يعد عبد الرحمن عزام واحدًا من أبرز الشخصيات في تاريخ مصر الحديث، حيث جمع بين النضال ضد الاستعمار والعمل السياسي والدبلوماسي الرفيع. 

تنقل عزام بين ميادين القتال والسياسة والدبلوماسية، مما جعله أحد المؤثرين في تشكيل المشهد العربي خلال القرن العشرين.


من المقاومة إلى السياسة

ولد عبد الرحمن عزام عام 1893 في محافظة الجيزة، وشارك منذ شبابه في النضال ضد الاحتلال البريطاني، كان من أوائل المنضمين إلى “الحزب الوطني” بقيادة مصطفى كامل، كما شارك في حرب البلقان عام 1912 ضد الاستعمار، حيث تطوع للقتال إلى جانب العثمانيين ضد بلغاريا، مما أكسبه خبرة عسكرية وشعورًا عميقًا بأهمية التحرر الوطني.

بعد عودته إلى مصر، انضم عزام إلى الحراك الوطني ضد الاحتلال البريطاني، وشارك في ثورة 1919، حيث لعب دورًا في تنظيم المقاومة الشعبية، لكنه سرعان ما انتقل من النضال المسلح إلى العمل السياسي، مقتنعًا بأن تحقيق الاستقلال يتطلب بناء مؤسسات سياسية قوية ومؤثرة.

في صفوف الدبلوماسية والسياسة المصرية

دخل عبد الرحمن عزام البرلمان المصري عام 1924 ممثلًا عن محافظة الجيزة، وبرز كصوت وطني يدافع عن قضايا الاستقلال والعدالة الاجتماعية، تولى عدة مناصب حكومية، منها وزير الدولة في حكومة مصطفى النحاس، حيث عمل على تعزيز السياسة الخارجية المصرية.

إلى جانب عمله الحكومي، كانت له مساهمات قوية في القضايا العربية، حيث دعم ثورة فلسطين عام 1936 ووقف إلى جانب القوى الوطنية في الدول العربية الساعية للاستقلال.

عزام والجامعة العربية: من الدبلوماسية إلى الحلم العربي

في عام 1945، كان عبد الرحمن عزام أحد أبرز الشخصيات التي ساهمت في تأسيس جامعة الدول العربية، ليصبح أول أمين عام لها، خلال فترة قيادته، سعى إلى تحقيق التعاون العربي وتعزيز الوحدة، ودعم القضايا القومية مثل القضية الفلسطينية. كان من أشد المدافعين عن قرار إرسال الجيوش العربية إلى فلسطين عام 1948، ورغم الهزيمة، استمر في الدعوة إلى توحيد الصف العربي لمواجهة التحديات المشتركة.

موقفه من ثورة 1952 وعلاقته بالضباط الأحرار

عندما اندلعت ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة الضباط الأحرار، رحّب بها عزام باعتبارها خطوة نحو الاستقلال الكامل لمصر، لكنه لم يكن جزءًا من النظام الجديد، حيث فضّل التفرغ للعمل الدبلوماسي والمساهمة في الفكر السياسي العربي.

بعد الثورة، اتجه عزام إلى العمل الفكري وكتابة المذكرات، حيث ركز على رؤيته لمستقبل الوحدة العربية وأهمية التضامن بين الدول الإسلامية.

إرثه وتأثيره في السياسة المصرية

يعتبر عبد الرحمن عزام أحد الشخصيات التي جمعت بين النضال والممارسة السياسية والدبلوماسية، مما جعله نموذجًا لرجل الدولة الذي سعى لتحقيق الاستقلال والتعاون العربي. 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: السياسة الاستعمار تاريخ مصر الحديث المشهد العربي المزيد

إقرأ أيضاً:

بين حمدوك وسر الختم الخليفة: سنعبر

3 نوفمبر 2021
(توقف عند ملاحظة دولة 56 بعد ثورة أكتوبر مزنوقة من جماهير الهامش زنقة الكلب اللحس الخمارة. وتقول لي ترباس مشلخ"
قلت للدكتور حمدوك، رئيس الوزراء، في لقاء بالزوم إنك عقدت مقارنة بين ثورة أكتوبر وثورة ديسمبر من جهة عاصمية الأولى وإقليمية الثانية لم اتفق معك فيها. ولكن المقارنة التي صحت عندي وهي أنك ما تزال رئيس وزراء الثورة لم تستقل كما فعل سر الختم الخليفة، رئيس مجلس وزراء ثورة أكتوبر. وهي استقالة طلبها منك الحلفاء ربما قبل الأعداء ربما. ولا تفعلها.
بدا لي أن العسكريين، بعد أن خاب فألهم في انقلابهم، يريدون إعادة إنتاج سر الختم الخليفة الذي كان على رأس تشكيلين وزاريين مختلفتين في أكتوبر ١٩٦٤. فأجمع الناس عليه في الوزارة التي تشكلت بعد الثورة مباشرة في أول نوفمبر ١٩٦٥ ثم استقال بضغط من الثورة المضادة كما سنرى ليشكل حكومة مختلفة جداً في فبراير ١٩٦٥. فبدا لعسكري اليوم، واسطة عقد الثورة المضادة في منصة القصر، أنه ربما أن دولتهم باطلة بغير حمدوك. فأرادوا منه بالمفاوضات الجارية أن يشكل حكومة ثانية بشروطهم كما فعل الخليفة في حكومته الثانية.
كانت ثورة أكتوبر قد انقسمت في الرأي والفعل إلى منصتين. استعصمت جبهة الهيئات، رأس قائدة الثورة، في نادي أساتذة جامعة الخرطوم بينما اجتمعت قوى الثورة المضادة، التي ضمت حزب الأمة والوطني الاتحادي والإخوان المسلمين، في قبة الإمام المهدي. وحملت منصة القبة على جبهة الهيئات، التي نسبوها للشيوعيين مرة واحدة، بهمة، بل بكفاءة عالية. وكان أكثر ما أرقهم قيام وزارة غلب فيها المهنيون والعمال والمزارعون بينما لم ينل أي حزب كبر أم صَغُر، سوى مقعد وزاري. وانزعج النادي السياسي التقليدي لتلك "البدعة" التي خشي أن تكون سنة فينا.
وحملت منصة القبة على الحكومة والجبهة والشيوعيين حملة بلغت من التصنع الشرس حداً أضطر معه الخليفة للاستقالة في ١٥ فبراير ١٩٦٥. وجاء في استقالته رضاؤه بما قامت به حكومته، ولم ينقض على قيامها ثلاثة أشهر ونصف الشهر، في تنفيذ برنامجها الانتقالي. وأشار إلى دبيب الشقاق بين الأطراف التي وقّعت على ميثاق الثورة. فهناك من رأى الحكومة حادت عن الطريق المرسوم ومن يراها التزمت به. وخلص إلى أن هذا الخلاف أفسد الجو السياسي. وعليه رأى الخليفة أن يستقيل "حرصاً على مصلحة البلاد وسلامتها وعلى تجنيب أبنائها الشقاق والخلاف الحاد". ورأى في ذلك حلاً يتيح للأطراف المتنازعة أن تعيد النظر في ميثاق الثورة، وسبل تنفيذه فيما تبقى من فترة الحكومة الانتقالية. وقبل مجلس السيادة الاستقالة وكلفه بالبقاء رئيساً للوزراء وتشكيل حكومة جديدة.
وكانت جريدة "الميدان"، الناطقة باسم الحزب الشيوعي، قد تساءلت عن ذلك التهديد لسلامة المواطنين الذي اضطر رئيس الوزراء للاستقالة. وهو سؤال معروف ب"البلاغي" لأن الميدان كانت تعرف الإجابة. فما حمل رئيس الوزراء على الاستقالة كان تحشيد حزب الأمة لقوى الأنصار من الأرياف لتعرض بقوة، وبالقوة، مطلبها أن تستقيل حكومة الثورة الأولى لانحرافها عن مسارها في زعمهم. وقد شهدت بنفسي رتلاً من السيارات عليها أنصار غلاظ شداد تطوف شوارع الخرطوم. وقيل إنها كانت بقيادتها السيد الأصم. ولن يكون استعراض الأنصار لعضلهم السياسي في فبراير ١٩٦٥ الأخير في بابه. فقد عادوا في نوفمبر من نفس السنة ليفرضوا بالقوة حل الحزب الشيوعي. وسمى أستاذنا عبد الخالق محجوب إحداق الأنصار بدار حزبه، وتعديهم على أعضائه، ب"عنف البادية".
ووجدت عند المؤرخة الذربة الدكتورة فدوى عبد الرحم على طه أفضل تصوير لاستعراض العضل الأنصاري في فبراير ١٩٦٥ الذي آثر بعده رئيس الوزراء السلامة للوطن بالاستقالة. فحل حكومة الثورة الأولى. قالت:
تفاقم الأمر بالتهديد بقدوم حشود من الأنصار إلى الخرطوم من النيل الأبيض وكردفان والنيل الأزرق. ففي اليوم الرابع من فبراير ١٩٦٥ امتلأت العاصمة بآلاف من الأنصار الذين وفدوا من الأقاليم وهددوا الحكومة وطالبوا باستقالتها. وطافت الحشود شوارع الخرطوم مطالبة بإنقاذ البلاد من سيطرة جبهة الهيئات والشيوعيين وتكوين حكومة جديدة تعبر عن المصلحة الوطنية العليا. وأصدر أحمد المهدي في يوم ١٦-٢-١٩٦٥ بياناً قال فيه بأن لحزب الأمة "القدرة على تغيير الحكومة، إلا أنهم يفضلون حلاً مدنياً لحل الأزمة السياسية بالبلاد. وإن لم ينجح ذلك الحل السياسي فسيجد حزب الأمه نفسه مجبراً على استخدام القوة". وكرر عبد الله عبد الرحمن نقد الله سكرتير عام الحزب ذات التهديد بجلب الأنصار من مناطق نفوذ الحزب بالأقاليم.
واختلف أمران هذه المرة. لقد زين الأنصار منصة ثورة اليوم بوجودهم الغزير من فوق نضال مستميت بقيادة الإمام الصادق المهدي لديكتاتوريات تعاقبت، وضرجت الوطن. أما الأمر الثاني ففينا حمدوك الذي عززته الجماهير الحدادي مدادي يوم ٣٠ أكتوبر لحماية الانتقال الديمقراطي. لسنا أقلية نحن هذه المرة.

ibrahima@missouri.edu

   

مقالات مشابهة

  • رئيس حزب العربي الناصري يصل إلى مقر حفل الإفطار السنوي لأبناء قنا والأقصر والقبائل العربية
  • البرلمان العربي ينوه بالإسهامات التي حققتها المرأة العربية على كافة الأصعدة
  • النساء في السليمانية يرفعن أصواتهن: يوم المرأة العالمي محطة النضال والتغيير (صور)
  • ثورة صينية نواتها الثوريوم
  • بين حمدوك وسر الختم الخليفة: سنعبر
  • ياسر سعيد عرمان مناضل من طراز فريد
  • قمة العملات المشفرة غدا في أمريكا .. ما المرتقب؟ محلل اقتصادي يوضح
  • قمة العملات المشفرة غدا في أمريكا ما الذي نترقبه؟.. محلل اقتصادي يوضح
  • غدا.. أول قمة رسمية مخصصة للعملات الرقمية في البيت الأبيض