الفيديوهات المنشورة أمس الأثنين الموافق 21 أغسطس 2023 بعد اقتحام قوات الدعم السريع أجزاء من مباني سلاح المدرعات بالشجرة. والتي رآها العالم أجمع تظهر تعرض مواطنين مدنيين سودانيين للاعتقال والتعذيب على أيدي القوات المسلحة السودانية (SAF)، وأظهرت الفيديوهات إفادات مثيرة للقلق لبعض الضحايا تعرضوا للاعتقال والتعذيب وإساءة المعاملة من بينها؛ التعذيب البدني حد القتل والتعذيب النفسي والضرب والتجويع والصعق بالكهرباء والحرمان من حقوقهم الطبيعية مثل الاتصال بذويهم وتلقي الخدمات العلاجية.

وكانت آثار الضرب بادية على أجسادهم المتورمة، مع جروح بليغة في جميع أنحاء أجسامهم نتيجة تعرضهم للضرب والتعذيب حتى الموت. ومعروف لقادة القوات المسلحة السودانية بأن السودان موقع ومصادق على: اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة، الميثاق الأفريقي، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وأن التعذيب محظور ومحرم في جميع الظروف بمقتضى القانون الدولي، وكذلك بموجب القانون السوداني.
لذلك يقع على عاتق قيادة الجيش وضع حد لأساليبهم الوحشية في تعذيب وقتل المدنيين، واعتقال المواطنين دون توجيه اتهام؟ كما ينبغي عليهم إدانة سلوك منسوبيهم علناً، إلى جانب إجراء تحقيق فعال عن الدوافع والملابسات والإفصاح عن ماهية المعتقلين الآخرين (المفقودين) والإفراج عنهم دون إبطاء! والتحقيق حول المزاعم إعتقال المواطنين وفق الهويات الإثنية أو الجهوية أو العرقية او السياسية؟ وتقديم المسؤولين عنها لمحاكمات علنية ذات مصداقية طبقاً لمقتضيات القانون الدولي؟
الفيديوهات تأكد من حيث الشكل أن المقبوض عليهم لا علم لهم بما تم في حقهم وفق الضوابط المحددة وفقا لصحيح القانون . أما من حيث القانون كفلت الوثيقة الدستورية المادة (45/1) أن (لكل شخص الحق في الحرية والأمان ولا يجوز اخضاع أحد للقبض أو الحبس ولا يجوز حرمانه من حريته أو تقييدها إلا لأسباب ووفقاً لإجراءات يحددها القانون). وتمثل الوقائع التي سردها الناجين مخالفة لما كفله الدستور والقانون وكذا المواثيق والمعاهدات الدولية والاتفاقيات التي وقعتها حكومة السودان وصادقت عليها جميعاً.
وأن توقيف الجيش لمواطنين مدنيين دون عرضهم للأجهزة المختصة بالإشراف والرقابة على مدى قانونية تلك الإجراءات على مستوى الدولة والمنصوص عليها وفق قانون النيابة العامة وقانون الإجراءات الجنائية يمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين المذكورة وتعدي سافر على سلطات النائب العام؛ الأمر الذي يجرد تلك الإجراءات من أي حماية قانونية بل يقتضي مسائلة من قاموا بذلك. وان سلطة التحفظ على الأشخاص كإجراء احترازي تنعقد فقط للنيابة أو المحكمة وحتى هذا الأجراء تسبقه مراحل تتسم بضمان حقوق المقبوض عليهم ولا تقرر إلا بعد التحريات المؤكدة لوقوع المخالفة.
لكل ما ذكر، والمعروف عن القوات المسلحة السودانية (SAF) واستخباراتها لها سجلاً حافلاً بالاعتقالات التعسفية وتعذيب النشطاء السياسيين والحقوقيين والمجموعات العرقية في المناطق المهمشة دونما خشية من أي عقاب بحصانة كاملة للأفراد، لذلك يجب علينا إرغام الفاعلين من وقف هذه الممارسات. يتعين على المجتمع الدولي اتخاذ موقف قوي ضد أعمال التعذيب المستمرة التي يمارسها الجيش والفاعلين الآخرين. ويجب على الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومجلس حقوق الإنسان وضع تدابير منسقة لضمان والوفاء بالتزاماته الدولية وأن يبين للسودان أن المصادقة على الاتفاقيات الدولية والإقليمية ليست مجرد التزامات على الورق.

ابوهريرة عبدالرحمن
مدافع حقوقي
22/أغسطس 2023

abuhreira@kacesudan.org  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

يجب منح الجهاز صلاحيات جديدة تتناسب مع حالة الحرب وتتلاءم مع طبيعة المهددات الأمنية التي تهدد السودان

بعد سقوط البشير واستقالة صلاح قوش ومن بعده جلال الشيخ، تغولت الاستخبارات العسكرية على ملفات جهاز المخابرات وسيطرت على معظم موارده، وتقاسمته مناصفة مع الدعم السريع، الاستخبارات على المعلومات والتحليل والقرار، والدعم السريع على المقار والموارد الفنية..

تحول جهاز المخابرات إلى جسد بلا روح، يتم ابتزازه سياسياً من قبل قحت بماضيه وانتماءات منسوبيه لنظام الإنقاذ. كثير من عناصره انحنوا للعاصفة، فمنهم من تم إقالته ومنهم من دخل في حالة كمون وانتظار ومنهم من طاوع الحكام الجدد وأدار ظهره لولائه السابق ومنهم من قاوم مشروع الحكم الجديد بممانعة صامتة..

كان الهدف بعد سقوط البشير وبعد حادثة هيئة العمليات أن تكون السيطرة الكاملة لصالح الاستخبارات العسكرية، وكان الرأي الغالب لدى قيادات الجيش أن يدار الجهاز بواسطة ضباط من داخل المؤسسة العسكرية، مثل الفريق جمال عبد المجيد. لم تنجح التوجهات الجديدة لأسباب تتعلق بعدم دراية هؤلاء الضباط بطبيعة الثقافة المؤسسية الطاغية على عمل الجهاز وبطبيعة العمل الأمني في شقه المدني ولغياب الرؤية المشتركة بين الضباط القادمين من الجيش مع الشباب الذين تخرجوا من مؤسسة الجهاز، بالإضافة لتعدد الولاءات داخل الجهاز نفسه بين ولاءات تقليدية وولاءات حديثة مرتبطة بالعناصر المدخلة من قبل مجموعة حميد-تي والنظام الجديد ..

صحيح لم يستطيع حميدتي ابتلاع الجهاز كلياً، لكنه أحدث فيه اختراقات عميقة وخلق حالة من الاهتزاز الداخلي جعله جهاز فاقد للفعالية ومكبل بعزلة سياسية وحالة عداء شعبي مرتبط بديسمبر والخطابات الميدانية الرافضة لعناصره. فحالة الهياج الشعبي الرافض للجهاز ولعناصره وظفها حميدتي لجعل دور الجهاز محصور فقط في جمع المعلومات وتكبيل اي خطوات وقائية يمكن أن يقوم بها وحصرها فقط على الد-عم السريع ..

الأن وبعد قيام الحرب ومع بدء الجهاز في استعادة توازنه وفك قيود التكبيل التي مارسها عليه حميد-تي، يجب على قيادة الدولة أن تسمح بإعادة جهاز الأمن إلى عمله وفق هيكلة جديدة تعيد له صلاحياته الفنية في التحليل والتأمين والتحرك خاصة في الأحياء السكنية وملء الفراغ الاستخباراتي داخل المدن. المطلوب هو فك الارتباط والتداخل بين استخبارات الجيش والجهاز ، خصوصاً على الملفات الأمنية ذات البعد المدني وترك إدارتها للجهاز ، مع زيادة التنسيق بينهم بعيداً عن التعامل مع الجهاز بنظرة ديسمبرية قللت من فعاليته وساهمت في تهميشه. يجب منح الجهاز صلاحيات جديدة تتناسب مع حالة الحرب وتتلاءم مع طبيعة المهددات الأمنية التي تهدد السودان .
حسبو البيلي
#السودان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • غضب يمني عارم إزاء تمادي العدو الأمريكي في استهداف المدنيين والأحياء السكنية:الفعاليات الوطنية تحمّل الأمم المجتمع الدولي مسؤولية صمتها على الانتهاكات الجسيمة بحق الشعبين الفلسطيني واليمني
  • طيران الجيش السوداني يقصف «بارا» وسط مخاوف على المدنيين
  •  مصر والسودان.. قرارات جديدة بشأن سحب وإعادة الجنسية
  • المجتمع الدولي وإدمان الفشل حول السودان
  • جيش جنوب السودان يستعيد بلدة رئيسية من الجيش الأبيض
  • مجلس النواب يدين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العدوان الأمريكي في حي وسوق فروة بالعاصمة
  • مؤتمر لندن.. ما هي مجموعة الاتصال الدولية التي أراد تشكيلها
  • يجب منح الجهاز صلاحيات جديدة تتناسب مع حالة الحرب وتتلاءم مع طبيعة المهددات الأمنية التي تهدد السودان
  • التقدمي معزيا الجيش: لضرورة وقف العدو لكل انتهاكاته وانسحابه من النقاط الخمس التي احتلّها
  • لا تتوقع أن بانتصار الجيش وتحرير كل السودان ستنتهي المؤامرة