دعا عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني، المصنف من جانب تركيا وحلفائها الغربيين منظمة إرهابية، الحزب إلى إلقاء السلاح وحل نفسه.

ووجه رسالة في 27 فبراير (شباط) من سجن اميرالي في تركيا حيث لايزال محبوساً. وفي 3 مارس(آذار) الجاري، أعلن الحزب وقفاً لإطلاق النار.

Without third party mediation between Turkey and Kurdish groups, it may prove difficult to overcome the barriers that have stymied past attempts to bring peace, writes @wrodgers2 (@CH_MENAP).

https://t.co/xsJhvG5mfp

— Chatham House (@ChathamHouse) March 8, 2025 خطوة تاريخية

وقال وينثروب رودغرز، من معهد تشاتام هاوس،أو المعهد الملكي للشؤون الدولية، إن هذه الأحداث حظيت بالترحيب، ووصفها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفرصة لاتخاذ خطوة تاريخية لهدم جدار الإرهاب. ولكن هناك أيضاً خوف مما يعني هذا للأكراد ليس فقط في تركيا ولكن في العراق، وسوريا أيضاً.

وأضاف رودغرز، وهو أيضاً باحث وصحافي في تقرير نشره المعهد، أنه ليس واضحاً أن أي عملية جديدة يمكن أن تحقق نهاية دائمة لصراع دائر منذ 40 عاماً أزهق أرواح أكثر من 40 ألفاً. وكان هناك الكثير من الإخفاقات وبدايات لم يحالفها التوفيق.

وكل عمليات السلام مختلفة وليس هناك نهج واحد يصلح تطبيقه عليها جميعاً. غير أن هناك سمة مشتركة تتمثل في نوع ما من ضامن مؤسسي يحافظ على استمرار المفاوضات ويوفر منصة للتعامل مع المشاكل المتوقعة وغير المتوقعة ويضمن التزام كل الأطراف بها.

ودون فاعل قوي وموثوق على نحو متبادل، فإن غياب توازن القوة يحدد مسبقاً النتائج ولا تعالج القضايا الأساسية وتغرس بذور صراع في المستقبل.

وتعد دعوة إوجلان فرصة تاريخية ولكن في هذه المرحلة المبكرة، قد تعقد الكثير من الشكوك ما سيحدث بعد ذلك وهناك خلافات على التسلسل السياسي والعملي لنزع سلاح حزب العمال.

وتابع رودغرز أن هناك تفسيرات متضاربة لما تعنية بيانات تركيا وحزب العمال الكردستاني، والتي صدرت أحياناً بحسن نية وأحياناً بسوء نية.

Kurdish group PKK declares ceasefire with Turkey https://t.co/7GG1FdjPuJ

— BBC News (World) (@BBCWorld) March 1, 2025 الشكوك

وهناك شكوك في تغيير الدولة التركية تعاملها مع السياسيين والمجموعات المدنية الكردية، التي تواجه بشكل روتيني اتهامات قانونية تمنعها من تنفيذ عملها الديمقراطي. وسيساعد ضامن مؤسسي على تسهيل عملية للإجابة على هذه الأسئلة وإدارة الخلافات حتى لا تتصاعد إلى عنف أو تدفع إلى الانهيار.

وهناك أمثلة إرشادية موجودة من جميع أنحاء العالم، تتراوح بين حفظ السلام المكثف وتسهيل نشطة ولكنها محايدة. ويضم البعض منها فاعلاً عالمياً مثل الأمم المتحدة، ودولة قوية مثل الولايات المتحدة، أو كتلة إقليمية مثل الاتحاد الأفريقي. وتقود عمليات أخرى ترتيبات محلية مثل لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا.

وهناك أمثلة تاريخية حيث استخدمت مثل هذه الآلية في كردستان. ومنذ 1994 في منطقة كردستان العراق، أسفرت حرب أهلية مريرة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني عن وفاة أكثر من 5 آلاف. وانتهى الصراع باتفاق واشنطن الذي توسطت فيه إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون في 17سبتمبر (أيلول) 1998.

وبينما لم يمح الاتفاق العداوة المتغلغة بين الحزبين، فإنه وضع أساساً لهما للعم لبناء مؤسسات حكومة كردستان الإقليمية بعد 2005، وسبق أيضاً عملية السلام في الفترة من عام 2013 وحتى عام 2015 بين الدولة التركية وحزب بي كيه كيه مفاوضات سرية معروفة بـمحادثات أوسلو. وساعدت تلك المحادثات على تسهيل المراحل المبكرة من ما يسمي الانفتاح الكردي.

غير أنه لم يتم إضفاء الطابع المؤسسي على الإصلاحات الثقافية والديمقراطية للانفتاح الكردي، وطغت عليها الأحداث الإقليمية مثل الحرب الأهلية السورية التي أسهمت في انهيار السلام في 2015.

ولم يسفر أي من هذه الأمثلة عن شئ، ومع ذلك يوفر ضامن مؤسسي شكلاً جوهرياً لعمليات السلام وبصفة خاصة عندما يكون هناك تفاوت في القوة بين الخصوم.

ومن الصعب تصور سماح أنقرة لقوة عالمية بالتدخل في موقف حساس مثل القضية الكردية التي تعتبرها تركيا قضية محلية في الأساس.

#BREAKING NEWS: Happening now
Turkish forces are conducting intense aerial and ground bombardments on Kurdish PKK positions in the Metina Mountain region, near Bilava village in Duhok’s Kurdistan Region of Iraq, tonight. This offensive comes despite the PKK’s declaration of a… pic.twitter.com/15UMBzb7dj

— Botin Kurdistani (@kurdistannews24) March 4, 2025 وضع تركيا 

ويعطى الوضع الجيوسياسي لتركيا أولوية لاستقلالها قوة فاعلة دولية، وتنخرط بنشاط في الشؤون الدولية ولكنها تكافح حتى لا تسيطر عليها أي قوة. وتركيا عضو في حلف شمال الأطلسي ناتو، ولها علاقات نشطة مع روسيا وتقوم غالبا بدور الوسيط. وتركيا ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي ولكن لها صلات مع بعض المؤسسات في جميع أنحاء أوروبا مثل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

ومن المحتمل أنه يمكن صياغة ترتيب محلي ليكون ضامناً مؤسسياً، ولكن هذا يبدو غير مرجح وتوضح تجربة جنوب إفريقيا وأماكن أخرى أن هذا النوع من الترتيب يتطلب التزاماً سياسياً شديداً لإعادة صياغة العقد الاجتماعي الأساسي للدولة.

ومن المؤكد أن تحاول المجموعات الكردية أن تحقق هذا، مع إعلان السياسي التركي سيري سورييا أوندور عن هدف الجمهورية التركية الكردية المشتركة وهذا بوضوح ليس ما يدور في ذهن الرئيس أردوغان أو سياسيين قوميين أتراك آخرين.

وسيتعارض ذلك مع الأيديولوجية الأساسية للدولة التركية وعلاوة على ذلك، فإن أحد أهداف أردوغان من التواصل مع حزب العمال هو تعزيز وضعه محلياً وتأمين تعديلات دستورية ستسمح له بالبقاء في السلطة لما بعد 2028، وغياب ضامن مؤسسي، سيثبت اختلال التوازن الأساسي بين الدولة الكردية والشعب الكردي وممثليهم

إنها معضلة. ولاتملك الدولة التركية كل الأوراق، ولكن لها اليد العليا، حيث أنه إذا رأت أن الانخراط مع الجماعات الكردية لم يعد يخدم مصالحها، فإنها قد تنسحب من العملية، ما يؤدي إلى استئناف العنف.

واختتم رودغرز تقريره بالقول إن أي ضامن مؤسسي سيخفف حدة الخطر وسيساعد على ضمان أن لا تذهب الفرصة الجديدة التي قدمتها دعوة أوجلان، أدراج الرياح.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية تجربة جنوب إفريقيا ذهن الرئيس استئناف العنف تركيا الأكراد حزب العمال الكردستاني أوجلان

إقرأ أيضاً:

النظام ساقط… ولكن الظل قائم: في طقوس الإنكار وانفجارات الكذب الوجودي عند إبراهيم محمود

هل يمكن للظل أن يُلقي بنفسه في النهر ظانًّا أنه سينجو؟
هذا ما يفعله إبراهيم محمود، الرئيس المكلف لحزب المؤتمر الوطني، حين يقف على شاشة الجزيرة ليحاور الأستاذ أحمد طه، ليس بصفته مسؤولًا سياسيًا سابقًا، بل كممثل بارع لمدرسة “الإنكار العالي”، حيث الحقيقة ليست إلا مؤامرة، والوقائع ترف ذهني، والثورات… تجلٍ هوسي، و هلوسة جماعية لشعب مخدوع.

لقد جلس الرجل، في قشرة مدنية صقيلة تحاكي هيئة النظام لا جوهره، ونبرة لا تخلو من يقين أن العالم ما يزال يدور حول “المشروع الحضاري”، ليقول لنا ببساطة: “نحن لم نربِّ الوحش، لم نغذّيه بمكر سياسي حتى تضخمت مخالبه، لم نحرق دارفور، ولم نرَ ديسمبر أصلًا، بل رأينا سحابة صيف عبرت من الخارج، ثم غرّرت ببعض القُصّر.و الحالمين”

أيها الإله الذي نفاك المؤتمر الوطني ثم أعاد استيرادك بشروطه: قل لنا، هل هذا هو التجسيد الحداثي الجديد لسياسة “عليّ الطلاق ما حصل”؟ هل هذه المقابلة كانت درسًا في محو التاريخ أم إملاءً في بنية معماريّة دقيقة لتشويه المعنى؟

إبراهيم محمود لم يُجب، بل ناور، دار، لفّ، وحوّل كل سؤال إلى متاهة. بدا كأنه يفاوض الحقيقة على شاشة البث المباشر، كأنها صفقة سياسية قابلة للتأجيل.

هل المؤتمر الوطني مسؤول عن تضخيم الدعم السريع؟
“لا، قوى الحرية والتغيير فعلت ذلك.”
ومن الذي شرعن له برلمانيًا؟
“البرهان، تحت الضغط الخارجي.”
ومن الذي أوجد البرهان؟
“القدر، ربما… أو إحدى المعجزات السياسية.”

هكذا يجيب من لا يملك شجاعة القول، ومن ما زال يعتقد أن الناس قطيع، وأن الزمن يمكن إعادة تطويعه بدهاء السوقة وشطارة المكر السياسي، وأن الكذب مهارة إدارية.

يا سيدي، إنكم أنتم من نصبتم خيمتكم على مفاصل الدولة، حوّلتم الإسلام إلى سلعة، والوطن إلى غنيمة، والجيش إلى شركة أمن خاصة. ثم جئتم بعد السُكر الطويل، وأنتم تترنحون في محراب الإعلام، لتقولوا: لم نكن هناك.

لا أحد منكم يريد أن يعترف، لأنكم – وكما قال إريك فروم – “لا تحتملون الحرية”، أنتم أبناء الطاعة، تخافون من الحقيقة لأنها تفكّك السلطة، وأنتم عبدة السلطة.

إن إبراهيم محمود، في تلك المقابلة، لم يكن يمثل حزبه فقط، بل جسّد بأمانة كاملة عقلية الإسلام السياسي حين يُستدعى للمساءلة:
أولًا ينكر،
ثم يتّهم الآخر،
ثم يتذكّر أن الله معه،
ثم يختم بابتسامة مُرّة توحي بأنه يعلم أنه يكذب، لكنه قرر أن لا يختشي.

أي نقد يُقدَّم لهؤلاء يُقابل بتهمة “الحرب على الإسلام”، وكأن الإسلام وُكِّل إليهم دون سواهم، وكأن الله نفسه عقد معهم اجتماعًا مغلقًا، ووقّع على بيان رسمي قال فيه: هؤلاء وكلائي الحصريون.

ياللمفارقة التراجيدية! كيف تؤول النصوص، وتُسرق القيم، وتُختطف الأخلاق، ليُقال إن من اختلف مع حزب سرق السلطة لثلاثين عامًا، ونهب الوطن، ودفع به إلى حرب أهلية، إنما هو “عدو للإسلام”!

لقد قدم إبراهيم محمود درسًا في الاستبداد الديني المغلّف: ليس في ما قال، بل في كيف قال. بنبرة فوقية لا تعترف بالمُحاوِر، ولا بالشعب، ولا بالتاريخ، بل تُخاطب جمهورًا متخيّلًا، جمهورًا مخصيًا ذهنيًا، يصفّق لكل شيء، حتى لو قال لهم إن الشمس تشرق من دار المؤتمر الوطني.

لقد خرجت الثورة، يا سيدي، لا من مؤامرة، بل من رحم الغضب.
من دم الشهداء في عطبرة، و نيرتتي من ليل المعتقلات، من جوع الأحياء الطرفية، من حنجرة حميد، من صمت الأمهات، من دعاء أولئك الذين رأوا أطفالهم يُدفنون في خيام النزوح باسم المشروع.

ولكنك، كاهنٌ آخر في معبد الإنكار لا يصغي حتى لصدى خطواته في الخراب.

فلا بأس، سنكتب.

وسنضحك، ساخرين من “الرئيس المكلف” لحزب منحل، يجلس على طاولة الكلام وكأنه ما زال يحكم.

zoolsaay@yahoo.com

   

مقالات مشابهة

  • بعد دعوة أوجلان.. أردوغان يعتزم استقبال هيئة من حزب ديم المناصر للأكراد بتركيا
  • حزب الله يثير الجدل: مستعدون للتخلي عن سلاحنا ولكن بشروط
  • النظام ساقط… ولكن الظل قائم: في طقوس الإنكار وانفجارات الكذب الوجودي عند إبراهيم محمود
  • اسعار النفط تربك موازنة العراق.. رواتب الموظفين "مؤمنة" ولكن!
  • العمال الكردستاني يشترط إيقاف تركيا عملياتها لتنفيذه دعوة أوجلان
  • أحمد فؤاد: منتخب مصر يسير بخطوات ثابتة نحو المونديال ولكن!
  • القضية الكردية في خضم الصراعات الإقليمية
  • الحزب الكردي يتهم السلطات التركية بالتلاعب فيما يخص أوجلان
  • زعيم المعارضة التركية يتحدى إردوغان: سننقذ تركيا ولن نصمت بشأن اعتقال إمام أوغلو
  • “يني شفق”: أردوغان يحدد استراتيجية جديدة بشأن “القضية الكردية”