محمد محمد عثمان
مراسل بي بي سي للشؤون السودانية

لثلاثة أيام متتالية تحاول قوة هائلة من قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو  الشهير ب" حميدتي"  السيطرة على  مقر سلاح المدرعات التابع للجيش السوداني بجنوب الخرطوم.
القوة المكونة من مئات المقاتلين الذين يستخدمون معظم أنواع الأسلحة بما فيها المسيرات والمدرعات  والدراجات النارية هاجمت  الموقع العسكري من ثلاثة محاور بعد أن ظلت تحاصره لفترة طويلة.


وهذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها قوات الدعم السريع السيطرة على هذه القاعدة العسكرية منذ بدء  القتال مع الجيش في أبريل/ نيسان الماضي.
فقد تمت مهاجمتها مرارا وتكرارا في مسعى للسيطرة عليها. خلال الهجمات المتكررة  فقدت قوات الدعم السريع المئات من الجنود والآليات العسكرية ومع ذلك، فإن محاولات حميدتي  للسيطرة على سلاح المدرعات لم تتوقف.

" موقع استراتيجي"
يقع مقر سلاح المدرعات في منطقة الشجرة جنوب الخرطوم في مساحة تزيد على 20 كيلومترا مربعا. وهو الموقع العسكري الأكثر أهمية كونه يتوسط بين مقر القيادة العامة للجيش بوسط الخرطوم،  والقاعدة العسكرية التابعة  لسلاح الجو بمنطقة جبل أولياء في أقصى جنوب الخرطوم.
ويرى الخبير العسكري اللواء محمد إسماعيل ويرى الخبير العسكري أن قوات الدعم السريع تريد السيطرة على هذا الموقع لأنه سيمهد الطريق للاستيلاء على القيادة العامة.
وقال لبي بي سي عبر الهاتف "قوات الدعم السريع تريد السيطرة على القيادة العامة للجيش.  لتعلن سقوط الخرطوم وبالتالي فإنها بحاجة إلى السيطرة على سلاح المدرعات  والتي تعتبر العقبة الرئيسية في الطريق إلى القيادة العامة".
وأضاف اللواء محمد إسماعيل "إذا تمكنت قوات الدعم السريع السيطرة على سلاح المدرعات فهذا يعني أن الكفة العسكرية للحرب أصبحت لصالحها وبات الطريق سالكاً للسيطرة على القيادة العامة وبقية المقرات العسكرية بسهولة لأن سلاح

المدرعات هو الأقوى"

" هيبة عسكرية"
لطالما ارتبط سلاح المدرعات بالقوة والهيبة العسكرية لدى العسكريين  والمدنيين السودانيين على حد سواء، ذلك لأنه ظل يمتلك اليد الطولى والنهائية  في التحركات العسكرية سواء لتنفيذ الانقلابات  العسكرية أو إبطالها.
فالقاعدة العسكرية التي تقع على الضفة الشرقية للنيل في منطقة الشجرة تمثل القوة القتالية الكبرى للجيش السوداني لما تمتلكه من آليات عسكرية وعناصر بشرية مدربة على السرعة والمناورة والقوة التدميرية الهائلة.
وطبقا للمعلومات المتوفرة فإن سلاح المدرعات يضم المقر الرئيسي للقوات المسلحة السودانية  ويتكون من أربع كتائب مدرعات مختلفة واثنين من ألوية المشاة المدرعة، وكتيبة مدفعية متوسطة  وصغيرة هذا فضلا عن مراكز  للتدريب المتطور والصيانة.
ويوضح إسماعيل أنه إذا تمكنت قوات الدعم السريع من الاستيلاء على هذا الموقع فإنه يكون قد وضع قدمه على منجم ذهب. وأضاف:"ببساطة كل هذه الآليات العسكرية ستصبح تحت سيطرتهم، وبالتالي، سيستخدمونها في معاركهم القادمة ضد الجيش نفسه وهو ما سيعزز من  قدراتهم القتالية".

" توازن نفسي"
تخطى البودكاست وواصل القراءة
بي بي سي إكسترا
بي بي سي إكسترا
بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.

الحلقات
البودكاست نهاية
يقول مقربون من حميدتي إن هنالك سببا شخصيا جعله يستميت للسيطرة على سلاح المدرعات،.  وهو أن القادة العسكريين في  سلاح المدرعات ظلوا  يرفضون نشر أي وحدات تابعة للدعم السريع داخلها. كما طلب حميدتي عندما كان نائبا لرئيس مجلس السيادة وقبل اندلاع القتال وكما حدث مع بقية الوحدات العسكرية الأخرى.  وواقع الحال يؤكد ذلك،فقد انتشرت وحدات من قوات الدعم السريع في معظم المرافق العسكرية التابعة للجيش في الخرطوم  وظل جنودها جنبا إلى جنب جنود الجيش في هذه المواقع ما عدا سلاح المدرعات.
ويبدو أن هذه الرغبة ليست لدى حميدتي وحده وإنما وسط جنوده أيضا، ويظهر ذلك من الصراخ الهستيري  والفرحة العارمة التي أبداها أحد الجنود بعد تمكنه من الدخول إلى داخل مقر سلاح المدرعات  خلال المعارك الأخيرة بحسب مقطع مصور نشرته  قوات الدعم السريع.

الأكثر من ذلك، فإنه يعتقد على نطاق واسع، أن المحاولة الانقلابية الفاشلة التي وقعت في البلاد  في سبتمبر/ أيلول من عام 2021 والذي عرف إعلاميا ب "انقلاب البكراوي" نفذه ضباط كبار  في سلاح المدرعات احتجاجا على "توسع نفوذ قوات الدعم السريع ".

وذلك يفسر الزيارة السريعةوالمفاجئة التي قام بها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان  برفقة حميدتي إلى مقر سلاح المدرعات بعد ساعات من إحباط المحاولة الانقلابية  ومحاولة تهدئة الأوضاع خلال خطابه الشهير الموجه  للضباط والجنود.

ويرى خبير أمني وعسكري في أكاديمية الأمن العليا في الخرطوم أن قائد  قوات الدعم السريع "يريد سلاح المدرعات بأي ثمن".  بعد أن طلب حجب هويته  قال:"المرة الوحيدة التي وطئت فيها قدمه سلاح المدرعات كانت برفقة البرهان . هو يشعر بالإهانة من عدم  تمكنه من هذه القوات بالذات . يريد أن يسترد كرامته بأي وسيلة ومهما كان  الثمن".  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

المستشار السياسي السابق لـ”حميدتي” يكتب عن مستقبل الدعم السريع في السودان

إ

عداد: يوسف عزت

*مقدمة:* يواجه السودان مرحلة دقيقة من تاريخه الحديث، حيث تعكس المواجهة المسلحة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني صراعًا أكثر تعقيدًا من كونه نزاعًا عسكريًا. فعلى الرغم من النجاحات الميدانية التي حققتها قوات الدعم السريع في بداية النزاع، إلا أنها تعاني حاليًا من تراجع ملحوظ على الأصعدة السياسية والاجتماعية والعسكرية. يهدف هذا التحليل إلى دراسة الأسباب الجوهرية لهذا التراجع، مع التركيز على العوامل البنيوية، والسياسية، والقيادية. كما يسعى للإجابة على السؤال المركزي: هل تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية واضحة لحماية المجتمعات وضمان بقائها وسط هذا التصعيد؟ *أولاً: غياب الانضباط والانفلات الأمني* تعدّ السيطرة على الأمن والنظام أحد العناصر الأساسية للحفاظ على الشرعية والقبول الشعبي. غير أن الواقع في مناطق نفوذ قوات الدعم السريع يُظهر اختلالًا أمنيًا خطيرًا انعكس في انتشار أعمال النهب، وانتهاكات حقوق المدنيين. ويمكن تحليل آثار هذا الانفلات من خلال بعدين أساسيين:  1. فقدان التأييد الشعبي:  • أسهمت الانتهاكات الميدانية في تقويض الثقة الشعبية بقوات الدعم السريع، خاصةً في المناطق الحضرية التي كانت أكثر تضررًا من عمليات النهب والاعتداءات.  • انعكست هذه الانتهاكات على صورة القيادة باعتبارها غير قادرة على السيطرة على عناصرها، مما أدى إلى عزلة متزايدة في الأوساط المجتمعية.  2. تعزيز الفوضى وانعدام السيطرة:  • أدى غياب المحاسبة الداخلية إلى بروز مجموعات منفلتة تعمل خارج السيطرة المباشرة للقيادة، مما كرّس بيئة من الفوضى وصعوبة استعادة النظام. *الخلاصة:* أضعف الانفلات الأمني قدرة الدعم السريع على تقديم نفسه كفاعل منظم ومشروع، وخلق حالة من الاستقطاب السلبي ضده داخل المجتمعات المحلية. ⸻ *ثانياً: تراجع الرؤية السياسية وانعدام المصداقية* بدأت قوات الدعم السريع مسارها السياسي بعد اندلاع الحرب عبر طرح رؤية الحل الشامل دات النقاط العشر، والتي لاقت قبولًا داخليًا وخارجيًا باعتبارها محاولة لصياغة مشروع سياسي مدني. إلا أن هذا الزخم تلاشى بسبب تضارب الخطاب السياسي مع الواقع الميداني.  1. التناقض في الخطاب السياسي:  • اعتمدت القيادة خطابًا يركز على مواجهة الإسلاميين (“الكيزان”)، مما أكسبها دعمًا مؤقتًا من القوى المدنية المناهضة للنظام السابق.  • غير أن وجود عناصر محسوبة على الإسلاميين داخل صفوف الدعم السريع قوّض مصداقية هذا الخطاب، وكشف عن تناقض جوهري بين الشعارات والممارسات.  2. تأثير الحرب على الأولويات السياسية:  • فرضت الحرب أولويات جديدة على قيادة الدعم السريع، حيث أصبح الحشد القبلي والاجتماعي أولوية تفوق الالتزام بالمشروع المدني، مما أدى إلى تراجع الرؤية السياسية إلى مجرد أداة تكتيكية. *الخلاصة:* غياب خطاب سياسي متماسك يعكس رؤية مستقبلية واضحة أدى إلى فقدان الدعم الشعبي والانكشاف أمام المجتمع الدولي كفاعل غير قادر على الالتزام بمبادئ التحول المدني. ⸻ *ثالثاً: ضعف القيادة وتعدد مراكز القرار* تعاني قوات الدعم السريع من أزمة قيادية بنيوية تتجلى في غياب مركز موحد لاتخاذ القرارات الاستراتيجية. وتظهر هذه الإشكالية في النقاط التالية:  1. تعدد دوائر صنع القرار:  • يشكل التداخل بين القائد الأول (محمد حمدان دقلو – حميدتي) ونائبه (عبد الرحيم دقلو) مصدرًا لتضارب القرارات وتباطؤ الاستجابة للأحداث.  • تسهم تأثيرات المحيطين بالقيادة من أفراد الأسرة والمقربين في خلق ديناميكيات معقدة تُعيق اتخاذ قرارات حاسمة.  2. غياب التخطيط طويل الأمد:  • تفتقر القيادة إلى رؤية استراتيجية بعيدة المدى، حيث يعتمد اتخاذ القرارات على ردود الفعل الآنية دون تحليل معمق للعواقب المستقبلية. *الخلاصة:* انعكس غياب القيادة المركزية الموحدة على كفاءة إدارة الحرب، وتسبب في قرارات متضاربة، مما أضعف الموقف السياسي والعسكري للدعم السريع. ⸻ *رابعاً: أزمة التحالفات السياسية والعسكرية* تورطت قيادة الدعم السريع في تحالفات متباينة مع قوى سياسية وعسكرية، خلال السنوات الماضية آخرها تبني مشروع “السودان الجديد”. لكن هذه التحالفات تعاني من تناقضات بنيوية واضحة:  1. التناقض مع التركيبة الاسرية والاجتماعية للدعم السريع:  • يتطلب مشروع السودان الجديد إعادة هيكلة الدعم السريع كمؤسسة قومية ديمقراطية، في حين أن بنيته القائمة تعتمد على قيادة الأسرة والولاءات القبلية.  2. الطابع التكتيكي للتحالفات:  • تتعامل قيادة الدعم السريع مع التحالفات كأدوات مرحلية فرضتها ظروف الحرب، دون التزام فكري أو سياسي حقيقي بالمبادئ التي تقوم عليها هذه التحالفات. *الخلاصة:* غياب رؤية استراتيجية للتحالفات والثبات عليها جعل الدعم السريع يبدو كفاعل انتهازي، مما يهدد استمرارية هذه التحالفات ويؤدي إلى عزلة سياسية متزايدة. *خامساً: الصدام مع الدولة المركزية وتأثيره على الاصطفاف القبلي* أدى الصدام المباشر بين قوات الدعم السريع والدولة المركزية إلى إعادة تشكيل الاصطفافات القبلية في السودان بصورة غير مسبوقة فللمرة الأولى في تاريخ السودان الحديث، أصبحت المجتمعات العربية منقسمة بين دعم الجيش أو الدعم السريع، مما أدى إلى حالة استقطاب حاد والدخول في حرب اهلية مباشرة.  • دفع هذا الاستقطاب المجتمعات إلى تسليح نفسها بشكل مستقل، مما حول الحرب لحرب أهلية واسعة النطاق ذات قوى متعددة. *الخلاصة:* ساهم الصدام مع الدولة المركزية في تفكيك التحالفات القبلية التقليدية وأدى إلى تعميق الانقسامات المجتمعية واعاد المكونات العربية  في غرب السودان إلى محيطها التقليدي والتحالف مع قوى الهامش التي كانت  تستخدم هذه المجتمعات لقمعها ،كأداة لسلطة المركز . يمكن تطوير هذا التحول لحل صراع المركز والهامش  بتبني مشروع  دولة خدمية بدلا من التعريف التقليدي للصراع بأن المركز هو عروبي إسلامي والهامش إفريقي زنجي وهو تعريف غير صحيح كرست له سلطة الحركة الإسلامية وعمقتها وتبنتها كسياسات حتى الان ، وكنتيجة لذلك انفجر الصراع بهذه الصورة التي نشهدها الان ، ولكن يمكن وفق المعادلات الراهنة الوصول لحلول لصالح جميع السودانيين من خلال التفكير الواقعي والاعتراف بالأزمة وحلها حلا جذريا وذلك يحتاج لعقول تنظر إلى ابعد من مصالحها. *الإجابة على السؤال الجوهري:* هل تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية واضحة لحماية المجتمعات التي تقع في مناطق سيطرتها وضمان بقائها؟ بناءً على التحليل السابق، لا تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية متكاملة لتحقيق هذا الهدف، وذلك للأسباب التالية:  1. الارتجالية بدل التخطيط الاستراتيجي.  2. التناقض في الخطاب السياسي والممارسات.  3. غياب قيادة موحدة لاتخاذ القرارات.  4. الاعتماد على تحالفات ظرفية غير مستدامة. 5-عدم  القدرة هلى التخلص من ارث الماضي  والتكيف مع التحولات التي تستدعي اعادة تشكيل القيادة وصياغة مشروع وطني يمثل مصالح قطاعات واسعة  تتبناه وتشارك في تنفيذه. *توصيات*  1. إعادة هيكلة القيادة: إنشاء مركز موحد لاتخاذ القرارات الاستراتيجية.  2. ضبط الأمن: فرض انضباط صارم على القوات ومحاسبة المتجاوزين.  3. صياغة رؤية سياسية متماسكة: تطوير مشروع وطني يعكس المصالح الحقيقية لجميع الفئات.  4. تعزيز المشاركة المجتمعية: إشراك الكفاءات المحلية في صنع القرار.  5. تبني استراتيجية طويلة الأمد: التركيز على حلول مستدامة تربط بين الأمن والسياسة والتنمية. *خاتمة* يتضح أن قيادة الدعم السريع تواجه تحديات بنيوية تهدد بقاءها كفاعل سياسي وعسكري مؤثر. إن غياب التفكير الاستراتيجي والارتباك في الخطاب والممارسة يجعل مستقبلها مرهوناً بقدرتها على إصلاح هذه الاختلالات واعتماد رؤية متماسكة ومستدامة. الدعم السريعالمستشار السياسي السابقحميدتي

مقالات مشابهة

  • السودان.. حميدتي يهدد بتصعيد جديد ويؤكد عدم نيته الخروج من القصر الرئاسي
  • بالفيديو .. قائد لواء البراء بن مالك يرد على حميدتي .. القصر الجمهوري افرشوا تب” وقوات المدرعات تقترب من القيادة العامة للجيش
  • الجيش يتقدم نحو وسط الخرطوم ويسيطر على موقف مواصلات قريب من القصر
  • قائد قوات الدعم السريع: سنبقى في الخرطوم ولن نخرج من القصر الجمهوري
  • قائد منطقة الشجرة العسكرية لواء دكتور ركن نصر الدين عبد الفتاح من أمام مقر رئاسة سلاح المدرعات؟
  • «حميدتي»: سنبقى في الخرطوم ولن نخرج من القصر الجمهوري
  • حميدتي: الدعم السريع لن يخرج من الخرطوم أو القصر الجمهوري
  • ستة قتلى في قصف قوات الدعم السريع لمدينة استراتيجية  
  • قائد سلاح المدرعات يحدد موعد القضاء على الدعم السريع
  • المستشار السياسي السابق لـ”حميدتي” يكتب عن مستقبل الدعم السريع في السودان