الشبكة السورية لحقوق الإنسان تنشر تقريرها بشأن العملية الانتقالية بسوريا
تاريخ النشر: 8th, March 2025 GMT
دعت الشّبكة السورية لحقوق الإنسان إلى إنشاء هيئة حكم انتقالي في سوريا برئاسة الرئيس أحمد الشرع، كخطوة أساسية ضمن خريطة طريق تفضي إلى التعددية السياسية في بلد خرج لتوه من حكم دكتاتوري استمر عقودا.
وفي سياق التحول السياسي الجذري الذي شهدته سوريا عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، قدمت الشبكة الحقوقية رؤيتها لتحقيق العدالة الانتقالية والمشاركة السياسية ومقومات نجاح المرحلة الانتقالية، وذلك في تقرير أصدرته اليوم الخميس.
يشدد التقرير، الصادر في 6 مارس/آذار الجاري، على أنَّ المرحلة الانتقالية تمثل منعطفا حاسما في إعادة تشكيل النظام السياسي، ويتوقف نجاح هذه المرحلة على بناء مؤسسات قوية، وإرساء قواعد دستورية واضحة تُكسب العملية الانتقالية الشرعية، فضلا عن تحقيق توافق وطني يُعزز الاستقرار ويحول دون الانزلاق في صراعات جديدة.
ويتطلب تحقيق انتقال سياسي ناجح مواجهة تحديات رئيسة، أبرزها:
ضعف مؤسسات الدولة والتفكك الإداري. تراجع الثقة بين مكونات المجتمع. التدخلات الخارجية والمصالح الإقليمية والدولية. الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. الانتقال من الشرعية الثورية إلى نظام سياسي تعددي. إعلان خريطة الطريقوضع التقرير تصورا للمرحلة الانتقالية يقوم على 5 خطوات:
الأولى: تشكيل هيئة حكم وتكون برئاسة أحمد الشرع. الثانية: إصدار إعلان دستوري مؤقت ينظم المرحلة الانتقالية. الثالثة: تشكيل حكومة انتقالية تعمل على إعادة بناء مؤسسات الدولة. الرابعة: صياغة دستور جديد يضمن الحقوق والحريات الأساسية. الخامسة: إجراء انتخابات حرة ونزيهة تكفل مبدأ التداول السلمي للسلطة.وأكد التقرير على ضرورة الانتقال من الشرعية الثورية إلى التعددية السياسية وفق نهج مدروس قائم على إعادة هيكلة الدولة، وضمان مشاركة فاعلة لمختلف القوى الوطنية، وترسيخ أسس الحكم الرشيد.
واعتبر تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن تشكيل هيئة الحكم يعد الخطوة الأولى نحو الانتقال السياسي التعددي، فهي تضمن عملية تحول منظمة وشاملة، ويمهد الطريق نحو استقرار مؤسسي حقيقي.
ويمثل تشكيل هيئة حكم انتقالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، خطوة أساسية نحو تحقيق الاستقرار وإعادة بناء الدولة، لعدة أسباب رئيسة، من بينها تعزيز الشرعية السياسية محليا ودوليا، ودعم آليات العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، والتمهيد لإرساء حكم ديمقراطي مستدام، وكسب دعم المجتمع الدولي لإعادة الإعمار والاستقرار.
وشدد التقرير على ضرورة اختيار أعضاء هيئة الحكم الانتقالي وفق معايير صارمة تشمل الكفاءة، والنزاهة، والشرعية الثورية، مع ضمان تمثيل لجميع الأطياف السياسية والمجتمعية. وأكد أيضاً أهمية اعتماد آليات شفافة لاختيار الأعضاء، تشمل مشاورات موسعة بين القوى السياسية والجهات الفاعلة، بالإضافة إلى تشكيل لجان مستقلة للتحقق من مؤهلات المرشحين وضمان توزيع المقاعد وفق معايير سياسية وجغرافية عادلة.
وطالب التقرير بضرورة أن تتمتع هيئة الحكم الانتقالية بصلاحيات واضحة ومحددة، لمنع إعادة تمركز السلطات، وأن يتم تشكيلها ضمن جدول زمني محدد يوازن بين سرعة التنفيذ وفعالية المشاورات السياسية. وأكد أنَّ المجتمع الدولي يمكن أن يلعب دورا داعما دون التدخل المباشر، عبر تقديم المساعدة الفنية واللوجستية لتعزيز نجاح المرحلة الانتقالية.
إعلان الإعلان الدستوريفيما يتعلق بالإعلان الدستوري، يرى التقرير أنَّ ضرورة أن يتضمن بنودا واضحة لحماية الحقوق الأساسية لجميع المواطنين، بما في ذلك الحريات المدنية والسياسية، مثل حرية التعبير والتجمع والتنظيم السياسي، وحظر جميع أشكال التمييز على أساس العرق، أو الدين، أو الجنس، أو التوجه السياسي.
وكذلك ضمان الحق في اللجوء إلى القضاء، والحق في المشاركة السياسية، وإنشاء الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية لمتابعة قضايا المساءلة والمصالحة.
كما شدد التقرير على أهمية تضمين الإعلان الدستوري خريطة طريق واضحة لإصلاح المؤسسات الأمنية، وآليات مرنة لتعديل الإعلان الدستوري، بحيث يكون قادرا على الاستجابة للتحديات المستجدة خلال المرحلة الانتقالية.
تشكيل الحكومة الانتقالية
أشار التقرير إلى أنَّه بعد إقرار الإعلان الدستوري، تبدأ مرحلة جديدة تركز على تشكيل حكومة انتقالية تتولى إدارة شؤون البلاد، وتنفيذ أحكام الإعلان الدستوري، ووضع الأسس اللازمة للتحول الديمقراطي في سوريا.
وفقا لخريطة الطريق التي طرحتها الشبكة السورية، يقوم الرئيس الشرع بإعداد قائمة المرشحين للمناصب الوزارية، والتي تُعرض على هيئة الحكم لمراجعتها. حيث يمكن للهيئة الموافقة على الترشيحات، أو إدخال تعديلات عليها، أو رفض بعض الأسماء في حال عدم استيفائها معايير الاختيار التي تشمل الكفاءة والنزاهة والتوازن بين الاستقلالية والانتماء السياسي، مع ضرورة تجنب الإقصاء أو عسكرة الحكم.
حدد التقرير صلاحيات الحكومة الانتقالية، والتي تشمل الإشراف على العملية الانتخابية، وإصلاح قطاع الأمن، وإدارة الخدمات العامة، ووضع سياسات اقتصادية فعالة، والتحضير لإجراء الانتخابات، وإرساء العدالة الانتقالية.
صياغة الدستوريدعو تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى تشكيل لجنة تأسيسية لصياغة دستور دائم بهدف ضمان انتقال سياسي مستقر يؤسس لنظام ديمقراطي يحكم سوريا على المدى الطويل.
إعلانوتتشكل اللجنة التأسيسية، بحسب التقرير، إما بالانتخاب المباشر من قبل الشعب، أو التعيين من قبل هيئة الحكم بالتشاور مع القوى السياسية والمجتمع المدني، أو مزيج من التعيين والانتخاب لضمان التمثيل العادل والتنوع.
وبغض النظر عن الآلية المعتمدة، يجب أن تستوفي اللجنة معايير صارمة عند اختيار أعضائها، بحيث تضم خبراء قانونيين متخصصين في الشؤون الدستورية وممثلين عن الأحزاب السياسية، وممثلين عن المجتمع المدني، وممثلين عن المناطق الأكثر تضررا من النزاع.
ذكر التقرير أنَّ الانتخابات البرلمانية والرئاسية تُعد المحطة الأخيرة في العملية الانتقالية، حيث يتم نقل السلطة إلى حكومة منتخبة ديمقراطيا، مما يعزز الاستقرار السياسي ويمنح الشرعية للنظام الجديد.
وأوصى التقرير السلطة السورية بتحديد جداول زمنية دقيقة لتنفيذ خطة الانتقال السياسي، وتشكيل لجنة إشراف مستقلة لمتابعة تنفيذ الخطة وضمان الشفافية والمساءلة.
كما حث المجتمع الدولي على توفير مساعدات تقنية ومالية لدعم بناء مؤسسات الحكم وتعزيز قدرتها في مجالات الإدارة العامة، والقضاء، والأمن، والاقتصاد، وتمويل مشاريع إعادة الإعمار لضمان تنمية شاملة، مع التأكيد على عدم فرض أجندات سياسية خارجية.
وطالب كذلك بضمان بيئة دولية داعمة لاستقرار سوريا، والعمل على رفع العقوبات الاقتصادية التي تؤثر سلبا على معيشة المواطنين.
وفي توصياته إلى المجتمع المدني السوري، دعا التقرير إلى التنسيق مع الحكومة الانتقالية، وإنشاء قنوات تواصل بين المجتمع المدني والحكومة لضمان التنسيق الفعّال في تحقيق أهداف الانتقال السياسية ومراقبة أداء الحكومة الانتقالية عبر آليات رقابية مستقلة لضمان الشفافية والمساءلة.
خطأ شائعوحول سبب إصدار الشبكة السورية لحقوق الإنسان لهذه الرؤية القانونية، قال رئيس الشبكة، فضل عبد الغني إن الانتقال السياسي يمضي قدما لكنه لا يسير وفق المأمول من تشاركية وتعددية سياسية.
إعلانوأضاف في حديثه للجزيرة نت أن عملية الانتقال الحالية تتسم بنوع من المركزية وهذه الرؤية القانونية الحقوقية توصي السلطات الحالية باعتماد تشاركية أكبر في الحكم وصناعة القرار.
وتابع "هيئة الحكم التي أوصينا بتشكيلها ليست تلك التي نص عليها القرار الدولي 2254 لأنه انتهى، بل هي هيئة تحكم برئاسة الرئيس الحالي أحمد الشرع، ووجود سوريين من خلفيات مختلفة ومناطق مختلفة يطمئن السوريين".
واعتبر عبد الغني أن القول بأنه يحق للرئيس إصدار الإعلان الدستوري بشكل منفرد هو "خطأ شائع"، قائلا إن الإعلان الدستوري يجب أن يمر بمراحل من تشكيل الهيئة التي تكتب الإعلان إلى تحديد من يصادق عليه.
وكان الرئيس الشرع قد شكل في وقت سابق لجنة من 7 خبراء لصياغة الإعلان الدستوري، لكن عبد الغني شدد على أنه إذا صدر الإعلان الدستوري عن اللجنة الحالية، فإن هذا سيضعف من شرعية العملية الانتقالية، لأن تشكيل اللجنة لم يتسند إلى معايير التشاركية والتشاور والتمثيل التي نصت عليها رؤية الشبكة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الشبکة السوریة لحقوق الإنسان المرحلة الانتقالیة الحکومة الانتقالیة العملیة الانتقالیة الانتقال السیاسی الإعلان الدستوری المجتمع المدنی هیئة الحکم أحمد الشرع تشکیل هیئة
إقرأ أيضاً:
المركز اليمني لحقوق الإنسان يدين انتهاكات أمريكا للقانون الدولي الإنساني في اليمن وفلسطين
الثورة نت/..
أدان المركز اليمني لحقوق الإنسان بأشد العبارات الانتهاكات المنهجية للقانون الدولي الإنساني التي ترتكبها القوات الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي في اليمن وفلسطين، والتي تشمل استهداف المدنيين والأعيان المدنية، وكذا تدمير البنية التحتية الحيوية، ما ينتهك المادة (54) من البروتوكول الإضافي الأول، واستخدام أسلحة عشوائية الأثر، مما يخالف مبدأ التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية (المادة 48 من البروتوكول الإضافي الأول).
وأوضح المركز في بيان، انه في تهديد للسلم والأمن الدوليين قامت القوات الامريكية في منتصف مارس الماضي بشن عشرات الغارات بصواريخ مختلفة الأنواع على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى نتج عنها (61) مدنياً قتيلاً و(139) جريحاً في إحصاءات أولية.
واشار البيان إلى قيام الطائرات الأمريكية في 7 شوال 1446هـ باستهداف محل تجاري لبيع مستلزمات الطاقة الشمسية في صعدة، مما أدى إلى مقتل مواطنين اثنين وجرح (4) آخرين إلى جانب تدمير المبنى المجاورة ، وكذا ما قامت به طائرات العدوان ليل أمس الأحد 9 شوال من استهداف منزل مواطن وسط حي سكني بمنطقة شعب الحافة بالعاصمة صنعاء ما أدى الى مقتل (4) مواطنين من أسرة واحدة بينهم امرأتين وجرح (25) مواطن بينهم (11) امرأة وطفل.
واكد البيان ان جرائم العدوان الأمريكي انتهكت كافة القوانين والمواثيق الدولية باستهداف المدنيين بشكل منهجي ومتعمد ومعلن، حيث أصدر الرئيس الأمريكي “ترامب” أوامره للقوات الأمريكية الجوية بشن غارة جوية في نهار أيام عيد الفطر المبارك استهدفت بصاروخ مباشر تجمع مواطنين في العراء محتفلين بالعيد في محافظة الحديدة.
وذكر البيان ان تلك الغارة أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا بين قتلى وجرحى، الجريمة التي اعترف بها الرئيس الأمريكي ترامب وتبجح بها على حسابه في منصة اكس ما يجعلها جريمة حرب مكتملة الأركان، يتعين على القضاء الوطني والدولي تحريك القضية ومحاكمة الرئيس الأمريكي” دونالد ترامب” ووزير دفاعه ” بيت هيغسيث” وكل من له علاقة في اتخاذ القرار بارتكاب هذه الجرائم.
واكد المركز اليمني لحقوق الإنسان أن هذه الهجمات تُعد جرائم حرب بموجب المادة (8) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لاستهدافها مدنيين وأعياناً غير عسكرية، كما يؤكد أن التبجح العلني بالهجمات عبر وسائل الإعلام الذي قام به الرئيس الأمريكي بخصوص جريمة الحديدة يُشكل انتهاكاً للمادة (85) من البروتوكول الإضافي الأول، التي تحظر الأعمال الترهيبية ضد المدنيين.
وحمل المركز، الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن استمرار العدوان على اليمن وغزة، والتواطؤ مع الكيان الصهيوني في جرائم الإبادة الجماعية في غزة، وفقاً لاتفاقية منع جريمة الإبادة (1948)، التي أسفرت عن مقتل وجرح أكثر من (4400) مدنياً في غزة منذ منتصف مارس الماضي، ليصل عدد القتلى والجرحى منذ عدوان الكيان على غزة في أكتوبر 2023 إلى أكثر من (50660) مدنياً بين قتيل وجريح.
ودعا ، مجلس الأمن الدولي إلى التحقيق الفوري في هذه الجرائم وإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية.
كما دعا، المنظمات الأممية والدولية بإدانة هذه الجرائم، ودعم جهود رفع الدعاوى وملاحقة قضائية لمرتكبي الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، كما يدعو المركز الشعوب الحرة ومنظمات المجتمع المدني إلى التحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات، ويدعو الدول العربية والإسلامية والصديقة إلى اتخاذ مواقف جادة لمساندة الشعبين الفلسطيني واليمني والعمل على إيقاف هذه الجرائم.