كيف يعيد دونالد ترامب إحياء الأسطورة الأمريكية المتعلقة بـ الحدود؟
تاريخ النشر: 9th, March 2025 GMT
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريراً ناقشت فيه كيفية استغلال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أسطورة "الحدود" في الخطاب السياسي الأمريكي، مستحضراً روح التوسع التاريخي للولايات المتحدة لتبرير طموحاته الجيوسياسية وتبرير انتهاكاته المختلفة للمعايير الأخلاقية، مثل محاولته ضم غرينلاند.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه وفي 4 آذار/مارس، وخلال خطاب أمام الكونغرس، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسالة تهديدية قال فيها: "إلى شعب غرينلاند الرائع"، هذا "الإقليم الكبير جدًا" الذي يحتاجه الأمريكيون "لأمنهم الدولي": "أعتقد أننا سنحصل عليه بطريقة أو بأخرى، سنحصل عليه.
وأشارت الصحيفة إلى أن الطموحات التوسعية المتكررة لترامب سواء تجاه غرينلاند، أو كندا أو قناة بنما يمكن تفسيرها من خلال مبررات اقتصادية وجيوسياسية واضحة. لكن هذه الطموحات تتصل أيضًا بخيال وطني قديم: أسطورة "الحدود"، التي تجعل من أمريكا دولة لا تتوقف عن توسيع أراضيها.
ترامب وأسطورة الحدود
وذكرت الصحيفة أنه من الصعب تخيل شخصية أبعد عن أسطورة "غزو الغرب" من دونالد ترامب، الذي وُلد مليارديرًا في نيويورك ويمتلك شقة فاخرة في قمة ناطحة سحاب، وكان معروفًا حتى ذلك الحين بتركيزه على تعزيز الحدود الجنوبية للبلاد بجدار.
ومع ذلك، صرح ترامب في خطاب تنصيبه: "روح الحدود مكتوبة في قلوبنا"، مؤكدًا أن "دعوة المغامرة الكبرى المقبلة" تدوي في أعماق نفوسنا. وأضاف أن أسلاف الأمريكيين حولوا مجموعة صغيرة من المستعمرات على حافة قارة شاسعة إلى جمهورية قوية تمتد على آلاف الكيلومترات عبر أرض وعرة.
وفي 14 كانون الثاني/يناير، نشر إريك تيتسل، نائب رئيس مركز تجديد أمريكا، مقالًا في مجلة "World"، حيث وضع اقتراح ترامب بشأن غرينلاند في تقاليد "المستكشفين الذين يواجهون المصاعب في السعي وراء حياة أفضل". وقال تيتسل في مقاله: "لسنوات طويلة، كانت السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة مدفوعة بمطلب السيطرة على مصيرنا من محيط إلى آخر. ترامب يعيد إحياء هذه الروح".
أسطورة الحدود والتاريخ الأمريكي
ووفقا للصحيفة؛ تعتبر "نظرية الحدود" التي وضعها المؤرخ فريدريك جاكسون تيرنر في 1893 أحد الركائز الأساسية في الفهم الأمريكي للهوية الوطنية. حيث يعتبر أن استعمار الحدود الأمريكية كان حاسمًا في تشكيل ثقافة الديمقراطية الأمريكية وتميزها عن الدول الأوروبية.
ويعرض تيرنر الغرب وأوروبا كقوى متعارضة، حيث يسعى الأول نحو الحرية، بينما الثاني يسعى للسيطرة عليها. مشيراً إلى أن "الديمقراطية الأمريكية لم تولد من حلم نظري؛ لقد وُلدت من الغابة وزادت قوتها كلما وصلت إلى حدود جديدة".
وافترضت فرضية تيرنر أن التحليل التاريخي يتجاوز ليأخذ طابع الأسطورة منذ طرحها: "الغرب هو منبع الشباب السحري الذي يعيد شباب أمريكا"، كما قال في خطاب له عام 1896، إلا أن أسطورة الحدود قد تم استبدالها بصورة قوية أخرى ناتجة عن الحرب العالمية الثانية، مثل أمريكا زعيمة العالم الحر".
الحدود كاستراتيجية سياسية
وأفادت الصحيفة أن جون كينيدي، في خطاب تنصيبه كمرشح ديمقراطي في 1960، استخدم صورة "الحدود الجديدة"، للإشارة إلى مجالات العلم والفضاء، وقضايا السلام والحرب، والفقر.
وفي عام 1993، قال الرئيس بيل كلينتون "الاقتصاد العالمي هو حدودنا الجديدة". من جانبه، استخدم ترامب هذه الصورة في أبسط صورها، كما يراها ريتشارد سلوتكين: أمريكا التي ازدهرت من خلال التوسع غير المحدود والبحث عن الطاقة الأحفورية.
وكتب المؤرخ غريغ غراندين في مجلة نيويورك تايمز. "يبدو أنه يعلم أن القومية الغاضبة والمنطوية على نفسها التي سمحت له بالوصول إلى السلطة قد تكون مدمرة ذاتيًا".
وفي عام 1787، كتب جيمس ماديسون: "وسّعوا الأراضي، وسوف تضعفون التطرف السياسي وتمنعون الصراع الطبقي"، فيما قال توماس جيفرسون في 1805: "كلما كانت أمتنا أكبر، قلّ تأثير النزاعات المحلية".
ترامب رجل الحدود
وأضافت الصحيفة أن ترامب، الذي يعيد صياغة صورته من خلال أسطورة الحدود، يستخدم هذه الصورة لتبرير خروجه عن القواعد الأخلاقية والقانونية.
كما تلاحظ عالمة الاجتماع أولينا ليبنيك، فإن تضمين ترامب في هذه الأسطورة حوّل غموضه الأخلاقي إلى دليل على أصالة بطل الحدود، حيث يتم تصوير "رجل الحدود" كرمز للاستقلال والفردية.
لكن هذه الصورة تتجاهل الحقيقة التاريخية بأن التوسع في الغرب تم بفضل دعم حكومي، من خلال بناء السكك الحديدية وحماية الجيش. ورغم ذلك، لا تزال هذه الصورة تجد صدى في بعض الأوساط، مثل وادي السيليكون، حيث يموّل رجال الأعمال مشاريع تهدف إلى الهروب من القيود المفروضة من قبل الديمقراطيات الليبرالية.
نحو حدود جديدة: الفضاء
ونوهت الصحيفة إلى أنه بالنسبة لترامب، فإن غرينلاند تمثل مجرد بداية نحو "حدود" جديدة، وهي الفضاء. وقد صرح في خطابه الافتتاحي: "سنتبع مصيرنا المحتوم حتى النجوم"، في إشارة إلى عقيدة "القدر المتجلي" التي استخدمها الأمريكيون في القرن التاسع عشر لتبرير الاستعمار الأبيض لأمريكيا الشمالية، وألهمت سياسات أدت إلى إبادة السكان الأصليين.
واختتمت صحيفة "لوموند" تقريرها بالتأكيد على قول ريتشارد سلوتكين أن فكرة ترامب تظل ثابتة: "من غرينلاند إلى كندا، ومن غزة إلى الفضاء؛ نستولي على هذه الأرض البدائية، وسنجعلها جنة، كل ما عليكم فعله هو طرد السكان الأصليين منها".
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية ترامب الولايات المتحدة ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دونالد ترامب هذه الصورة من خلال فی خطاب
إقرأ أيضاً:
ترامب يلوح بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب أوكرانيا
في تطور لافت، وبعد ساعات من لقائه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش جنازة البابا فرانسيس في الفاتيكان، ألمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأول مرة إلى تحول في موقفه من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا.
وأشار إلى نيته فرض عقوبات اقتصادية ثانوية على موسكو، ومشككًا في نوايا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما انتقد بشدة استهداف المدن الأوكرانية وسقوط الضحايا المدنيين.
وعرضت نشرة الأخبار التي يقدمها الإعلاميان همام مجاهد وداليا نجاتي عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، تقريرا بعنوان "رغم دعمه الكبير لبوتين.. ترامب يلوح بفرض عقوبات على روسيا".
اللقاء بين ترامب وزيلينسكي، الذي جرى بعيدًا عن أعين المساعدين، نال اهتمامًا إعلاميًا واسعًا، ووصفه البيت الأبيض بأنه كان "مثمرًا للغاية"، في تباين واضح عن اللقاء السابق بين الطرفين في واشنطن في فبراير الماضي، والذي سادته أجواء توتر.
وقال زيلينسكي في تصريحات أعقبت اللقاء إنه ناقش مع ترامب سبل التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل وغير مشروط، مشيرًا إلى أن اللقاء كان إيجابيًا وركّز على تحقيق سلام دائم يحول دون تجدد الحرب مستقبلًا.
وفي سياق الجهود الدبلوماسية نفسها، أجرى زيلينسكي لقاءين منفصلين على هامش الجنازة: الأول مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، حيث تم التأكيد على ضرورة الحفاظ على الزخم الإيجابي في محادثات السلام، والثاني مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي شدد على ضرورة مواصلة المساعي لتحقيق تسوية سلمية في أوكرانيا.
على الجانب الآخر، أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الموفد الأمريكي ستيف ويتكوف استعداده للتفاوض بشأن إنهاء النزاع، لكن دون شروط مسبقة.
وجاء هذا التصريح متزامنًا مع إعلان وزارة الدفاع الروسية استعادة السيطرة الكاملة على منطقة كورسك من القوات الأوكرانية، مؤكدة طرد من وصفتهم بـ"فلول" الجيش الأوكراني، ومواصلة عمليات التمشيط بحثًا عن عناصر متوارية، بالتوازي مع إطلاق عملية لإعادة الحياة إلى طبيعتها في المقاطعة.