سرايا - أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أخيرا “إصدار "عفو عام" عن جميع المفصولين من حركة فتح.


جاء ذلك في كلمته أمام القمة العربية الطارئة حول فلسطين بالعاصمة المصرية القاهرة الثلاثاء، مؤكدًا اتخاذ الإجراءات التنظيمية الواجبة لذلك ما أثار تساؤلات حول الخطوة المفاجئة.


ولأسباب مختلفة، قررت حركة فتح، الفصيل الأكبر في منظمة التحرير الفلسطينية، في السنوات الأخيرة فصل عدد من أبرز قيادييها، إثر خلافات حادة واتهامات متبادلة، تمحورت حول الصلاحيات وكيفية اتخاذ القرارات في الحركة.




وتقول مصادر في حركة فتح إن قرار الفصل لأعضاء بارزين فيها جاء إثر تفاقم الخلافات الداخلية خاصة بين الرئيس محمود عباس والقيادي محمد دحلان.

** محمد دحلان
ومن أبرز المفصولين، محمد دحلان رئيس ما يسمى التيار الإصلاحي في حركة فتح.

وفُصل دحلان من حركة فتح عام 2011، وتعرض لمحاكمة بتهم فساد، حيث قضت محكمة جرائم الفساد الفلسطينية عام 2016 بسجنه 3 سنوات بتهمة اختلاس 16 مليون دولار خلال فترة توليه منصب منسق الشؤون الأمنية للرئاسة الفلسطينية.

وتتهم فتح دحلان بأنه أحد المسؤولين عن فشل الأجهزة الأمنية في التصدي لهجوم حماس عام 2007 وسيطرتها على قطاع غزة عسكرياً، الأمر الذي دفع دحلان، إلى تشكيل التيار الإصلاحي الديمقراطي، والذي انضم له عدد من قيادات الحركة البارزين بينهم أعضاء في المجلس الثوري ونواب في المجلس التشريعي (البرلمان) عن حركة فتح.


وفي مارس/ آذار 2014 اتهم عباس، دحلان في اجتماع للمجلس الثوري لحركة فتح، بعلاقة مع مسؤولين إسرائيليين، ومعرفته بمحاولة اغتيال صلاح الدين شحادة مؤسس الجهاز العسكري الأول لحركة حماس التي نجا منها آنذاك، كما اتهمه.

وبدأ محمد يوسف دحلان (64 عاما) المولود في مخيم خان يونس للاجئين بقطاع غزة، حياته السياسية ناشطا في حركة “فتح”، التي كان يتزعمها في ذلك الوقت، الرئيس الراحل ياسر عرفات.


ومع تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994، إثر توقيع منظمة التحرير الفلسطينية، اتفاق أوسلو للسلام مع "إسرائيل"، ترأس دحلان جهاز “الأمن الوقائي”، في قطاع غزة.

واتهمت القوى الفلسطينية المعارضة لعملية التسوية مع "إسرائيل"، وخاصة حركتا حماس و الجهاد الإسلامي، دحلان، باعتقال وتعذيب آلاف من عناصرهما، بتهمة ممارسة العمل المقاوم ضد "إسرائيل".


وشارك دحلان، في فرق التفاوض مع "إسرائيل"، ومنها مفاوضات القاهرة عام 1994، ومباحثات كامب ديفيد الثانية عام 2000، وقمة طابا عام 2001.

** ناصر القدوة
وفي مارس 2021، قررت اللجنة المركزية لفتح فصل ناصر القدوة، من الحركة.

وقالت بيان حمل توقيع الرئيس الفلسطيني وزعيم الحركة، محمود عباس، إن قرار الفصل يأتي بعد انتهاء مهلة تم منحها للقدوة، مدتها 48 ساعة، للتراجع عن مواقفه المعلنة “المتجاوزة للنظام الداخلي للحركة وقراراتها والمس بوحدتها”.


وانتخب القدوة عام 2009 عضوا في اللجنة المركزية لحركة فتح.


وكان القدوة (72 عاما)، وهو ابن شقيقة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والسياسي والدبلوماسي المعروف، ووزير خارجية فلسطين السابق، قد أسس الملتقى الوطني الديمقراطي، حيث أمهلته حينها اللجنة المركزية لحركة فتح 48 ساعة للتراجع عن قراره، لكنه رفض، وهو ما عُدَّ مخالفة للنظام واللوائح الداخلية، فاتُّخذ قرار بفصله.

ووجّه القدوة انتقادات لاذعة للقيادة الفلسطينية وحركة فتح.

كما سبق أن أعلن عزمه دعم القيادي في الحركة المعتقل في سجون "إسرائيل" مروان البرغوثي، في حال قرر الترشح للانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة آنذاك.


** محاولة لملمة الحركة
ووفق المحلل السياسي الفلسطيني محمد هواش، فقدت حركة فتح بفصل القدوة ودحلان وغيرهما شخصيات وازنة فيها، ولها قدرات وإمكانيات مهمة.


واعتبر هواش في حديث للأناضول أن “عودة تلك القيادات لصفوف الحركة، سيؤدي لتوحيدها ولملمة صفوفها، ويشكل خطوة مهمة في طريق إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية”.


وقال إن “عودة واندماج قيادات مثل ناصر القدوة إلى حركة فتح ستكون له انعكاسات على قوة وحضور الحركة، وأنه عندما تتاح الظروف لإجراء أي انتخابات، فذلك يزيد من فرصة فوز حركة فتح بحصة كبيرة”.


وفي 30 أبريل/ نيسان 2021، قرر عباس تأجيل انتخابات كانت مقررة على مراحل لحين ضمان سماح "السلطات الإسرائيلية" مشاركة سكان مدينة القدس المحتلة.

وأجريت آخر انتخابات رئاسية عام 2005، كما أجريت ثاني وآخر انتخابات تشريعية عام 2006، فيما أجريت آخر انتخابات محلية عام 2021.


** ضغوط فلسطينية وعربية
بدوره، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أحمد رفيق عوض، أن الخطوة “تأتي استجابة لضغوط فلسطينية وعربية ودولية، بضرورة تجديد هيكلية السلطة الفلسطينية وقدراتها ونشاطها”.


وأضاف عوض في حديث للأناضول أن الخطوة أيضًا هي “من أجل مواجهة التحديات والمهام الجديدة التي تفرض على السلطة، من ناحية الواقع السياسي وإعادة إعمار غزة وغيرها”.


وتحدث عرض عن “مطالبات قديمة ومستمرة على مستوى قاعدة حركة فتح وأعضائها من أجل ضخ دماء جديدة، والتخلص من الترهل والجمود والانقسام الذي تواجهه فتح، والمطالبات بعقد انتخابات رئاسية وبرلمانية”.


واعتبر عوض أن من الأهمية بمكان، أن “توحد فتح كل تياراتها وتوجهاتها، للعمل تحت مظلة واحدة، لأن هناك رؤى واجتهادات مختلفة داخلها ولملمتها ستجعل الحركة قوية، وقادرة على تجديد علاقتها الداخلية والخارجية، وهو ما سينعكس إيجابًا على الوضع الفلسطيني العام”.

رأي اليوم 

إقرأ أيضاً : أكسيوس: ويتكوف يتوسط لاتفاق جديد بين حماس والاحتلال

إقرأ أيضاً : حماس تؤكد موافقتها على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزةإقرأ أيضاً : نتنياهو يعتزم إرسال مفاوضين للدوحة بشأن وقف إطلاق النار بغزة








تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #جرائم#فلسطين#الوضع#مدينة#القاهرة#الفساد#العمل#القدس#القمة#غزة#أحمد#الفصل#صلاح#محمود#محمد#رئيس#الرئيس#جنين



طباعة المشاهدات: 1007  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 09-03-2025 10:27 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
الفدية مليون دولار .. خطف كلبين بسويسرا وتهريبهما لبولندا أزمة اقتصادية حادة تغيّب "الفتوش"عن سفرة اللبنانيين صبي يطلق النار على شرطيين ليقتل أحدهما ويصيب الآخر في نيوجيرسي مصر .. قرار للنيابة بحق "سوزي الأردنية" في تهمة الانضمام لجماعة إرهابية ماهر الأسد ورئيف قوتلي غادرا العراق الأربعاء متجهين... زلزال هز "إسرائيل" .. أمريكا تفتح... هذا هو سر قرار عباس المفاجئ بإعادة المفصولين من... الرئيس السوري:"ما يحصل في سوريا متوقع ويجب أن... الزميل هاشم الخالدي يكشف تحايلاً على قرار وقف... أكسيوس: ويتكوف يتوسط لاتفاق جديد بين حماس والاحتلالحماس تؤكد موافقتها على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزةنتنياهو يعتزم إرسال مفاوضين للدوحة بشأن وقف إطلاق...الرئيس السوري:"ما يحصل في سوريا متوقع ويجب أن...‏القوات الأمنية السورية تحبط هجومًا على منشأة نفطية...الاتحاد الأوروبي يدين الهجمات في الساحل السوري...القوات الروسية تسترد 3 قرى من أوكرانيا في منطقة كورسكخسائر بشرية ومادية جراء سيول وفيضانات في شرق المغربالبرلمان العربي يدين الهجمات على سوريا "لم تنتحر" .. اتصال بين حسين فهمي وسعاد... ثلاث شكاوى ضد مسلسل "أولاد الشمس" لأحمد مالك نسليهان أتاغول تضع مولودها الأول بعد زواج 8 سنوات مصر .. الإفراج عن مطرب مهرجانات شهير على خطى ترامب .. سعد لمجرد سيطلق عملة رقمية الوجه الآخر لميسي: غاضب ولا ينسى رغم الفوز .. صلاح ينتقد زملاءه: "بطيئين" وغير منظمين شباب العقبة يخطف فوزا قاتلا من السلط بدوري المحترفين رسميا .. حالة وفاة في برشلونة تؤجل لقاء أوساسونا ثنائية صلاح تقود ليفربول للابتعاد في الصدارة وفوز لبرايتون وكريستال بالاس فتى هندي يدخل موسوعة غينيس بسبب كثافة شعر وجهه .. فيديو 18 مليون دولار حتى الآن .. تكاليف ولع ترامب بالغولف تتجاوز أرقام الولاية الأولى كارثة جديدة تلوح في الأفق .. حرائق ضخمة تجتاح أكبر الجزر الأمريكية - فيديو دراسة تكشف الأسرار “البيولوجية” للمعمّرين التونسيون يرمون 900 ألف رغيف خبز يوميا بسبب الزواج .. المرأة تخسر خمس دخلها "غزة ليست للبيع" .. هجوم يطال ملعب غولف لترامب مصر .. "مخالفات قانونية" في مشرحة أسوان تثير غضبا كبيرا مفاجأة مرعبة .. آيس كريم بطعم "الثعبان الأصفر" .. صورة تزوجهن واحتال عليهن .. عراقي يخدع 8 نساء وإحداهن تروي تفاصيل استيلائه على أموالها

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الرئيس محمود القمة فلسطين القاهرة الفصل الرئيس محمود محمد محمد محمد رئيس جرائم الفساد غزة صلاح محمد الرئيس العمل القاهرة الرئيس محمود الفصل الرئيس فلسطين محمد مدينة القدس القدس أحمد غزة الوضع جرائم فلسطين الوضع مدينة القاهرة الفساد العمل القدس القمة غزة أحمد الفصل صلاح محمود محمد رئيس الرئيس جنين حرکة فتح قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا لا يمكن للسلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل واختيار المقاومة؟

قالت مجموعة الأزمات الدولية إن الأزمة الوجودية الحادة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية تفاقمت، ويلومها الفلسطينيون إما لضعفها في مواجهة عدوان الاحتلال أو بسبب تنسيقها الأمني معه. في حين تتهمها إسرائيل بعدم الفعالية في قمع المسلحين الفلسطينيين، وفرض الأمن على عناصر المقاومة بالضفة الغربية.

جاء ذلك في تقرير نُشر الأسبوع الماضي لكبير محللي فلسطين في مجموعة الأزمات الباحثة تهاني مصطفى بعنوان "توغلات إسرائيل في الضفة الغربية تسلط الضوء على معضلات السياسة الفلسطينية".

وقد بدأت إسرائيل عملية "الجدار الحديدي" في 21 يناير/كانون الثاني الماضي، بعد يومين فقط من دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيّز التنفيذ، مما أدى إلى تصعيد عسكري واسع النطاق لقمع المقاومة المسلحة الفلسطينية في الضفة.

وتسببت عمليات الاحتلال في دمار واسع للمخيمات والمناطق الحضرية المجاورة لها بالضفة، حيث وصف السكان أحياءهم بأنها "غزة مصغرة". وأدى هذا الدمار إلى تشريد ما لا يقل عن 40 ألف شخص، في وقت يؤكد فيه الإسرائيليون أنهم لن يسمحوا بعودة هؤلاء إلى مخيماتهم، حسب ما جاء في التقرير.

الاحتلال دمر عشرات المنازل والشوارع بشكل جزئي وكامل في مخيم طولكرم (الجزيرة)

الجزيرة نت حاورت محللين وباحثين مختصين في الشؤون الفلسطينية لتسليط مزيد من الضوء على هذه القضية، وخلاصة ما وصلوا إليه يمكن إجمالها في النقاط التالية:

إعلان السلطة الفلسطينية تتحمل الجزء الأكبر مما يحدث في الضفة الغربية. السلطة لم تقدم البدائل الحقيقية لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني، وخلقت حالة من الترهل داخل المنظومة السياسية الفلسطينية. السلطة مسؤولة عن انسداد الأفق السياسي واستمرار الانقسام الداخلي بوصفها السلطة الحاكمة والمسؤولة عن إدارة البيت الفلسطيني. تخلي السلطة عن مسؤوليتها الوطنية في قيادة الشعب نحو التحرير وإقامة الدولة يدفع الشعب نحو قوى وطنية أخرى أقدر وأجدر على حمل تطلعاته الوطنية. السلطة لا تعتمد على الشعب الفلسطيني في البقاء، فهي لا تحتاج إليه ماليا أو سياسيا، بل تحتاج إلى دعم كل من الولايات المتحدة وإسرائيل. لا يوجد في الواقع أي بديل حاليا للسلطة الفلسطينية، ورغم الاستياء الشعبي من أدائها الذي تعكسه استطلاعات الرأي فليس هناك دافع للإصلاح. السلطة واقعيا أشبه بإدارة مدنية تُعنى بشؤون الفلسطينيين تحت الاحتلال حيث توفر الخدمات البلدية والصحية والتعليمية والاقتصادية. السلطة لا تملك أي رؤية سياسية بديلة عن اتفاق أوسلو، بعد أن فقدت أوراق المفاوضات، في وقت يعمل فيه الاحتلال الإسرائيلي منهجيا على نزع الصفة السياسية عنها وتقليص دورها. السلطة ما زالت تعوّل على اتفاق أوسلو رغم أنه انتهى سياسيا وواقعيا، وهناك قرارات من الكنيست تمنع تطبيق بنوده. السلطة تتحمل مسؤولية انهيار المنظومة الأمنية أمام توحش الاحتلال وتنكيله بالفلسطينيين، وعدم الاعتراض على ذلك. السلطة تخشى مواجهة الاحتلال أو غض الطرف عن نشاط المقاومين في الضفة خوفا من فقدانها الامتيازات المادية والسلطة المكتسبة عبر ديمومة التنسيق الأمني. الوجود العسكري الإسرائيلي المتكرر في الضفة حوّل السلطة إلى شبه بلدية تتحمل الأعباء الصحية والتعليمية الثقيلة، وباقي الملفات المصيرية ذهبت لإدارة الاحتلال العسكرية. إسرائيل تنوي تحويل المخيمات في الضفة الغربية إلى "غزة مصغرة"، أي تدميرها بالكامل. ليس من الصحيح أن السلطة الفلسطينية كانت تحتكر السيطرة في الضفة، فمنذ نشأتها وهي تواجه صعوبة في فرض إرادتها على كامل الضفة، فهي كيان نشأ في الخارج أولا ثم فُرض على الفلسطينيين. يجب على السلطة أن تأخذ قرارا حاسما بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال وأن تتحول إلى مربع النضال والثورة ضد الاحتلال. يجب فصل السلطة الفلسطينية التي تقدم الخدمات للمواطنين عن منظمة التحرير الفلسطينية المعنية بتحقيق تقرير المصير.

 

تقول تهاني مصطفى -في مقابلة مع الجزيرة نت- إن السلطة الفلسطينية تتحمل جزءًا من المسؤولية عما حدث، إما من خلال تقديم بدائل محدودة جدًا لمعظم الفلسطينيين في الضفة الغربية، مثل فرص اقتصادية ضعيفة، وتدهور مستويات المعيشة، وعدم القيام بأي شيء لمحاولة التخفيف من حدة العنف في الضفة الغربية من قبل المستوطنين والجنود الإسرائيليين، وعدم الدفاع عن الفلسطينيين بشكل صحيح سياسيًا على الساحة الدولية.

إعلان

لا أعتقد أن السلطة الفلسطينية تعتمد على الفلسطينيين للبقاء، فهي لا تحتاجهم ماليًا أو سياسيًا، إنها تحتاج دعم الولايات المتحدة وإسرائيل، فهما الكيانان القويان اللذان يحددان بقاء السلطة، وهي تعرف ذلك، ورغم الاستياء الشعبي الكبير الذي عبرت عنه استطلاعات الرأي مرارًا وتكرارًا فليس لديها أي دافع للإصلاح.

ما دامت الولايات المتحدة مستمرة في توفير البقاء للسلطة، وتستمر أوروبا في تقديم الدعم، وإسرائيل تسمح لها بالبقاء، فإنها ستبقى. وهذا شيء كان واضحًا جدًا خلال 16 شهرا الماضية، فالسلطة الفلسطينية لا تريد التعامل إلا مع الأميركيين والأوروبيين.

لم يحاول قادة السلطة حتى القيام بالكثير فيما يتعلق بما يحدث في قطاع غزة أو حتى في الضفة الغربية، حتى أن الوسطاء الإقليميين مثل قطر كانوا يقولون إن المشكلة ليست أن السلطة الفلسطينية لم تُدعَ إلى طاولة المفاوضات لوقف إطلاق النار، بل لأنها ترفض الحضور.

طبيعة الاحتلال قد تغيرت، فإسرائيل لن تتحمل أي مسؤولية تجاه 5 ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية من حيث توفير الخدمات، والمجتمع الدولي لن يتمكن من القيام بذلك مباشرة، وليس هناك بديل حقيقي للسلطة الفلسطينية.

حتى الفلسطينيين لا يستطيعون تصور بديل الآن، وهو ما يعد أكبر إنقاذ للسلطة الفلسطينية، فبقاؤها بالكامل يعتمد على التنسيق الأمني، وحتى (حركة المقاومة الإسلامية) حماس تدرك أنه يجب أن يكون هناك هذا التنسيق.

السلطة الفلسطينية بشكل عام بدأت تفقد قبضتها منذ فترة طويلة، وهذا ليس لأن الفلسطينيين لا يريدونها أو لأنهم يرون بدائل، ولكن لأنها من الناحية المالية مقيدة جدًا نتيجة ممارسات الاحتلال، بالإضافة إلى الفساد الداخلي للسلطة الفلسطينية الذي يسهم في أن تفقد السلطة قبضتها.

السلطة الفلسطينية لم تكن تحتكر السيطرة على الضفة الغربية طوال الوقت، فعملها كان شاقا للغاية منذ نشأتها، فهي لم تكن كيانًا طبيعيًا نشأ في الضفة الغربية، لقد كانت شيئًا مفروضًا على الفلسطينيين من الخارج.

 

السلطة الفلسطينية تتحمّل مسؤولية كبيرة عن انهيار المنظومة الأمنية الحامية للفلسطينيين أمام توحّش الاحتلال وتنكيله بالفلسطينيين في عموم الضفة الغربية، ويعود ذلك لعدة أسباب منها:

إعلان التزامات اتفاقية أوسلو التي جعلت الأجهزة الأمنية والأمن الوطني أداة لحماية المستوطنين، وملاحقة النشطاء والمقاومين للاحتلال، بذريعة محاربة الأعمال "الإرهابية" الضارّة بالسلام ومسار المفاوضات المتوقّف منذ عام 2014. مع أن اتفاقية أوسلو انتهت سياسيا وواقعيا، فإن السلطة الفلسطينية تخشى مواجهة الاحتلال وانتهاكاته أو غض النظر عن النشطاء والمقاومين، وذلك خوفا من فقدانها الامتيازات المادية والسلطوية المكتسبة عبر ديمومة التنسيق الأمني الذي يشكّل حاجة إسرائيلية مدعومة من الولايات المتحدّة. استخدام الولاء المطلق لمنتسبي الأجهزة الأمنية في تصفية الحسابات مع المعارضين السياسيين عبر الاعتقال أو الحرمان الوظيفي أو التحييد كما حصل مع المعارض نزار بنات ابن مدينة الخليل الذي توفي بعد ساعات من اعتقاله لدى أجهزة أمن السلطة في يونيو/حزيران 2021.

خطورة ذلك أن السلطة الفلسطينية ستفقد شرعيتها في عين المواطن الفلسطيني الذي ينتظر منها الحماية أمام انتهاكات الاحتلال وعبث المستوطنين الذين وصلت بهم الجرأة إلى سرقة الأغنام وقطع أشجار الزيتون وحرق المركبات والبيوت، كما حصل في قرية حوّارة جنوب نابلس في فبراير/شباط 2023، دون أي حراك من السلطة أو دفاع من أجهزتها الأمنية.

التخلي عن المسؤولية الوطنية يُفقد السلطة أهليتها السياسية في قيادة الشعب الفلسطيني نحو التحرير وإقامة الدولة الفلسطينية، مما يدفع الشعب الفلسطيني إلى الاتجاه نحو قوى وطنية أخرى أقدر وأجدر على حمل تطلعاته الوطنية.

فكرة التنسيق الأمني مع الاحتلال تعد خطيئة من حيث البدء، وكان من المفترض ألا تكون، فمن غير المنطقي أن تعمل سلطة فلسطينية وأجهزتها الأمنية لصالح الاحتلال أو تمنحه معلومات عن النشطاء والسياسيين والعاملين في الحقل الوطني.

الاحتلال تنصّل سياسيا من التزامات اتفاقيات أوسلو، وتبنّى الكنيست الإسرائيلي تشريعا في يوليو/تموز 2024 يرفض فيه قيام دولة فلسطينية بوصفها خطرا وجوديا على دولة إسرائيل ومواطنيها.

إعلان

أصبح من الضرورات السياسية والوطنية أن تأخذ السلطة الفلسطينية قرارا حاسما بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، وأن تتحوّل إلى مربع النضال والثورة ضد الاحتلال بكافة الوسائل وأشكال المقاومة.

واقعيا، السلطة الآن أشبه بإدارة مدنية تُعنى بشؤون الفلسطينيين تحت الاحتلال عبر توفير الخدمات البلدية والصحية والتعليمية والاقتصادية، وبجودة منخفضة، بسبب الفساد الإداري والعجز المالي وغياب معايير الشفافية.

السلطة لا تملك أي رؤية سياسية بديلة عن اتفاق أوسلو بعد أن فقدت ورقة المفاوضات، في وقت يعمل فيه الاحتلال الإسرائيلي منهجيا على نزع الصفة السياسية عنها، وتقليص دورها حتى الإداري بسحب العديد من صلاحياتها التي من المفترض أن تطلع بها، لا سيّما في المناطق المصنّفة "إي" حسب تقسيمات اتفاقيات أوسلو لأراضي الضفة الغربية.

الرئيس محمود عباس يفقد بالتدريج قدرته على السيطرة، ولو على أجزاء من الضفة الغربية، وسيحوّله الاحتلال واقعيا وفي وقت قريب إلى رئيس لسلطة مدنية محلية تحت السيادة الإسرائيلية، إن بقيت السلطة على هذه الشاكلة من دون استدراك عاجل على دورها السياسي والوطني.

 

لا يختلف اثنان من الفلسطينيين حتى ممن ينتمون لحركة فتح التي انبثقت منها السلطة الفلسطينية على أنها تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عما حل في الضفة الغربية، نظرا لعدد  من الأسباب:

السلطة تتحمل الجزء الأكبر فيما يتعلق باستمرار الانقسام الفلسطيني لأنها في النهاية السلطة الحاكمة والمسؤولة. عدم قدرتها على تجديد الوجوه مما خلق حالة من الترهل داخل أجسام السلطة في كافة المستويات، وهذا الأمر انعكس على رؤية السلطة السياسية نتيجة الاتكاء على فرضية أن الولايات المتحدة معنية بحل الدولتين، وبالتالي لا حاجة لاستحداث وسائل أخرى. السلطة لم تخلق أي رؤية إستراتيجية واكتفت بخط سياسي غير موجود عمليا، مع وجود حالة من البحث عن المصالح الشخصية الضيقة، وبالتالي وصلنا إلى هذا الوضع المتردي أمنيا وسياسيا واقتصاديا، وبالتالي السلطة الفلسطينية تتحمل الجانب الأهم في ذلك. إعلان

جزء من الفلسطينيين يرى أن السلطة عقبة أمام القدرة على مواجهة الاحتلال، وكذلك هناك من يرى أن وجودها بات عبئا على الفلسطينيين كون سلاحها مستخدما ضد الفلسطينيين بشكل أو بآخر.

هذه الحالة من التخلي عن البعد السياسي وقبول البعد الإداري فقط يترتب عليها ما يلي:

السلطة الفلسطينية ستتحول إلى جهاز إداري فقط يتحمل جزءا من أعباء الفلسطينيين لكنه في الوقت نفسه سيستميت من أجل الدفاع عن نفسه. سنكون أمام حالة من السلطة التي وافقت على تحديد صلاحياتها وتقزيم نفسها، لكنها لن تقبل التخلي عن أي دور. سيولد ذلك حالة من اصطدام داخلي إن لم يكن هناك حراك داخلي فلسطيني باتجاه ترسيخ حلول داخلية ووحدة فلسطينية وإنتاج مظلة جديدة تجمع الكل الفلسطيني.

السلطة الفلسطينية يجب أن تتخلى عن التنسيق الأمني منذ سنوات طويلة، وكانت هناك قرارات من المجلس المركزي الفلسطيني نفسه طالب السلطة بضرورة التخلي عن التنسيق الأمني.

في الفترة الأخيرة، لم تعد إسرائيل تكترث بالتنسيق الأمني كثيرا مع السلطة، لأن إسرائيل عمليا باتت تسيطر أمنيا على الضفة الغربية بشكل كبير.

السلطة الفلسطينية فقدت أوراق السيطرة على ما تبقى من الضفة الغربية، فهي اليوم ترمى في زاوية تحمل أعباء الفلسطينيين الصحية والتعليمية وغيرها، وباقي الملفات تسحب منها شيئا فشيئا وتذهب لإدارة الاحتلال العسكرية.

السلطة بذلك تحولت إلى شبه بلدية في الضفة الغربية، وهذا لا يرجع فقط للاجتياح المتكرر لمناطق الضفة، بل لأنها قبلت على نفسها مع مرور الوقت الانحناء كثيرا تحت عنوان "الصبر الإستراتيجي" و"الحكمة في التعاطي"، وتحت عناوين مختلفة ومتنوعة ومتعددة.

مقالات مشابهة

  • الصحة الفلسطينية تدين اقتحام إسرائيل ساحات المستشفى الأهلي في الخليل
  • لماذا لا يمكن للسلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل واختيار المقاومة؟
  • وفد من حركة الفصائل الفلسطينية يعقد لقاء مع رئيس المخابرات المصرية
  • لابيد: لهذا السبب يتفاوض الأمريكيون بشكل منفصل مع حركة الفصائل الفلسطينية
  • هذا هو سر قرار عباس المفاجئ بإعادة المفصولين من فتح وإصلاح السلطة .. اسم محمد دحلان يعود من جديد
  • حركة المجاهدين الفلسطينية تشيد بمواقف السيد عبد الملك الحوثي بمناصرة المظلومين في فلسطين
  • مرشح لخلافة محمود عباس.. من هو ماجد فرج رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطينية؟
  • إسرائيل ترفض تسليم الحرم الإبراهيمي للأوقاف الفلسطينية
  • علي عكس العادة.. إسرائيل ترفض تسليم الحرم الإبراهيمي للأوقاف الفلسطينية