جريدة الوطن:
2025-01-31@22:37:29 GMT

التردي الاقتصادي والبعد الأخلاقي

تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT

التردي الاقتصادي والبعد الأخلاقي

لَمْ يَدُرْ بخاطر الفيلسوف السِّياسي نيكولو ميكافيللي الذي ولِدَ في مدينة فلورنسا الإيطاليَّة إبَّان عصر النهضة في أوروبا، والذي ألَّف كتاب «الأمير» وهو في منفاه، أنَّ مقولته الشهيرة «الغاية تبرِّر الوسيلة» بكُلِّ ما تحمله من مبدأ يدعو الإنسان إلى أن يرميَ بأخلاقه ومبادئه وراء ظهره حتَّى يفسحَ الطريق للوصول إلى أهدافه (غير الأخلاقيَّة) أن تصبحَ منهجًا للعديد من النَّاس بعد تفشِّي وباء العجز الاقتصادي في مُجتمعات عدَّة من عالَمنا العربي، تبعه إجراءات تقشُّف، وإجراءات استباقيَّة لِمَا هو قادم مع استمرار الحالة الاقتصاديَّة المُتردِّية، أفرز نمطًا جديدًا من الحياة لا تألفه مُجتمعاتنا من قَبل، إلَّا أنَّ كُلَّ ذلك قَدْ يكُونُ مقبولًا في حالات تُسمَّى فرديَّة نتيجة تأثرها بأزمات محليَّة أو عالميَّة.

لكنَّ الأخطر هو قمَّة الهرم الاجتماعي الذي أخذ معه العديد من اضطراب التغيُّرات التي أفرزتها الحاجة إلى مواصلة الحياة بعد أن جفَّت منابع القدوة والتأثر بالأُسوة الحسَنة، فتخرج إلَيْنا وبشكلٍ يومي أخبار عن الأحداث المؤسفة لأسباب أصلها العجز المالي، ومِنْها الانفصال بَيْنَ الأزواج أو الحجر على أموال الوالدَيْنِ، أو التنافر بَيْنَ الإخوة من أجْل الميراث، ممَّا فرض حالة سيكوـ اجتماعيَّة في بعض المُجتمعات التي تعاني، لتخلعَهم من الواقع وتضعَهم في قالب الاغتراب عن الأصل والولوج إلى الإغراءات المادِّيَّة، تحت مُسمَّى (الغاية تبرِّر الوسيلة). هذه الأحداث تدقُّ ناقوس الخطر في أنَّنا نذهب إلى نفَقٍ شديد الظلام، ممَّا يجعلنا إلى البدء في الحديث مع النَّفْس أوَّلًا ليس عن الأسباب التي أدَّت إلى ذلك، بل إلى الحلول التي تخلعنا من هذه الحالة، مع تأمُّل الأبعاد الحسيَّة والميتافيزيقيَّة والإقليميَّة خلال السنوات الماضية التي مرَّت على منطقتنا فأفرزت هذه الحالة. وحتَّى لا نشعرَ في أوطاننا بالاغتراب وأبعاده الاجتماعيَّة وإن تطلَّب الأمْرُ الحياد عن الطُّرق المألوفة، يجِبُ علَيْنا أوَّلًا أن نستدعيَ تراثنا الديني والاجتماعي وأوَّلها هو الخوف من الله، وبناء الأخلاق، فهي أساس نجاح المُجتمعات. ومبادئ الأخلاق تتمثل في العدل، الصِّدق، الأمانة، التقوى، الصبر، التواضع، الإحسان، العفو، التسامح، كُلُّ هذه المبادئ حثَّ عليها الإسلام وتناقلتها مُجتمعاتنا في المراحل التعليميَّة المختلفة، كما كان للأُسرة والأصدقاء دَوْر في تعليم مبادئ الأخلاق الحسَنة. وهذا ما نفتقده اليوم في عصر الاغتراب عن أخلاقنا وإحياء شهوة المادِّيَّات، فنرى بعض الأُمَّهات وهن قدوة لأبنائهن يقضين يومهن أمام المرآة ونشر أخبارهن وحالاتهن بابتذال من خلال برامج التواصل الاجتماعي، فيخرج من ورائهن جيل لا يهتمُّ بمبادئ الأخلاق، وحين يتعرض للأزمات الاقتصاديَّة لا يهتمُّ بشرعيَّة الوصول إلى هدفه بقدر اهتمامه في كيفيَّة الحصول على هدفه؛ نتيجة الأزمة التي يعيش أحداثها أبناء العصر الحالي مع مبرِّرات الإخفاق والتي تستعيض بمبادئ ميكافيلليَّة بدلًا من التعاطف والتعاضد. فنحن محظوظون بروافد الأنبياء والرسل والأديان السماويَّة، وفي مقدِّمتها الدِّين الإسلامي، والتي تدعو إلى الرحمة والمساواة والعمل والعدل والتي ترجمت عمليًّا بعيدًا عن الغاية والوسيلة. إنَّنا أصبحنا في حاجة إلى إعادة توجيه برامجنا وأدواتنا التعليميَّة إلى النواحي الأخلاقيَّة والدينيَّة لِنخرجَ معافين من حالة التردِّي الاقتصادي الذي أصابنا في مقتل أخلاقي.

جودة مرسي
godamorsi4@yahoo.com
من أسرة تحرير «الوطن»

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

السوداني ونظيره المصري يشاركان في الملتقى الاقتصادي

بغداد اليوم -  

رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني ورئيس الوزراء المصري يشاركان في الملتقى الاقتصادي العراقي المصري 

•••••••••• 


حضر رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني، ورئيس الوزراء المصري السيد مصطفى مدبولي، الملتقى الاقتصادي العراقي المصري، الذي أُقيم في بغداد اليوم الخميس، بمشاركة غرفتي التجارة العراقية والمصرية، وحضور أكثر من 300 رجل أعمال من البلدين، وخُصص لبحث فرص التعاون المشترك في مختلف المجالات.


وأشار سيادته، خلال حديثه في الملتقى، إلى عمق العلاقات التاريخية والحضارية بين العراق ومصر، والصلات الاجتماعية والاقتصادية التي تشكل أساساً متيناً للشراكة الثنائية والفرص المتبادلة، خاصة أمام القطاع الخاص للعمل في الميادين الاقتصادية كافة، سواء في العراق أو في مصر.


وبين السيد السوداني أن الإصلاحات الاقتصادية، بكل أبعادها، المصرفية والإدارية والضريبية والاستثمار ية، قد فتحت الساحة لعمل الشركات المصرية، والشراكات البارزة مع القطاع الخاص العراقي، الذي نسعى إلى أن تمتد نشاطاته نحو المزيد من الفرص ومجالات العمل في الساحة المصرية أيضاً. 


من جانبه، أكد السيد رئيس الوزراء المصري وجود إرادة سياسية وشعبية مصرية للتعاون والشراكة مع العراق، ليكون قلعة صناعية وزراعية واقتصادية وخدمية مزدهرة، مشيراً إلى الظروف التي تمر بها المنطقة حالياً، والتي تحتّم الاتجاه نحو التكامل الاقتصادي والتنسيق السياسي لما فيه مصلحة الشعبين، العراقي والمصري، نحو المزيد من الرقي والتنمية.


••••• 

المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء 

مقالات مشابهة

  • Nothing تطلق هاتف Phone 3a الاقتصادي في 4 مارس
  • عضو الأزهر العالمي للفتوى: الأسرة دورها مهم في تربية الأطفال على الأخلاق الإسلامية
  • هل يعيد ترامب إحياء مشروع "الممر الاقتصادي"؟
  • من هو الأسير المحرر الذي أشعل التواصل الاجتماعي؟.. تعرّف على زكريا الزبيدي
  • السوداني ونظيره المصري يشاركان في الملتقى الاقتصادي
  • رئيس الوزراء ونظيره العراقي يشهدان فعاليات الملتقى الاقتصادي بين البلدين
  • الى اين يتجه الصراع الاقتصادي.. كندا تخفض سعر الفائدة 
  • ندوة عن التطرف وانعدام الأخلاق في الدقهلية
  • كسلا.. الادوار المنتظرة للمقاومة الشعبية في فترة مابعد الحرب والتي سترتكز على البناء والاعمار
  • المنتدى الاقتصادي العماني القطري يستعرض فرص الاستثمار الاقتصادي بين البلدين