تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مع اقتراب الحرب الأهلية في السودان من عامها الثالث، أصدرت الأمم المتحدة تقريرًا مروعًا يوضح بالتفصيل العنف الجنسي الواسع النطاق الذي يؤثر على الأطفال، وبعضهم لا يتجاوز عمره عامًا واحدًا. ووفقًا لوكالة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، استهدفت الجماعات المسلحة الأطفال بانتهاكات مروعة، ما أضاف إلى الخسائر البشرية المدمرة بالفعل للصراع المستمر.


يكشف التقرير، أن مقدمي الرعاية الصحية في السودان سجلوا ٢٢١ حالة اغتصاب منذ بداية عام ٢٠٢٤. ومن بين هؤلاء الضحايا، كانت ١٤٧ فتاة و٧٤ صبيًا، وكان أصغرهم يبلغ من العمر عامًا واحدًا فقط. ويؤكد التقرير على الطبيعة الوحشية للعنف، حيث تعرض العديد من الأطفال للاغتصاب الجماعي، ما تركهم مصابين بجروح جسدية خطيرة وندوبًا نفسية.
وتركت بعض الناجيات في حالة شبه فاقدة للوعي، مغطاة بالدماء، بعد أن اختارهن رجال مسلحون للعنف الجنسي. لم يتم انتهاك العديد من الأطفال فحسب، بل أصيبوا أيضًا بفيروس نقص المناعة البشرية وغيره من الأمراض المنقولة جنسياً. تسلط هذه الاكتشافات المؤلمة الضوء على الطبيعة المنهجية للعنف الجنسي في الصراع.
لقد صدمت تيس إنجرام، المؤلفة الرئيسية لليونيسف، والتي قضت أسابيع في مقابلة الناجين، بالصدمة المستمرة التي يواجهها هؤلاء الأطفال. وأوضحت: "قد يعتقد بعض الناس أن الرعب والمعاناة ينتهيان عندما ينتهي الاغتصاب، لكن هذا ليس هو الحال، وخاصة في السودان". تُرك الناجون، وكثير منهم من الأطفال، للتعامل مع صدمتهم في مجتمع حيث تجبرهم الوصمة الثقافية المحيطة بالعنف الجنسي على اتخاذ خيارات مستحيلة حول ما إذا كانوا سيكشفون عن معاناتهم أم لا.
العبء الثقافى للصمت 
يسلط التقرير الضوء ليس فقط على الخسائر الجسدية والعاطفية لهذه الفظائع، بل وأيضًا على العواقب الاجتماعية التي يواجهها الناجون. في السودان، تتحمل الناجيات من العنف الجنسي في كثير من الأحيان وطأة الوصمة والعار، في حين يفلت الجناة من العقاب إلى حد كبير. ويتعين على الناجيات أن يقررن ما إذا كن سيكشفن عن إساءتهن لأسرهن ومجتمعاتهن، مع العلم أن القيام بذلك قد يؤدي إلى النبذ الاجتماعي أو ما هو أسوأ.
وحذرت "إنجرام" على التأثير المدمر لهذه الديناميكية الثقافية، مشيرة إلى أنه في السودان، "الناجيات وليس الجناة هم من يتحملون العبء الثقافي المتمثل في الوصمة والعار المرتبطين بالاغتصاب". وهذه الوصمة الثقافية تعزل الناجيات، مما يجعل تعافيهن أكثر صعوبة ويجعلهن عرضة لمزيد من الضحايا.
وتواجه بعض الناجيات، بما في ذلك الفتيات الصغيرات، صدمة إضافية تتمثل في الحمل غير المرغوب فيه الناتج عن الاغتصاب. وروت "إنجرام" قصة إحدى الناجيات، التي اختارت بعد أن حملت نتيجة للاغتصاب تربية طفلها بمفردها بدلاً من تعريض طفلها للأهوال التي تحملتها. ومع ذلك، رفضت الملاجئ استقبال المرأة الحامل، ولا يزال الطفل، الذي يبلغ من العمر الآن ثمانية أشهر، بلا مأوى. يعكس هذا الوضع الكئيب الافتقار الأوسع إلى الدعم للناجين في السودان.
التكلفة البشرية للصراع 
اتسمت الحرب الأهلية في السودان، التي اندلعت في أبريل ٢٠٢٣، بالعنف العرقي والقتل الجماعي واتهامات بالإبادة الجماعية. وأودى الصراع بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وشرّد أكثر من ١١ مليون شخص. ووجدت بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة في عام ٢٠٢٤ أن كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية ارتكبت أعمال عنف جنسي، حيث تم تحديد قوات الدعم السريع وحلفائها كمرتكبين في غالبية الحالات.
في حين كان التركيز الأساسي للحرب على المواجهات العسكرية، فإن الاستخدام المنهجي للعنف الجنسي كسلاح في الحرب كان مدمرًا للمدنيين، وخاصة الأطفال. تواصل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية مثل اليونيسف دق ناقوس الخطر بشأن الانتهاكات الواسعة النطاق، لكن الاستجابة الشاملة لا تزال بعيدة المنال.
والوضع في السودان يشكل أزمة إنسانية خطيرة، تتفاقم بسبب انتشار العنف الجنسي ضد الأطفال وغيرهم من الفئات الضعيفة. ويدعو تقرير اليونيسيف إلى الاهتمام الدولي العاجل والتحرك لمعالجة وباء العنف الجنسي في السودان. ويتعين على المجتمع الدولي أن يحمل الجناة المسؤولية وأن يوفر للناجين الدعم الذي يحتاجون إليه بشدة. إن الناجين من العنف الجنسي لا يحتاجون فقط إلى الرعاية الطبية والنفسية، بل يحتاجون أيضاً إلى الدعم الاجتماعي لمساعدتهم على إعادة الاندماج في مجتمعاتهم والتعافي من الصدمة التي تحملوها.
وعلاوة على ذلك، لا بد من بذل جهود متضافرة لوقف الحرب وتقديم المسؤولين عن هذه الفظائع إلى العدالة. ويتعين على المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة، أن يعمل على ضمان عدم تعرض أطفال السودان لمثل هذا العنف المروع ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: السودان يونيسيف الأطفال الأمم المتحدة العنف الجنسی فی السودان

إقرأ أيضاً:

التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” يدين الجريمة التي ارتكبها الدعم السريع بامدرمان وأدت لمقتل 31 مواطنا

يدين التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” بأشد العبارات الجرائم البشعة التي ترتكبها قوات الدعم السريع، عقب نشرها مقطع فيديو يؤكد فداحة وفظاعة الجرائم المرتكبة في حرب الخامس عشر من أبريل، و أظهر الفيديو مجموعة من الشباب بالزي المدني، زعمت القوات أنهم يتبعون لسلاح المهندسين، قبل أن تقوم بإطلاق وابل من الرصاص عليهم، مما أدى إلى مقتلهم، بشكل بشع ووحشي.
ويعد هذا الفعل انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي ولكافة القوانين والأعراف التي تحمي حقوق الإنسان في أوقات النزاعات المسلحة.
كما يجدد التحالف إدانته لاستهداف معسكرات النازحين ومحطات الكهرباء بولايات الشمالية ونهر النيل، معتبرًا أن هذه الاعتداءات تساهم في تعميق المأساة الإنسانية وتدمير ما تبقى من مقومات الحياة في البلاد.
وفي هذا السياق، يدعو تحالف “صمود” مجددًا أطراف النزاع إلى تحكيم صوت العقل ووقف هذه الحرب فورًا ودون إبطاء، ويناشد الأسرة الدولية والإقليمية بتكثيف جهودها لتنسيق الدعم الإنساني ومعالجة الكارثة المتفاقمة في السودان.
كما يدعو كافة أبناء وبنات الشعب السوداني إلى توحيد الصفوف وحشد الطاقات من أجل ترجيح كفة جهود السلام ووقف نزيف الدم، فبلادنا تنهار، وشعبنا يموت كل يوم جراء حرب وحشية إجرامية تتسع رقعتها وتطال كل جزء من وطننا الجريح.
اللجنة الإعلامية
27 أبريل 2025 م  

مقالات مشابهة

  • السودان.. الدعم السريع يشن قصفا عنيفا على الفاشر
  • إيران.. ارتفاع حصيلة ضحايا انفجار ميناء رجائي إلى 46 قتيلا و1242 جريحا
  • مجزرة الصالحة: تصعيد خطير في السودان
  • التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” يدين الجريمة التي ارتكبها الدعم السريع بامدرمان وأدت لمقتل 31 مواطنا
  • قصص من واقع حرب السودان.. فواجع وصمود وسط الدمار
  • السودان: المُسيّرات التي استهدفت عطبرة حديثة وفّرتها للمليشيا راعيتها الإقليمية
  • انتحار إحدى ضحايا الاغتصاب المدعيات على الملياردير إبستين والأمير أندرو
  • تصاعد حدة معارك السودان.. قتلى بهجمات «الدعم السريع» على نهر النيل
  • مئات المصابين وعدة ضحايا في سلسة انفجارات بميناء جنوبي إيران
  • اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع