أدركت أوروبا أن الولايات المتحدة، لم تعد هي التي تعرفها، وأن الرئيس دونالد ترامب بدأ يتخلى عنها، وهو يستعد لإعلان الطلاق معها، وينفض يده من تحالف استمر ثمانين عاماً عبر الأطلسي، كان مكلفاً جداً في حساباته، وخسائره أكبر بكثير من أرباحه، وهي حسابات تاجر يقيس الأمور بمدى ما يحققه من أرباح في صفقاته التجارية، وليس بحسابات دول لها استراتيجيات وأهداف قريبة وبعيدة المدى في العالم، وخصوصاً بالنسبة لدولة عظمى مثل الولايات المتحدة.
على مدى الأسابيع القليلة الماضية، كثف القادة الأوروبيون لقاءاتهم الثنائية والثلاثية والجماعية، وكان آخرها قمة الاتحاد الأوروبي التي عقدت الخميس الماضي في بروكسل، وكان محور كل هذه اللقاءات، بحث حال قارتهم بعد أن أيقنوا أن ترامب نفض يده من القارة، وتركهم وحدهم في العراء.. والآن هم يتداولون في مصيرهم، وما يمكن أن يؤول إليه، وهل يمكنهم تدبير أمنهم والاستمرار في دعم أوكرانيا لوحدهم، من دون الولايات المتحدة؟
في قمة بروكسل الأخيرة بحث القادة الأوروبيون الإجراءات الواجب اتخاذها، رداً على سحب واشنطن دعمها العسكري لأوكرانيا، وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قدمت خطة بقيمة 800 مليار يورو، لتعزيز الدفاع الأوروبي والمساعدات المخصصة لأوكرانيا، على أمل أن يعوض هذا المبلغ الانسحاب الأمريكي، وعلى أن يشكل قاعدة لتعزيز الدفاع عن أوروبا.
فمنذ موقعة البيت الأبيض بين دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تضاعفت الدعوات في أوروبا إلى زيادة الإنفاق العسكري، لدعم الأمن الأوروبي، خوفاً من رفع الولايات المتحدة مظلتها الأمنية عن القارة. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أشد الداعين إلى أمن أوروبي مستقل، وأعلن في خطاب متلفز قبيل القمة ـن "مسألة الدفاع الأوروبي التي ندافع عنها منذ ثماني سنوات باتت حقيقة واقعة"، وأضاف "أريد أن أصدق أن الولايات المتحدة ستبقى إلى جانبنا، لكن علينا أن نكون مستعدين إذا لم يكن الأمر كذلك".
ويبدو أن الأمر ليس كذلك، وقد أعلنت فون ديرلاين التي كانت إلى جانب زيلينسكي خلال افتتاح القمة، أن أوروبا وأوكرانيا تواجهان "لحظة حاسمة"، أضافت "تواجه أوروبا خطراً واضحاً وقائماً، وبالتالي عليها أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها، كما علينا أن نمنح أوكرانيا الوسائل اللازمة لحماية نفسها والعمل من أجل سلام عادل ودائم".
لكن هل تستطيع أوروبا المنقسمة على ذاتها، ترجمة إرادتها السياسية إلى واقع، وتأمين 800 مليار يورور للإنفاق العسكري، وهي تعاني أزمات اقتصادية واجتماعية وارتفاع التضخم؟
المهم، أن الدول الأوروبية تعهدت بتقديم 30 مليار يورو لأوكرانيا خلال العام الحالي، لكن هذا المبلغ لا يكفي لسداد احتياجات كييف لمواصلة الحرب.
إن إصرار أوروبا على مواصلة دعمها لكييف يعني أنها لا تزال تبحث عن نصر افتراضي على روسيا في أوكرانيا، وإهدار المزيد من الأموال من دون طائل، وهل يستحق ذلك استمرار النزيف الهائل بشرياً واقتصادياً ومادياً وأزمات اقتصادية واجتماعية أوروبية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب الأوكرانية الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
حصري: وزراء الصحة في الاتحاد الأوروبي يطالبون بتمويل الأدوية الحيوية من ميزانية الدفاع
في خطوة غير مسبوقة، دعا 11 وزيرًا للصحة بالاتحاد الأوروبي إلى توسيع نطاق صناديق الدفاع الجديدة لتشمل تمويل الأدوية الحيوية، بما يهدف إلى تعزيز الأمن الصحي ضمن الاستراتيجية الدفاعية الأوسع للاتحاد.
وفي مقال رأي نشره موقع "يورونيوز"، شدد الوزراء على ضرورة إدراج "قانون الأدوية الحرجة"، المقرر اقتراحه هذا الأسبوع، ضمن الجهود الأوروبية لتعزيز الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على مصادر خارجية.
ووقع على المقال وزراء الصحة في كل من بلجيكا، التشيك، قبرص، إستونيا، ألمانيا، اليونان، لاتفيا، ليتوانيا، البرتغال، سلوفينيا، وإسبانيا. وأكدوا أن دمج القانون ضمن إطار التمويل الدفاعي سيعزز قدرة الاتحاد الأوروبي على مواجهة الأزمات الصحية الطارئة، معتبرين أن "غياب الأدوية الأساسية يشكل تهديدًا مباشرًا للقدرات الدفاعية في أوروبا".
ويهدف الاقتراح إلى جعل "قانون الأدوية الحرجة" جزءًا من حزمة الدفاع الجديدة للاتحاد الأوروبي، بحيث يتم تمويله عبر الآليات المالية المخصصة للإنفاق الدفاعي. وأوضح الوزراء في مقالهم أن هذه الخطوة تندرج في إطار خطة "إعادة إعمار أوروبا"، والتي يُتوقع أن توفر 800 مليار يورو خلال السنوات الأربع المقبلة، وفقًا لما أقره قادة الاتحاد في القمة الاستثنائية التي عُقدت الأسبوع الماضي.
Relatedدراسة جديدة تكشف: أدوية السمنة قد تساعد في تقليل الرغبة في الكحول والتدخينقفزة قوية لأسهم شركة نوفو نورديسك الدنماركية: أرباح قياسية بفضل أدوية إنقاص الوزن"احذروا الأدوية المزيفة".. يوروبول تكشف عن تجارة بأكثر من 11.1 مليون يورو تهدد صحة الأوروبيينوتسعى الخطة إلى تعزيز الإنفاق الدفاعي والأمني للدول الأعضاء. كما ستوفر تمويلاً إضافيًا بقيمة 150 مليار يورو، ما يمكن المفوضية من الاقتراض وإصدار السندات لإقراض الدول الأعضاء، في إطار دعم استراتيجيات الاتحاد لضمان الأمن الصحي والدفاعي على حد سواء.
الصحة كقضية أمنيةيؤكد وزراء الصحة الأوروبيون أن اقتراحهم بتوسيع نطاق التمويل الدفاعي ليشمل الأدوية الحيوية يتماشى مع "قانون الإنتاج الدفاعي" الأمريكي، الذي يعتبر توريد الأدوية قضية أمن قومي.
ويتيح هذا القانون لحكومة الولايات المتحدة رسم خريطة لسلاسل الإمداد الدوائية الحرجة، ورصد نقاط الضعف، وتوجيه الاستثمارات نحو تعزيز الإنتاج المحلي. كما يمنحها صلاحية إصدار عقود ذات أولوية، تلزم الموردين بمنح الأفضلية للطلبات الحكومية لضمان استقرار الإمدادات.
وفي هذا السياق، شدد الوزراء على أن أوروبا لم يعد بإمكانها التعامل مع أمن الأدوية كمسألة ثانوية، محذرين من أن أي تهاون في هذا الملف سيشكّل إخفاقا خطيرا، قد يجعل اعتماد القارة على الأدوية الحيوية نقطة ضعف استراتيجية تهدد أمنها.
ويشكل اقتراح "قانون الأدوية الحرجة" إحدى الأولويات الصحية للمفوضية الأوروبية، إذ يستهدف معالجة النقص الحاد في الأدوية الأساسية، مثل المضادات الحيوية والأنسولين ومسكنات الألم، داخل الاتحاد الأوروبي. ويركز المشروع على الأدوية التي تواجه تحديات في التوريد، سواء نتيجة محدودية الشركات المنتجة أو الاعتماد على موردين معينين في دول محددة.
ويحذر المقال الافتتاحي من أن أوروبا، التي كانت في السابق رائدة في إنتاج الأدوية، باتت تعتمد على آسيا في تأمين 60-80% من احتياجاتها الدوائية. ويُشير إلى أن ذلك يجعل المنظومة الدوائية الأوروبية أكثر عرضة للمخاطر، خاصة في حال حدوث اضطرابات بسلسلة التوريد خلال الأزمات أو النزاعات.
وفي تحذير صارخ، شدد الوزراء على أن "انقطاع إمدادات المضادات الحيوية خلال أي صراع متصاعد قد يحوّل العمليات الجراحية الروتينية إلى إجراءات عالية الخطورة، وقد يحول الإصابات القابلة للعلاج إلى حالات خطيرة ومميتة".
الآثار المترتبة على ميزانيات الصحةقد يحمل الاقتراح تداعيات مالية على الإنفاق الصحي في أوروبا، خاصة في ظل الغموض الذي يكتنف مستقبل الميزانية المخصصة للصحة في الاتحاد الأوروبي خلال الدورة المقبلة.
وقد حصل برنامج EU4Health، الذي أُطلق استجابةً لجائحة كوفيد-19 على تمويل بقيمة 5.3 مليار يورو في البداية، وهو مبلغ كبير بالنظر إلى أن السياسة الصحية تظل في الأساس من اختصاص الدول الأعضاء. إلا أن التخفيضات الأخيرة في الميزانية، والتي شملت إعادة تخصيص مليار يورو من البرنامج للمساهمة في تمويل حزمة مساعدات لأوكرانيا، أثارت قلقًا واسعًا في القطاع الصحي الأوروبي.
وتشير المخططات الأولية لميزانية الاتحاد الأوروبي للفترة المقبلة إلى احتمال دمج التمويل المخصص للصحة مع صناديق أخرى، أو حتى إلغائه بالكامل، مما يزيد المخاوف بشأن الاستدامة المالية للقطاع الصحي الأوروبي.
Relatedاختفاء الأدوية من دور الرعاية في الدنمارك: مسح يكشف عن فقدانها في 38 منطقة منذ ربيع 2023بريطانيا تحظر أدوية مثبطات البلوغ.. حماية للأطفال أم تقييد حرية اختيار الهوية الجنسية؟لا تحارب السمنة فقط.. أدوية إنقاص الوزن قد تحدّ من مخاطر الإصابة بفشل القلبوفي المقابل، قد يتيح الاقتراح المطروح زيادة الإنفاق الصحي على المستوى الوطني عبر تخفيف القيود المفروضة على ميزانيات الدول الأعضاء، ما يسمح لها بزيادة الإنفاق دون التعرض لعقوبات مالية.
ومن الناحية العملية، يعني هذا أن الإنفاق الدفاعي، الذي قد يمتد ليشمل الأدوية الحيوية، بنسبة تصل إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة، سيكون معفى من قيود الإنفاق في الاتحاد الأوروبي لمدة أربع سنوات.
ويبقى السؤال مفتوحًا حول مدى تقبل المفوضية الأوروبية وأعضاء البرلمان الأوروبي لهذا الاقتراح، وما إذا سيُنظر إليه بجدية ضمن المفاوضات التشريعية المرتقبة حول قانون الأدوية الحرجة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية التعريفات الجمركية الأمريكية تهدد الاقتصاد الأيرلندي وقطاع الأدوية الأكثر تضررا الاتحاد الأوروبي يسرّع تشريع الأدوية الأساسية وشركات الأدوية تطالب بإعادة النظر في الجدول الزمني ماذا سيحدث لو توقف الملايين من مرضى الإيدز عن تناول الأدوية المضادة لفيروس نقص المناعة المكتسب؟ السياسة الأوروبيةمخدرات وعقاقيرميزانية الاتحاد الاوروبيالمفوضية الأوروبيةميزانية الصحة المالية