الحبوب فـي المعركة السياسية … والعسكرية
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
لَمْ يكُنْ مُمكنًا البدء بتصدير الحبوب من أوكرانيا بإنتاجها الوفير (القمح والذرة والشعير بشكلٍ رئيس) لدوَل الخارج، لولا الاتِّفاق الأخير، والذي كان لتركيا الباع الكبير في إتمام التفاهم الذي تمَّ مع روسيا والأُمم المُتَّحدة بشأنه، في الثاني والعشرين من تموز/يوليو الماضي. من خلال السَّماح بنقل الحبوب الأوكرانيَّة عَبْرَ البحر الأسود على أن يتمَّ تفتيش الشحنات في مضيق البوسفور التركي بإشراف من تركيا والأُمم المُتَّحدة؛ كَيْ لا يتمَّ استخدام السُّفن الناقلة للحبوب لنقل الأسلحة عِنَد عودتها إلى الجبهة الأوكرانيَّة الروسيَّة.
وجاء الاتِّفاق، كذلك بعد منع روسي سابق لتصدير الحبوب من أوكرانيا عَبْرَ البحر الأسود، نتيجة لعدم إيفاء الجانب الغربي، بالاتِّفاق الأوَّل قَبل عامٍ مضى، والقاضي بتحييد تصدير ونقل وتأمين الحبوب الروسيَّة من العقوبات الغربيَّة.
روسيا وأوكرانيا تُعدَّانِ الدولتَيْنِ الأكثر إنتاجًا للحبوب في العالَم بواقع ثلث الإنتاج العالَمي، من أنواع الحبوب المختلفة، وخصوصًا (القمح + الذرة + الشعير). وطالما استخدم الاتِّحاد السوفييتي السَّابق، سلاح الحبوب في مواجهاته السِّياسيَّة زمن الحرب الباردة من 1945ـ1990. بل ضغط بسلاح الحبوب على بعض الدوَل التي كانت ستقاطع دَوْرة الأولمبياد العالَمي في موسكو في العام 1980. وكانت مقاطعة الألعاب الأولمبيَّة في موسكو جزءًا من حملة من الإجراءات التي بدأتها الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة للاحتجاج على الحرب السوفييتيَّة في أفغانستان التي بدأت عام 1978ـ1979.
إنَّ إتمام صفقة تصدير الحبوب الأوكرانيَّة للخارج بِدَوْرٍ تركي ملموس، عَبْرَ موانئ البحر الأسود، مسألة مهمَّة على صعيد تفكيك الألغام والتعقيدات التي يتمُّ زرعها من قِبل المُستفيدين من استمرار اشتعال المواجهة الأوكرانيَّة الروسيَّة. لذلك ومنذ التوصُّل لإقرار صفقة الحبوب تمَّ «روسيًّا» وضع أوكرانيا والدوَل الغربيَّة تحت الاختبار أمام العالَم بأَسْرِه، حَوْلَ كيفيَّة تصرُّف أوكرانيا بحبوبها التي سمحت الصفقة لها بتصديرها. وبشكلٍ رئيس إلى بعض دوَل الاتِّحاد الأوروبي، والأردن وماليزيا، وبنجلاديش والهند وإندونيسيا وباكستان، والصومال وإثيوبيا واليمن والسودان وأفغانستان وجيبوتي.
بَيْنَما تركَّزت صادرات الحبوب الروسيَّة إلى عددٍ من الدوَل الإفريقيَّة ودوَل الشرق الأوسط والصين الشَّعبيَّة، إضافة إلى دوَل في أميركا اللاتينيَّة وآسيا، بحيث تمَّ تصدير الحبوب الروسيَّة لهذه الدوَل بأسعار مُخفَّضة، وذلك في سياقات التطوُّرات الحاصلة بَيْنَ عموم دوَل إفريقيا وكُلٍّ من روسيا والصين الشَّعبيَّة. في هذا السِّياق، إنَّ السيطرة الروسيَّة التي تمَّت على جزيرة القرم ومنع سلخها عن روسيا، بعد تفكُّك الاتِّحاد السوفييتي السَّابق بدايات العام 1990، قَدْ مَنَح موسكو موقعًا استراتيجيًّا مُهمًّا ومقرَّرًا في البحر الأسود، خصوصًا مع انضمام عدَّة دوَل مشاطئة للبحر الأسود لحلف الناتو كرومانيا وغيرها من دوَل حلف وارسو السَّابق قَبل تفكُّكه مع انهيار منظومة الاتِّحاد السوفييتي.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: البحر الأسود ة الروسی العال م
إقرأ أيضاً:
"الشورى" يتدارس "مشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر"
مسقط- الرؤية
التقت اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى صباح أمس الأحد، مع اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر؛ وذلك في إطار دراسة اللجنة لمشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر، المحال من قبل الحكومة.
وخلال الاجتماع الذي ترأسه سعادة د. أحمد بن علي السعدي رئيس اللجنة، جرى استعراض أبرز أحكام المشروع مع المختصين؛ لبحث مبررات القانون والاستئناس بآرائهم والاستماع لمرئياتهم حول مشروع القانون.
وشهد اللقاء عرض ملاحظات اللجنة حول عدد من المواضيع التي يتناولها مشروع القانون أمام المختصين، كما واستعرضت اللجنة بعض أحكام الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وبحث مدى ملاءمة مواد مشروع القانون مع القوانين الأخرى في داخل سلطنة عُمان.
يُشار إلى أن القانون يوفر مزيدًا من الحماية القانونية للضحايا من القانون الساري؛ لتحقيق الردع العام وكبح الجرائم المتعلقة بالاتجار بالبشر في سلطنة عُمان.
وتواصل سلطنة عُمان جهودها الحثيثة والمتواصلة لمكافحة الاتّجار بالبشر، وهي تُعدُّ من أوائل الدول التي أصدرت تشريعًا خاصًّا للقضاء على هذا الانحراف الجرمي؛ وهو قانون مكافحة الاتّجار بالبشر في صيغته الأولى والذي صدر بمرسوم سلطاني في عام 2008.
وعقد اللقاء ضمن الاجتماع الثالث من دور الانعقاد العادي الثاني (2024- 2025) للفترة العاشرة (2023- 2027) بحضور رئيس اللجنة وبحضور أعضاء اللجنة من أصحاب السعادة الأعضاء.