لجريدة عمان:
2025-04-29@23:42:45 GMT

شهادة سَيِّدة بنت إبراهيم بقبض الصداق

تاريخ النشر: 8th, March 2025 GMT

شهادة سَيِّدة بنت إبراهيم بقبض الصداق

رأينا فيما مضى من هذه السلسلة كيف أن الفقهاء كانوا سببًا في حفظ الوثائق، سواء أولئك الذين تركوا آثارًا من الأجوبة الفقهية أو أولئك الذين نقلوا عنهم في مدوناتهم الفقهية من تآليف ومجاميع، ومن العلماء الأوائل الذين تصدوا للفتيا أبو سعيد محمد بن سعيد الكدمي (ق4هـ)، وقد مرّ معنا فيما مضى من وثائق استعرضناها في السلسلة شيء مما علّق عليه من حُجَج شرعية سُئِل عنها، وتتبعها أيضًا هذه الشهادة التي أجاب بصحة مضمونها عدا ما جاء في آخرها فقد رآه حشوًا من القول، وهي شهادة وُجِدت في وصية امرأة اسمها سيّدة بنت إبراهيم بن محمد بن موسى، ونصها: «أشهدتْنا وأقرّتْ عندنا سيّدة بنت إبراهيم المعروفة بستان، أنّ كلّ صداق وحقّ على زوجها سراة بن محمّد ممّا تزوّجها عليه واستحلّها وهي أربعمائة وخمسون درهما، قد استوفته منه وأبرته من جميعه براءة قبض واستيفاء بحقّ عرفَتْه ولم يعرفه هو، وليس هو له بوفاء من حقّه الذي عَلِمَتْه له عليها، ولم يبق لسيّدة بنت إبراهيم بن محمّد بن موسى حقّ من صداقها المذكور في الكتاب، ولا غيره بوجه من الوجوه، ولا بسبب من الأسباب، وهو عند الله بريء من ذلك، وكل ّمن ادّعى إليه دعوى من حقّ بوجه من الوجوه، فهو ظالم له آثم مبطل بإقراره بما سُمِّيَ وَوُصِفَ في هذا الكتاب».

ثم تبعها جواب أبي سعيد الكدمي، ونصه: «فأمّا سراة بن محمّد، فقد برئ عندنا من حقّ سيّدة بنت إبراهيم هذه على ما ذكرت. وأمّا قولها: من ادّعى عليه دعوى من حقّ [بوجه] من الوجوه، فهو ظالم له، فهذا حشو من القول، فإن صحّ عليه حقّ، أو ادّعى عليه حقّ، لم يكن ظالمًا، وكانت دعواه له على ما يوجبه الحقّ».

ونتوقف هنا ابتداء عند جواب أبي سعيد حين رأى أن العبارة الأخيرة من الشهادة حشو من القول، وأنه متى ادعى أحد على الزوج بحق فإن الدعوى لذاتها ليست ظلمًا وإنما يقتضي العدل أن يُنظَر فيها وكانت «على ما يوجبه الحق». ولعل تكرار ورود «الدراهم» دون الدنانير فيما مضى من وثائق الفترة الإسلامية يوحي بأن الدراهم هي النقد السائد المنتشر بين الناس. ومعلوم في تاريخ النقود في عُمان كيف أن الدراهم الإسلامية الأموية والعباسية عبر تاريخها كانت متداولة في عمان، ثم الدراهم التي سكها من حكموا عمان من بني وجيه والبويهيين وغيرهم، ثم الدراهم التي سكها أئمة عمان في القرن الخامس الهجري.

ومن طريف ما ورد في الوثيقة اسم الموصية صاحبة الشهادة «سيدة»، واسم زوجها «سراة»، ولعلها من نوادر الأسماء في سجل الحضارة العمانية. على أنه مما يُشكِل في اسم المرأة الموصية عبارة: «المعروفة بستان»، وهكذا وجدتُها وردت في عدة نُسَخٍ مخطوطة، ولعل «بُستان» اسم آخر أو لقب عُرِفت به إن كان رسمها في المخطوطات هكذا ورد صحيحًا بغير تصحيف أو تحريف.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شقلاوي يكتب: قَدَر البرهان وعفوية حماد عبد الله

في مشهد بدا عفويًا، التقى رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، خلال زيارته أمس لمنطقة الدندر، بالمواطن “حماد عبد الله حماد” الذي اشتهر قبل أشهر بمقطع متداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عقب ظهوره بشكل عفوي أمام كاميرا تلفزيون السودان بعد اندلاع الحرب. الرجل بدأ حديثه حينها بتمجيد الجيش السوداني، لكنه سرعان ما أطلق عبارة مباشرة، وغير محتشمة تجاه مليشيا الدعم السريع، أربكت المذيع، ومنعها لاحقًا الإعلام الرسمي من البث، لكنها انتشرت مجتزأة وأصبحت مادة واسعة التداول بين جمهور منصات التواصل الاجتماعي.

تلك الواقعة تعود إلى لحظة صادقة انفجرت من وجدان مواطن سوداني بسيط، عايش بمرارة فظائع هذه الحرب، وذاق، كما غيره من السودانيين، مرارة الانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع بحق المدنيين والبنى التحتية، في تعدٍّ لا يُمكن وصفه إلا بأنه ممنهج وبعيد عن كل قواعد القانون الدولي والإنساني.

زيارة البرهان للدندر، ولقاؤه بحماد عبد الله، وإن أثارت الكثير من التفاعل، يجب أن تُقرأ في سياقها الإنساني أكثر من كونها موقفًا سياسيًا. فالمنطقة، كغيرها من بقاع السودان، لم تكن بمعزل عن تداعيات الحرب، ومواطنوها، الذين عانوا من التهجير والانتهاكات، ربما وجدوا في ذلك اللقاء رسالة تضامن، أو اعترافًا ضمنيًا بما عاشوه من أهوال.. وكان من الطبيعي أن تكون القيادة قريبة من شعبها في هذه اللحظات الفارقة.

لكن تبقى هناك حساسية رمزية لا يمكن إغفالها، إذ إن اللقاء، دون ضبط لسياقه الإعلامي أو توضيح لمقاصده، منح صدىً متجددًا لخطاب شعبي عُرف بفجاجة مفرداته، التي حاول البعض اتخاذها تجريمًا للموقف. وهنا يبرز التحدي الحقيقي: كيف نوازن بين التعبير الشعبي المشروع، والارتقاء بخطاب الدولة، دون أن نُسقط من حسابنا الجراح التي ما زالت تنزف؟

وفي هذا السياق، تبرز دلالة الآية الكريمة من سورة النساء، حيث يقول تعالى: ﴿لَا يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوٓءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾ (الآية: 148).
وهي آية عظيمة تُرشد إلى أن الجهر بالسوء – وإن كان مكروهًا – فقد يُباح للمظلوم، دون أن يتجاوز. فالظلم لا يُعطي الإنسان تفويضًا مفتوحًا في القول، بل مساحة من التعبير المشروط بالعدل وضبط اللسان، لأن الله سميع لما يُقال، عليم بما تُخفي الصدور.. وإن صبر فهو خير له.

لذلك ليس من العدل تحميل رئيس مجلس السيادة وزر كل انفعال شعبي، خصوصًا في ظل الفظائع المتكررة التي ارتكبتها المليشيا بحق الوطن والمواطن، لكن من حقنا، في المقابل، أن نتساءل عن ملامح الخطاب العام الذي يُبنى في هذه المرحلة المفصلية. فالحرب ليست فقط معركة على الأرض، بل معركة في المعنى واللغة والمستقبل.

السودان اليوم لا يحتاج إلى بطولات لفظية، بل إلى خطاب رصين يُواسي المنكوبين، ويؤسس لمشروع وطني جامع. أما الذين صنعتهم الصدف الإعلامية، فمكانهم ربما في ذاكرة الطُرفة والمزاح العفوي ، لا على منابر القرار أو رمزية المشهد الوطني.

دمتم بخير وعافية..

إبراهيم شقلاوي
الوان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • جبريل إبراهيم: شرُفت بتمثيل السودان في منتدى الأمن العالمي في الدوحة
  • مكنش ظالم.. صالح جمعة يتحدث عن عقوبات سيد عبد الحفيظ له
  • أحمد بن سعيد يفتتح فعاليات «سوق السفر العربي 2025»
  • روان سعيد: الثلاثية هديتنا للجماهير
  • محكمة التمييز تغرم طبيبة كويتية 500 دينار لتزويرها شهادة جامعية
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: قَدَر البرهان وعفوية حماد عبد الله
  • علي معلول مودعا لـ كولر: حظ سعيد للأفضل
  • شهادة طبيب أمريكي: غزة أصبحت كـهيروشيما والدمار ضرب كل شيء
  • شهادة طبيب أمريكي: غزة أصبحت كـهيروشيما والدمار ضرب كل شئ
  • ابن يلاحق والديه قضائيًا والمحكمة تُلزمه بسداد ملايين الدراهم لهما