لا شك في أن شبكة الإنترنت ليست مجرد وسيلة للتواصل أو الوصول إلى المعلومات؛ بل هي بنية تقنية معقدة تجمع بين ملايين الشبكات والمكونات التقنية التي تعمل بتناغم لتوفير تجربة المستخدم التي نعيشها يوميًا.

ومن أجل فهم كيفية عمل شبكة الإنترنت، يجب أن نستكشف الجوانب التقنية التي تشكل أساس تشغيلها، بدءًا من شبكات الحواسيب الهرمية وحتى البروتوكولات التي تدير حركة البيانات.

وإذا أردنا تبسيط الموضوع، فإن شبكة الإنترنت تتألف من مجموعة من الطبقات المتسلسلة التي تبدأ بالمستخدم وتنتهي عند العمود الفقري للإنترنت، الذي يتضمن الكابلات البحرية ومراكز البيانات الضخمة.

ويجري نقل البيانات من خلال أجهزة توجيه الإنترنت، التي تعمل كالعقد الرئيسية لتنظيم حركة المرور وتوجيه الحزم إلى وجهاتها.

ويلعب "بروتوكول الإنترنت" (IP) دورًا رئيسيًا هنا، حيث يعتمد على عناوين فريدة لتحديد كل جهاز متصل بالشبكة، بينما يترجم "نظام أسماء النطاقات" (DNS) أسماء المواقع إلى عناوين "بروتوكول الإنترنت" (IP) المفهومة للشبكة.

وعلى المستوى التطبيقي، تتعامل خوادم الإنترنت مع طلبات العملاء، حيث يجري إرسال الطلبات باستخدام بروتوكولات، مثل "HTTP"، عبر المنافذ المناسبة.

إعلان

ويحدد محدد موقع الموارد الموحد (URL) الموارد المطلوبة، مثل صفحات الويب، بينما يعمل "نظام أسماء النطاقات" (DNS) خلف الكواليس لضمان وصولك إلى الموقع الصحيح.

وفي هذا المقال، نتعرف بالتفصيل على هذه المكونات من أجل فهم كيفية تعاونها معًا لتكوين شبكة الإنترنت التي أصبحت العمود الفقري للعصر الرقمي.

شبكات الحواسيب

قبل الغوص في تفاصيل شبكة الإنترنت، يجب أن نحدد ما الشبكة؟ وإذا أردنا تعريف الشبكة بطريقة مبسطة، فإنها مجموعة من أجهزة الحواسيب المتصلة القادرة على إرسال البيانات من بعضها إلى بعض.

وتشبه شبكة الحواسيب إلى حد كبير مجموعة من الأشخاص الذين يعرف بعضهم بعضًا ويتبادلون المعلومات بانتظام. ويُعد كل جهاز متصل بالإنترنت جزءًا من شبكة، بما في ذلك الأجهزة الموجودة في منزلك.

وعلى سبيل المثال، قد يستخدم حاسوبك مودم كابلات أو ألياف ضوئية للاتصال بمزود خدمة الإنترنت (ISP).

أما في مكان العمل، فقد يكون جهازك جزءًا من شبكة محلية (LAN)، بينما يتولى مزود خدمة الإنترنت الخاص بالشركة توفير الاتصال بالشبكة العالمية.

وبمجرد اتصال جهازك، يصبح جزءًا من شبكة الشركة. بدوره، يتصل مزود الخدمة بشبكة أكبر، إذ إن الإنترنت في جوهرها هي شبكة تتألف من شبكات مترابطة.

وتمتلك شركات الاتصالات الكبرى شبكات أساسية مخصصة تسمى "العمود الفقري" (Backbones)، وهي اتصالات دائمة بالإنترنت تمتلك سعة نطاق كبيرة تتيح لعدد كبير من الأشخاص استخدامها في الوقت نفسه.

وفي كل منطقة، تمتلك الشركة مكتبًا يربط المنازل والشركات بشبكتها الرئيسية. ويغيب عن هذا المشهد مركزية التحكم، حيث تنتقل البيانات من نقطة إلى أخرى.

وفي حال تعطل أي جهاز في الشبكة، تعيد الحزم الرقمية التي تشكل الملفات توجيه نفسها عبر أجهزة أخرى، وهكذا تصل الملفات إلى وجهتها النهائية كما هو متوقع دون أن يشعر المستخدم بأي تغيير في مسار البيانات.

إعلان

ومن أجل تبسيط الفكرة، تخيل أن الشركة "أ" هي شركة صغيرة تمتلك شبكة مكتبية تتضمن خادمًا وطابعة متصلة بالشبكة، في حين تخيل أن الشركة "ب" هي مزود خدمة إنترنت (ISP) كبير يمتلك مكاتب في المدن الكبرى لتخزين خوادمه ومعدات التوجيه.

وتُعد الشركة "ب" شركة كبيرة الحجم، مما يسمح لها بتشغيل خطوط ألياف ضوئية تربط بين مبانيها، الأمر الذي يضمن تواصلها الداخلي.

وفي هذا السياق، يمكن لجميع عملاء الشركة "أ" التواصل فيما بينهم، ويمكن لجميع عملاء الشركة "ب" فعل الشيء ذاته، ولكن شبكتي الشركتين ليستا متصلتين ببعضهما.

وتعمل كل شركة ضمن نظام داخلي مستقل، لكنها لا تستطيع التواصل مع الأخرى. لهذا السبب، توافق الطرفان على الاتصال عبر "نقاط الوصول إلى الإنترنت" (IXPs) في مدن مختلفة.

ومن خلال هذه النقاط، يمكن لشبكتي الشركتين الاتصال فيما بينهما وبشبكات أخرى تستخدم الإنترنت.

ويوضح هذا المثال كيف يمكن لشبكتين مستقلتين التواصل عبر الإنترنت، مع أن هذه الحالة ليست سوى نموذج مصغر لما يحدث على نطاق أوسع.

شبكة الإنترنت تعتمد على  كابلات أو ألياف ضوئية بعضها تحت البحار لربط نقاط اتصالها (شترستوك) جهاز توجيه الإنترنت

تعتمد جميع شبكات الإنترنت على "نقاط الوصول إلى الإنترنت" (IXPs) و "العمود الفقري" (Backbones) و "أجهزة التوجيه" (Routers) للتواصل فيما بينها.

وتغادر الرسالة جهاز الحاسوب وتنتقل عبر نصف الكرة الأرضية مرورًا بعدة شبكات مختلفة لتصل إلى جهاز حاسوب آخر خلال جزء من الثانية.

وتحدد أجهزة التوجيه مسار المعلومات بين الأجهزة، وهي أجهزة متخصصة ترسل رسائلك ورسائل جميع مستخدمي الإنترنت إلى وجهاتها عبر آلاف المسارات المختلفة.

وتؤدي أجهزة التوجيه وظيفتين أساسيتين:

منع انتقال المعلومات إلى وجهات غير ضرورية: وهي وظيفة ضرورية لتجنب ازدحام البيانات في الشبكة ومنع التأثير في المستخدمين الآخرين. ضمان وصول المعلومات إلى وجهتها المحددة: وهي الوظيفة الأساسية لضمان دقة وكفاءة نقل البيانات. إعلان

وعبر أداء هاتين الوظيفتين، تلعب أجهزة التوجيه دورًا محوريًا في التعامل مع شبكتين منفصلتين.

وتربط أجهزة التوجيه الشبكتين وتنقل المعلومات بينهما، وفي الوقت نفسه تحمي كل شبكة من الأخرى من خلال منع التدفق غير الضروري للبيانات.

وبغض النظر عن عدد الشبكات المتصلة بجهاز التوجيه، تبقى عملياته الأساسية ثابتة. ونظرًا إلى أن شبكة الإنترنت هي شبكة ضخمة تتألف من عدد كبير من الشبكات الأصغر، فإن وجود أجهزة التوجيه يعتبر عنصرًا حيويًا لا غنى عنه.

العمود الفقري للإنترنت

في عام 1986، أنشأت مؤسسة العلوم الوطنية الأميركية "إن إس إف" (NSF) أول عمود فقري عالي السرعة للإنترنت كان يسمى "إن إس إف نيت" (NSFNET)، وهو عبارة عن خط "تي1" (T1) يربط 170 شبكة صغرى معًا ويعمل بسرعة قدرها 1.5 ميغابايت في الثانية.

وبالتعاون مع شركات، مثل "آي بي إم" (IBM) و "إم سي آي" (MCI) و "ميريت" (Merit)، طورت مؤسسة العلوم الوطنية الأميركية (NSF) في العام التالي عمودًا فقريًا جديدًا يعمل بخط  "تي3" (T3) وبسرعة قدرها 45 ميغابايت في الثانية.

ويعد العمود الفقري للإنترنت بمنزلة بنية تحتية توفر اتصالات ذات سعة عالية جدًا مقارنةً بالاتصالات التي تصل المنازل بالمكاتب المركزية القريبة.

وفي بدايات الإنترنت، كانت شركات الاتصالات الكبرى فقط قادرة على إدارة هذا النوع من النطاق الترددي العالي.

أما اليوم، فإن العديد من الشركات قادرة على تشغيل هذا النوع من النطاق الترددي العالي، وتتصل جميعها بعضها ببعض من خلال "نقاط الوصول إلى الإنترنت" (IXPs) المختلفة في جميع أنحاء العالم.

وبهذه الطريقة، يستطيع أي شخص عبر شبكة الإنترنت، بغض النظر عن موقعه الجغرافي أو مزود الخدمة الذي يستخدمه، التواصل مع أي شخص آخر على هذا الكوكب.

في بدايات الإنترنت، كانت شركات الاتصالات الكبرى فقط قادرة على إدارة هذا النوع من النطاق الترددي العالي (شترستوك) عناوين بروتوكول الإنترنت

يمتلك كل جهاز عبر الإنترنت رقم تعريف فريدا يسمى عنوان "بروتوكول الإنترنت" (IP)، وهو أحد بروتوكولين أساسيين يُستخدمان لتواصل الأجهزة عبر الإنترنت، في حين يسمى البروتوكول الآخر "بروتوكول التحكم في الإرسال" (TCP).

إعلان

ويعرف البروتوكول بأنه طريقة محددة مسبقًا تسمح لمستخدم الخدمة -سواء كان إنسانًا أو برنامجًا مثل متصفح الإنترنت- بالتواصل مع الخدمة.

ويأخذ عنوان "بروتوكول الإنترنت" وفق الإصدار الرابع (IPv4) الشكل التالي: 216.27.61.137.

ومن أجل تسهيل حفظ العناوين بالنسبة للبشر، تُكتب هذه العناوين بصيغة عشرية مفصولة بنقاط، مثل المثال السابق.

ومع ذلك، فإن الأجهزة الحاسوبية تتواصل باستخدام الصيغة الثنائية، حيث يصبح العنوان السابق نفسه بصيغته الثنائية: 11011000.00011011.00111101.10001001.

وفي عنوان (IPv4)، تسمى كل مجموعة أرقام "أوكتت" (Octet) أو البتات الثمانية، لأنها تتألف من 8 مواقع عند عرضها بالصيغة الثنائية.

وعندما تُجمع جميع المواقع، نحصل على 32 موقعًا، مما يجعل عناوين (IPv4) أرقامًا بطول 32 بتا.

ونظرًا إلى أن كل موضع من المواضع الثمانية قد يكون له حالتان مختلفتان (1 أو 0)، فإن العدد الإجمالي للتركيبات الممكنة لكل 8 بتات هو 2 مرفوعة للأس 8 أو 256.

لذا، يمكن لكل 8 بتات أن تحتوي أي قيمة بين 0 و255، بحيث إذا جمعت بين الثمانيات الأربع فإنك تحصل على 2 مرفوعة للأس 32 أو ما يصل إلى 4294967296 قيمة فريدة ممكنة.

ومن بين ما يقرب من 4.3 مليارات تركيبة ممكنة في عناوين (IPv4)، فإن هناك عناوين محددة محجوزة لاستخدامات خاصة.

وعلى سبيل المثال، فإن العنوان 0.0.0.0 مخصص للأجهزة ضمن الشبكة المحلية، بينما يستخدم العنوان 255.255.255.255 للبث.

ورغم أن 4.3 مليارات يبدو رقمًا كبيرًا، فإن النمو السريع للإنترنت تطلب نظام عناوين جديدًا.

لذا، بدأ الخبراء في "مجموعة مهندسي شبكة الإنترنت" (IETF) بالعمل على نظام جديد مكون من 128 بتا في أواخر عام 1998.

ويحتوي عنوان "بروتوكول الإنترنت" وفق الإصدار السادس (IPv6)، الذي صدر رسميًا في 6 يونيو/حزيران 2012، ما يكفي لما يصل إلى 340 تريليونا مرفوعا للأس 3 عناوين.

إعلان

وتبدو عناوين (IPv6) مختلفة قليلا عن عناوين (IPv4) التي ظهرت في سبعينيات القرن العشرين.

ويحتوي كل مقطع في عنوان (IPv6) على 4 أرقام مفصولة بنقطتين، على النحو التالي، ba5a:9a72:4aa5:522e:b893:78dd:a6c4:f033.

وبما أن (IPv6) يستخدم الصيغة السداسية العشرية، فإن الترقيم يشمل 16 رمزًا، مما يتطلب استخدام الحروف من "إيه" (A) إلى "إف" (F) لتمثيل الأرقام المزدوجة.

وفي ظل استخدام الإصدار الرابع من بروتوكول الإنترنت في الوقت الحالي، فإن البتات الثمانية تُستخدم لإنشاء فئات من عناوين بروتوكول الإنترنت قابلة للتخصيص لشركة معينة أو حكومة أو كيان ما بناء على الحجم والحاجة.

وتخدم البتات الثمانية في عناوين (IPv4) غرضًا آخر، إلى جانب تقسيم الأرقام، إذ إنها تستخدم لتحديد فئات عناوين "بروتوكول الإنترنت" (IP) التي تُخصص بناءً على حجم واحتياجات الأعمال أو الحكومات أو الكيانات الأخرى.

وتُقسم البتات الثمانية إلى قسمين، هما الشبكة والمضيف. وتستخدم البتات الثمانية الأولى من أجل تحديد الشبكة التي ينتمي إليها الحاسوب.

في حين يُستخدم الجزء الأخير لتحديد الجهاز المضيف أو العقدة داخل الشبكة، ويوجد 5 فئات من "بروتوكول الإنترنت" (IP)، بالإضافة إلى عناوين خاصة معينة.

نظام أسماء النطاقات

في بدايات الإنترنت، كانت الشبكة تتكون من عدد قليل من أجهزة الحواسيب المتصلة بعضها ببعض عبر أجهزة المودم وخطوط الهاتف.

ومن أجل إجراء الاتصال بين جهازين، كان من الضروري إدخال عنوان "بروتوكول الإنترنت" (IP) للجهاز المستهدف يدويًا.

وعلى سبيل المثال، قد يكون عنوان "بروتوكول الإنترنت" (IP) نموذجيًا مثل: 216.27.22.162.

وكان هذا الإجراء مناسبًا في البداية عندما كان عدد الأجهزة المتصلة قليلًا، لكنه أصبح معقدًا وغير عملي مع انضمام المزيد من الأنظمة إلى الشبكة.

إعلان

ومن أجل حل هذه المشكلة، ظهر أول حل بسيط تمثل في ملف نصي يسمى "جدول المضيفين" (Host Table) يحتفظ به "مركز معلومات الشبكة" (NIC).

ويربط هذا الملف أسماء الأجهزة بعناوين "بروتوكول الإنترنت" (IP)، ولكن سرعان ما أصبح حجم هذا الملف ضخمًا جدًا لدرجة أنه كان من الصعب إدارته.

وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني 1983، قدم "بول موكابيتريس" (Paul Mockapetris) مقترحين لمجموعة عمل الشبكة الدولية (INWG).

وحدد المقترح الأول مفاهيم "نظام أسماء النطاقات" (DNS) الذي يربط أسماء النصوص بعناوين "بروتوكول الإنترنت" (IP) تلقائيًا، في حين يحدد المقترح الثاني طرقًا لتنفيذ النظام.

وبفضل جهود موكابيتريس وآخرين، أصبح بإمكان المستخدمين الآن تذكر أسماء نصية سهلة مثل بدلًا من الأرقام والنقاط التي تُشكل عنوان "بروتوكول الإنترنت" (IP).

وشكل هذا الابتكار نقطة تحول كبيرة في تسهيل استخدام شبكة الإنترنت وتعزيز انتشارها عالميًا.

في بدايات الإنترنت، كانت الشبكة تتكون من عدد قليل من أجهزة الحواسيب المتصلة بعضها ببعض عبر أجهزة المودم وخطوط الهاتف (شترستوك) محدد مواقع الموارد الموحد

عند تصفح الإنترنت أو إرسال بريد إلكتروني، تعتمد على استخدام أسماء المجالات.

وفي كل مرة تستخدم فيها اسم مجال، فإن خوادم "نظام أسماء المجالات" (DNS) تترجم اسم المجال الذي يمكن للبشر قراءته إلى عنوان "بروتوكول الإنترنت" (IP) الذي يمكن للأجهزة قراءته.

وتشمل أسماء المجالات ذات المستوى الأعلى، التي تسمى أيضًا بأسماء المجالات ذات المستوى الأول، (.COM) و (.ORG) و (.NET) و (.EDU) و (.GOV).

وتوجد داخل كل مجال من المستوى الأول قائمة ضخمة من مجالات المستوى الثاني.

وعلى سبيل المثال، يوجد في نطاق المستوى الأول (.NET) موقع شبكة الجزيرة الإعلامية (www.aljazeera.net)، في حين أن الجزء الموجود في أقصى اليسار، مثل "www"، يُعرف باسم المضيف، وهو يشير إلى اسم دليل ضمن جهاز معين ذي عنوان "بروتوكول إنترنت" (IP) محدد ضمن مجال معين.

إعلان

ويمكن لأي مجال أن يحتوي على ملايين الأسماء المضيفة ما دامت جميعها فريدة داخل المجال.

وتقبل خوادم "نظام أسماء المجالات" (DNS) الطلبات من البرامج والخوادم الأخرى لتحويل أسماء المجالات إلى عناوين "بروتوكول الإنترنت" (IP).

وعندما يصل طلب إلى خادم "نظام أسماء النطاقات" (DNS) يمكنه اتخاذ أحد الإجراءات الأربعة التالية: الإجابة المباشرة: الرد على الطلب بعنوان "بروتوكول الإنترنت" (IP)، طلب المساعدة: الاتصال بخادم آخر للبحث عن عنوان "بروتوكول الإنترنت" (IP) المطلوب، الإحالة إلى خادم آخر: الإبلاغ بأنه لا يعرف العنوان المطلوب ولكنه يوفر عنوان خادم آخر قد يعرف، إرجاع رسالة خطأ: إذا كان اسم المجال المطلوب غير صالح أو غير موجود.

ونتيجة لذلك، يعتبر "نظام أسماء المجالات" (DNS) بمنزلة العمود الفقري للإنترنت، حيث يضمن تجربة تصفح سلسة من خلال تحويل الأسماء النصية المألوفة إلى أرقام تعمل الأجهزة على فهمها بسهولة.

ولنفترض أنك كتبت عنوان (www.aljazeera.net) في متصفحك. في هذه الحالة، يتصل المتصفح بخادم "نظام أسماء المجالات" (DNS) للحصول على عنوان "بروتوكول الإنترنت" (IP).

ويبدأ خادم "نظام أسماء المجالات" (DNS) البحث عن عنوان "بروتوكول الإنترنت" (IP) من خلال الاتصال بأحد خوادم الجذر الخاصة بـ"نظام أسماء المجالات" (DNS).

وتعرف خوادم الجذر عناوين "بروتوكول الإنترنت" (IP) لجميع خوادم "نظام أسماء المجالات" (DNS) التي تدير النطاقات العليا.

وعندما يسأل خادم "نظام أسماء المجالات" (DNS) خادم الجذر عن (www.aljazeera.net)، يرد خادم الجذر بالإحالة إلى خادم آخر يتعامل مع المجال (.NET).

ويرسل خادم "نظام أسماء المجالات" (DNS) استعلامًا إلى خادم "نظام أسماء المجالات" (DNS) من المستوى الأعلى (.NET) يسأله عن عنوان "بروتوكول الإنترنت" (IP) لموقع (www.aljazeera.net)، الذي بدوره يرسل هذه العناوين لأنه يعرف عناوين "بروتوكول الإنترنت" (IP) لخوادم الأسماء التي تتعامل مع نطاق (www.aljazeera.net).

إعلان

ويتصل خادم "نظام أسماء المجالات" (DNS) بخادم "نظام أسماء المجالات" (DNS) الخاص بموقع (www.aljazeera.net) ويسأله عن عنوان "بروتوكول الإنترنت" (IP) لموقع (www.aljazeera.net)، الذي بدوره يعيد عنوان "بروتوكول الإنترنت" (IP) لأنه يعرف عنوان "بروتوكول الإنترنت" (IP) لموقع (www.aljazeera.net).

وبعد ذلك، يصل عنوان "بروتوكول الإنترنت" (IP) لموقع (www.aljazeera.net) إلى المتصفح، الذي يتصل بعد ذلك بخادم الموقع للحصول على صفحة الويب.

ويعتمد نجاح هذه العملية على التكرار والتخزين المؤقت.

ويوجد خوادم متعددة عبر كل مستوى من مستويات العملية لضمان الاستمرارية، وبالتالي إذا فشل أحدها، فإن الخوادم الأخرى تتولى مسألة التعامل مع الطلبات.

وبمجرد أن يحل خادم "نظام أسماء المجالات" (DNS) طلبًا، فإنه يخزن عنوان "بروتوكول الإنترنت" (IP) الذي يتلقاه.

وعلى سبيل المثال، إذا أرسل خادم استعلامًا عن خادم "نظام أسماء المجالات" (DNS) من المستوى الأعلى (.NET)، فإنه يحتفظ بالعنوان من أجل تجنب الاتصال بخوادم الجذر مرة أخرى لنفس النوع من الطلبات.

وبالرغم من أنها غير مرئية للمستخدمين، فإن خوادم "نظام أسماء المجالات" (DNS) تتعامل مع مليارات الطلبات يوميًا، وهي ضرورية لضمان سلاسة عمل شبكة الإنترنت.

خوادم الإنترنت والعملاء

يُصنَّف كل جهاز عبر الإنترنت إما بصفته "خادمًا" (Server) أو "عميلًا" (Client). وتعرف الأجهزة التي تقدم خدمات لأجهزة أخرى بالخوادم، في حين أن الأجهزة المستخدمة للاتصال بهذه الخدمات تسمى بالعملاء.

ويوجد خوادم ويب وخوادم بريد إلكتروني وخوادم "إف تي بي" (FTP) وغيرها من الخوادم التي تخدم احتياجات مستخدمي الإنترنت في جميع أنحاء العالم.

وعندما تتصل بموقع (www.aljazeera.net) لقراءة صفحة، فإنك تكون مستخدمًا تعمل من جهاز عميل، إذ إنك تدخل إلى خادم الويب (aljazeera)، ويجد جهاز الخادم الصفحة التي طلبتها ويرسلها إليك.

إعلان

ويعمل العميل بخطة واضحة عند الاتصال بالخادم، حيث يوجّه طلباته إلى برنامج خادم محدد يعمل عبر جهاز الخادم.

وعلى سبيل المثال، إذا كنت تستخدم متصفح ويب عبر جهازك، فإنه يتواصل مع خادم الويب عبر جهاز الخادم، وليس مع خادم البريد الإلكتروني.

ويمتلك الخادم عنوان "بروتوكول إنترنت" ثابتًا لا يتغير (Static IP)، مما يتيح للمستخدمين الوصول إليه بسهولة في أي وقت.

ومن ناحية أخرى، عادةً ما يكون لدى الجهاز المنزلي الذي يتصل بالإنترنت عبر جهاز المودم عنوان "بروتوكول إنترنت" ديناميكي (Dynamic IP) من مزود خدمة الإنترنت في كل مرة يتصل فيها، ويكون عنوان "بروتوكول الإنترنت" فريدًا لجلسة الاتصال الحالية، ولكنه غالبًا ما يتغير عند الاتصال في المرات اللاحقة.

ويتيح استخدام عناوين "بروتوكول إنترنت" ديناميكية (Dynamic IP) لمزود الخدمة استخدام عنوان "بروتوكول إنترنت" (IP) واحد لكل جهاز متصل بالشبكة بدلًا من تخصيص عنوان فريد لكل عميل، مما يساعد في تحسين إدارة الموارد وتقليل الحاجة إلى عدد كبير من العناوين الثابتة.

المنافذ وبروتوكول نقل النص التشعبي

يقدّم أي خادم (Server) خدماته عبر منافذ مرقّمة (Ports)، حيث يجري تخصيص منفذ لكل خدمة متاحة عبر الخادم.

وعلى سبيل المثال، إذا كان جهاز الخادم يعمل بصفته خادمًا للويب وخادمًا لنقل الملفات، فإن خادم الويب يتاح عادةً عبر المنفذ 80، في حين يتاح خادم نقل الملفات عبر المنفذ 21.

ويتصل العملاء بخدمة ما عبر عنوان "بروتوكول إنترنت" (IP) محدد ورقم منفذ معين، وبعد أن يتصل العميل بالخدمة عبر منفذ معين، فإنه يستخدم بروتوكولًا محددًا للوصول إلى الخدمة.

وتحدد البروتوكولات كيفية تواصل العميل مع الخادم. وعلى سبيل المثال، يتوافق كل خادم ويب عبر الإنترنت مع "بروتوكول نقل النص التشعبي" (HTTP).

ختامًا، تعتمد شبكة الإنترنت على العديد من المكونات، مثل الشبكات، وأجهزة التوجيه، ومزودي خدمة الإنترنت، وخوادم أسماء النطاقات، وتتيح هذه البنية التحتية انتقال المعلومات حول العالم في غضون أجزاء من الثانية.

إعلان

وتشكل هذه المكونات عصب الحياة الحديثة، ولن يكون هناك وجود للإنترنت بدونها، وبدون الإنترنت، تبدو الحياة مختلفة تمامًا بالنسبة للكثيرين منا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان

إقرأ أيضاً:

حفيد مانديلا لـ”الثورة ” :التزام جنوب أفريقيا بدعم النضال الفلسطيني مبدئي وثابت

من المؤسف أن نرى دول العالم العربي والدول الإسلامية تطبع علاقاتها مع إسرائيل ومتواطئة إزاء جرائم الحرب التي ترتكبها الاحتلال في غزة  اليمن بات ظهرا تستند إليه المقاومة الفلسطينية وتشعر أنها ليست وحدها .  علينا جميعا أن نبقى ثابتين مع رؤية وأهداف المؤتمر الذي انعقد بصنعاء .. فلسطين لن تكون وحيدة .  بريطانيا دائما في الجانب الخطأ من التاريخ ..لذلك لم يفاجئني قرار منعي من دخولها .   نحن في جنوب افريقيا مصممون على أن ينال مرتكبو جرائم الإبادة الجماعية في فلسطين عقابهم على ما اقترفوه من جرائم منذ عام 1948 . الخطر على العالم يكمن في نظام القطب الواحد المتمثل بالهيمنة الأمريكية على العالم .. و”البريكس” خيار جديد .

 

جسد المناضل الأفريقي الأممي الراحل نيلسون مانديلا معنى الأخوة الإنسانية، أخوة الخلق التي وصفها الإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام- .. مانديلا زار غزة عام 1995م، ومن هناك قطع وعدا بأن تعمل بلاده على دعم النضال الفلسطيني حتى التحرير، وقال : “ إن استقلال دولة جنوب إفريقيا لن يكتمل إلا باستقلال فلسطين “.

وفي هذا الموقف يتجسد المؤمن الحق الذي يحب لأخيه ما يحبه لنفسه، كما في حديث النبي الأكرم الذي بدأه بالقسم “ والذي نفس محمد بيده … “ .

أسس مانديلا حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وقاد من خلاله نضالا طويلا حتى تخلصت جنوب إفريقيا من نظام الفصل العنصري عام 1994م.

وعلى مدى 30 عاما ظل حزب مانديلا ولا يزال هو الحزب الحاكم في دولة جنوب إفريقيا، ولا يزال الحزب متمسكا بوعد مانديلا في دعم النضال الفلسطيني، وهذا ما دفع حكومة جنوب إفريقيا لتقديم دعوى ضد كيان إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية في ديسمبر 2023م.

ومن أجل فلسطين، استجاب حفيد مانديلا زويلفليل مانديلا- عضو البرلمان في جنوب إفريقيا لدعوة صنعاء والمشاركة في “ مؤتمر فلسطين الدولي الثالث “ الذي اختتم أعماله في الـ25 من مارس الماضي.

“الثورة” التقت حفيد مانديلا في حوار تحدث فيه عن التزام بلاده في دعم النضال الفلسطيني، وعن الدعوة التي رفعتها في محكمة العدل الدولية، والضغوط التي تتعرض له بلاده على خلفية مواقفها، كما تطرق الحوار الى الخذلان العربي لإخوانهم الفلسطينيين مقارنة بالدعم الأفريقي الذي تلقته بلاده في نضالها ضد نظام الفصل العنصري:

أجرى الحوار/ عباس السيد – ترجمة/ هاشم السيد

يتداول السياسيون في جنوب إفريقيا مقولة شهيرة لجدكم الراحل المناضل الأممي نيلسون مانديلا، وهي : ستظل حريتنا ناقصة مالم تكتمل بحرية الفلسطينيين « .. مقولة مانديلا باتت أشبه بمبدأ سياسي لجنوب إفريقيا، مع انها أخلاقية اكثر منها سياسية.. ما الذي يجعلكم تتمسكون بهذا المبدأ في ظل عالم تتحكم به المصالح وحسابات الربح والخسارة ؟

– أولا شكرا على دعوتكم لي للحديث عبر صحيفتكم .

لقد زار جدي نيلسون مانديلا غزة عام 1995م قطاع غزة، وأعلن من هناك أن حرية جنوب أفريقيا ليست كاملة بدون حرية فلسطين، وهذا يعتبر التزاماً حقيقياً بدعم النضال الفلسطيني من قبل الشعب والقيادة في دولة جنوب أفريقيا، وليس من قبل مانديلا فحسب .

نحن كنا نستفيد من تضامن العالم معنا للحصول على حريتنا، وذلك التضامن الدولي شكل ضغطا كبيرا على نظام الفصل العنصري في بلدنا وكان ذلك ضمن العوامل الرئيسية التي أدت إلى حصولنا على حريتنا واستقلالنا بالتخلص من نظام الفصل العنصري عام 1994م.

وعلى هذا الأساس قدم جدي الراحل مانديلا وعدا أو التزاما بالتضامن والدعم من أجل تحرير فلسطين .

ونحن، هذا الجيل الحالي في دولة جنوب أفريقيا، أخذنا على عاتقنا هذا الإلتزام، ونناضل حاليا لكي تحصل فلسطين على استقلالها .ٍ

تتعرض جنوب إفريقيا لضغوط وعقوبات سياسية واقتصادية من قبل الولايات المتحدة وبعض الدل الأوروبية بسبب مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية .. ما تأثير هذه الضغوط على المواقف الجنوب إفريقي ؟

– هذه عبارة عن تكتيكات تتبعها الولايات المتحدة للضغط على بلادنا كي تتخلى عن دعمها لفلسطين وبالتالي حماية وكيلتها الصهيونية في المنطقة، ولكننا في جنوب إفريقيا مصممون على أن ينال مرتكبو جرائم الإبادة الجماعية في فلسطين عقابهم على ما اقترفوه من جرائم الحرب والتصفيات العرقية، وتحميلهم المسؤولية الكاملة عن جرائمهم منذ النكبة عام 1948م.

بحسب مناضلين جنوب إفريقيين، النضال الفلسطيني كان ملهما لهم في مسيرتهم للتحرر من نظام الفصل العنصري ” الأبارتايد ” السابق .. ما الفرق بين النظامين العنصريين – الجنوب إفريقي السابق، والإسرائيلي؟ ولماذا نجح الجنوب إفريقيون وفشل الفلسطينيون ؟.

– لا يجب أن نعتبر أن الفلسطينيين أخفقوا في الحصول على استقلالهم، يجب أن نتذكر أننا في جنوب أفريقيا بقينا تحت الاحتلال 350 عاما ثم خمسين عاما تحت نظام الفصل العنصري الظالم، هذا يعني أن معاناتنا استمرت 400 عام، بينما الفلسطينيون يعانون تحت الاحتلال منذ أربعينيات القرن الماضي ـ حوالي 75 عاما، لكنه في الحقيقة أكثر مأساوية وعنصرية مما عانيناه نحن في جنوب أفريقيا .

أما عن الأسباب التي جعلت جنوب إفريقيا تنجح في الحصول على حريتها، فإن ذلك لا يعود لجهود أو نضال أبنائها فحسب، لقد قدم جدي الراحل نيلسون مانديلا خيارين اثنين : إما أن نستسلم لنظام الفصل العنصري، أو نقاوم، وقد اخترنا خيار المقاومة .

وتم تشكيل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي كإطار سياسي بجناح عسكري، وحملنا سلاحنا وقاتلنا المحتل، وانضمت إلينا بعض حركات التحرر، ودعمتنا دول ومنظمات إفريقية، وأيضا كل قادة دول أفريقيا الكبيرة كانوا يساندوننا .

وخلال نضالنا المسلح، حصلنا على دعم المناضل الراحل ياسر عرفات، ومعمر القذافي من ليبيا، وأيضا من كوبا ورئيسها فيدل كاسترو .

وكنا نعلم جيدا أن الكفاح المسلح يعتبر إحدى وسائل النضال من أجل التحرر، ولذا كان لا بد لنا أن نكون موحدين نحن شعب جنوب أفريقيا، بما في ذلك نقابات الطلاب ومنظمات المجتمع المدني، وتم تشكيل الجبهة الديمقراطية الموحدة في الثمانينيات، وتمكنا من حشد كل الطاقات في المجتمع، وجعلنا جهودنا تتركز كلها ضد عدو واحد، وهو نظام الفصل العنصري الذي يضطهدنا .

وكان لفئة الشباب دور هام في ذلك، إذ دعا جدي الراحل هذه الفئة للانخراط في المعركة ضد النظام العنصري، وهذا شبيه لما نراه الآن في فلسطين، حيث الشباب في مقدمة صفوف المقاومة .

ونحن ندعو باستمرار الفلسطينيين إلى التوحد والمشاركة بفاعلية بالنضال في غزة والضفة الغربية .

إنه لمؤسف ومقلق لنا، أن نرى دول العالم العربي والدول الإسلامية تطبع علاقاتها مع إسرائيل ومتواطئة في جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال في غزة.

ونحن نناشد هذه الدول بقوة، أن لا تكون متواطئة في جرائم حرب الإبادة التي ترتكب في غزة، وأن لا تطبع علاقاتها مع الصهاينة، وندعوها للوقوف مع أهل فلسطين، ودعم المقاومة الفلسطينية أسوة بما يفعله اليمن حاليا بقيادة أنصار الله، وكذلك أسوة بحزب الله اللبناني والمقاومة العراقية في إطار محور المقاومة .

خلال نضالنا في جنوب أفريقيا، تلقينا دعما من المهاجرين الجنوب إفريقيين في مختلف دول العالم، لقد كانوا سفراء لنا ولعبوا دورا نضاليا مؤثرا في التعريف بمظلوميتنا .

وبالمثل، هناك حوالي 7 ملايين فلسطيني مهاجرون في الخارج، وقد اندمجوا في المجتمعات التي يعيشون فيها، وندعوهم لمد يد العون ليكونوا في مقدمة المناضلين لتحرير وطنهم فلسطين .

وأخيرا يأتي دور المجتمع الدولي نفسه، حيث تحركنا في أوساط الحكومات ومنظمات المجتمع المدني في الدول والبرلمانات في دول العالم، وتواصلنا مع الدول الإقليمية، واستطعنا الحصول على دعم من منظمة الدول الأفريقية المعروفة حاليا بالاتحاد الأفريقي .

كثير من الدول دعمتنا، والقليل منها اختارت الوقوف إلى جانب نظام الفصل العنصري، مثل أمريكا وبريطانيا، وهذا يشبه ما نراه الآن في الحالة الفلسطينية، لكننا لم نيأس عندما وقفت مارجريت تاتشر ـ رئيسة الوزراء البريطانية سابقا ـ إلى جانب نظام الفصل العنصري، تواصلنا مع الناس في بريطانيا، و مع منظمات الحقوق المدنية في أمريكا عندما انحاز الرئيس رونالد ريجان للنظام العنصري، وشكلت هذه الجبهات رافدا مهما لمناهضة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا .

نحن الآن نرى نجاحا حققته القضية الفلسطينية من خلال الانتفاضات التي حصلت في جميع أنحاء العالم ضد الصهيونية .

انتم شخصيا، تتعرضون لحملة تحريض وضغوط مختلفة على خلفية مواقفكم المؤيدة للحق الفلسطيني.. ما الذي تعكسه هذه الضغوط، وما الذي تعتمدون عليه في مواجهتها ؟.

– بالنسبة لي، فأنا لا أعتبر ذلك أمرا مفاجئا أن أمنع من دخول بريطانيا .. لقد كانت بريطانيا دائما في الجانب الخطأ من التاريخ، وفي مرحلة نضالنا كانت مارجريت تاتشرـ عن حزب المحافظين ـ ضدنا، بينما كان حزب العمال البريطاني معنا، الآن حزب العمال يحكم بريطانيا، لكنه واقع تحت السيطرة وتم احتواؤه .

أنا لا أرى أي عوائق تقيدني من عدم القدرة على السفر إلى بريطانيا، تستطيع الحكومة البريطانية منعنا من ذلك لمعاقبتنا على موقفنا الداعم لفلسطين، ولكنها لا تستطيع إسكات النضال الفلسطيني، وفي هذا الخصوص، نحن مستمرون في جهودنا، مستلهمون تحركنا وتصميمنا من المناضلين الفلسطينيين الذين يدفعون أثمانا باهظة، بعضهم في السجون والمعتقلات الإسرائيلية يتعرضون للتعذيب والحرمان من أبسط حقوقهم، وبعضهم يدفعون حياتهم من أجل التحرير .

كما أننا لا زلنا نناضل داخل الدولة التي تمنعنا من دخولها، ومستمرون في التواصل مع المجتمع في مدينة لندن لحثه على الخروج بمئات الآلاف في يوم القدس العالمي.

يرى كثير من الناشطين السياسيين والحقوقيين، أن الكيان الاستعماري المتمثل بإسرائيل وسياساستها التوسعية العنصرية، يعد خطرا على العالم، وليس على فلسطين وحدها .. هل تتفقون مع هذه النظرة؟ .. وهل باتت قضية فلسطين قضية أحرار العالم ؟.

– إسرائيل أو الصهيونية هي مجرد أداة أو وكيل لأمريكا في المنطقة، وقد زرعت من أجل تعزيز السياسات الخارجية الأمريكية، والخطر على العالم يكمن في نظام القطب الواحد المتمثل بالهيمنة الأمريكية على العالم .

وبالنسبة لنا في جنوب أفريقيا، وكوننا إحدى الدول المؤسسة لمنظمة البريكس مع بقية الدول الأخرى ـ روسيا، الهند، البرازيل والصين ـ نرى أن ذلك قد أحدث تغييرا جيوسياسيا في العالم، فالبريكس تقدم خيارا آخرا غير نظام القطبية الأحادية التي تمثلها أمريكا، حيث يتم التحول من نظام القطب الواحد إلى نظام متعدد الأقطاب في السياسة الدولية، وتستطيع الدول المشاركة بشكل متساو وندي، وقد عبرت الكثير من الدول عن رغبتها في الانضمام الى البريكس، من أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.

متفائلون

نحن متفائلون في المستقبل، نرى اليمنيين وهم يقاومون الصهيونية دعما لأهل غزة، ونرى دولة جنوب أفريقيا وقد توجهت إلى محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية لضمان إدانة الحركة الصهيونية بمسؤوليتها عن الجرائم التي ترتكبها في فلسطين .. وحتى الآن انضمت 13 دولة إلى الدعوى التي رفعتها جنوب افريقيا، ونحن ندعو دولا أخرى كثيرة للانضمام إلى هذه الدعوى.. كيف تقيمون الدور اليمني في إسناد غزة وتأثيره في المعركة مع الصهيونية في فلسطين، وفي المعركة مع الامبريالية والهيمنة الاستعمارية الغربية ؟.

– لقد تجاوز اليمنيون عمليات الدعم والإسناد لغزة، وأصبحوا منخرطين في المعركة نفسها، وبهذا الدور فإنهم يعطون الأمل للفلسطينيين، أصبحت المقاومة الفلسطينية تشعر أن لديها ظهراً تستند إليه وهو الشعب اليمني، وأنها ليست وحدها.

نجح اليمنيون في فرض حصار على الملاحة الإسرائيلية، وبات في طليعة دول العالم المساندة للشعب الفلسطيني .

الدعوى التي قدمتها جنوب افريقيا إلى محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل في 29 ديسمبر 2023م، كانت خطوة جريئة وشجاعة، قد تسبب لكم كراهية كم مليون صهيوني، لكنكم كسبتم قلوب شعوب العالم.. كيف تنظرون إلى مستقبل هذه الدعوى وتأثيرها في القضية الفلسطينية ؟

– لقد نجحت الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا إلى حد ما في تحقيق الغرض، لأنها المرة الأولى في تاريخ الصهيونية منذ 76 عاما التي تتم محاكمتها، وقد نجحت جنوب أفريقيا في الحصول على قرار اعتقال نتنياهو وأعضاء من حكومته شاركوا معه في ارتكاب جرائم الإبادة في فلسطين .

وبالطبع فإن هذا القرار إن لم يطبق فليس له معنى، ولكننا سوف نستمر في الضغط والتفاهم مع الدول الـ 120 الموقعة على اتفاقية مكافحة جرائم الإبادة الجماعية، بأن تقوم بتطبيق هذا القرار في حالة دخول أي من المشمولين المطلوبين إلى أراضيها . هذا انجاز بحد ذاته .

نحن بالفعل نتعرض لضغوط من قبل أمريكا وبريطانيا وألمانيا ودول أخرى كي نتخلى عن موقفنا المساند لفلسطين، ونحن ندرك ذلك، لكن دولة جنوب افريقيا موقفها مبدئي وثابت، وهو موقف ينسجم مع النهج الديمقراطي للدولة، وأيضا تنفيذاً للوعد الذي قطعه الراحل نيلسون مانديلا أثناء زيارته لغزة عام 1995م، بأن استقلال دولة جنوب أفريقيا لا يعتبر مكتملا ما لم تتحقق الحرية لفلسطين .

-في انتخابات 2024م، فقد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الأغلبية البرلمانية لأول مرة منذ 30 عاما، البعض يرجع ذلك إلى مواقف الحزب المناهضة للسياسات الإسرائيلية .. ما مدى صحة ذلك ؟.

– بالنسبة لنا، يمكن القول إن هناك سببين أو جانبين، لأن الانتخابات في بلادنا تتمحور حول الأوضاع والقضايا الداخلية، والناخبين يدلون بأصواتهم بناء على تقييمهم لأداء أحزابهم خلال السنوات الخمس الماضية .

وفي هذا السياق، يمكن أن ننظر إلى نتيجة الانتخابات الماضية على أساس أن نسبة من المواطنين في دولة جنوب أفريقيا لم يكونوا واثقين أو راضين عما أنجزه حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم خلال الفترة الماضية في مجال التنمية والتطوير وتحسين مستوى معيشة المواطنين إضافة إلى قضايا الفساد .

تأثير خارجي

هناك أيضا عوامل خارجية أثرت على نتائج الانتخابات في 2024م، إذ قامت المؤسسة الصهيونية وحلفاؤها من الدول بتوحيد أحزاب المعارضة وتمويل حملاتها بطريق تضمن حصول حزب المؤتمر الوطني على أقل نسبة من الأصوات، وإذا نظرت إلى عدد أحزاب المعارضة التي تكتلت مع بعضها بدعم صهيوني سيتضح وجود لوبي ضد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي – حصل على 155 مقعدا من أصل 400 مقعد في البرلمان .

ولذا، أعتقد أن على الحزب أن يقوم بعمل تقييم داخلي ليرى ماذا يمكن عمله في انتخابات 2026م.

وفي اعتقادي، لو أراد الحزب التعافي وإعادة بناء نفسه، فلا بد له أن يتوحد أيديولوجيا مع الأحزاب المنبثقة عنه في اليسار و أقصى اليسار .

كلمة أخيرة توجهونها لليمنيين ؟.

– أولا نود أن نشكر القادة في اليمن وعلى رأسهم السيد عبدالملك الحوثي، لحضور مؤتمر فلسطين الدولي الثالث، كوننا جزءاً من المجتمع الدولي، كناشطين سياسيين، للتضامن مع فلسطين، وكذلك مع اليمن الذي يتعرض لحصار مستمر .

ونستغل هذه الفرصة لنتوجه بالشكر للقيادة والشعب اليمني الذين استقبلونا بالمشاعر الدافئة وكرم الضيافة وحسن الاستقبال الذي كان استثنائيا .

ويجب علينا جميعا أن نبقى ثابتين، مستمرين مع فكرة وأهداف المؤتمر الذي انعقد بصنعاء، وهي أن فلسطين لن تكون وحيدة، ويجب أن ننضم مع اليمن لدعم النضال الفلسطيني، ونقول لأهل غزة والضفة الغربية إنكم لستم وحدكم، الشعب اليمني يقف معكم وكذلك كل عشاق الحرية في العالم يقفون معكم، لن تكونوا وحدكم .

نشكر شعب اليمن ونؤكد له أننا سوف نعمل على حشد كل طاقات المجتمع الدولي، كما فعلنا من خلال « الانتفاضة الإلكترونية « وسنستمر بعمل المزيد دعما للشعب الفلسطيني .

مقالات مشابهة

  • قائمة بالهواتف التي سيتوقف واتساب عن العمل عليها بداية من الشهر المقبل
  • مراحل الحرب التدريجية:-جارية في اليمن .. وستنتقل للعراق. ثم تنزلق نحو إيران!
  • نجل حفتر في تركيا لتوقيع اتفاقات عسكرية.. ما المصالح التي تربط الطرفين؟
  • من هي ابتهال أبو السعد التي فضحت عملاق التكنولوجيا في العالم؟
  • حفيد مانديلا لـ”الثورة ” :التزام جنوب أفريقيا بدعم النضال الفلسطيني مبدئي وثابت
  • خبير عسكري يحذر من سلاح الاضطراب الشامل
  • لحظة سقوط العولمة أم تدشين نظام عالمي جديد؟!
  • «الخارجية الفلسطينية»: العالم خذل أطفال فلسطين في ظل صمته عن معاناتهم التي لا تنتهي
  • ممر تحت أرضي جديد يعزز الشبكة الطرقية بالعاصمة الرباط
  • الحرب العالمية التجارية التي أعلنها ترمب لا تخصنا في الوقت الراهن