جريدة الوطن:
2024-10-03@06:38:01 GMT

معية الله خير

تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT

إن الإنسان طالما يجنح إلى الصحبة المخلصة التي يضمن جانبها ويأمن بوائقها ويطمئن إلى كنفها ويستريح إلى مؤانستها، ولكن تلك المصاحبة قد تهدأ يوما وقد تنتابها العواصف أيامًا، ولا عجب فالدنيا في تقلب دائم وتقلبها كما يشمل من فيها من موجودات فإنه يشمل أيضا بني البشر.
ولهذا تتقلب الأمزجة وتختلف الأذواق والطباع من فرح إلى حزن والعكس، ومن حب إلى كراهية والعكس، ومن صحة إلى مرض والعكس، فمن الطبيعي أن يرى الناس السفن فوق الماء عائمة، فلا يعي لهم انتباها، ولا يعيرهم نظرًا، ولكن من سرعان ما يخطفهم الخطر ويقلقهم المنظر حينما يرون الماء فوق السفينة، ولكن هكذا حال الدنيا، تتقلب من فوق إلى تحت والعكس.


فكن ـ أخي الكريم ـ دائمًا فوق الدنيا وفي قلبها واجعلها تأتيك وهي راغمة راغية، ولا تجعلها فوقك أو تسكنها قلبك يوما، فهي متقلبة غير مستقرة على كل ما يسكنها، الأمر الذي يصيب الصداقات يوما أو يجور عليها، فقد تجد من يصاحبك من أخ أو زوجة أو صديق.. وغيرهم، مهما طالت مدة اصطحابهم تتقلب أحيانا بين الهدوء والاندماج إلى الاضطراب والافتراق، والعكس كذلك أحيانًا.
ولهذا أدعوك ـ أخي القارئ الكريم ـ أن تجعل من ربك لقبلك أنيسًا، ومن ذكره تعالى لك جليسًا، ومن قرآنه الحكيم لك حديثًا، ومن معيته سبحانه لك رقيبًا، ومن مراقبته وحفظه لك حافظًا ومعينًا، قال تعالى:(إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ).
فمعية الله ـ إخواني الكرام ـ هي المخرج الوحيد من كل ضيق، وهي الملاذ لكل مستغيث، وهي المأوى لكل ساكن، وهي الأنس من كل وحشة، وهي اليسر لكل عسر، كيف لا؟ وقد أقسم الله تعالى مرتين في سورة الشرح فقال تعالى:(فإنّ مع العُسر يُسرًا، إنّ مع العسر يسرًا)، كما أن معية الله تعالى هي التفاؤل من كل شؤم، فبها يتفاءل المؤمن عندما تصعب عليه الأمور، وهي الهدوء لكل اضطراب، وهي الألفة لكل خصومة، والمحبة من كراهية، فهي الروح التي يستمد منها المؤمن نور قلبه، وصالح عمله، وحسن سعيه، وعظيم أجره، وزيادة حسناته، ومحو سيئاته، وتجديد نشاطه، المكسب من كل خسارة، حتى تجعل المؤمن إن خسر شيئًا يومًا مما لم يكن يتوقع أن يخسره، فإن معية الله تعالى تجعله على يقين بأنه سبحانه سيرزقه مالم يكن يتوقعه يومًا أو أن يمتلكه، فيبادر بطبيعة حاله إلى مزيد من طاعة ربه، فإنه لا يعلم بعد رحمة الله تعالى ومعيته ما الذي سيدخله الجنة؟ وما الذي سيجعل الله تعالى يرضى عنه؟ حقًا لا يدري! فربما كان القبول في ركعة قامها في جوف ليل، أو صدقة أخرجها سرًّا حيث لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، بل رما كان الأمر في شيء بسيط كسقيا ماء قدمه لأنسان عطش أو حتى حيوان أو طير، بل وما يدري ذلك الرضا ــــ الذي هو غايته القصوى ــــــ أيناله من قضاء حاجة لإنسان استعان به فكان له الفضل في قضائها له، أو في دعوة من إنسان صالح دعا له في ظهر الغيب بدعوة صالحة، ومن هنا فإن معية الله تعالى تكون هي المعين الأول الذي ينهل منه صالح الأعمال دون أن يستصغر منها شيئًا. ومن هنا أردت بهذه المقالة أن أذكر نفسي وإياك ـ أخي المؤمن ـ أن لا تحزن إن رأيت من أحد ما لا يسرك فإن الله معك وهو الذي يأتيك بما يسرك وطيب خاطرك، فأي ألم من آلام الدنيا إذا أتعبك فإن معية الله تعالى هي الحاجز الصلب الذي يمنع عنك تأثير ذلك عليك.
فناجي مولاك الذي لطالما أحب الله سماع صوتك وأنت تناجيه وتدعوه مستغيثا به سبحانه لا سواه، واجعل دوما نصب عينيك قول الله تعالى:(وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ).

محمود عدلي الشريف
ma.alsharif78@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

انطلاق المشروع المستمر لتحفيظ القرآن الكريم في رأس الخيمة

أطلقت مؤسسة رأس الخيمة للقرآن الكريم وعلومه، الدورة الحادية والثلاثين للمشروع المستمر لتحفيظ القرآن الكريم، وذلك من خلال استقبال حلقات المراكز والمساجد التابعة للمؤسسة والمنتشرة في ربوع إمارة رأس الخيمة ، للدارسين والدارسات من مختلف الفئات والأعمار، الذين توافدوا على الحلقات القرآنية ليتنافسوا في حفظ كتاب الله تعالى وإتقان تلاوته وتجويده، وذلك على أيدي محفظين ومحفظات متميزين من ذوي الكفاءة العالية.

وقال أحمد محمد الشحي مدير عام المؤسسة، إن هذا المشروع القرآني المبارك الذي تشرف عليه المؤسسة يواصل مسيرته في دورته الحادية والثلاثين لتمكين الدارسين والدارسات من حفظ كتاب الله تعالى، والاهتداء بهديه القويم، وقد تم توجيه فرق العمل إلى استقبال الدارسين والدارسات وتوفير بيئة جاذبة وداعمة لهم لتحقيق الأهداف والنتائج المرجوة من خلال تخريج نخبة من الطلاب وهم يحفظون كتاب الله تعالى، متحلين بالمواطنة الصالحة والقيم الإيجابية السمحة.

أخبار ذات صلة جبل جيس يسجل أقل درجة حرارة في الدولة ولي عهد رأس الخيمة يعزي في وفاة خليفة الفريري الكتبي

وتوجه الشحي بالشكر والعرفان إلى القيادة الحكيمة لدولة الإمارات على عنايتها ورعايتها المستمرة لمثل هذه الأنشطة المجتمعية المباركة، متمنياً لجميع الدارسين والدارسات كل النجاح والتميز.

من جانبه أوضح تيمور سعيد الشحي مدير إدارة المراكز والشؤون التعليمية، أن المراكز استقبلت طلابها بسعادة غامرة، مشيراً إلى حرص الكوادر الإدارية والتعليمية على توفير الأجواء المناسبة لجميع الفئات العمرية من البراعم والطلبة والمثقفين والأمهات في حلقات تحفيظ القرآن الكريم، بما يعينهم على حفظ كتاب الله تعالى، وتطوير مهاراتهم وزيادة محفوظاتهم بدقة وإتقان، متمنياً لجميع الدارسين والدارسات كل التوفيق والسداد في حفظ كتاب الله تعالى وإتقان تلاوته وتجويده. 

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • أخشى أن يكون ماحدث للخرطوم من سنن الله الكونية في هلاك القرى عقوبة من الله تعالى
  • لا تكن ظالمًا وممن يكيلون بمكيالين
  • انطلاق المشروع المستمر لتحفيظ القرآن الكريم في رأس الخيمة
  • مَن هو النبي الذي سبحت معه الطير والجبال؟.. كان له صوت جميل
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا في باكستاني لتهريبه الهيروين إلى المملكة
  • ذنوب لا يغفرها الله سبحانه وتعالى لعباده إلا بشروط.. أحدها شائع بين الناس
  • أيُ العلماءِ نتبع؟
  • مَن هو أول نبي روَّض الخيل وركبها؟.. وصفه الله تعالى بـ«الحليم»
  • هل تسائلت يومًا كيف يقبض ملك الموت أرواح مختلفه في وقت واحد؟
  • ما هي شروط استجابة الدعاء؟.. الدكتور أبو اليزيد سلامة يوضح