عادات وتقاليد رمضان بالقاهرة في العصر المملوكي
تاريخ النشر: 9th, March 2025 GMT
يُعتبر العصر المملوكي في مصر (1249: 1517) من أزهى العهود التي شهدت إحياء سلاطين المماليك للفنون والعمارة وحب العلم والعلماء والميل إلى التقوى والورع وحب الخير والتقرب إلى الله بكثرة الأعمال الخيِّرة كبناء المساجد والمآذن ودور العلم والزوايا والأضرحة وأماكن تناول الطعام للفقراء «الخنقاة»، والمشافي والمصحات.
وفي عهد المماليك بلغتِ العناية بالاحتفال بشهر رمضان حدًّا لا يُوصف تفوقوا فيه على مَن سبقهم وجاء بعدهم بسبب كثرة العادات والتقاليد المرتبطة بالشهر الكريم حتى كانت ليالي رمضان غاية في الأبهة والفخامة. وقد وُصفت مصر في عهدهم بسحر الشرق، لأنه كان عصر العلم والفن والأدب، بل عصر التدين لاهتمام سلاطين المماليك ومنهم قايتباي وبيبرس وبرقوق وقنصوه الغوري وأبو الدهب وغيرهم من السلاطين والأمراء والموسرين بالاحتفال بالمناسبات والأعياد الدينية. وتدل العمارة التي تركوها على عظمة هذا الفن وذوقه الرفيع في حينه، وقد اهتم المماليك بالمظاهر الاجتماعية وعرفوا حياة الترف والنعيم والبذخ حتى جاءت احتفالاتهم بمظاهر رائعة وبخاصة في شهر رمضان كاستطلاع الهلال عندما كان يجتمع الفقهاء من خلال منارة مدرسة المنصور قلاوون بالنحاسين وعند ثبوت الهلال يعودون مع المقربين من أصحاب المهن والطوائف حاملين الفوانيس والشموع التي تتزين بها القاهرة بأزهى أنواع الزينات ثم تُعلن الطوائف الصيام، وبعدها يجلس السلطان في الميدان تحت القلعة ويتقدم إليه القضاة الأربعة الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة وكبار رجال الدولة لتهنئته بدخول شهر رمضان.
وقد ارتبط شهر رمضان في عهد المماليك بالكثير من المظاهر الاحتفالية ومنها إقامة المراسم الدينية وإحياء الليالي في الأضرحة ولدى الأولياء وإقامة ليالي السهر وانتشار التزاور بين الناس وانتشار الأطعمة المميزة التي كانوا يُعِدونها لهذا الشهر كالكنافة والقطايف، وكانتِ الحلوى الرمضانية تباع بأنواعها المختلفة في سوق الحلاوين، وتباع الشموع في سوق الشماعين، وإعداد السحور ومدفع الإفطار ورؤية الهلال والاحتفال الخاص بليلة القدر التي كان يقام لها احتفال كبير يحضره السلطان أو الوالي والقضاة والعلماء ومشايخ وطلاب الأزهر ويتم خلالها توزيع الجوائز. ويُؤْثر عنهم أنهم أول مَن فكر في قراءة صحيح البخاري من اليوم الأول في رمضان بالجامع الأزهر ويتم ختمه في العشر الأواخر من الشهر الكريم أو في ليلة العيد يحضره السلطان والقضاة الأربعة ويتم توزيع الخلع والهبات على العلماء والفقهاء وطلبة الأزهر والأيتام والأرامل والمرضى والمهاجرين.
ويقال أيضًا إنهم أول من رصدوا في حجج أوقافهم العقارات والأطيان الزراعية وخصصوا من ريعها جزءًا للصرف منه في شهر رمضان على وجوه البر والإحسان وتعمير المساجد ولإقامة الشعائر الدينية ومساعدة الفقراء والأرامل والأيتام، ثم جزءًا آخر للأئمة وخطباء المساجد وطلبة العلم ومشايخ التصوف. كما اعتاد سلاطين المماليك إعتاق ثلاثين عبدًا في رمضان، وكانوا أول مَنِ استخدم المشكاوات التي تميزت بالفن والثراء الزخرفي الذي لا يضاهيه فن في الإضاءة ليلاً وبخاصة إضاءة المساجد طوال ليالي شهر رمضان، وقد اشتُق اسم مشكاة من القرآن الكريم. وخلال الشهر الكريم عبر عهود المماليك كانت تُقدَّم كميات كبيرة من الأطعمة والمأكولات المختلفة وتقدم إلى الشعب كالدقيق والسكر والياميش والذبائح التي كان يتم توزيع معظمها على الفقراء والمساكين، وكانت تنتشر خلال الشهر الكريم أيضًا الأسمطة وموائد الرحمن أمام المساجد وفي بيوت الأمراء من أجل الفقراء. ومن أشهر السلاطين الذين ضربوا مثالاً في الخير وحب الإنفاق السلطان بيبرس والسلطان برقوق الذي كان ميَّالاً للبر والإنفاق ويوزع الذبائح على الفقراء والمحتاجين، وقد بلغت كمية السكر التي قُدمت من جانب السلطان محمد ابن قلاوون سنة 775 هجرية 3000 قنطارًا تم توزيعها على الفقراء والمحتاجين ليصبح المماليك (ورثة الدولة الأيوبية ومن قبلها الفاطمية) أشهر مَن أدخل الكثير من المظاهر الاحتفالية للمناسبات الدينية في مصر وبخاصة في شهر رمضان، ظل الكثير منها باقيًّا في مصر وبخاصة في القاهرة وأحيائها التراثية والشعبية إلى يومنا هذا.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: رمضان عادات وتقاليد العصر المملوكي الشهر الکریم شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
رئيس مقاطعة مرس السلطان يعلق على إعفاء السلطات مديرا عينه بودريقة
أصدر والي جهة الدار البيضاء سطات، محمد مهيدية، قرارا بإعفاء مدير مقاطعة مرس السلطان. وجاء هذا القرار بناء على تقرير تم رفعه إلى الوالي من طرف عامل المنطقة، بخصوص تعليل أسباب إعفائه من مهمة إدارة المقاطعة.
وحسب مصادر تقرر، مؤخرا، إنهاء استفادة المدير المعفى من التعويض عن المهام (1000 درهم)، إلى جانب التعويض الجزافي الشهري عن استعمال سيارته الخاصة (2000 درهم).
وتشير المصادر إلى أن المعني بالأمر كان مديرا خلال فترة تولي محمد بودريقة رئاسة مقاطعة مرس السلطان، والذي سبق أن تم عزله من منصبه قضائيا بسبب انقطاعه عن مزاولة مهامه. وهناك مطالب بفتح تحقيق حول شبهة وجود اختلالات إدارية كانت تتم في عهد بودريقة.
يذكر أن بودريقة معتقل حاليا في ألمانيا منذ يوليوز الفائت، بعد توقيفه في مطار هامبورغ بناءً على مذكرة بحث دولية صادرة عن السلطات الإسبانية، وذلك على خلفية الاشتباه في تورطه في معاملات مالية غير قانونية.
إلى ذلك، جرى تعيين موظف آخر وهو تقني بسلم 11 مديرا بالنيابة للمقاطعة ذاتها، في انتظار استكمال مساطر إدارية لتعيين منصب مدير مقاطعة مرس السلطان.
في المقابل، أوضح رئيس مقاطعة مرس السلطان محمد التويمي بنجلون، لموقع « اليوم24″، أنه لم يتمكن من الاطلاع على تفاصيل التقرير الذي قدمه العامل وأدى إلى إعفاء مدير المقاطعة. مشيرا إلى وجود تساؤلات حول احتمال وجود شبهة اختلالات إدارية في المقاطعة قبل توليه منصب رئاسة المقاطعة، لكنه يؤكد أنه لا يستطيع الجزم بصحة هذه التساؤلات في الوقت الحالي.
كما لفت رئيس المقاطعة إلى وجود صعوبات في التواصل مع المدير السابق بسبب كثرة غياباته، عن المصلحة وذلك قبل إعفائه. وفي سياق آخر، أشاد بالكفاءات الموجودة داخل مقاطعته، والتي تستحق التقدير بحسبه، موضحا، أنه لا توجد أية استقالات من طرف الموظفين سوى استقالة موظف واحد لأسباب مهنية تخصه.
كلمات دلالية إدارة الدارالبيضاء بودريقة جماعات