ترامب يفتح جبهة جديدة ضد المساواة: هل تواجه النساء أكبر انتكاسة اقتصادية؟
تاريخ النشر: 9th, March 2025 GMT
نشرت صحيفة "إل باييس" الإسبانية تقريرًا حول استراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه سياسات المساواة والإنصاف مع تزايد التساؤلات حول إمكانية تراجع الحقوق والمكتسبات التي حققتها النساء في المجالات الاقتصادية والتجارية والمهنية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن روبي ستاربَك، الناشط الجمهوري المحافظ الذي ينحدر من عائلة مهاجرين كوبيين، معروف بمعارضته لسياسات التنوع والشمولية في الشركات.
جاءت حملات ستاربَك بالتزامن مع توقيع الرئيس ترامب مرسومًا يلغي سياسات التنوع والمساواة والشمولية في الشركات المتعاملة مع الحكومة الفيدرالية، مما يعكس دعمًا للحركة المناهضة لحقوق المرأة والأقليات الاجتماعية.
والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كان هذا المرسوم هو الخطوة الأخيرة في استراتيجيته أم أنه مجرد بداية لانتكاسة واسعة في الحقوق والمكاسب التي حققتها النساء في السنوات الأخيرة على الصعيد الاقتصادي والتجاري والمهني.
باختصار، هل نحن أمام آخر ارتداد كبير ضد النساء في المجال الاقتصادي؟
وذكرت الصحيفة أن علاقة الولايات المتحدة بالمساواة لطالما كانت معقدة خاصة في ما يتعلق بالمساواة الاقتصادية. ففي مؤشّر الفجوة بين الجنسين لعام 2024، جاءت الولايات المتحدة في المرتبة 43 من بين 146 دولة، مسجلةً تراجعًا طفيفًا بمقدار جزء من الألف مقارنة بالعام الماضي، وتفوّقت عليها دول مثل ليبيريا ورواندا والمكسيك.
في المقابل، هيمنت الدول الأوروبية على المراكز العشرة الأولى، وكانت آيسلندا في الصدارة. وبلغت نسبة تقليص الفجوة العالمية بين الجنسين 68.5 بالمئة في 2024، ما يشير إلى أن التقدم نحو المساواة لم يتجاوز 0.1 نقطة مئوية مقارنة بالعام السابق، ما يعكس تباطؤًا في وتيرة التحسن.
وأوضحت الصحيفة أن الفجوة بين الجنسين تُقاس وفق أربعة أبعاد: المشاركة الاقتصادية، والتعليم، والصحة، والتمكين السياسي.
على الصعيد الاقتصادي، تبلغ الفجوة 60.5 بالمئة، حيث تكسب النساء نحو 80 بالمئة مما يكسبه الرجال مقابل نفس الوظائف. وفي ظل الولاية الثانية لدونالد ترامب، تتوقع ماريا سولاناس، الخبيرة في شؤون المساواة بين الجنسين، أن الأمر التنفيذي الذي وقّعه ترامب فور توليه الرئاسة يعكس توجهه نحو تقليص حماية النساء، لا سيما في سوق العمل، إذ يعتبر سياسات التنوع والشمولية إجراءات تمييزية. وأضافت أن هذا النهج يعكس تغيرًا أوسع في المواقف تجاه المساواة، حيث تُوجَّه رسالة واضحة إلى الشركات مفادها أن الإنصاف لم يعد معيارًا مقبولًا.
العودة إلى الوراء
وأشارت الصحيفة إلى أن التغيير في سياسة المساواة بدأ ينعكس على الشركات التي أصبحت في حيرة من كيفية التعامل مع هذا الواقع الجديد. ففي إسبانيا، طلبت السفارة الأمريكية من مورديها تقديم شهادة تؤكد عدم التزامهم بسياسات التنوع والمساواة، الأمر الذي دفع وزارة العمل الإسبانية إلى التشديد على "الامتثال الصارم" لتلك السياسات. ومع ذلك، لا يزال الجدل مستمرًا.
وحذّرت الباحثة لويسا غارسيا من أن حالة الارتباك هذه داخل الشركات تُلحق ضررًا بالنشاط الاقتصادي، مشيرة إلى أن شركتها تلقت استفسارات عديدة من عملائها حول كيفية التكيف مع التغييرات دون التخلي عن التزاماتهم في مجال الإنصاف. في المقابل، لجأت بعض الشركات إلى إلغاء سياسات التنوع والشمولية بالكامل، كما فعلت "ميتا"، التي أرجعت قرارها إلى "تغيّر المشهد القانوني والتنظيمي"، بينما قامت "ماكدونالدز" بتعديل برامجها الخاصة بالتنوع وإلغاء بعض أهدافها في هذا المجال.
من جانبها، ترى ماريا سولاناس أن هذه الردود ليست جديدة، مستشهدة بتحليلها لسياسات ترامب خلال عامه الأول في الرئاسة، حيث وجدت أنه ألغى خلال الأشهر الـ 12 الأولى تدابير رئيسية لمكافحة التمييز في العمل، وتقليص الفجوة في الأجور، مما انعكس سلبًا على استقرار المجتمع والاقتصاد. وأضافت أن غياب النماذج النسائية في المناصب السياسية الرفيعة، واستمرار فجوة الأجور، يؤديان إلى خسائر اقتصادية ملموسة.
القيادة
يتّفق الخبراء على أن أحد أبرز العواقب المترتبة على هذه التغيرات سيكون تأثيرها على إدماج النساء في المناصب القيادية، وهو مجال شهد تقدمًا في السنوات الأخيرة، لكنه لم يرقَ إلى مستوى التوقعات.
ووفقًا لتقرير "فجوة النوع الاجتماعي 2025" الذي أعدته غرانيو، لا تزال نسبة تمثيل النساء في المناصب العليا محدودة إذ يشكلن 10 بالمئة فقط من الرؤساء التنفيذيين في شركات "فورتشن 500"، بينما لا تتجاوز نسبتهن 5 بالمئة من الشخصيات الأكثر نفوذًا في قائمة "فوربس 2024"، وذلك رغم ارتفاعها بمقدار 2 بالمئة مقارنة بعام 2020. أما في تقرير "هارفارد بيزنس ريفيو" 2024، فتمثل النساء 8 بالمئة فقط من أفضل 100 قائد عالمي، وفي تصنيف "براند فاينانس"، هناك 7 نساء فقط ضمن قائمة أفضل 100 قائد.
ترى لويسا غارسيا أن الخطاب حول الجدارة والإنجاز عاد إلى سطح المشهد، لكنه يتجاهل التحيزات التاريخية التي لطالما كانت عائقًا أمام تقدم النساء. وتشير إلى أن هذا الاتجاه يعيد إثارة الشكوك حول كفاءة النساء، ويعيد إنتاج الأفكار النمطية التي تزعم أن غيابهن عن المناصب القيادية يعود إلى نقص الطموح أو الكفاءة، مما يعد خطوة إلى الوراء في مسار تحقيق المساواة، حيث يتم فرض تغييرات على الحوار المتعلق بدور النساء في مواقع القيادة.
"دون فلتر"
قالت الصحيفة في تقريرها الأخير "دون فلتر"، الذي نُشر في 8 آذار/ مارس، إن الباحثة لويسا غارسيا درست كيف تحولت وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصًا "إكس"، إلى منصة للهجوم على الخطاب النسوي. وأظهرت بياناتها، المستندة إلى تحليل 8.5 مليون رسالة من 12 دولة، تزايدًا حادًا في الاستقطاب، حيث باتت 50 بالمئة من الرسائل المتعلقة بالنسوية تحمل طابعًا سلبيًا. كما كشفت أن 98 بالمئة من الحسابات المشاركة في النقاش كانت ذات توجهات متطرفة، وأن مناهضي النسوية يستخدمون الشتائم بمعدل ثلاثة أضعاف مقارنة بالنسويين المتشددين.
وأشارت الصحيفة إلى أن غارسيا ترى أن هذا المناخ العدائي يؤدي إلى نوع من الرقابة الذاتية، حيث تتجنب الشركات والمنظمات التعبير علنًا عن مواقفها المؤيدة للمساواة، مما يعيق تحقيق التقدم. مع ذلك، هناك شركات تقاوم هذا الاتجاه مثل آبل التي طلبت من مستشاريها التصويت ضد مقترح يسعى لإلغاء برامج التنوع والمساواة وهو ما عارضه الرئيس التنفيذي تيم كوك علنًا.
وترى غارسيا أن هذا الواقع، رغم تحدياته، يمثل فرصة للشركات الداعمة للمساواة والتنوع لتعزيز علاماتها التجارية، لكنه يتطلب التزامًا واضحًا من المجالس الإدارية. وعلى الرغم من أنها تعتبر أن الوضع الحالي يمثل انتكاسة لحقوق النساء، إلا أنها تؤكد أن النساء اليوم أكثر استعدادًا للنضال، ويحظين بدعم متزايد من الرجال في هذه المعركة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية المساواة النساء امريكا نساء مساواة المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سیاسات التنوع بین الجنسین النساء فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
واشنطن: الدول التي امتنعت عن الرد على الرسوم بالمثل تلقت مكافأة
نيويورك – اكد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، إن واشنطن “كافأت” الدول التي لم تتخذ إجراءات انتقامية ضدها بتعليق التعريفات الجمركية المتبادلة المعلن عنها لـ90 يومًا.
جاء ذلك خلال إجابته على أسئلة الصحفيين في البيت الأبيض، الأربعاء، بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 125 بالمئة.
وأشار بيسنت، إلى أن استراتيجية ترامب دفعت أكثر من 75 دولة للجلوس على طاولة المفاوضات.
وأكد أن الدول التي امتنعت عن الرد بالمثل “قد تمت مكافأتها”.
وذكر بيسنت، أن التعريفات ستخفض إلى الحد الأدنى البالغ 10 بالمئة للدول الراغبة في التفاوض، بينما تواجه الصين رسومًا بنسبة 125 بالمئة بسبب تصعيدها للتوترات.
وردًا على سؤال عما إذا كانت المكسيك وكندا مشمولتان أيضًا بالتعريفة البالغة 10 بالمئة، أجاب بيسنت بـ”نعم”.
وفي وقت سابق الأربعاء، أعلن ترامب رفع الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الواردة من الصين إلى 125 بالمئة، مؤكدا أن القرار يدخل حيز التنفيذ فورا.
جاء ذلك في ظل تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، حيث أعلنت الأخيرة الأربعاء، رفع الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية إلى 84 بالمئة ردا على خطوة مماثلة من واشنطن برفع الرسوم على الواردات الصينية إلى 104 بالمئة.
الأناضول