الجزيرة:
2025-04-08@00:19:30 GMT

كيف يمر رمضان على مرابطة مبعدة عن الأقصى؟

تاريخ النشر: 8th, March 2025 GMT

كيف يمر رمضان على مرابطة مبعدة عن الأقصى؟

في منزل يبعد بضع خطوات عن باب الحديد، أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، تعيش المرابطة المقدسية عايدة الصيداوي، بعد زوجها  من مقدسي عام 1976 وانتقالها من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية إلى مدينة القدس المحتلة، التي تربع مسجدها على عرش قلبها منذ طفولتها.

ولدت عايدة عام 1961 في مدينة الخليل، لكنها كانت تتردد على المسجد الأقصى مع والدتها في طفولتها وهما في طريق العودة من زيارة والدها المعتقل في سجون الاحتلال.

كان المسجد محطة الراحة قبل العودة إلى الخليل، وظلّ لهذا المسجد منزلة استثنائية في قلب عايدة التي عاشت طفولتها وشبابها وتعيش شيخوختها الآن بقربه، رغم أن الاحتلال يصرُّ على سلخها عنه بعقوبة الإبعاد التي ترضخ لها قسرا منذ عدة أعوام.

المرابطة المقدسية عايدة الصيداوي خلال توقيف سابق من قبل قوات الاحتلال (الجزيرة) أُكبّر والحجارة تُكبّر معي

في منزلها الصغير المكوّن من غرفة واحدة تراها عايدة جنّة لأنها تجاور الأقصى، نبشت ذاكرتها للحديث للجزيرة نت عن علاقتها الممتدة مع هذا المقدس، وقالت إنه وجهتها التاريخية اليومية منذ سبعينيات القرن الماضي لأداء الصلوات الخمس، وإن أول مرّة اعتُقلت بسبب الدفاع عنه كانت عام 2007 عندما بدأت سلطات الاحتلال بهدم الجسر الحجري التاريخي المؤدي إلى باب المغاربة، أحد أبواب المسجد الأقصى.

"بعد انقضاء صلاة الفجر غادر عدد كبير من المصلين لكنني في ذلك اليوم بقيت جالسة في رحابه، وسمعت بانطلاق أعمال هدم الطريق الأثرية المؤدية للأقصى، فصدحت حنجرتي بالتكبيرات بشكل لا إرادي، ثم تجمع المصلون حولي ونظمنا وقفة داخله.. كلما سمعت حجرا يسقط حينها شعرت وكأنني أفقد شيئا من جسدي، ومع كل تكبيرة شعرت أن حجارة المسجد تُكبر معي" تقول المواطنة المقدسية.

كانت تكبيراتها كفيلة بأن تخطط شرطة الاحتلال لاعتقالها في ذلك اليوم، فحرصت على التخفي والخروج من الأقصى بعد صلاة العصر، لكن المخابرات الإسرائيلية داهمت منزلها واعتقلتها واقتادتها إلى مركز "القِشلة" في البلدة القديمة، وهناك سُلمت أول قرار إبعاد عن هذا المقدس لمدة 3 أشهر، ومنذ ذلك الحين حتى اليوم توالت قرارات الإبعاد، ويعتبر شهر رمضان هذا العام هو الثامن الذي تُبعد فيه عايدة عن أولى القبلتين.

عايدة (يسار) ممنوعة من التواصل مع صديقتيها المبعدتين أيضا هنادي الحلواني وخديجة خويص (الجزيرة-أرشيف) ما قبل الإبعاد

وعن روتين حياتها اليومي في شهر رمضان قبل الإبعاد عن الأقصى، تقول إنها كانت تحرص على جلب طعامها وتناول وجبة الإفطار في الساحات، حتى في تلك الأيام التي كانت تُقيم بها ولائم للأقارب كانت تصحبهم لتناول الطعام في المسجد.

إعلان

وتضيف "كنت أصلي المغرب والعشاء وصلاة التراويح كاملة في الأقصى وأشعر أن الله يمدني بقوة استثنائية لأداء 20 ركعة من التراويح يوميا، رغم أن صحتي تراجعت في السنوات الأخيرة، كل من يسألني عن عمري أقول له داخل الأقصى أبلغ من العمر عشرين عاما، لأنني أشعر نفسي خفيفة كفراشة تطير في رحابه ولا تريد أن تهبط إلى الأرض من شدة الفرح".

هذا الفرح لا يدوم منذ سنوات سوى لأيام معدودة، وبمجرد سؤال هذه المسنة عن روتينها الرمضاني في السنوات التي تكون مبعدة فيها عن الأقصى ومن بينها هذا العام، تنهدت ثم قالت "آه يا خالتو آه.. لو تشوفي حالتي الأقصى بجواري ولا يمكنني دخوله رغم أنه يحبني وأحبه".

أجهشت باكية وأكملت حديثها "الأقصى أغلى من بيتي وهو روح الروح.. بالنسبة لي فليذهب كل شيء ويختفي من حياتي ويبقى الأقصى.. متعتي الجلوس في الساحات وتأمل جمال المصليات والقباب والأروقة والمآذن.. أشعر بكل مرة أشد الرحال فيها إليه أن الله يبارك في عمري وصحتي ومالي وبيتي".

حاولت عايدة وضع سجادة الصلاة قبل أيام لأداء الصلاة جماعة مع إمام الأقصى أمام باب الحديد، لكن شرطيا احتلاليا منعها وقال لها فورا إنها موقوفة، ورغم محاولاتها إخبارهم بأنها غير مبعدة عن رواق باب الحديد لأنها تسكن فيه فإنها مُنعت من الصلاة، وأجبرت على الدخول إلى منزلها.

صور أرشيفية لمجموعة مرابطات مبعدات عن المسجد الأقصى (الجزيرة) العتبات ممنوعة

وفي الأعوام الماضية كانت عايدة وعدد من المرابطات المبعدات يعددن طعام الإفطار ويتجمعن في طريق المجاهدين في البلدة القديمة لتناوله، وإكرام المصلين الوافدين من مناطق بعيدة، وبعدها يؤدين هن والمبعدون صلوات المغرب والعشاء والتراويح جماعة مع أئمة الأقصى على أعتاب المسجد، إلا أنهن منعن هذا العام من هذا أيضا، كما أن عايدة ممنوعة من التواصل مع المرابطتين هنادي الحلواني وخديجة خويص.

تُصلي هذه المرابطة وحيدة في منزلها كل يوم في رمضان، وقرب أبواب الأقصى أحيانا، وما يعزيها هو أنها تشاهد عبر شاشة التلفاز بثا مباشر لصلاتي العشاء والتراويح من مهوى قلبها الذي يبعد بضعة خطوات عنها.

قبل أن نودعها سألناها عن أمنيتها، فاغرورقت عيناها بالدموع وقالت "أمنيتي أن أدخل الأقصى وأصلي فيه خلال رمضان الحالي.. الأقصى عقيدة، ويؤلمني أن أرى مصيره كمصير المسجد الإبراهيمي في الخليل الذي أذكر خلال طفولتي أن المستوطنين كانوا يصلون أمامه من الخارج ولا يجرؤون على دخوله، واليوم يستبيحونه ليلا ونهارا".

إعلان

رغم عمق ألمها بالبعد عن المسجد الأقصى فإن عايدة الصيداوي تبدي إصرارا على إكمال درب الرباط والدفاع عن مسرى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، الذي بدأته منذ انتقالها للعيش في البلدة القديمة، وفي سبيله تجرعت مرارة إجراءات الاحتلال القمعية بدءا من عام 2007 مرورا برحلة "مصاطب العلم" عام 2013 وما ذاقه خلالها المرابطون وما زالوا بسبب تصديهم لاقتحامات المستوطنين للمسجد، وليس انتهاء بملاحقتها في الأروقة والأزقة المؤدية إليه واستدعائها بين الحين والآخر ومحاكمتها.

"لم أشهر يوما سلاحا في وجه المستوطنين والشرطة سوى المصحف الشريف.. جميعنا عُزّل، لكننا متسلحون بحب المسرى" تختم عايد الصيداوي عن قصتها وحبها للأقصى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المسجد الأقصى کانت ت

إقرأ أيضاً:

هل تنجح جماعات الهيكل في ذبح قرابين عيد الفصح بالأقصى؟

سيحتفل اليهود ابتداء من مساء السبت 12 أبريل/نيسان الجاري وحتى السبت الذي يليه بعيد الفصح العبري، الذي يعد أحد أكبر مواسم اقتحام المسجد الأقصى المبارك.

ويرمز العيد إلى الفترة التي خرج فيها بنو إسرائيل من مصر هربا من فرعون بقيادة النبي موسى عليه السلام، وتقول روايتهم إنهم صنعوا خلال خروجهم، وعلى مدار 8 أيام، فطيرا من دون خميرة بأمر من الله وبمثابة شكر له على إنقاذهم من مصر، وفق اعتقادهم.

ولذلك يعتبر هذا العيد – ويعني بالعربية العبور- أحد أكثر المناسبات أهمية لدى اليهود لارتباطه بتقديم قرابين حيوانية لشكر الله على إنقاذ بني إسرائيل حسب تفسيرهم، وتصر جماعات الهيكل المتطرفة على ربط هذا العيد بالمسجد الأقصى، وحشد أنصارها قبل حلوله كل عام لتنفيذ اقتحامات جماعية له.

وضمن التحضيرات الاستثنائية هذا العام نشر الناشط في جماعات الهيكل المتطرفة "أرنون سيغال" صورة بتقنية الذكاء الاصطناعي لوزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير وهو يحمل ماعزا (قربان الفصح) وخلفه الهيكل المزعوم بدلا من المسجد الأقصى، وعلّق على الصورة في حسابه بموقع فيسبوك بعبارة "هذا العام".

وفي 20 مارس/آذار المنصرم نشر هذا المتطرف صورة بالتقنية ذاتها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام قبة الصخرة المشرفة في المسجد الأقصى وبجواره قربان الفصح وكتب "الاستعداد بالفعل".

صورة بالذكاء الاصطناعي نشرها مستوطنون للوزير المتطرف بن غفير يحمل ماعزا وخلفه الهيكل بدلا من الأقصى (مواقع التواصل) الهدف ذبح القرابين بالأقصى

كما دعت منظمة "عائدون إلى الجبل" أنصارها إلى الاستعداد لمحاولة ذبح قربان عيد الفصح داخل الأقصى أو على أبوابه قبل حلول العيد بأسبوع، من أجل "تحقيق وصايا التوراة في الوقت المناسب".

إعلان

وبشكل يومي تحثُّ منظمة "بيدينو" المستوطنين من خلال صفحتها على فيسبوك على اقتحام الأقصى خلال أيام العيد مرفقة صورة للمسجد الأقصى مع كأس من الخمر، وكُتب عليها تواريخ الاقتحام والمرشدون التابعون لها الذين سيرافقون المقتحمين في جولاتهم ويقدمون لهم الشروحات التوراتية المزعومة عن أولى القبلتين.

كما نشرت إعلانات عن توفير المواصلات مجانا لكل من يرغب في اقتحام المسجد خلال هذا الموسم التهويدي.

أما بخصوص استعدادات شرطة الاحتلال فقالت إنه سيتم نشر الآلاف من عناصرها العلنية والسرية في البلدة القديمة وفي شرقي المدينة وغربيها، "لتأمين مئات الآلاف من الزوّار خلال العيد".

وبلغ عدد المقتحمين خلال عيد الفصح من عام 2024 المنصرم 4345 مستوطنا ومستوطنة، وفقا لإحصائيات دائرة الأوقاف الإسلامية، في حين بلغ عددهم 3430 مستوطنا في الموسم ذاته عام 2023.

وخلال العامين المنصرمين سُجّلت عدة انتهاكات داخل أولى القبلتين، أبرزها تعمد المتطرفين ارتداء الثياب الكهنوتية البيضاء، وأداء كافة الطقوس الدينية شرقي المسجد، وحرص أحد قادة جماعات الهيكل على اقتحام المسجد بالزي العسكري، كما سُجلت عدة محاولات لتهريب القرابين للمسجد الأقصى.

وفي سابقة خطيرة أدى أحد المتطرفين صلاة "بركات الكهنة" قرب باب السلسلة العام الماضي، لكنهم فشلوا في إدخال وذبح قرابين الفصح الحيوانية في الأقصى.

مكافآت مالية ضخمة وحشد من منظمات الهيكل المتطرفة لعناصرها باقتحامات جماعية للأقصى وذبح القرابين داخله خلال عيد الفصح.. تعرف إلى عيد الفصح وأهميته لدى اليهود، وخطره على المسجد الأقصى pic.twitter.com/WiHJnxSrvl

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) April 7, 2025

توقيت مهم

الأكاديمي ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة السابق بالمسجد الأقصى عبد الله معروف قال في مستهل حديثه للجزيرة نت إن عيد الفصح هذا العام يكتسب أهمية خاصة لدى جماعات المعبد المتطرفة لأنه يحلّ للمرة الأولى بعد قرار بن غفير السماح لجماعات المعبد المتطرفة بإقامة كافة الطقوس الدينية داخل الأقصى.

إعلان

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن الجماعات المتطرفة تعتبر أن عدم ذبح وتقديم القرابين الحيوانية داخل الأقصى نقيصة أساسية في مشروعها لإقامة كافة الطقوس الدينية الخاصة في الأقصى باعتباره "المعبد".

"لم يبق من هذه الطقوس فعليا إلا أداء القربان، وهو ذبح الماعز الصغير داخل الأقصى وإحراقه بالكامل حسب الطقوس المذكورة في النصوص الدينية" أوضح معروف.

وتحاول الجماعات -وفقا لمعروف- الاستفادة من عودة بن غفير القوية للحكومة وحاجة نتنياهو له في هذا الوقت بالذات، لاقتناص فرصة تراها تاريخية لأجل إقامة هذا الطقس الديني داخل الأقصى.

وتابع: "لذلك رأينا على سبيل المثال أن هذه الجماعات نشرت خلال اليومين الماضيين صورة بالذكاء الاصطناعي لبن غفير وهو يحمل قربانا داخل الأقصى ومكان الأقصى يوجد المعبد".

ومن خلال ما نشرته جماعات الهيكل على صفحاتها في مواقع التواصل، يرى معروف أن ذلك يدل على أن هذه الجماعات قد تكون خططت بالفعل وبشكل غير معلن لمحاولة أداء هذا الطقس الديني داخل الأقصى هذا العام، وقد يكون هذا بموافقة ومباركة بن غفير بالدرجة الأولى.

معروف: لا يوجد ما يمنع جماعات الهيكل من تنفيذ وعيدها في الأقصى إلا وقفة الشعب الفلسطيني (الجزيرة) توجه خطير

ويرى معروف ضرورةً للتطرق إلى تعليق محامي اتحاد منظمات الهيكل المتطرفة "أفيعاد فيسولي" قبل يومين عندما قال إن المسلمين لا يرون أي مشكلة في أي طقس ديني يهودي يجرى داخل الأقصى، ولكن يرون أن المشكلة هي دخول بن غفير للأقصى، وأضاف أن "الأصل أن يبتعد بن غفير عن الظهور عن الصورة علنا، وتُجري الجماعات ما ترغب به من طقوس دينية داخل الأقصى".

ووصف معروف هذا التصريح بالخطير لأنه يبين أن التركيز الإعلامي على اقتحام بن غفير للأقصى فُهِم بشكل مغلوط عند جماعات المعبد المتطرفة، التي تظن الآن أنه لا يوجد مشكلة لدى المسلمين في موضوع أداء الطقوس الدينية في الأقصى وتظن أن المشكلة عند المسلمين هي في شخص إيتمار بن غفير فقط.

إعلان

وقد يشجع هذا الجماعات المتطرفة هذا العام على القيام بهذه الخطوة الكبيرة والمهمة جدا، وهي إدخال القرابين إلى المسجد بمباركة هذا الوزير، الذي قد يأمر شرطته بغض الطرف عن هذا الانتهاك.

"نحذر من أن هذا الأمر قد يفجر المنطقة بالكامل، والجماعات المتطرفة وعلى رأسها بن غفير ترى أن هذه فرصة تاريخية لأنها لأول مرة تتمكن تقريبا من حسم الصراع بينها وبين الأجهزة الأمنية وعلى رأسها الشاباك لصالح جماعات المعبد، ويجب أن نعلم أن الشاباك هو المؤسسة الأساسية التي كانت تمنع التهور لدى هذه الجماعات ليس حبا في الفلسطينيين وإنما خوفا من رد الفعل الإسلامي على هذا التصرف".

والآن بعد إضعاف هذا الجهاز لصالح جماعات الهيكل فإنه لا يوجد ما يمنعها من تنفيذ وعيدها في الأقصى إلا وقفة الشعب الفلسطيني وفهمه لحقيقة وخطورة الموقف في المسجد وفقا لعبد الله معروف.

مقالات مشابهة

  • هل تنجح جماعات الهيكل في ذبح قرابين عيد الفصح بالأقصى؟
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى وسط حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي
  • الاحتلال يبعد صحفيا عن المسجد الأقصى لثلاثة أشهر
  • مستوطنون صهاينة يقتحمون المسجد الأقصى المبارك، بحماية شرطة العدو الإسرائيلي
  • حزب السادات: الأقصى خط أحمر ودعوات ذبـ ح القرابين بداخله انتهاك صارخ لقدسية المسجد
  • مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال
  • مستوطنون إسرائيليون يقتحمون المسجد الأقصى
  • حزب السادات: دعوات ذبح القرابين داخل الأقصى انتهاك صارخ لقدسية المسجد
  • اقتحام جديد للمسجد الأقصى.. وإصابات برصاص الاحتلال في بيت لحم
  • برلماني: اقتحام المسجد الأقصى من المتطرفين الإسرائيليين ينذر بتصعيد كبير