جريدة الوطن:
2025-04-17@08:32:25 GMT

التردي الاقتصادي والبعد الأخلاقي

تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT

التردي الاقتصادي والبعد الأخلاقي

لَمْ يَدُرْ بخاطر الفيلسوف السِّياسي نيكولو ميكافيللي الذي ولِدَ في مدينة فلورنسا الإيطاليَّة إبَّان عصر النهضة في أوروبا، والذي ألَّف كتاب «الأمير» وهو في منفاه، أنَّ مقولته الشهيرة «الغاية تبرِّر الوسيلة» بكُلِّ ما تحمله من مبدأ يدعو الإنسان إلى أن يرميَ بأخلاقه ومبادئه وراء ظهره حتَّى يفسحَ الطريق للوصول إلى أهدافه (غير الأخلاقيَّة) أن تصبحَ منهجًا للعديد من النَّاس بعد تفشِّي وباء العجز الاقتصادي في مُجتمعات عدَّة من عالَمنا العربي، تبعه إجراءات تقشُّف، وإجراءات استباقيَّة لِمَا هو قادم مع استمرار الحالة الاقتصاديَّة المُتردِّية، أفرز نمطًا جديدًا من الحياة لا تألفه مُجتمعاتنا من قَبل، إلَّا أنَّ كُلَّ ذلك قَدْ يكُونُ مقبولًا في حالات تُسمَّى فرديَّة نتيجة تأثرها بأزمات محليَّة أو عالميَّة.

لكنَّ الأخطر هو قمَّة الهرم الاجتماعي الذي أخذ معه العديد من اضطراب التغيُّرات التي أفرزتها الحاجة إلى مواصلة الحياة بعد أن جفَّت منابع القدوة والتأثر بالأُسوة الحسَنة، فتخرج إلَيْنا وبشكلٍ يومي أخبار عن الأحداث المؤسفة لأسباب أصلها العجز المالي، ومِنْها الانفصال بَيْنَ الأزواج أو الحجر على أموال الوالدَيْنِ، أو التنافر بَيْنَ الإخوة من أجْل الميراث، ممَّا فرض حالة سيكوـ اجتماعيَّة في بعض المُجتمعات التي تعاني، لتخلعَهم من الواقع وتضعَهم في قالب الاغتراب عن الأصل والولوج إلى الإغراءات المادِّيَّة، تحت مُسمَّى (الغاية تبرِّر الوسيلة). هذه الأحداث تدقُّ ناقوس الخطر في أنَّنا نذهب إلى نفَقٍ شديد الظلام، ممَّا يجعلنا إلى البدء في الحديث مع النَّفْس أوَّلًا ليس عن الأسباب التي أدَّت إلى ذلك، بل إلى الحلول التي تخلعنا من هذه الحالة، مع تأمُّل الأبعاد الحسيَّة والميتافيزيقيَّة والإقليميَّة خلال السنوات الماضية التي مرَّت على منطقتنا فأفرزت هذه الحالة. وحتَّى لا نشعرَ في أوطاننا بالاغتراب وأبعاده الاجتماعيَّة وإن تطلَّب الأمْرُ الحياد عن الطُّرق المألوفة، يجِبُ علَيْنا أوَّلًا أن نستدعيَ تراثنا الديني والاجتماعي وأوَّلها هو الخوف من الله، وبناء الأخلاق، فهي أساس نجاح المُجتمعات. ومبادئ الأخلاق تتمثل في العدل، الصِّدق، الأمانة، التقوى، الصبر، التواضع، الإحسان، العفو، التسامح، كُلُّ هذه المبادئ حثَّ عليها الإسلام وتناقلتها مُجتمعاتنا في المراحل التعليميَّة المختلفة، كما كان للأُسرة والأصدقاء دَوْر في تعليم مبادئ الأخلاق الحسَنة. وهذا ما نفتقده اليوم في عصر الاغتراب عن أخلاقنا وإحياء شهوة المادِّيَّات، فنرى بعض الأُمَّهات وهن قدوة لأبنائهن يقضين يومهن أمام المرآة ونشر أخبارهن وحالاتهن بابتذال من خلال برامج التواصل الاجتماعي، فيخرج من ورائهن جيل لا يهتمُّ بمبادئ الأخلاق، وحين يتعرض للأزمات الاقتصاديَّة لا يهتمُّ بشرعيَّة الوصول إلى هدفه بقدر اهتمامه في كيفيَّة الحصول على هدفه؛ نتيجة الأزمة التي يعيش أحداثها أبناء العصر الحالي مع مبرِّرات الإخفاق والتي تستعيض بمبادئ ميكافيلليَّة بدلًا من التعاطف والتعاضد. فنحن محظوظون بروافد الأنبياء والرسل والأديان السماويَّة، وفي مقدِّمتها الدِّين الإسلامي، والتي تدعو إلى الرحمة والمساواة والعمل والعدل والتي ترجمت عمليًّا بعيدًا عن الغاية والوسيلة. إنَّنا أصبحنا في حاجة إلى إعادة توجيه برامجنا وأدواتنا التعليميَّة إلى النواحي الأخلاقيَّة والدينيَّة لِنخرجَ معافين من حالة التردِّي الاقتصادي الذي أصابنا في مقتل أخلاقي.

جودة مرسي
godamorsi4@yahoo.com
من أسرة تحرير «الوطن»

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

شبوة بعد حضرموت.. ما الذي تعد له السعودية في الجنوب ..! 

 

الجديد برس|

 

كشفت مصادر مطلعة عن تحركات مكثفة بالعاصمة السعودية الرياض لدفع الموالين لها في محافظة شبوة نحو إعلان “الحكم الذاتي” في سيناريو يشبه ما حدث في حضرموت مطلع الأسبوع الجاري.

 

ونقلت المصادر أن هناك تنسيقات سعودية تسعى لإعادة شخصيات عسكرية واجتماعية موالية للإصلاح إلى المشهد المحلي في شبوة عقب اقصائها خلال السنوات الماضية من قبل المحافظ التابع للإمارات عوض الوزير الذي يقيم بالعاصمة الإماراتية أبوظبي.

 

وأوضحت أن مطالب أبناء شبوة تتمحور حول تحقيق الخدمات التنموية من عائدات الثروة المحلية بعيدا عن ما أسمتها “القيادات الفاسدة” ووضع حد للفوضى الأمنية، وانهاء الوصاية الخارجية على مقدرات المحافظة، في إشارة واضحة إلى الإمارات.

 

ورجحت المصادر الدفع بالمكونات المحلية التي انشأتها الرياض لتوحيد الجهود بين ما يسمى “مجلس شبوة الوطني العام” وتحالف قبائل شبوة” وذلك لتعزيز وجودها بالمحافظة النفطية، مستغلة حالة الاحتقان ضد سلطات الامر الواقع الموالية للإمارات.

 

وتشتد حمى التصعيد بين اطراف التحالف والفصائل الموالية لها ويريد كل طرف الاستفراد بالسيطرة وفرض مشاريعه الهدامة .

 

مقالات مشابهة

  • أستاذ تربية تحذر من المغالاة في المهور: تسبب العنوسة والانحلال الأخلاقي.. فيديو
  • خالد حمادي.. رجل الأعمال الذي باع (طريق الشعب) في الإشارات الضوئية !
  • رئيس الوزراء يتابع جهود وزارة التضامن الاجتماعي في الحماية والتمكين الاقتصادي والاجتماعي حتى أبريل 2025
  • ترامب وقّع 185 قرارًا تنفيذيًا منذ توليه الرئاسة.. ما الذي شملته؟
  • شبوة بعد حضرموت.. ما الذي تعد له السعودية في الجنوب ..! 
  • ما هو سلاح المقاومة الذي يريد الاحتلال الإسرائيلي نزعه من غزة؟
  • الوزير الأول يشرف على تنصيب رئيس المجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي
  • غزة.. ولحظة احتضار العقل الأخلاقي للغرب
  • حماس: فوجئنا بأن المقترح الذي نقل لنا يتضمن نزع سلاح المقاومة
  • ظهر بملابس غير لائقة.. بلاغ يتهم محمد رمضان بالتشجيع على التسيب الأخلاقي