في يوم المرأة العالمي الذي يحل في الثامن  آذار/ مارس من كل عام، تعيش المرأة المصرية أوضاعا إنسانية واجتماعية واقتصادية وحتى أمنية صعبة.

وجاء الاحتفال العالمي بيوم المرأة إثر إضرابات نسائية شهدتها الأراضي الأمريكية مطلع القرن الماضي، فيما يأتي احتفال الأمم المتحدة بهذا اليوم والذي تقرر عام 1975، تحت شعار "الحقوق والمساواة والتمكين لكافة النساء والفتيات"، ما تبعه إطلاق هاشتاج "#ForAllWomenAndGirls" بهدف التدوين حول قضايا المرأة.



وبينما تحتفي مصر باليوم العالمي للمرأة الذي تحتفي به منذ العام 1977، فإن القاهرة تحتفل أيضا خلال شهر آذار/ مارس بعيد الأم، لكنه وبرغم الاحتفالين فإن واقع المرأة المصرية وفق مراقبين ومتحدثين لـ"عربي21"، يشير إلى أوضاع غير إنسانية تواجهها في ظل تجاهل حكومي.



وفي اليوم العالمي للمرأة قدم "المجلس القومي للمرأة" الجهة الحكومية التي تمثل المرأة المصرية تحية "لكل امرأة تساهم ببناء مستقبل أكثر إشراقا"، وبينما استقبل المجلس، النساء بمطار القاهرة الجوي بالورود، تقف آلاف السيدات أمام السجون والمعتقلات في انتظار زيارة 10 دقائق لأزواجهن وأبنائهن المعتقلين، ما يعني وفق متحدثات لـ"عربي21"، أن هناك حالة انفصام تام للمجلس عن واقع المرأة.



"مشاعر الفقد"
وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة توجهت الشابة المصرية فدوى خالد بدوي، نجلة المحامية المعتقلة هدى عبدالمنعم (62 عاما)، برسالة إلى "المجلس القومي للمرأة" بشكوى عبر "فيسبوك" تحكي قصة معاناة والدتها التي انتهت عقوبتها في قضية سياسية قبل عام، وجرى تدويرها بقضيتين جديدتين، مطالبة بالحرية لوالدتها وللمرأة المصرية المعتقلة، مشيرة إلى أنها لن تقضي رمضان مع أبنائها ومثلها كثيرات من المصريات.

 

وعبرت فدوى، قبل أيام عن أزمة كثير من البنات والنساء المعتقلات ومعاناة أسرهن، مؤكدة أن هذا هو رمضان السابع، وعيد الأم السابع، دون أمها وهي على قيد الحياة، متسائلة: "أتعرفون كمية الصراعات التي تحدث داخلي أنا وإخوتي كل يوم حول كمية الفقد التي نشعر بها؟".

 

"إعلان ربي يخلي ماما"
وقبل أيام، أثار إعلان شركة "العربي غروب" عن منتجاتها خلال شهر رمضان شجون الكثيرين، خاصة وأنه خاطب الأسرة المصرية وجعل شعاره "رمضان يعني ماما"، ما دفع البعض للحديث عن معاناة المعتقلات المصريات وحرمانهم من أبنائهن.

ونقلت هند خالد بدوي، النجلة الثانية للمحامية هدى عبد المنعم، مشاعرها عبر "فيسبوك"، موضحة أن الإعلان يقول: "يارب خلي ماما رمضان ده.. وكل رمضان تبقى معانا"، مضيفة أنها منذ 7 سنوات لم تعش رمضان مع والدتها، مؤكدة أن "أمهات كثيرات لهن سنوات بعيدا عن أولادهن"، مطالبة بالحرية لكل الأمهات ولكل المعتقلين.

 
وفي مثل هذا الشهر من العام الماضي، أصدرت محكمة جنايات القاهرة أحكاما قاسية على حقوقيات مصريات بين المؤبد والسجن المشدد بقضية "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات"، منها 5 سنوات لهدى عبد المنعم، و10 سنوات على عائشة خيرت الشاطر، وسمية محمد ناصف، والمؤبد غيابيا على هاجر خالد فارس، وسها سلامة عمر الشيخ، وإسراء كمال الدين.

"أمهات وزوجات وأخوات مكسورات"
كما وجه المحامي الحقوقي نبيه الجنادي، تحية باليوم العالمي للمرأة، لنضال الدكتورة ليلى سويف، والدة المعتقل علاء عبد الفتاح، المضربان عن الطعام في محاولة للضغط على السلطات المصرية لإخلاء سبيل نجلها الذي أنهى عقوبته دون الإفراج عنه.

 

وعبرت السيدة نجلاء سلامة، عن جانب آخر من معاناة المرأة المصرية بغياب زوجها المعتقل، الاقتصادي الدكتور عبد الخالق فاروق، منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وحلمها بأن تفطر معه في رمضان، قائلة عبر "فيسبوك": "ارجع بقى نفسي نفطر سوا... ".
 

ولفتت الحقوقية نورهان حسن، إلى معاناتها ووالدتها في غياب شقيقها المعتقل أحمد حسن، قائلة: "طرابيزتنا لسة فاضية، وقلوبنا كأنها اتكسرت ومحدش فينا عارف يلملمها، أمي بتحاول تبان قوية قدامنا، بس إحنا عارفين إن قلبها متفتّت، زي قلوبنا بالظبط، بنداري على بعض، بنحاول نفضل واقفين، بس الحقيقة إننا مكسورين بالعجز، بالحسرة، بالقهر".

 

"300 مصرية معتقلة"
وتعاني المرأة المصرية من انتهاكات بحقها أو بحق زوجها وأبنائها، من الاعتقال إلى القتل والضرب والسحل التعذيب والإخفاء القسري ، فضلا عن التحرش والانتهاكات الجنسية، وهو الوضع الذي عبر عنه مركز "الشهاب لحقوق الإنسان" عبر مقطع مصور، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.
 
وفي بيان وصل "عربي21"، قال مركز الشهاب: "منذ تولي النظام الحالي تدفع المرأة المصرية ثمنا باهظا للصراع السياسي، حيث تجاوز النظام كافة الأعراف فبات اعتقال النساء المعارضات أمرا بديهيا، وأصبحت المرأة عرضة لتلفيق القضايا، وإصدار الأحكام الجائرة التي تفتقر لأدنى معايير العدالة، وصار انتهاك حرمة وحرية المرأة أمرا طبيعيا لأفراد السلطة".

وأكد البيان أن هناك أكثر من 300 امرأة مصرية معتقلة - لا لشيء إلا أن بعضهن معارضات للنظام أو مدافعات عن حقوق الإنسان، مبينا أنه بالنصف الأول من عام 2024 بلغ عدد المختفيات قسريا 44 امرأة ظهروا أمام نيابة أمن الدولة العليا، بخلاف النيابات الجزئية والكلية على مستوى الجمهورية، بخلاف اللاتي تم القبض عليهن وإحالتهن للنيابة فور القبض عليهن.

 
والعام الماضي أكد مدير "مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان" محمود جابر، بحديث لـ"عربي21"، أن هناك أكثر من 200 سجينة سياسية رهن السجن والحبس الاحتياطي بالسجون المصرية، ما يعني زيادة العدد بنحو 100 معتقلة خلال عام واحد وفق رصد أحدث لـ"مركز الشهاب".

وبحسب جابر، هناك أكثر من 2800 امرأة مصرية تعرضن للاعتقال والحبس منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013 حتى مطلع 2024، كما قُتلت أكثر من 120 امرأة خلال الاحتجاجات والاعتصامات السلمية، وجرى تحويل 25 امرأة لمحاكمات عسكرية جائرة، وتعرضت 188 امرأة للإخفاء القسري، ووضعت 151 سيدة على قوائم الإرهاب ومصادرة الأموال.

"المعتقل الكبير.. والواقع المزري"
في المقابل، يتجاهل البعض أزمات المرأة المصرية مع الاعتقال ومعاناتها مع الفقر، حيث ينظر البعض لها من جانب واحد وهو حريتها في الملبس، بغض النظر  أوضاعها المزرية، وتسول كثيرات منهن للطعام في رمضان بالوقف في طوابير للحصول على كراتين وشنط رمضان، أو وجبات إفطار يومية.
 
وعن هذه الأوضاع، تقول صفاء، وهي أربعينة سماء اللون لا تخلو من لمسات الجمال المصري، وتعول وزوجها سائق التوكتوك 4 بنات في سن التعليم: "في مواسم الزراعة وجني المحاصيل يكون لي ولبناتي بعض الرزق بالعمل في الحقول، خاصة وأن زوجي لا يستطيع توفير ما يكفينا، ولكن في غير مواسم الجني والزرع نجوع بمعنى الكلمة".

وتضيف لـ"عربي21": "أنتظر قدوم رمضان أنا وسلفتي –زوجة شقيق زوجها- وندور على موزعي شنط رمضان، ومنهم من يكرمنا ومنهم من يهيننا، كما ننتظر الصدقات من زكاة الفطر، حتى أن تلك الزكاة لا أستطيع دفعها فأقوم بدفعها لسلفتي التي تقوم هي الأخرى بدفع زكاة أسرتها لي".

وتتساءل: "لا أعرف هل حلال أم حرام؟ ولكن ما أعرفه أنني في حاجة لكل جنيه، فبناتي تكبر، وتعليمهن يكلف، وزوجي لا أمل في أن يفعل ما لم يفعله وهو في العشرينات والثلاثينات، بل إن مسكننا الذي نشترك فيه وأسرة شقيق زوجي قد ينهار في أي وقت".

أما هويدا فتقول: "لا أملك شراء عباية ملونة أو أخرى سوداء غير تلك التي أرتديها ذهابا وإيابا في السفر من قريتي إلى القاهرة، حيث أعمل في المذبح وأقوم بتنظيف محتويات الذبائح من الجمال والأبقار".

وتضيف لـ"عربي21": "في نهاية يوم العمل الذي يتكرر 3 أيام أسبوعيا أحصل على بعض من الكرشة والمصارين ولحم الرأس، والتي أعود بها، والكل حولي متأفف من رائحتها، لكي أدور بها في اليوم التالي على الأهالي لبيعها وتحصيل عدة جنيهات لا تكفي سد قوت أسرة من 5 أفراد، بلا أب -توفى قبل سنوات-".

وتؤكد أنها تذهب في رمضان إلى أهل الخير فيعطوها ويقللوا من وضعها المتردي، هي وشقيقتها الأصغر (هانم)، والتي تعمل معها في ذات العمل.

والسبت، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (حكومي) أن عدد السكان المصريين بالداخل هو (107.3مليون نسمة) مثلت الإناث منهم 52.2 مليون نسمة بنسبة 48.6 بالمئة.

ومنذ 6 سنوات لم تعلن الحكومة المصرية عن معدلات الفقر في البلاد، فيما سجل معدل الفقر بآخر رقم حكومي حول بحث الدخل والإنفاق لعام (2019/2020)، أن  29.7 بالمئة من السكان فقراء.

وفي العام الماضي اعتمد البنك الدولي حسابات جديدة، لخط الفقر من 2.15 إلى 6.85 دولار يوميا أي 342.5 جنيه يوميا، وبذلك فإن كل من يقل دخله الشهري في مصر عن 10.275 جنيه شهريا يصنف كفقير، وفق خبراء.

"سياسات انتقامية"
وفي رؤيتها لأوضاع المرأة المصرية في يومها العالمي، تقول الصحفية والناشطة أسماء شكر: "يأتي اليوم العالمي للمرأة في مصر ليذكرنا بأوضاع مأساوية وصلت لها المصريات نتيجة السياسات المهينة، والفشل الاقتصادي، والأزمة المالية العنيفة التي تهدد حياة نساء مصر".

وفي حديثها لـ"عربي21"، تضيف: "نجد إهانة غير مسبوقة للتنكيل بالنساء سواء على المستوى السياسي أو المستوى العام".

شكر، تعبر عن أسفها من أن ترى "نموذجا مثل الأستاذة هدى عبد المنعم، المحامية، والعضو السابق بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، والمستشارة القانونية السابقة بالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة برئاسة شيخ الأزهر السابق سيد طنطاوي، يُنكل بها منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2018".

وتواصل: "ويتم تدويرها بقضايا ملفقة انتقاما منها لأنها دافعت عن حقوق المعتقلين والمعتقلات؛ ولم يتحرك المجلس القومي لحقوق الإنسان، ولم نسمع تصريح دعم واحد من المجلس القومي للمرأة، الذي نشأ لأمور تخدم زوجة حسني مبارك سوزان مبارك وحاشيتها".

وتلفت إلى أنه "ما زال يستخدمه النظام المصري الحالي لنفس الغرض، وهو تجميل الوجه القبيح للنظام الحاكم، ولذا فهذا المجلس ليس له علاقة بنساء مصر".

وتؤكد أن "نساء مصر يعشن حقبة غير مسبوقة من التنكيل والأزمات المتلاحقة حتى ضاق بهن الحال على كل المستويات، وهذا الواقع لا يريد النظام إصلاحه، ولكن نرى إصراره على إفقار المرأة والتنكيل بمعتقلات الرأي".

وتلفت إلى أن "تأخر الزواج، وارتفاع نسبة الطلاق، والعنف والمعاناة اليومية التي تشهدها المرأة المصرية ليست نتيجة فشل وأزمات فقط؛ وإنما هي سياسة واضحة ضد المرأة المصرية التي كان لها دور كبير في ثورة 25 يناير 2011، وهذه رسالة انتقامية تجاه نساء مصر".



"أسوأ ما يعيشونه"
من جانبها تقول الكاتبة الصحفية مي عزام، إن "ما تعيشه المرأة المصرية يعيشه الرجل المصري؛ ولا يمكن الحديث عن أزمة المعتقلات بمعزل عن أزمة المعتقلين، فالأمر واحد".

وتضيف لـ"عربي21"، أن "أسوأ ما يعيشه المصريين رجالا ونساء هو الإحساس بالعجز وأن القانون لا يُنصف المظلوم، وأن الاتهامات التي تؤدي لاعتقال أصحاب الرأي المعارض للنظام واحدة ومكررة وغير منطقية".

وتؤكد أن باقي أزمات المرأة الحياتية والاقتصادية والاجتماعية "هي أزمة مجتمع كامل؛ وليست أزمة المرأة وحدها".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية المصرية اليوم العالمي للمرأة السجون المعتقلات مصر معتقلات سجون اليوم العالمي للمرأة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الیوم العالمی للمرأة المرأة المصریة لحقوق الإنسان المجلس القومی أکثر من

إقرأ أيضاً:

السيدة انتصار السيسي تشهد احتفالية يوم المرأة المصرية «فيديو»

شهدت السيدة انتصار السيسي، احتفالية يوم المرأة المصرية، والتي أتت بعنوان: «المرأة المصرية عنوان النجاح».

وكتبت قرينة الرئيس السيسي أمس، عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: «السيدات المصريات قدّمن نماذج مشرفة في مختلف المجالات، كل واحدة منهن تعكس قوة الإرادة والعطاء، وتجسد روح المرأة المصرية القادرة على تحقيق النجاح والتأثير».

واستكملت السيدة انتصار السيسي: «أؤمن بأن كل امرأة تحمل في داخلها طاقة عظيمة، وسأظل دائمًا داعمة لكل سيدة تسعى لتحقيق أحلامها وبناء مستقبل أكثر إشراقًا لوطننا».

اقرأ أيضاًالسيدة انتصار السيسي تهنئ الشعب المصري بحلول شهر رمضان المبارك

انتصار السيسي: «سأظل داعمة لكل سيدة تسعى لتحقيق أحلامها»

السيدة انتصار السيسي تهنئ الشعب المصري بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج

مقالات مشابهة

  • السيدة انتصار السيسي تشهد احتفالية يوم المرأة المصرية
  • السيدة انتصار السيسي تشهد احتفالية يوم المرأة المصرية «فيديو»
  • مسؤول سوداني: النساء يمثلن 98% من الأسر التي تعاني أوضاعًا قاسية
  • احتفاء خاص بالمرأة المصرية.. كيف احتفل الرئيس السيسي والسيدة الأولى بيوم المرأة العالمي؟
  • اليوم العالمي للمرأة.. عربي21 تبرز صرخات الألم والصمود للمرأة في غزة
  • في يوم المرأة العالمي.. أرقام صادمة عن معاناة «النساء» في غزة
  • رسالة الرئيس السيسي للمرأة المصرية في يومها العالمي
  • في يوم المرأة العالمي.. الاحتلال يضاعف معاناة النساء في غزة
  • تزامنًا مع يومها العالمي.. أبرز مكتسبات المرأة المصرية في عهد السيسي