عاجل| مصادر للجزيرة: مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى
تاريخ النشر: 9th, March 2025 GMT
التفاصيل بعد قليل..
مصادر للجزيرة:
مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى قوات الاحتلال تعطل مكبرات الصوت في المصلى المرواني بالمسجد الأقصى.المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
كيف يمر رمضان على مرابطة مبعدة عن الأقصى؟
في منزل يبعد بضع خطوات عن باب الحديد، أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، تعيش المرابطة المقدسية عايدة الصيداوي، بعد زوجها من مقدسي عام 1976 وانتقالها من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية إلى مدينة القدس المحتلة، التي تربع مسجدها على عرش قلبها منذ طفولتها.
ولدت عايدة عام 1961 في مدينة الخليل، لكنها كانت تتردد على المسجد الأقصى مع والدتها في طفولتها وهما في طريق العودة من زيارة والدها المعتقل في سجون الاحتلال.
كان المسجد محطة الراحة قبل العودة إلى الخليل، وظلّ لهذا المسجد منزلة استثنائية في قلب عايدة التي عاشت طفولتها وشبابها وتعيش شيخوختها الآن بقربه، رغم أن الاحتلال يصرُّ على سلخها عنه بعقوبة الإبعاد التي ترضخ لها قسرا منذ عدة أعوام.
في منزلها الصغير المكوّن من غرفة واحدة تراها عايدة جنّة لأنها تجاور الأقصى، نبشت ذاكرتها للحديث للجزيرة نت عن علاقتها الممتدة مع هذا المقدس، وقالت إنه وجهتها التاريخية اليومية منذ سبعينيات القرن الماضي لأداء الصلوات الخمس، وإن أول مرّة اعتُقلت بسبب الدفاع عنه كانت عام 2007 عندما بدأت سلطات الاحتلال بهدم الجسر الحجري التاريخي المؤدي إلى باب المغاربة، أحد أبواب المسجد الأقصى.
"بعد انقضاء صلاة الفجر غادر عدد كبير من المصلين لكنني في ذلك اليوم بقيت جالسة في رحابه، وسمعت بانطلاق أعمال هدم الطريق الأثرية المؤدية للأقصى، فصدحت حنجرتي بالتكبيرات بشكل لا إرادي، ثم تجمع المصلون حولي ونظمنا وقفة داخله.. كلما سمعت حجرا يسقط حينها شعرت وكأنني أفقد شيئا من جسدي، ومع كل تكبيرة شعرت أن حجارة المسجد تُكبر معي" تقول المواطنة المقدسية.
كانت تكبيراتها كفيلة بأن تخطط شرطة الاحتلال لاعتقالها في ذلك اليوم، فحرصت على التخفي والخروج من الأقصى بعد صلاة العصر، لكن المخابرات الإسرائيلية داهمت منزلها واعتقلتها واقتادتها إلى مركز "القِشلة" في البلدة القديمة، وهناك سُلمت أول قرار إبعاد عن هذا المقدس لمدة 3 أشهر، ومنذ ذلك الحين حتى اليوم توالت قرارات الإبعاد، ويعتبر شهر رمضان هذا العام هو الثامن الذي تُبعد فيه عايدة عن أولى القبلتين.
وعن روتين حياتها اليومي في شهر رمضان قبل الإبعاد عن الأقصى، تقول إنها كانت تحرص على جلب طعامها وتناول وجبة الإفطار في الساحات، حتى في تلك الأيام التي كانت تُقيم بها ولائم للأقارب كانت تصحبهم لتناول الطعام في المسجد.
إعلانوتضيف "كنت أصلي المغرب والعشاء وصلاة التراويح كاملة في الأقصى وأشعر أن الله يمدني بقوة استثنائية لأداء 20 ركعة من التراويح يوميا، رغم أن صحتي تراجعت في السنوات الأخيرة، كل من يسألني عن عمري أقول له داخل الأقصى أبلغ من العمر عشرين عاما، لأنني أشعر نفسي خفيفة كفراشة تطير في رحابه ولا تريد أن تهبط إلى الأرض من شدة الفرح".
هذا الفرح لا يدوم منذ سنوات سوى لأيام معدودة، وبمجرد سؤال هذه المسنة عن روتينها الرمضاني في السنوات التي تكون مبعدة فيها عن الأقصى ومن بينها هذا العام، تنهدت ثم قالت "آه يا خالتو آه.. لو تشوفي حالتي الأقصى بجواري ولا يمكنني دخوله رغم أنه يحبني وأحبه".
أجهشت باكية وأكملت حديثها "الأقصى أغلى من بيتي وهو روح الروح.. بالنسبة لي فليذهب كل شيء ويختفي من حياتي ويبقى الأقصى.. متعتي الجلوس في الساحات وتأمل جمال المصليات والقباب والأروقة والمآذن.. أشعر بكل مرة أشد الرحال فيها إليه أن الله يبارك في عمري وصحتي ومالي وبيتي".
حاولت عايدة وضع سجادة الصلاة قبل أيام لأداء الصلاة جماعة مع إمام الأقصى أمام باب الحديد، لكن شرطيا احتلاليا منعها وقال لها فورا إنها موقوفة، ورغم محاولاتها إخبارهم بأنها غير مبعدة عن رواق باب الحديد لأنها تسكن فيه فإنها مُنعت من الصلاة، وأجبرت على الدخول إلى منزلها.
وفي الأعوام الماضية كانت عايدة وعدد من المرابطات المبعدات يعددن طعام الإفطار ويتجمعن في طريق المجاهدين في البلدة القديمة لتناوله، وإكرام المصلين الوافدين من مناطق بعيدة، وبعدها يؤدين هن والمبعدون صلوات المغرب والعشاء والتراويح جماعة مع أئمة الأقصى على أعتاب المسجد، إلا أنهن منعن هذا العام من هذا أيضا، كما أن عايدة ممنوعة من التواصل مع المرابطتين هنادي الحلواني وخديجة خويص.
تُصلي هذه المرابطة وحيدة في منزلها كل يوم في رمضان، وقرب أبواب الأقصى أحيانا، وما يعزيها هو أنها تشاهد عبر شاشة التلفاز بثا مباشر لصلاتي العشاء والتراويح من مهوى قلبها الذي يبعد بضعة خطوات عنها.
قبل أن نودعها سألناها عن أمنيتها، فاغرورقت عيناها بالدموع وقالت "أمنيتي أن أدخل الأقصى وأصلي فيه خلال رمضان الحالي.. الأقصى عقيدة، ويؤلمني أن أرى مصيره كمصير المسجد الإبراهيمي في الخليل الذي أذكر خلال طفولتي أن المستوطنين كانوا يصلون أمامه من الخارج ولا يجرؤون على دخوله، واليوم يستبيحونه ليلا ونهارا".
إعلانرغم عمق ألمها بالبعد عن المسجد الأقصى فإن عايدة الصيداوي تبدي إصرارا على إكمال درب الرباط والدفاع عن مسرى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، الذي بدأته منذ انتقالها للعيش في البلدة القديمة، وفي سبيله تجرعت مرارة إجراءات الاحتلال القمعية بدءا من عام 2007 مرورا برحلة "مصاطب العلم" عام 2013 وما ذاقه خلالها المرابطون وما زالوا بسبب تصديهم لاقتحامات المستوطنين للمسجد، وليس انتهاء بملاحقتها في الأروقة والأزقة المؤدية إليه واستدعائها بين الحين والآخر ومحاكمتها.
"لم أشهر يوما سلاحا في وجه المستوطنين والشرطة سوى المصحف الشريف.. جميعنا عُزّل، لكننا متسلحون بحب المسرى" تختم عايد الصيداوي عن قصتها وحبها للأقصى.