إيران ورهان العودة إلى سوريا
تاريخ النشر: 8th, March 2025 GMT
آخر تحديث: 8 مارس 2025 - 10:09 صبقلم: خير الله خيرالله أكثر من طبيعي سعي “الجمهوريّة الإسلاميّة” الإيرانية إلى العودة إلى سوريا والإمساك بها. يفسّر هذا السعي الإيراني الأحداث الخطيرة التي يشهدها الساحل السوري حيث الوجود العلوي الكثيف.بعد ثلاثة أشهر على رحيل نظام آل الأسد، تبيّن أنّ لا مشروع توسّعيا إيرانيا في المنطقة من دون سوريا.
مثل هذا المشروع التوسّعي في أساس بقاء النظام الإيراني الذي أسسه الخميني في العام 1979. لا حياة للنظام الإيراني، بشكله الحالي، في حال زوال المشروع التوسّعي الذي رفع شعار “تصدير الثورة”. يعني “تصدير الثورة” إقامة ميليشيات مذهبية في لبنان والعراق واليمن ودعم النظام العلوي الذي ورثه بشّار الأسد عن والده والذي عمّر من أواخر 1970 إلى أواخر 2024. قضى سقوط النظام العلوي في سوريا على “الهلال الشيعي”، بالمعنيين السياسي والعسكري. ربط “الهلال الشيعي” الذي كان أوّل من تحدّث عنه بجرأة، ليس بعدها جرأة، الملك عبدالله الثاني بين طهران وبغداد ودمشق وبيروت. كان ذلك في حديث إلى صحيفة “واشنطن بوست” في تشرين الأوّل – أكتوبر 2004، أي منذ ما يزيد على 21 عاما! إذا أخذنا في الاعتبار أنّ لا مستقبل لـ”حزب الله” من دون الوجود الإيراني في سوريا يمكن استيعاب الهجمة التي تقوم بها {الجمهوريّة الإسلاميّة} مباشرة وعبر العراق للعودة إلى دمشق من دون السيطرة على سوريا، لا وجود إيرانيا في لبنان. من دون سيطرة على سوريا، سيتوجب على “الجمهوريّة الإسلاميّة” الدفاع عن حصنها الأخير في العراق. هذا ما يفسّر ذلك الإصرار الإيراني على الإمساك أكثر بالعراق وبحكومة محمّد شياع السوداني المدافع الشرس عن ميليشيات “الحشد الشعبي” والمعادي للرئيس السوري الجديد أحمد الشرع. أغلق أحمد الشرع، بشكل كامل تقريبا، طرقات تهريب السلاح والأموال إلى لبنان، أي إلى “حزب الله”، وطرقات تهريب المخدرات من لبنان إلى دول الخليج العربي، عبر الأراضي والموانئ السوريّة. كذلك وضع الشرع حدا لتهريب السلاح والمخدرات إلى الأردن ودول الخليج. أدّى ذلك إلى شبه قطيعة بين دمشق وبغداد وتعبئة عراقية معادية للتغيير الكبير في سوريا. بالنسبة إلى الجناح السياسي والميليشياوي المؤيد لإيران في العراق، ليس الرئيس السوري الجديد سوى “إرهابي يلبس ربطة عنق.” إذا أخذنا في الاعتبار أنّ لا مستقبل لـ”حزب الله” في لبنان والمنطقة، من دون الوجود الإيراني المهيمن في سوريا، يمكن استيعاب تلك الهجمة التي تقوم بها “الجمهوريّة الإسلاميّة” مباشرة وعبر العراق من أجل العودة إلى دمشق. كذلك يمكن فهم التوتر في العلاقات الإيرانية – التركية في ضوء الدور الذي لعبته أنقرة في حصول التغيير السوري. كان في العاصمة السوريّة والمناطق القريبة منها نحو مليون وربع مليون علوي انتقلوا مع عائلاتهم إلى دمشق وضواحيها. كان عدد هؤلاء يزداد مع الوقت، خصوصا منذ اندلاع الثورة الشعبية في سوريا في مثل هذه الأيام قبل 14 عاما. كان الهدف الذي عمل من أجله النظام، بدعم إيراني مباشر، تكريس واقع ديموغرافي جديد في دمشق وريفها. مع فرار بشّار الأسد إلى موسكو في الثامن من كانون الأوّل – ديسمبر 2024، هبط عدد العلويين في دمشق ومحيطها إلى ما بين 300 و400 ألف. حصلت هجرة مضادة في اتجاه ريف حمص وريف حماة وجبال العلويين والساحل السوري. تعكس هذه الهجرة الفشل الذريع للمشروع الإيراني في سوريا التي عادت إلى حكم الأكثريّة السنّية للمرة الأولى منذ الانقلاب العسكري العلوي الذي نفّذه الضابطان صلاح جديد وحافظ الأسد في 23 شباط – فبراير 1966. الأكيد أن “الجمهوريّة الإسلاميّة” لن تمل ولن تكلّ. ستحاول العودة إلى سوريا بطريقة أو بأخرى مستفيدة من كل الثغرات، بما في ذلك الأخطاء التي يرتكبها النظام الجديد ترفض “الجمهوريّة الإسلاميّة” التصديق أنّ سوريا صارت في مكان آخر. يؤكد ذلك الكلام الصادر عن كبار المسؤولين الإيرانيين، بدءا بـ”المرشد” علي خامنئي. يراهن المسؤولون الإيرانيون على حصول تغيير في سوريا من منطلق أن النظام الجديد لن يستمرّ طويلا. يمكن لمثل هذا الرهان أن يكون في محلّه. يعود ذلك لسببين على الأقلّ. أولهما أنّ الإدارة السورية الجديدة ارتكبت أخطاء عدة. بين هذه الأخطاء تسريح أفراد الجيش السوري. خلق ذلك آلاف العاطلين عن العمل. معظم هؤلاء من الجنود والضباط العلويين الذين باتوا مستعدين للجوء إلى العنف والإرهاب بعدما فقدوا كل الامتيازات التي كانوا يتمتعون بها، بما في ذلك الراتب المضمون والسيارة والمنزل. أما السبب الثاني، ففي أساسه الموقف الأميركي الذي يمنع دولا عربيّة من تقديم مساعدات لسوريا في الوقت الحاضر. لم تتخذ الإدارة الأميركية، أقلّه إلى الآن، موقفا واضحا من التغيير الذي حصل في سوريا. قد يكون مردّ ذلك إلى أن إسرائيل تعمل منذ سقوط بشّار على خطة تصبّ في تقسيم سوريا وتفتيتها والانتهاء من أيّ وجود لقوّة عسكرية ذات شأن في هذا البلد. في انتظار تبلور الموقف الأميركي الواضح من سوريا، ستحاول إيران العودة إلى دمشق. إذا لم تتمكن من استعادة دمشق نفسها، ستحاول استيعاب العلويين عبر إعادة تنظيم صفوفهم في مناطقهم. ستعمل في الوقت ذاته على الاستفادة من الموقف الإسرائيلي المتذبذب الذي يستهدف منع قيام نظام مركزي في سوريا. الهدف الإسرائيلي في نهاية المطاف تفتيت سوريا. هذا ما يفسّر الدعم الذي قدمته الدولة العبريّة في كل وقت للنظام العلوي الذي لعب طوال ما يزيد على نصف قرن الدور المطلوب منه إسرائيليا. الأكيد أن “الجمهوريّة الإسلاميّة” لن تمل ولن تكلّ. ستحاول العودة إلى سوريا بطريقة أو بأخرى مستفيدة من كل الثغرات، بما في ذلك الأخطاء التي يرتكبها النظام الجديد. لا يمتلك القيمون على هذا النظام خبرة في إدارة مؤسسات الدولة. اكتشف كلّ من احتكّ بهم أنّهم هواة في هذا المجال. استثمرت إيران المليارات من الدولارات في هذا البلد، الذي من دون السيطرة عليه، سيبحث النظام عن طريقة أخرى للمحافظة على نفسه. وقد يكون ذلك بالاستسلام الإيراني أمام إدارة دونالد ترامب وقد يكون أيضا في الاستفادة من توجه إسرائيلي إلى التشجيع على تفتيت سوريا بدءا بقيام دولة في جبال العلويين وجزء من الساحل السوري… فضلا في طبيعة الحال عن تحقيق اختراقات في الجنوب السوري.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: الجمهوری ة الإسلامی ة العودة إلى سوریا إلى دمشق فی سوریا من دون
إقرأ أيضاً:
580 غارة “إسرائيلية” على سوريا منذ سقوط دمشق بيد “حكامها الجدد”
الجديد برس|
بلغ عدد الغارات التي نفذتها الطائرات الإسرائيلية ضد مواقع داخل سوريا 107 غارات منذ شهر مارس وحتى بداية شهر أبريل الجاري؛ ما رفع إجمالي الغارات إلى نحو 580 غارة منذ سقوط نظام الأسد في شهر ديسمبر الماضي.
وبحسب مصادر عسكرية سورية، استهدفت الغارات الإسرائيلية مواقع عسكرية سورية، بما في ذلك مطارات، قواعد جوية، مخازن أسلحة، وأهداف أخرى.
وأسفرت العمليات الإسرائيلية عن تدمير ما بين 80 و90% من الأسلحة الاستراتيجية السورية وسلاح المدفعية، إضافة إلى تدمير شبه كامل للقوات الجوية والأسطول البحري السوري.
وقالت المصادر العسكرية ، إن الغارات الإسرائيلية شملت مواقع في دمشق وريفها، وحمص، وحلب، وحماة، ودرعا، والقنيطرة؛ ما أدى إلى وقوع خسائر بشرية ومادية.
وأكدت المصادر أن الغارات أثّرت بشكل كبير على الوضع العسكري السوري، حيث أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية التحتية العسكرية السورية وإضعاف قدرات الجيش السوري.
وفيما يخص المطارات التي استُهدفت بالغارات الإسرائيلية، أشارت المصادر إلى أنها شملت جميع المطارات العسكرية في مختلف المحافظات السورية، بالإضافة إلى مطار دمشق الدولي.
وفيما يخص المطارات التي استُهدفت بالغارات الإسرائيلية، أشارت المصادر إلى أنها شملت جميع المطارات العسكرية في مختلف المحافظات السورية، بالإضافة إلى مطار دمشق الدولي.
كما استهدفت الغارات الإسرائيلية منشآت مدنية سورية، بما في ذلك مبانٍ سكنية ومرافق عامة؛ ما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين.
ووجّهت دمشق اتهاما إلى”إسرائيل “بتعمد زعزعة استقرارها، فيما حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي الرئيس السوري من أنه سيواجه عواقب وخيمة إذا تم تهديد أمن “إسرائيل”، رغم أن الفترة التي أعقبت سقوط النظام السابق لم تشهد أي حوادث ضد “إسرائيل” انطلاقا من الأراضي السورية، والتي أكدت قيادتها الجديدة أكثر من مرة أنها لن تشكل تهديدا لأمن إسرائيل.
وعلى العكس، فقد بادرت “إسرائيل” فور سقوط نظام الأسد إلى احتلال المنطقة العازلة بين البلدين، قبل أن يتوسع جيشها بعد ذلك في السيطرة على مزيد من الأراضي داخل سوريا.
يُشار إلى أن “إسرائيل” أطلقت عملية جوية وبرية سمّتها “سهم باشان” في ديسمبر الماضي؛ إذ هاجمت مئات الأهداف في الأراضي السورية، بذريعة تدمير الأسلحة الاستراتيجية السورية التي قد تشكل تهديدا على أمنها.