…
يقول تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ). في الحديث الشريف: جاءه سفيان بن عبد الله الثقفي ـ رضي الله عنه – فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مُرْنِي فِي الْإِسْلَامِ بِأَمْرٍ لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ، قفَالَ صلى (قُلْ : آمَنْتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ)، قَالَ : قُلْتُ : فَمَا أَتَّقِي، فَأَوْمَأَ إِلَى لِسَانِهِ.
المسلم مطالب بالاستقامة، لذا يسألها ربه في كل ركعة من صلاته (أهدنا الصراط المستقيم) ولا يتحقق الدعاء مالم يسير بطرق الاستقامة، ولأهميتها طلبها سبحانه من الانبياء عليهم السلام، قال تعالى مخاطبا نبيه (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك)، وفي حق موسى وأخيه عليهما السلام (قد أجيبت دعوتكما فاستقيما).
الاستقامة تدل على الاعتدال وعدم الاعوجاج. تدخل الاستقامة في مجالات كثيرة، ولو طبقت الاستقامة تطبيقاً صحيحاً لحلت كثيرا من المشاكل، فلو أن الأب استقام على شرع الله عز وجل، فربى أولاده تربية صحيحة، و التاجر في تجارته، والمدرس في تدريسه، و العامل في عمله، والمواطن في سلوكه في الشارع وقيادته للمركبة والتعامل مع الآخرين وهكذا كل أصناف الناس والأحوال .
فكيف سيكون الحال لو أنهم استقاموا على شرع الله؟الجواب جاء في قوله تعالى ﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً ﴾ و غدق المطر : كثر قطره، وهو كناية عن غدق العيش : أي اتسع ورغد. عاقبة عدم الاستقامة فهي كبيرة، مثالها في الحديث (.. قَالَ : الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَأْتِي بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُقْعَدُ، فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ، فَطُرِحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ). لذلك جاء في حديث حال الصائم (… وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم).
والاستقامة مطلوبة بحقيقتها إن بانت، واتجاهها إن اختلطت، قال صلى الله عليه وسلم:( سددوا وقاربوا)، فالسداد هو الوصول إلى حقيقة الاستقامة، والمقاربة الاجتهاد في الوصول إلى القرب منها.
هذه الايام: نعيش حالات اعوجاج وابتعاد عن طريق الاستقامة، والنتيجة واضحة لا تحتاج لبيان. وطريق الاستقامة واضح، قال تعالى (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وصآكم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، والبداية هي (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). وأهم ما يحقق الاستقامة هي مراقبة الله عز وجل.
وتقبل الله صيامكم وطاعتكم وهدانا للصراط المستقيم.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر: الله حفظ القرآن الكريم من التحريف والتبديل والضياع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، إن حفظ الله لعباده، المستمد من اسمه "الحفيظ"، يشمل كل الناس، مطيعون لله كانوا أو عصاة، فالإنسان وهو يعصي الله محفوظ، وعادة ما تجد أن العصاة أو الخارجين على حدود الله لديهم نعم أكثر، مما يدل على أن هذه النعم ليست شيئا في الحسبان الإلهي، وأن الدنيا للمطيع وللعاصي، فالله تعالى يمهل العاصي، ليس تربصا به ولكن لعله يتوب أو يرجع، وفي كل شيء تجد تطبيقا عمليا لقوله تعالى في الحديث القدسي: " إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبي".
وبيِن الإمام الطيب، خلال حديثه اليوم بثامن حلقات برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب» لعام ٢٠٢٥، أن لاسم الله "الحفيظ" معنيان، الأول هو الضبط، ومعناه ضد النسيان أو السهو، فيقال "فلان حافظ للقرآن عن ظهر قلب"، أي لا يمكن أن يخطئ في كلمة من كلماته، والمعنى الثاني هو "الحراسة"، من الضياع، ولا يكون ذلك إلا بحفظ من الله، لافتا أن حفظ الله للأرض والسماء يعني الإمساك والتسخير، فهو تعالى يمسك السماء أن تقع على الأرض رحمة بعباده وحتى يتحقق لهم التسخير بالصورة الكاملة التي تفيد الإنسان وتعينه على أداء رسالته في هذه الحياة.
وأضاف شيخ الأزهر أن حفظ الله تعالى يشمل كذلك القرآن الكريم، فهو سبحانه وتعالى الحافظ للقرآن الكريم من التحريف والتبديل والضياع، مصداقا لقوله تعالى: " إنّا نَحْنُ نَزّلْنا الذّكْرَ وهو القرآن وإنّا لَهُ لحَافِظُونَ "، وهذا هو التأكيد الأكبر بأن القرآن لم يعبث به في حرف واحد، فقد وصلنا كما بلغه النبي "صلى الله عليه وسلم"، وهو بين يدينا كما قرئ بين يديه "صلى الله عليه وسلم" دون أي تحريف أو تغيير.
واختتم فضيلته أن الإنسان مطالب، بجانب حفظ الله تعالى له، أن يعمل هو على حفظ نفسه وعقله، فهما أهم ما لديه من نعم الله تعالى، فهو مطالب بحفظ نفسه من المعاصي ومن تصلب الشهوات، ومطالب أيضا بحفظ عقله من المعلومات والمحتويات الضارة، والتي منها على سبيل المثال، ما قد ينتج عنه التشكيك في الدين أو العقيدة، وبهذا يكون بإمكان الإنسان أن يحفظ نفسه وعقله.