ليس تفضلا.. كيف يكون الرفق بالفقير سبيل نجاتك؟
تاريخ النشر: 9th, March 2025 GMT
ومن خلال استحضار نصوص قرآنية وأحاديث نبوية وقصص واقعية، تؤكد الحلقة أن التعامل مع الفقراء ليس مجرد فعل خيري، بل اختبار إيماني يُحدد مصير الإنسان في الآخرة، مستعرضة حكمة الإسلام في ترسيخ قِيم الرحمة والتكافل.
وبدأت الحلقة بتساؤل صادم لشخص لم تظهر ملامحه "أحس أن الفقراء نصابون.. كيف أصدقهم؟"، ليجيب الشيخ الكندري عبر قصة رمزية عن "اليد الخشبية" التي شاهدها في أوروبا، والتي تذكّره بأيدي الفقراء الممدودة بصمت، قائلا "اليد العليا (المنفقة) خير من اليد السفلى (السائلة)".
واستدل الدكتور عبد الرحمن الحرمي، ضيف الحلقة، بآية "وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ"، مؤكدا أن المال أمانة إلهية، وأن الصدقة دليل على يقين العبد برزق الله.
وحذّر من وساوس الشيطان التي تُعظّم قيمة المال في نفس الغني، وتُشعره بالخوف من الفقر، داعيا إلى تجاوز الشكوك "لا ترد السائل.. أعطه ولو 10 ريالات بابتسامة".
الرفق النفسيوكشفت الحلقة عن جانب مُغيّب في التعامل مع الفقراء، وهو "الرفق النفسي"، حيث عرضت قصة امرأة فلسطينية لاجئة في الأردن تعيل ابنتها المعاقة جسديّا وعقليّا منذ 44 عاما، وابنها الآخر ذو العشرين عاما المصاب باضطراب عقلي.
إعلانوقال الحرمي "هؤلاء يذكروننا بأن ابتلاءاتنا صغيرة.. فكر فيمن يربط ابنه ليلا خوفا من أن يؤذي نفسه وأخته"، ولفت إلى أن الابتلاءات ليست عقابا، بل اختبارا لحكمة إلهية، مستشهدا بقصة خرق السفينة الواردة في سورة الكهف.
وتناولت الحلقة مفهوم الصدقة الشامل في الإسلام، الذي لا يقتصر على المال، بل يشمل الكلمة الطيبة والابتسامة وإماطة الأذى.
وروى الكندري قصة شاب تبرع بـ11 ألف ريال لعلاج طفل مريض بعد اتصال مؤثر، قائلا "الله يستخدمك أحيانا دون أن تدري.. كن قناة للخير".
وشدّد الحرمي على أن التعامل بلطف مع الفقير -حتى عند عدم القدرة على العطاء- يُعيد التوازن النفسي له، داعيا إلى تجنب الوعد الكاذب "لا تعد ببناء بيت إلا إذا كنت جادا.. فخيبة الأمل تدمر الفقير".
التوازن الاجتماعيوأجاب البرنامج عن سؤال وجود الفقر في العالم بقوله تعالى "وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا"، موضحا أن التفاوت في الرزق يخلق توازنا اجتماعيّا، ويذكّر الأغنياء بمسؤوليتهم تجاه الفقراء.
واستشهد الكندري بحديث "اتقوا النار ولو بشق تمرة"، مؤكدا أن إطعام المسكين سبب للنجاة من النار، حتى لو كان التصدق بكلمة طيبة.
واختتمت الحلقة بقصة مؤثرة عن امرأة عجوز في بوركينا فاسو، لم تمتلك سوى غرفة طينية متداعية، وبعد بناء منزل جديد لها، دعت للقائمين على المشروع بالسلامة، وبعد أسابيع، نجا فريق العمل من حادث تحطم طائرة، ليربط الحرمي بين الدعاء والنجاة، قائلا "الفقراء قليلوا ذنوب.. دعواتهم مستجابة".
ويدعو البرنامج في حلقته "رفقا بالفقراء" إلى إعادة تعريف الرحمة، والنظر إليها عبر ابتسامة تعيد الأمل، وكلمة تشعر الفقير بإنسانيته، وصدقة تحرر الغني من شُحّ نفسه، وفي هذا يقول الكندري "الرفق بالفقير ليس تفضلا بل هو حق له وواجب عليك".
إعلان 9/3/2025-|آخر تحديث: 9/3/202512:49 ص (توقيت مكة)المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
التشخيص عبر الإنترنت.. هل يُغنيك تيك توك عن زيارة الطبيب النفسي؟
إذا كنت تعاني من مشكلة صحية غير محددة، فالمعتاد أن تذهب إلى الطبيب ليُجري التشخيص. على الأقل، هذا ما كان يحدث في الماضي. أما اليوم، في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أصبح التشخيص الذاتي -وخصوصا فيما يخص الأمراض النفسية- أمرا شائعا.
على منصات مثل تيك توك وإنستغرام، يشارك الأشخاص تجاربهم في تشخيص أنفسهم باضطرابات مثل الوسواس القهري وفرط الحركة وتشتت الانتباه "إيه دي إتش دي" (ADHD) أو التوحد، علما بأن التوحد ليس مرضا نفسيا. ويصف كثيرون أعراضهم ويسردون معاناتهم، ويشجع بعضهم الآخرين على فعل الشيء نفسه.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2في انتظار تقدير لا يأتي.. "متلازمة تيارا" التي تصيب النساء في العملlist 2 of 2الضوضاء البيضاء.. تساعد على النوم ولكنها خطيرة وضارةend of listتم تداول موضوعات الصحة النفسية على وسائل التواصل الاجتماعي منذ فترة. حيث يقوم مرضى -من بينهم مؤثرون ومشاهير لديهم جمهور واسع- بنشر مقاطع فيديو يتحدثون فيها عن اضطراباتهم، كما ينشر علماء النفس والمعالجون النفسيون محتوى متخصصا في مجالاتهم.
سواء كان الأمر يتعلق بفرط الحركة أو التوحد أو الاكتئاب أو غير ذلك، فإن نتائج البحث ذات الصلة تظهر سريعا عبر الإنترنت، وأحيانا يكفي تمرير سريع على الشاشة لتظهر تلك المحتويات.
يرى المعالج النفسي المقيم في برلين، أوموت أوزدمير، وهو أيضا كاتب ومحاضر وناشط على وسائل التواصل، أن مساهمة وسائل التواصل في كسر وصمة العار حول الأمراض النفسية بين الشباب تُعد أمرا إيجابيا.
إعلانويقول: "في بعض الأحيان لا يدرك الشخص أنه قد يعاني من مرض نفسي حتى يرى شيئا ما على وسائل التواصل".
ويضيف: "عليك أولا أن تدرك أنك لا تشعر كما يشعر الآخرون، وأن ما كنت تعتقد أنه طبيعي ليس طبيعيا على الإطلاق"، مشيرا إلى أنه إذا لم يكن لديك شكوك، فلن تفكر أصلا في زيارة معالج نفسي.
على سبيل المثال اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه "إيه دي إتش دي"، يقول أوزدمير إن الإحصائيات تشير إلى أن عدد الحالات المشخصة في ازدياد، ليس لأن الاضطراب أصبح أكثر شيوعا، بل لأن الناس أصبحوا أكثر دراية بأعراضه: "الناس أصبح لديهم الآن فرصة للتثقيف الذاتي، ومن خلال وسائل التواصل أيضا".
ويضيف أن عددا متزايدا من الأشخاص يأتون إلى عيادته وهم يظنون أنهم يعانون من حالة نفسية ما. ويقول: "هذا يدل على أنهم يطرحون الأسئلة الصحيحة ولا يتجاهلون الأمر"، لكنه يشدد على أن التشخيص النهائي يجب أن يصدر عن مختص، فالتشخيص الذاتي غالبا ما يكون عرضة للخطأ.
ويتابع: "من ناحية، هو تشخيص شخصي وذاتي، ومن ناحية أخرى، يفتقر عادة إلى الخبرة المهنية التي تميز بين التشخيصات المختلفة لأعراض متشابهة".
ولهذا فهو ينتقد الأشخاص الذين يطالبون بمعاملة خاصة بناء على افتراض لم تؤكده جهة طبية متخصصة. ويقول: "في أسوأ الحالات، يمكن أن يتوقف الشخص عند هذا الافتراض ولا يتقدم خطوة إلى الأمام".
ويحذر أيضا الدكتور بوركهارد رودك، الأمين العام للجمعية الألمانية لطب الأطفال والمراهقين "دي جي كي جيه" (DGKJ)، من مخاطر الاعتماد على وسائل التواصل كمصدر للمعلومات الطبية.
ويقول إنه رغم أن وسائل التواصل لا يجب رفضها كمصدر للمعلومات، فإن "المشكلة تكمن في غياب البحث الدقيق، ونادرا ما يتم التمييز بين الحقائق والآراء".
ويضيف أن المراهقين تحديدا يفتقرون إلى الخبرة التي تُمكّنهم من التفرقة بين المعلومة الدقيقة والرأي الشخصي، مشيرا إلى أن هناك مصادر موثوقة -حتى لغير المتخصصين- مثل الجمعيات الطبية والإرشادات الرسمية حول الأمراض.
إعلانكما يوصي أوزدمير بالتعامل النقدي مع مصادر المعلومات، قائلا: "الكثير من الناس ركبوا موجة الاهتمام بالصحة النفسية مؤخرا"، ويضيف: "أشعر أحيانا أننا نعيش في بلد الجميع فيه خبراء نفسيون".
ويشير رودك إلى مشكلة أخرى: "جميعنا نبحث عن المعلومات ونحن منحازون"، أي أننا نميل إلى قراءة ما نود سماعه فقط. ويقول إن "الإدراك دائما ذاتي"، ولهذا فإن وجود شخص محايد وذي خبرة أمر مهم جدا عند التشخيص.
ويضيف: "لكن لا بأس من البحث المبدئي قبل زيارة الطبيب أو المعالج".
ومع تزايد الإقبال على العلاج النفسي، أصبح من الصعب حجز جلسات علاجية. ويقول أوزدمير إن الحصول على موعد أولي -حيث يمكن إصدار تشخيص مبدئي- لا يزال سهلا نسبيا، لكن الدخول في برنامج علاجي قد يستغرق وقتا طويلا.
إذا كان الطفل أو المراهق يعاني بشكل واضح من حالة نفسية مفترضة، ينصح رودك الآباء بالتحدث مع طبيب الأطفال، وهو ما قد يساعد في تقصير فترة الانتظار للحصول على جلسة علاجية.
لكن كلا من رودك وأوزدمير ينتقدان نقص الأماكن المتاحة للعلاج، وهي مشكلة كثيرا ما يُشار إليها عبر وسائل التواصل وقد تكون من أسباب اللجوء للتشخيص الذاتي.
ومن العوامل الأخرى التي تدفع البعض لتصديق تجارب "مرضى" على وسائل التواصل، أن البحث العلمي والتشخيصات غالبا ما تركز على فئات محددة. خذ مثلا اضطراب فرط الحركة، الذي كان يُعتقد في السابق أنه مشكلة تخص الأولاد فقط. والآن نعلم أن الفتيات المصابات به يظهرن سلوكيات مختلفة عن الأولاد.
يقول أوزدمير: "أتفهم أن الأقليات يأخذون بعضهم البعض على محمل الجد عندما يقارنون تجاربهم"، لكنه يضيف: "لحسن الحظ هناك تطور في البحث العلمي وهذه الثغرة معروفة".
وفي النهاية، يؤكد أن الأهم بعد التشخيص الذاتي هو الخطوة التالية. "إذا كنت بحاجة إلى علاج، فلن تتمكن من تجنّب تشخيص احترافي".
إعلان