فورين بوليسي: كيف بدأت مجموعة فاغنر نشاطها في سوريا؟
تاريخ النشر: 9th, March 2025 GMT
استعرضت مجلة "فورين بوليسي" كيف شحذت مجموعة فاغنر قدراتها في سوريا، حيث قاتل المرتزقة الروس نيابة عن بشار الأسد، وكيف كان ذلك مقدمة لما قامت به في أوكرانيا.
وأوضحت المجلة أن يفغيني بريغوجين قضى في شبابه تسع سنوات في السجن بتهمة السرقة والاحتيال. وبعد إطلاق سراحه، ادعى أنه كان يبيع النقانق حتى جمع ما يكفي من المال والعلاقات لدخول مجال المطاعم.
في عام 2014، أصبح بريغوجين موردا للوجبات والرجال، وفي أعقاب غزو موسكو لشبه جزيرة القرم، كانت وزارة الدفاع ترعى مجموعات من المرتزقة والمتطوعين للقتال في شرق أوكرانيا نيابة عن جمهورية لوهانسك الشعبية، وأراد بريغوجين المشاركة وتواصل مع ديمتري أوتكين، وهو جندي محترف يحمل الاسم الرمزي "فاغنر".
وأثبت رجال بريغوجين أنهم قوة قتالية فعالة ومنفذون قساة، حيث كانوا مسؤولين عن اغتيال زعيم انفصالي واحد على الأقل في لوهانسك. ومع ذلك، في أعقاب اتفاقية وقف إطلاق النار "مينسك 2" لعام 2015 في أوكرانيا، انخفض الطلب على مرتزقة بريغوجين وأوتكين، وتم حل الوحدات. كان من الممكن أن تختفي "الشركة"، أو مجموعة فاغنر؛ إلا أن بريغوجين كان يتطلع إلى بناء شركة عسكرية خاصة على غرار "بلاك ووتر" الأمريكية.
وأوضحت المجلة أنه عندما وصل الربيع العربي إلى سوريا في أوائل آذار/مارس 2011، سحق نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد الاحتجاجات بوحشية. ومع تحول الاحتجاجات إلى حرب أهلية، حرصت روسيا والغرب على البقاء على الهامش. وعبر المحيط الأطلسي، حذرت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأسد من أن أي استخدام للأسلحة الكيميائية سيؤدي إلى عواقب.
في ذلك الصيف، زار السفيران الفرنسي والأمريكي لدى سوريا مدينة حماة والتقيا بالمتظاهرين، فأرسل رجل الأعمال السوري محمد جابر حافلات مليئة بموالين للنظام لاقتحام السفارتين انتقاما، كما نظم جابر "الشبيحة"، في لجان مقاومة شعبية.
وكان لمحمد وشقيقه أيمن تاريخ طويل من العمل لصالح عائلة الأسد؛ حيث تزوج أيمن جابر من عائلة الأسد، مما فتح الباب أمام الحصول على عمولات في قطاعات الطاقة والحديد والصلب.
وفي نهاية كانون الثاني/يناير 2011، أرسل الأسد الجيش لسحق الانتفاضة في حماة. لكن وحشية الأسد وسياساته الطائفية أدت إلى انشقاقات. ولتعزيز الصفوف، بدأت إيران في إرسال الرجال.
خسر الأسد أراضٍ كبيرة، وفي نيسان/أبريل 2013، أصدر النظام مرسوما يسمح لشركات النفط وغيرها بتوظيف مرتزقة لحماية الأصول. وقدم القانون الجديد للأخوين جابر فرصة، وبالفعل في عام 2012، كان الأخوان يجريان محادثات مع مجموعة "موران"، وهي شركة عسكرية خاصة.
وبينت المجلة أن المرتزقة والشركات العسكرية الخاصة تُعدّ غير قانونية في روسيا بموجب المادة 359 من القانون الجنائي الروسي لعام 1996. لكن الحرب على الإرهاب كانت نعمة على صناعة الأمن، مما سمح للمتعاقدين الروس بالعمل لدى شركات غربية. كما فتحت أزمة القرصنة قبالة سواحل الصومال هذه الصناعة أمام رواد الأعمال الروس.
لا أحد يعرف على وجه اليقين من الذي ربط جابر بمجموعة "موران"، فيما يؤكد الصحفيون الروس أن سفير سوريا لدى روسيا وجهاز الأمن الروسي توسطا الصفقة.
وأشارت المجلة إلى أنه في عام 2012، سجل نائب رئيس "موران"، فاديم غوسيف، كيانا جديدا باسم "الفيلق السلافي المحدود" في هونغ كونغ. وعندما شرّع الأسد استخدام المرتزقة، كانت حملة التجنيد للفيلق السلافي جارية بالفعل. وكان أحد الرجال الذين انضموا يُدعى أندريه، والذي أنهى خدمته في الجيش، وأراد الانضمام إلى إحدى شركات الأمن البحري، وعندما سمع عن فرصة لحراسة منشآت غاز، سجل على الفور.
في نيسان/أبريل 2013، عندما استعد أندريه للمشاركة، شن نظام الأسد هجوما بغاز السارين على جزء من دمشق، مما أسفر عن مقتل ما يصل إلى 1400 شخص. وكان الرئيس فلاديمير بوتين يكره الانخراط في تدخل آخر في الشرق الأوسط، فيمت كان الأمريكيون مترددين، وعندما صرح وزير الخارجية آنذاك جون كيري بأن الأسد يمكنه تجنب الضربات الجوية إذا سلم جميع الأسلحة الكيميائية، تدخل الدبلوماسيون الروس.
وبينما تعاونت موسكو مع الولايات المتحدة بشأن تسليم الأسلحة الكيميائية، وصل الفيلق السلافي. وانضم أندريه إلى "الموجيك"، الذين كانوا يتألفون من موظفي مجموعة "موران" بقيادة أوتكين.
وتابعت المجلة قائلة إنه بعدما رجع المرتزقة إلى اللاذقية؛ كان جابر غاضبا من أداء الفيلق، وكان المرتزقة يعلمون أن الكرملين لن يكون سعيدا أيضا. وفي آذار/مارس، وافق الأسد على تسليم مخزونه من الأسلحة الكيميائية، مما سمح لروسيا بتقديم نفسها للغرب كجهة فاعلة مسؤولة. وأشارت مهمة الفيلق السلافي، إلى أن روسيا كانت تدعم الأسد سرا.
وفي 28 أيار/مايو، أحضرت طائرتان الفيلق السلافي إلى موسكو، حيث استقبلهم جهاز الأمن الفيدرالي، وتم استجواب الجميع ثم إطلاق سراحهم، ولكن في حزيران/يونيو، أصبح غوسيف وقائد آخر أول مواطنين يُتهمون وفق المادة 359 المتعلقة بالارتزاق.
إن إنزال مثل هذه العقوبة سمح للكرملين بالنأي بنفسه عن الشركة العسكرية الخاصة. ومع ذلك، سيكون من الخطأ وصف مغامرتهم السورية بالفشل: فبفضل أوتكين، لم يُقتل أحد، ولقد أثبتت المهمة أنه، في السياق الصحيح، يمكن أن يكون المرتزقة مفيدين.
وتحول القلق بشأن استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية إلى تهديد اعتبره الغرب وجوديا. وفي شتاء عام 2014، أطلقت الولايات المتحدة عملية "العزم الصلب" وبدأت في قصف تنظيم الدولة.
كما أعلنت الإدارة عن برنامج لتسليح المعارضين لمحاربة تنظيم الدولة ودخلت في شراكة مع وحدات كردية.
وأضافت المجلة أنه في عام 2015، تدخلت روسيا رسميا في سوريا؛ حيث يرى كيريل سيمينوف، الخبير الروسي في شؤون الشرق الأوسط، بأن سوريا كانت وسيلة لروسيا لإعادة فتح القنوات الدبلوماسية مع الأمريكيين بعد الأحداث في أوكرانيا. وكان التدخل في سوريا سيجبر الأمريكيين على التعاون بشأن قضية مهمة، وهي هزيمة تنظيم الدولة.
ووصلت المجموعة الأولى من مقاتلي فاغنر في أيار/مايو؛ حيث لا يُعرف من صاحب قرار إرسال الشركة إلى هناك. ويعتقد مصدر في وزارة الدفاع أن بريغوجين أخذ زمام المبادرة، وحصل على موافقة بوتين. وجلبت فاغنر في الغالب مدربين ومتخصصين في الدبابات إلى حمص.
ولمدة شهر تقريبا؛ قامت الشركة بتدريب "صقور الصحراء"، وهي الشركة العسكرية الخاصة المحلية للأخوين جابر، ثم بدأت قوات فاغنر في الاشتباك مع العدو في اللاذقية. ولكن سرعان ما أصابت قذيفة موجهة خيمة المدفعية التابعة للواء مارات، مما أسفر عن مقتل تسعة، وأصيبت وزارة الدفاع بالذعر؛ لم تكن هناك خطة بعد لكيفية إخفاء الإصابات.
وذكرت المجلة أن المجموعة لم تمكث في روسيا طويلا؛ فبعد أكتوبر/تشرين الأول، أدرك المخططون العسكريون الروس والسوريون أن قوات الأسد المشتتة لا يمكنها استعادة الأراضي. وتم اتخاذ القرار باعتبار فاغنر قوة مرتزقة وعدم إدراج خسائرهم في الإحصائيات الرسمية.
في الواقع، على الرغم من عدم شرعيتهم، أثبت المرتزقة أنهم مفيدون في دونباس كقوات يمكن إنكار وجودها. وفي سوريا، كان المرتزقة قوة يمكن إنكارها للجمهور في الداخل، كما أدت الاستعانة بمصادر خارجية للحرب للمتعاقدين إلى خفض التكاليف السياسية للتدخل.
في يناير/كانون الثاني 2016، وصل مارات وزملاؤه المرتزقة مرة أخرى. كان هو و300 مرتزق آخر سيندمجون مع "صقور الصحراء" التابعة لأيمن ومحمد جابر ويشنون هجوما على الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون.
واختتمت المجلة التقرير بالقول إنه يبدو من قبيل المصادفة غير المرجحة أن الفيلق السلافي أولا، ثم شركة بريغوجين وأوتكين، وقعا صفقات مع الأخوين جابر، وربما كان بريغوجين وأوتكين يعتقدان في ذلك الوقت أن الصفقة مع آل الأسد ستخفف من اعتماد فاغنر المالي على وزارة الدفاع. إلا أن الاستقلال كان سيثبت أنه سيف ذو حدين وسيضع رجال بريغوجين في مسار تصادمي مع الولايات المتحدة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية فاغنر سوريا الأسد سوريا الأسد فاغنر صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وزارة الدفاع المجلة أن فی سوریا فی عام
إقرأ أيضاً:
تفاصيل عرض استثماري سعودي ضخم أثار إعجاب ترامب.. بقيمة 1.3 تريليون دولار
نشرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية تقريرًا تطرق إلى تفاصيل عرض استثماري بقيمة 1.3 تريليون دولار قدمته السعودية للرئيس دونالد ترامب يبدو أنه نال استحسانه.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن ترامب أعلن يوم الخميس عن خطط الإنفاق السعودية التي تتضمن شراء معدات عسكرية أمريكية، مشيرًا إلى أنه يعتزم زيارة المملكة في أول جولة خارجية له في ولايته الثانية.
أهمية الأمر
ذكرت المجلة أن هذا الاستثمار، الذي سيتم تنفيذه على مدى أربع سنوات، يعد دليلاً على تعمّق العلاقات بين البلدين، ويُؤكد أهمية السعودية ليس فقط كلاعب إقليمي محوري في منطقة الشرق الأوسط بل أيضًا على المستوى العالمي.
وأشارت المجلة إلى أن العلاقة بين البلدين تحمل طابعًا شخصيًا بالنظر إلى الروابط التي تجمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وترامب والتي تطورت خلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي.
وحسب ما نقلته المجلة عن فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، فإن "ولي العهد محمد بن سلمان هو ملك صانعي الصفقات بالنسبة لترامب، ولا يوجد شخص آخر في العالم اليوم يمكنه منافسة محمد بن سلمان في جذب انتباه ترامب".
ما يجب معرفته
لطالما كانت السعودية لاعبًا رئيسيًا في عقود الدفاع الأمريكية، حيث تعتمد المملكة بشكل كبير على الأسلحة والأنظمة العسكرية الأمريكية. وهذا الاعتماد على التكنولوجيا الدفاعية الأمريكية قد يكون له تأثير مباشر على نطاق الاستثمارات المخطط لها.
وفي الواقع، توفّر الولايات المتحدة الحماية للسعودية، ذات الأغلبية السنية، ضد خصمها الشيعي إيران، خاصة في ظل القلق المشترك بين البلدين من احتمال امتلاك طهران أسلحة نووية. ورغم الانتقادات التي وُجهت للسعودية ولولي العهد محمد بن سلمان بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول عام 2018، فإن العلاقة بين ترامب وبن سلمان ظلت قوية.
المرحلة العالمية
ذكرت المجلة أن السعودية أصبحت الآن قوة دبلوماسية ذات تأثير متزايد على الساحة العالمية، سواء في أوروبا أو في منطقة الشرق الأوسط. فقد احتضنت السعودية أول محادثات بين مسؤولي ترامب ونظرائهم الروس الشهر الماضي، كما ستستضيف المملكة الجولة المقبلة من المحادثات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا الأسبوع المقبل في جدة.
وحسب المحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي: "من خلال الحفاظ على حياد استراتيجي، وضعت السعودية نفسها كوسيط موثوق بين روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة".
وأضافت المجلة أن علاقة ولي العهد السعودي مع ترامب تلعب دورًا حاسمًا في هذه الديناميكية. فالعلاقة بينهما مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، لا سيما في مجالات الأعمال والأمن. وتستمر السعودية في البحث عن فرص استثمارية في القطاعات التكنولوجية الأمريكية، مثل وادي السيليكون.
الصراع في غزة
تمثل الحرب على غزة اختبارًا رئيسيًا لنفوذ السعودية. قدّمت السعودية احتمال إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في إطار اتفاقات إبراهيم التي تم التوصل إليها خلال ولاية ترامب الأولى، ولكن شرط وجود مسار واضح نحو إقامة دولة فلسطينية. وهذا الهدف ما زال بعيد المنال خاصة بعد أكثر من 500 يوم من الهجوم الذي شنته حماس من غزة على إسرائيل، والذي أشعل واحدة من أدمى جولات الصراع منذ عقود. وحسب آل عاتي: "تعتبر السعودية أن الاحتلال الإسرائيلي هو السبب الجذري لعدم الاستقرار الإقليمي".
ماذا يقول الناس
قال الرئيس دونالد ترامب: "أنا ذاهب إلى السعودية. لقد أبرمت صفقة مع السعودية. عادةً ما كنت لأذهب إلى المملكة المتحدة أولاً، ولكن في المرة الأخيرة التي ذهبت فيها إلى السعودية، قدموا 450 مليار دولار.
قلت حسنًا، هذه المرة أصبحوا أغنى، ونحن جميعًا أصبحنا أكبر سنًا، لذلك قلت لهم: سأذهب إذا دفعوا تريليون دولار للشركات الأمريكية، أي عمليات شراء بقيمة تريليون دولار على مدى أربع سنوات، وقد وافقوا على ذلك. لذلك، سأذهب إلى هناك. لدي علاقة رائعة معهم، وهم كانوا لطفاء جدًا، ولكنهم سينفقون الكثير من المال على الشركات الأمريكية لشراء المعدات العسكرية والكثير من الأشياء الأخرى".
نقلت المجلة عن فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، إن "السعودية ستمارس سياسة خارجية قوية مع ترامب عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط". ومن جهته، يرى المحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي أن "حجم المعاملات الاقتصادية والتجارة والاستثمارات بين البلدين يتجاوز التريليون دولار بكثير. وهذا الرقم يعكس الثقة الكبيرة التي تتمتع بها السعودية في الاقتصاد الأمريكي".
وفي الختام، تتوقع المجلة أن تصبح العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية أكثر أهمية في المستقبل، ولكن الأهم سيكون التقدم المحرز في معالجة القضايا العالقة في منطقة الشرق الأوسط.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)