تجدد حرائق الأصابعة.. لغز غامض يثير الجدل بين تفسير العلم والخرافة
تاريخ النشر: 8th, March 2025 GMT
في قلب مدينة الأصابعة، تتصاعد ألسنة اللهب، مخلفة وراءها دمارًا واسعًا وأسرًا منكوبة تبحث عن إجابا، في مشهد حرائق متكررة أصبح هاجسًا للسكان الذين يتساءلون: ما السبب الحقيقي وراء هذه الكارثة المستمرة؟
وفي ظل غياب تفسير علمي واضح، تتراوح الفرضيات بين الأسباب البيئية والتدخل البشري، بل وحتى التفسيرات الغيبية التي زادت من حالة الذعر ونسبت تلك الكارثة إلى الجن.
وسط هذه الفوضى، تتحرك الجهات الرسمية لمحاولة السيطرة على الوضع، لكن عدم تحديد مصدر الحرائق يجعل جهود الإطفاء مجرد محاولة لاحتواء الأزمة دون حل جذري لها.
استمرار الحرائق وتدخل فرق الإطفاء
أكد الناطق باسم هيئة السلامة الوطنية، باسم أرحومة، أن فرق الهيئة تعاملت مساء الجمعة مع حريق جديد نشب في غرفة خارجية بأحد المنازل بمدينة الأصابعة.
وأوضح أن غرفة العمليات تلقت بلاغًا فور اندلاع النيران، لتتحرك فرق الإطفاء إلى الموقع والسيطرة على الحريق دون تسجيل أي خسائر بشرية.
ورغم الجهود المبذولة، لم تكن هذه الحادثة معزولة، إذ إن مدينة الأصابعة تشهد سلسلة من الحرائق المتفرقة منذ أكثر من أسبوعين، دون التوصل إلى الأسباب الحقيقية وراء اندلاعها. هذه الحوادث المتكررة جعلت الأهالي يعيشون حالة من القلق والخوف، خاصة مع عجز الجهات المختصة عن تقديم تفسير نهائي لما يحدث.
تعويضات للمتضررين
أصدر وزير الحكم المحلي بحكومة الوحدة قرارا يقضي بتشكيل لجنة لتعويض المواطنين المتضررين من الحرائق في بلدية الأصابعة، برئاسة وكيل الوزارة لشؤون البلديات، وعضوية ممثلين عن المجلس الأعلى للإدارة المحلية، وجهاز المباحث الجنائية، وبلدية الأصابعة، إضافة إلى مدير إدارة المشروعات.
كما خصص مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية مبلغ 70 مليون دينار ليبي كتعويض للمتضررين، في خطوة تهدف إلى التخفيف من معاناة الأهالي الذين فقدوا منازلهم وممتلكاتهم.
استمرار المساعدات الإنسانية
في ظل تفاقم الأوضاع، يواصل فريق العمليات بفرع الهيئة الليبية للإغاثة في يفرن جهوده لدعم العائلات المتضررة، حيث تم تنفيذ عمليتي توزيع للمساعدات الإنسانية، شملت 34 عائلة سودانية و37 عائلة ليبية، بدعم من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وتضمنت المساعدات أغطية ومواد أساسية تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية للأسر المتضررة. وأكدت الهيئة الليبية للإغاثة استمرارها في متابعة الأوضاع الإنسانية، والتنسيق مع الشركاء المحليين والدوليين لضمان توفير الدعم المناسب.
لا تفسير واضح حتى الآن
أكد عميد بلدية الأصابعة، عماد المقطوف، أن الحرائق مستمرة، مشيرًا إلى تسجيل نحو 160 منزلاً متضررًا، مع انخفاض في وتيرة الحرائق خلال الساعات الأخيرة. ورغم ذلك، يظل القلق مسيطرًا على السكان، خاصة مع عدم صدور أي تقارير رسمية من فرق الخبراء حول الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة.
وأضاف المقطوف أن لجنة إدارة الأزمات وصلت إلى المدينة مزودة بالمعدات والأجهزة اللازمة لمواصلة التحقيقات، كما تم توجيه طلب رسمي إلى وزير الحكم المحلي للاستعانة بخبراء دوليين للكشف عن ملابسات هذه الحرائق الغامضة.
جدل سياسي وانتقادات لحكومة الوحدة
في سياق متصل، انتقد المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش طريقة تعامل حكومة الدبيبة مع الأزمة، واصفًا إياها بـ”العشوائية والتخبط”. واعتبر المرعاش أن تصريحات وزير التعليم العالي، عمران القيب، التي ربطت بين الحرائق وغاز الميثان “غير منطقية وتكشف عن عدم سيطرة الحكومة على وزرائها”.
من جانبه، دعا عضو مجلس الدولة الاستشاري، منصور الحصادي، إلى ضرورة الاستعانة بخبراء دوليين، محذرًا من أن التفسيرات غير العلمية تزيد الوضع تعقيدًا. كما شدد على أهمية الشفافية في التعامل مع الأزمة، وتضافر جهود جميع الجهات المعنية للوصول إلى حل نهائي.
روايات متضاربة
في ظل غياب تقرير رسمي، تعددت الفرضيات حول أسباب اندلاع الحرائق، ومنها:
1. ماس كهربائي: حيث يرجح البعض أن التوصيلات الكهربائية الرديئة قد تكون سببًا في اندلاع النيران.
2. تسرب غاز الميثان الذي يشبه صفات الجن: وهو التفسير الذي أثار جدلاً واسعًا بعد أن تحدث عنه وزير التعليم العالي، لكنه لم يستند إلى أي دراسات علمية مؤكدة.
3. عمل تخريبي: يشير البعض إلى احتمال وجود أطراف تسعى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، خاصة مع تكرار الحرائق في أوقات متفرقة وأماكن مختلفة.
4. عوامل غيبية: انتشرت بين الأهالي شائعات تفيد بأن “الجن” وراء هذه الحرائق، مما زاد من حالة الهلع في المدينة.
المؤسسات الدينية تتدخل
مع تصاعد الجدل، وجهت الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية بحكومة الوحدة الوطنية المشايخ والوعاظ إلى مدينة الأصابعة لتعزيز الوعي الديني بين الأهالي.
وأكدت الهيئة على أهمية الالتجاء إلى الله بالدعاء والتوكل عليه في مواجهة المحن، مشيرة إلى أن التفسيرات الغيبية لا يجب أن تشغل الناس عن السعي لإيجاد حلول علمية وعملية.
الحصيلة الأولية للأضرار
وفق الإحصائيات الأولية، تضرر أكثر من 160 منزلًا بسبب الحرائق، لكن لم يتم تسجيل خسائر بشرية مباشرة، باستثناء بعض حالات الاختناق والإصابات الناجمة عن محاولات الفرار من الحرائق.
وتعاني البلدية من نقص شديد في معدات الإطفاء، حيث لا تملك سوى سيارة إطفاء واحدة، مما جعل جهود مكافحة الحرائق محدودة، ودفع السلطات إلى طلب الدعم من فرق الإطفاء في المناطق المجاورة.
مجلس النواب يطالب بتحقيق عاجل
طالب مجلس النواب حكومة أسامة حماد بتكثيف الجهود العاجلة لإغاثة المتضررين، كما دعا المؤسسة الوطنية للنفط ومجلس التخطيط الوطني إلى تقديم الدعم الفني والتقني للتحقيق في أسباب الحرائق.
وأكد المجلس أن تأخر الاستجابة لهذه الكارثة الإنسانية يفاقم من معاناة الأهالي، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان عدم تكرار هذه الحوادث مستقبلاً.
استمرار التحقيقات
في ظل غموض الأسباب، تواصل الفرق المختصة من جهاز المباحث الجنائية والهيئة العامة للبحث العلمي تحقيقاتها، وسط ضغوط متزايدة من الجهات السياسية والمجتمع المدني لكشف الحقيقة.
ويبقى السؤال الأهم: هل ستتوصل الجهات المعنية إلى السبب الحقيقي وراء هذه الحرائق، أم ستظل مدينة الأصابعة عالقة بين تفسيرات العلم والخرافة؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف الحقيقة.
المصدر: صحيفة الساعة 24
كلمات دلالية: مدینة الأصابعة
إقرأ أيضاً:
عبور طائرة نتنياهو فوق دول أوروبية دون اعتقاله يثير الجدل
استنكر حقوقيون وناشطون عبور طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فوق دول أوروبية، مثل فرنسا وكرواتيا وإيطاليا، دون تنفيذ مذكرة الاعتقال الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية بحقّه بتهم ارتكاب جرائم حرب، وسط اتهامات بتواطؤ هذه الدول مع ممارسات الاحتلال ضد الفلسطينيين في غزة.
وكانت وكالة "سند"، التابعة لشبكة الجزيرة، قد رصدت إقلاع الطائرة الإسرائيلية الحكومية التي تقل نتنياهو، من العاصمة المجرية "بودابست" أمس الأحد نحو العاصمة الأميركية واشنطن، بحسب بيانات ملاحية من موقع "فلايت رادار" المتخصص في تتبع حركة الطائرات.
وعَبَرت الطائرة، من طراز "بوينغ 767" تحمل رقم التسجيل (4X-ISR)، المجال الجوي لكرواتيا وإيطاليا وفرنسا، وجميعها دول موقعة على "معاهدة روما"، وملزمة بموجب القانون الدولي بتنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، الذي صدَر في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وتُعد تلك الدول الثلاث طرفا في المحكمة الجنائية الدولية، وموقعة على نظام روما الأساسي، وإذا لم تمتثل لقرار المحكمة، يمكن لها أن "تحيل المسألة إلى جمعية الدول الأطراف أو إلى مجلس الأمن إذا كان مجلس الأمن قد أحال المسألة إلى المحكمة"، بموجب المادة 87 من نظام روما.
إعلانيُذكر أن الطائرة الإسرائيلية التي تُقلّ نتنياهو كانت قد هبطت بالمجر في الثاني من أبريل/نيسان، في تحدٍ لقرار المحكمة الجنائية، مما دفع الحكومة المجرية لاحقا إلى إعلان انسحابها من اتفاقية روما، ورفضها تسليم نتنياهو.
وقال المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية في أيرلندا "ستيفن بوين": إنه "لأمر مفجع أن نرى القادة الأوروبيين غافلين بدلا من تأمين اعتقاله، وبقدر ما تستطيع الدول رفض تصريح التحليق لنتنياهو، فيجب عليها أن تفعل ذلك. لا يمكننا السماح بأن تكون سماء أوروبا ملاذا آمنا للهاربين من العدالة الدولية".
1/4 Responding to reports that Prime Minister Netanyahu’s plane was about to leave Budapest, Stephen Bowen, Executive Director Amnesty Ireland noted: “This wanted man can not leave Hungary without travelling through the sovereign territory or airspace of many European countries.
— Amnesty Ireland (@AmnestyIreland) April 6, 2025
ودوّنت الكاتبة إل سي كريس تقول إن "نتنياهو سافر مباشرة من المجر إلى الولايات المتحدة لمقابلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهذا مجرم حرب مطلوب دوليا، يسافر بحرية عبر معظم أنحاء العالم الغربي. يا له من عارٍ مُطلق".
There's no such thing as international law, it's a fiction never meant to apply to western nations and their clients. https://t.co/B8ocm6ZQ1Z
— Shrill by Mouth (@Iskesullas) April 7, 2025
وغرّد أحدهم: "لا يوجد شيء اسمه القانون الدولي، فهو مجرد خيال لم يتم وضعه لينطبق على الدول الغربية وعملائها".
واستذكر متابعون اضطرار طائرة رئيس بوليفيا للهبوط في النمسا عام 2013، بعد أن رفضت فرنسا والبرتغال فتح مجاليهما الجويين للطائرة، للاشتباه في أنها تحمل على متنها مسرب المعلومات الاستخباراتية الأميركي إدوارد سنودن.
إعلانوغرد أحدهم: "يبدو وقتا مناسبا للتذكير عندما أُجبرت طائرة إيفو موراليس على الهبوط في النمسا في عام 2013، لمجرد الاشتباه في إيوائها إدوارد سنودن".
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن طائرة نتنياهو اتخذت مسارا زاد من طول الرحلة بنحو 400 كيلومتر في رحلتها من المجر لأميركا، لتجنب التحليق فوق الدول الأوروبية الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية التي قد تنفذ أمر المحكمة باعتقاله، مثل أيرلندا وآيسلندا وهولندا.
وبهذا الشأن، قال الكاتب والصحفي علي أبو نعمة: "نتنياهو لن يجرؤ على زيارة دول لا يستطيع ولا يُسمح له بالتحليق فوقها، رغم تواطؤ حكوماتها في مجازره الجماعية المستمرة، وتؤكد صحيفة هآرتس أنه تجنب التحليق فوق دول يخشى أن يُعتقل فيها، وهذا يعني أنه حصل على ضمانات من شريكيه في الإبادة الجماعية، إيمانويل ماكرون وجورجيا ميلوني، بأنه آمن ومرحب به في فرنسا وإيطاليا".