(1)
الشيخ عبد العزيز البشري (1886-1943م) من أشهر الظرفاء في العصر الحديث، ورائد من رواد أدب المقالة الصحفية الساخرة، الكاتب الفكاهي الساخر والقاضي الشرعي، سليل أسرة البشري العريقة، إحدى أشهر العائلات الأدبية والشرعية في مصر، ومنها الشيخ سليم البشري شيخ الجامع الأزهر، ووالد الشيخ عبد العزيز البشري، ومنها أيضًا المستشار طارق البشري القاضي والمؤرخ الراحل.
ولد الشيخ البشري ونشأ بالقاهرة، ودرس بالأزهر الشريف، لكنه اتجه بكليته لدراسة الأدب، قديمه وحديثه، وإلى التعرف على الكتّاب والأدباء البارزين في المشرق والمغرب، وتولى وظائف بالقضاء الشرعي، كما ولي وظائف حكومية مختلفة منها وظيفة السكرتارية في إدارة الأوقاف وفي نظارة المعارف العمومية.
ويعد الشيخ البشري من أهم كتاب المقالة الساخرة والأدب الوصفي التصويري، وكان يتميز بدعابة مصقولة ودقة في الوصف والتصوير أشبه بأساليب المتقدمين من كتّاب العصر العباسي، وبلغ في ذلك شأوًا بعيدًا.
وتفيدنا كتب التراجم والسير عن الشيخ البشري بأنه كان حلوَ المعشر طليَّ اللسان شريفَ النفس، يتمتع بخفة ظل، وروح دعابة مرحة، ميزته طوال عمره، وانعكس ذلك كأبرز ما يكون في مقالاته وكتاباته التي حظيت بقبول واسع، وأقبل عليها الجمهور بحب وشغف.
وإلى جانب المقالات الأدبية الساخرة التي كان يكتبها لجريدتي "الكشكول" و"السياسة الأسبوعية" الشهيرتين، ألّف كتبا عديدة منها: كتابه (قطوف) الذي جمع ونشر بعد وفاته، وكتب له المقدمة صديقه الدكتور طه حسين، كما كتب له مقدمة الجزء الثاني من كتابه الأشهر (المختار) 1935م، و(في المرآة) 1927م.
وهما كتابان يحتويان على صور وصفية تحليلية ساخرة لشخصيات أدبية وسياسية شهيرة معاصرة له، بأسلوبه التهكمي التصويري الساخر الذي اُشتهر به وأصبح اسمه علمًا عليه.
(2)
كان من أشد الكتاب -في تلك الفترة- عكوفًا على الحياة الشعبية البسيطة، وحياة الطبقة الوسطى من أهلها، وعلى حياة القاهرة المدينة والتاريخ، رصداً لها وتعبيرا عنها، فآثاره أصدق مرآة وأصفاها للحياة اليومية في عصر الانتقال من بقايا القرن التاسع عشر إلى مدنية مطالع القرن العشرين. وقد توفي الشيخ البشري بالقاهرة يوم الخميس الموافق الخامس والعشرين من شهر ديسمبر سنة 1943م.
صور الشيخ عبد العزيز البشري انطباعاته وخواطره اللطيفة عن (شهر رمضان المبارك) في مقالةٍ رائعة له بكتابه الشهير (قطوف)، يرصد فيه البشري بحسه التاريخي وتأمله الدقيق وأسلوبه "التصويري" المميز مقدمَ رمضان وقد تغيرت سبل الإضاءة بمصر من الإنارة بالشموع إلى الإنارة بالغاز والكهرباء، قائلًا:
"أدركنا رمضان وأهل مصر يستصبحون بالشمع، إلى أن طغى عليه اتخاذ الكيروسين، ثم نحن هؤلاء اليوم نستضيء بالكيروسين وبالغاز وبالكهرباء، فكيف كان حظ رمضان من الأضواء والأنوار في ذلك الزمان، وكيف كان حظه منهما في هذا العام؟".
وكأنما كان يقصد إلى العبرة في المقارنة بين أضواء ليالي رمضان في عصر الشموع والكيروسين، وبين لياليه التي يضيئها الغاز والكهرباء!
وقد كان هذا في حينه طفرة من الطفرات المذهلة بمقاييس العصر، مثلما كان "الراديو" بعد ذلك عملا من أعمال السحر المبين!
كانت المدن الكبرى في المحروسة، كالقاهرة والإسكندرية وسواهما من الحواضر العريقة، وبأي وسيلة كانت الإنارة وبغض النظر عن طرق الإضاءة، تستحيل إلى كتلةٍ من النور إذا جنّ الليل في رمضان، حيث "النور في أفنية الدور وفي غرفها وحجراتها وعلى رؤوس الأبواب، ثم في الشوارع من المصابيح العامة ومن المصابيح التي يضطرب بها الأولاد صبية وصبايا، وأولئك يغنون: "يا مَا دَلِّلوكِ يا وردة، وفي السوق باعوكِ يا وردة..". وهؤلاء يغنين: "وحوي يا وحوي إياحة، بنت السلطان لابسة القفطان.. إلخ الأغنية".
(3)
لكن من أهم ما يستلفت نظر البشري، في ذلك الحين، أن السيدات من النساء كن إذا برزن إلى الطريق في رمضان لزيارة الأهل والصديقات سعين وبين أيديهن الخدم يحملون المصابيح الكبيرة يتألق كل منها بطائفة من الشموع فتزيد الطريق نورًا على نور!
كما لو كان الكبار يحتفلون بطريقتهم بمقدم الشهر الكريم على طريقتهم التي تتشابه مع احتفال الصغار من الأطفال بإيقاد الفوانيس واللعب بها ليلا بعد الإفطار!
ويزيد البشري ذلك المشهد وضوحًا وكشفًا بالمزيد من التفاصيل عن حال البيوت المصرية والزينة التي تتحلى بها، لكن الأهم هو "التزين الروحي" والحلي المعنوي الممثل في انبعاث آيات الله الكريمة من البيوت والمساجد على السواء، حيث "نوافذ المناظر (جمع منظرة وهي الشرفة الواسعة الفسيحة) مُفتّحة، ينبعث منها نور المصابيح، كما ينبعث منها النور الأعظم، ترتيل القرآن الكريم".
وعن هذه الأنوار الروحانية الغامرة والطقوس التي كانت تميز سكان أحياء القاهرة العريقة، يقول البشري: "ولا تنس حظ المساجد الكبيرة على وجه خاص من ذلك النور والإشراق في طرفي الليل جميعًا، ففي صدر الليل صلاة العشاء، ثم صلاة التراويح، ثم تلك الأناشيد البديعة التي يتغنى بها المؤذنون فرادى وجماعات، فإذا كان السحر، فتحت أبواب المساجد وأضيئت فيها الثريات، وأقبل عليها الناس بعد الفراغ من سحورهم، فانتظموا في حلق يستمعون إلى دروس العلماء في تفسير كتاب الله، وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي أحكام الشرع الحكيم". وهنا يسجل البشري شيئًا من إقبال الناس على التفقه في دينهم والاستماع إلى دروس التفسير والحديث التي كانت شائعة عامة في المساجد عقب السحور، وهو ما تقلص قليلا الآن، ولم يعد قائمًا حيًا اللهم إلا في العشر الأواخر من رمضان وبشكل محدود.
(4)
ويتابع البشري استقصاءه ورصده لتفاصيل ليالي رمضان الروحية داخل المساجد بين التلاوة والعبادة والإنشاد الديني، يقول: ".. حتى إذا قال العلماء: "والله أعلم" إيذانًا بختام الدرس، أسرع الناس فانتظموا صفوفًا، مولين وجوههم شطر الدكة في بهرة المسجد؛ ليسمعوا صوت أشهر قارئ في الحي، وناهيك بالشيخ حنفي برعي في مسجد السيدة فاطمة النبوية، وبالشيخ أحمد ندا في مسجد السيدة زينب، رضي الله عن السيدتين الكريمتين، ورحم الشيخين العظيمين!".
يشير الشيخ البشري كذلك إلى شغف الناس واهتمامهم بمتابعة كبار المقرئين والمنشدين الذين شهدتهم القاهرة في الربع الأول من القرن العشرين، مثل الشيخ حنفي البرعي في مسجد السيدة فاطمة النبوية، والشيخ أحمد ندا بمسجد السيدة زينب، وهما في ذلك الحين من كبار المشايخ المقرئين المنشدين في عموم مصر المحروسة، يأتي إليهما الناس زرافاتٍ ووحدانا للاستماع إليهما والتمتع بحلاوة أدائهما وتلاوتهما وإنشادهما.
يقول الشيخ عبد العزيز البشري: "وما دام حديث رمضان قد استدرجني إلى ذكر الشيخ أحمد ندا فلا بد من أقول فيه كلمة. لقد ولدت في حي السيد زينب، وسلخت فيه مدة الفتوة وصدرا من سني الشباب ولست أذكر أنني من عهد الصبا تخلفت في ليلة من ليالي رمضان، إذا كان السحر، عن طلب مسجد السيدة زينب رضي الله عنها أستمع أولا إلى درس الحديث.. ثم استوى الشيخ ندا على الدكة وأنشأ يقرأ ما تيسر له من آيات كتاب الله".
(5)
ويفيض البشري في وصف وتصوير أجواء المسجد الروحية وخشوع المستمعين وانسجامهم مع آيات الله وحلاوة صوت الشيخ أحمد ندا وعذوبته "وقد انصقل بقراءة الليل صوته، وحلا نبره، وسلس له منه ما كان جامحًا، ولان ما كان في أول الليل عاصيًا، وأطلقه في آي السورة الكريمة أبيض ناصعًا كأنما صيغ من ذوب الفضة، أو كأنما اعتصر من صفحة البدر ليلة تمامه، ويشيع في النفوس ما شاء الله أن يشيع من لذة وأريحية وفرح حتى إذا كان من مطلع الفجر على دقائق، نهض فوقف على الدكة، وصاح في مقام الست بأعلى صوته: "يا أمة خير الأنام، ومصباح الظلام، ورسول الله الملك العليم العلام. تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال..".
هذه بعض الأنوار التي كانت تموج فيها ليالي رمضان حسًّا ومعنى، وكأن البشري كان يقصد إلى المقارنة بين ما كان في سابق الزمان، وبين ما صارت إليه ليالي رمضان في زمنه.. فأين هو من زمننا الآن؟!
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشیخ البشری لیالی رمضان مسجد السیدة التی کان البشری ا ما کان فی ذلک
إقرأ أيضاً:
فتاوى: يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
• ذو القرنين الذي ذُكر في القرآن الكريم، هل هو نبيٌّ مرسل أم رجلٌ صالح من أولياء الله؟
لم يقم دليل على أن ذو القرنين كان نبيًّا، مع أن هذه المسألة شغلت المفسرين، وشغلت من دخل في هذه القضايا، فأبعدوا فيها النجعة في حقيقة الأمر، ومنهم من قال، على سبيل المثال، إن ذو القرنين هو الإسكندر المقدوني، وهذا قول بعيد، لأن هذه الشخصية في كتاب الله عز وجل وردت في سياق الثناء والامتداح، وأنه من الصالحين الذين أوتوا أسباب الملك والقوة والعلم، وأنه سار في الناس سيرة حسنة.
ولذلك، لا يمكن أن يقال بأنه الإسكندر المقدوني الذي كان صاحب بطش شديد وظلم في الناس وسفك للدماء، أما عن نبوّته، فقد وقع الخلاف، قيل بنبوّته، لكنه قول الأقل من أهل العلم، كما قيل بنبوة لقمان، وكما قيل بنبوة الخضر صاحب موسى، وكما قيل بنبوة مريم عليها السلام.
إذن، الخلاف يشمل ذو القرنين أيضًا، لكن هذا قول الأقل من أهل العلم، والأظهر أنه عبدٌ صالح، وكان ملكًا من الملوك العادلين الذين أوتوا بسطة في القوة والسلطة والأسباب، وأنه سار في شرق الأرض وغربها، فاتحًا، رافعًا للظلم، ناشرًا للعدل، آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر.
وهذا القول نُسب إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ورد في الأثر أن سيدنا علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- سُئل عنه، فقال: "إنما هو عبد صالح"، أي نفى نبوته، وهذا هو الأظهر فيه.
وقد أسهب المفسرون في الكلام عن هذه الشخصية، وذهب بعضهم إلى أنه من العرب، لأن الاسم مركب من "ذي" وما أُضيف إلى المعرف بـ"أل"، وهو أسلوب معروف عند العرب، لا سيما في اليمن، لكن هذا أيضًا بعيد، لا سيما إذا نظرنا إلى سبب نزول قصة ذي القرنين، وأن ذلك كان إما من اليهود مباشرة أو بإيعاز منهم للمشركين ليسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو كان من العرب لما خفي أمره على العرب، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالراجح أن اليهود كانوا يقصدون شخصية تاريخية معروفة عندهم، وهذا يستبعد أن يكون من العرب.
ومن أفضل ما كُتب عن شخصية ذي القرنين، وما قام به، هو ما كتبه العلامة أبو الكلام آزاد، فقد كتب مقالًا رائعًا في هذا الموضوع، اعتمد فيه على ما ورد في كتاب الله عز وجل، وما لدى اليهود في كتبهم القديمة، سواء الكتب المقدسة أو الروايات التاريخية، كما اعتمد على علم الآثار والأركيولوجيا، بالإضافة إلى المصادر اليونانية.
والمصادر اليونانية كانت في عداء مستحكم مع فارس عبر تاريخها، والنتيجة التي وصل إليها أبو الكلام آزاد هي أن ذو القرنين هو الملك كورش الثاني، وأن له تماثيل وتصاوير تُظهره بتاج له قرنان، وهي موجودة بالفعل، كما أنه كان ملكًا عادلاً، وحّد مملكة فارس بين فرعيها، وهو مؤسس الدولة الأخمينية الفارسية، أو من حولها إلى إمبراطورية فارسية.
وكان معروفًا بالعدل والرحمة، وهو الذي خلّص اليهود من الأسر البابلي وأعادهم إلى فلسطين، اعتمد أبو الكلام آزاد على كل هذه المصادر، فخلص إلى هذه النتيجة، وإن كان بحثه الآن نادر الوجود، وهو أمر غريب، فقد تُرجم إلى الإنجليزية، لكنه لم يُذكر في تفسيره، الذي وصل فيه إلى سورة المؤمنون، إن لم تخني الذاكرة، وإنما كان مقالًا أو بحثًا منفصلًا، وأنا لدي نسخة منه، لكنها منقوصة، إذ تصل إلى ما يقرب من 270 صفحة، لكن بحجم صفحات صغير، والحاصل أنني أجد أن بحث مولانا أبو الكلام آزاد هو الأكثر إقناعًا، ويمكن لمن شاء من أهل العلم وطلبة العلم أن يرجعوا إليه، وإن وُجدت منه نسخة جيدة، فليكرمونا بها.
لكن الخلاصة، جوابًا عن السؤال: الظاهر أنه ليس بنبي، وإنما هو عبد صالح، مؤمن، ملك عادل، أُوتي من أسباب القوة والعلم، وسار في شرق الأرض وغربها وشمالها، بل إن أبا الكلام آزاد حدد مكان السد، فقال إنه في جبال القوقاز بين بحر قزوين والبحر الأسود، وذكر أنه كان مبنيًّا بالحديد والنحاس، كما ورد وصفه في كتاب الله عز وجل.
ومجمل هذه الأدلة تدفع إلى الإقناع، لكنه ليس نبيًّا، ولا هو أيضًا من الشخصيات التي شُوّهت سيرتها في التاريخ، وبالمناسبة، اسم كورش يرد أيضًا عند بعض المفسرين كاحتمال لشخصية ذي القرنين، ويبدو أنه الأقرب. والله تعالى أعلم.
• هل على الأسهم زكاة؟ نريد التفصيل في هذا الجانب؟
نعم، لنلخص ما يتعلق بزكاة الأسهم، لها ثلاثة أحوال، الحالة الأولى: أن تكون هذه الأسهم مرادًا بها البيع والشراء، أي التداول والمضاربة، كما يقال باللغة المعاصرة، فيشتري هذه الأسهم، ثم ينتظر غلاء ثمنها أو قيمتها، فيبيع ليشتري أسهمًا أخرى، وهكذا. فهو لا ينتظر التوزيعات الدورية للأرباح، وإنما يريد المتاجرة بالأسهم نفسها.
إذًا، الزكاة في هذه الحالة تكون في القيمة السوقية للأسهم التي في يده يوم زكاته، فلا التفات هنا إلى ما تمثله هذه الأسهم، ولا إلى التوزيعات السنوية أو الدورية، وإنما عندما يحين حول زكاته، فإنه ينظر فيما يملكه من أسهم، ويزكيها بحسب قيمتها السوقية، كأنها عروض تجارة، وهذا كله، ما تقدم وما سيأتي، مشروط بأن تكون هذه الأسهم فيما هو مباح شرعًا، وهذا مما لا حاجة إلى تأكيده.
الصورة الثانية: أن تكون هذه الأسهم رأسمال في أعيان مستعملة في التصنيع أو التجارة أو غير ذلك، أي لا يقع البيع والشراء عليها، وإنما على منافعها، كمثال: بناء مصانع، أو شركة نقل لديها عربات ومركبات نقل متنوعة تؤجرها وتستعملها لنقل البضائع، أو لديها سفن وطائرات، لكنها لا تتاجر بالسفن والطائرات والمركبات التي تملكها، وإنما في منافعها، في هذه الحالة، يُنظر إلى ما تمثله الأسهم من هذه الأصول، فلا يدخل ذلك في الوعاء الزكوي، وإنما ما كان على خلاف ذلك هو الذي يدخل في الوعاء الزكوي مع الأرباح، إذًا، في هذه الحالة، تزكّى الأرباح فقط، وتشبه العقارات في هذا الحكم.
الصورة الثالثة: أن تكون الأسهم نفسها محلًا للاتجار، أي أن تكون الحصص التي شارك بها المساهم في الشركة ذاتها محلاً للبيع والشراء، سواء كانت في الزراعة، أو العقارات، أو الاتصالات، أو التقنية، أو أي مجال من مجالات العمل والتجارة المشروعة، فالزكاة واقعة في هذه الأصول، مما يعني أن أسهمه تمثل هذه الأصول، وهي جزء شائع محدد من هذه الأصول، والتجارة واقعة فيها.
في هذه الحالة، سيزكي كما هو الحال في الصورة الأولى، أي أنه سيزكي الأسهم كلها بحسب قيمتها السوقية، وليس هناك تزكية مرتين، أي مرة لرأس المال ومرة للأرباح، بل تُزكى مرة واحدة بالقيمة السوقية يوم زكاة صاحب الأسهم، إذًا، في الصورة الأولى والثالثة، الزكاة تكون على كامل قيمة الأسهم السوقية.
أما الصورة الثانية، حيث تمثل الأسهم أعيانًا لا تقع التجارة فيها وإنما في منافعها، فهنا لا يُحسب رأس المال، وإنما تُحسب الأرباح فقط، مثال توضيحي على شركات الاتصالات، إذا كان رأس المال الذي اشترى به الشخص هذه الأسهم يمثل أعيانًا ومنافع وخدمات وأصولًا تقع عليها التجارة، فإنها داخلة في الزكاة، ويزكى رأس المال مع الأرباح.
إجمالًا، لا يمكن حصر الأمثلة والتطبيقات العملية، وإنما التقعيد هو الذي يهم، والله تعالى الموفق.