد بادرة لحسن النية- فحسب- بل يطرح تساؤلات جوهرية: مَن يدفع ثمن الماء “المجاني”؟ ما هي تكلفته الحقيقية؟ والأهم من ذلك، إذا وقع هذا العبء على عاتق طرف آخر، أفلا يكون الثمن واقعًا- بشكل أو بآخر- على الجميع؟
وكشف أعضاء فريق المصممين أن الجناح يستخدم عددًا من العناصر المألوفة للفت الانتباه إلى اقتصادات الماء الخفية، وتشجيع الزوار على الشرب بوعي، وتقدير ثمن الماء، وفهم أن تكلفة المياه “الصالحة” المجانية، وإن تحمّلها شخص آخر، فإنها تقع- في الحقيقة- على الجميع، وغالبًا ما تؤخذ سُبل الماء كأمر مسلّم به، ويُنظر إليها بصفتها خدمةً عامةً لا أكثر، وكذلك إعادة تأطيره ليصبح موضوعًا للفحص والتساؤل؛ بهدف إحداث تغيير في الإدراك، وإزاحة الستار عمّا هو خفي، ليتحوّل السبيل من بنية هامشية إلى عامل فاعل في حياتنا اليومية.